هناك مصدران أساسيان يحصل منهما الإنسان على غذائه، الأول هو المصدر النباتي: ويشتمل على الخضار والفواكه والحبوب والبقوليات ونحوها، والثاني هو المصدر الحيواني: ويشتمل على اللحوم الحمراء والدواجن والأسماك والبيض والحليب.
إن كل نوع من أنواع الأغذية سواء كان من مصدر نباتي أو حيواني له خصائصه الطبيعية التي تميزه عن غيره كالمظهر والقوام والرائحة والطعم والنكهة التي عندها يعتبر عادياً، وبالتالي فإن أي تغير في خاصية أو أكثر من تلك الخصائص التي تميزه بواسطة حواس الإنسان الخمس قد تجعل الغذاء مشتبهاً في صلاحيته. وفي الوقت نفسه، قد لا يطرأ أي تغيير على صفات الغذاء الظاهرية وكذا خواصه التذوقية، ولكنه قد يكون ملوثاً بميكروبات التسمم الغذائي أو سمومها أو بملوثات كيميائية أو مبيدات الآفات. وبالتالي يكون غير صحي وغير صالح للاستهلاك الآدمي. لذا يجب أن يفرّق بين الغذاء الفاسد والغذاء غير الآمن صحياً، وعموماً يمكن أن يقال بأن الغذاء يصبح فاسداً عندما تطرأ أي تغيرات في خصائصه الظاهرية أو التذوقية تجعله غير مقبول من وجهة نظر المستهلك، أو من ناحية أخرى يمكن القول بأنه يكون غير آمن صحياً إذا احتوى على ميكروبات سامة أو سمومها أو ملوثات بيئية أو كيميائية لا تؤثر على خصائصه الظاهرية والتذوقية لكن وجودها يؤثر سلباً على صحة المستهلك.
الطبيعة أولاً
إن سرعة فساد الأغذية يعتمد على حسب طبيعتها، فهناك أغذية سريعة الفساد مثل الخضار الورقية والفواكه الطرية واللحوم الطازجة والدواجن والأسماك ومنتجات الألبان. أو تكون نوعاً ما متحملة للفساد مثل الأغذية التي تحتوي على مثبطات طبيعية للفساد كالبيض والخضار الجذرية والأغذية التي عوملت بطريقة حفظ بسيطة مثل الحليب المبستر، السمك المدخن، والخضار المخللة. أو تكون غير قابلة للفساد وهي الأغذية التي لا تفسد أو بمعنى آخر تبقى صالحة للاستهلاك الآدمي مدة طويلة إذا خزنت بطريقة صحيحة كالحبوب والبقوليات الجافة.
والمظهر بعد ذلك
إن هناك عدة مظاهر يمكن أن يستدل بها على فساد الأغذية وهي تكاد لا تخرج عن الأطر التالية: تغير في الشكل والمظهر الخارجي، تغير في اللون، تغير في القوام، تغير في النكهة وتغير في الطعم.
الأسباب عديدة
يعزى فساد الأغذية بشكل عام إلى واحد أو أكثر من المسببات التالية:
- نمو ونشاط الميكروبات المسببة للفساد «بكتيريا، خمائر، أعفان».
- نشاط الأنزيمات الذاتية الموجودة في الغذاء أو ارتفاع أو انخفاض درجة الحرارة.
- ارتفاع أو انخفاض الرطوبة في غرف أو ثلاجات التخزين.
- أو حدوث التفاعلات الكيميائية والانحلالات الطبيعية عن طريق التعرض للهواء والضوء، ووجود الحشرات والطفيليات والقوارض.
ونظراً لأن معظم فساد الأغذية يرجع إلى نمو الميكروبات ونشاطها، لذا سوف يكون التركيز هنا على الميكروبات ودورها في فساد الأغذية وعلاقة ذلك بصحة الإنسان. وسوف نأخذ الأمر هنا بشيء من الترتيب لتحديد أصل المشكلة.
المشكلة..!
إن الميكروبات على اختلاف أنواعها كالبكتيريا والخمائر والأعفان تنمو تحت ظروف غذائية وبيئية متباينة جداً تجعلها قادرة على مهاجمة الأغذية باختلاف أنواعها سواء أكانت طازجة أو مصنعة مسببة تغيرات في صفاتها الظاهرية كاللون والقوام وصفاتها التذوقية كالرائحة والنكهة والطعم.
مشكلة الحرارة
إن من العوامل المهمة في تأخير ظهور علامات فساد الأغذية التحكم في درجة الحرارة أثناء تخزين الأغذية، فالتخزين على درجة الحرارة المنخفضة يعمل على إبطاء نمو ونشاط الميكروبات، حيث إن الميكروبات سواء المسببة للفساد أو للتسمم الغذائي لها درجة حرارة مثلى للنمو حيث إنه عند تلك الدرجة يزداد عددها بشكل مضطرد مسببة تغيرات غير مقبولة سواء في الشكل أو اللون أو القوام أو الرائحة وبشكل سريع، وفي الوقت نفسه قد تنشط وتنمو ميكروبات التسمم الغذائي وتنتج سمومها في الغذاء بصورة سريعة بحيث إنها أحياناً قد تسبق ظهور علامات الفساد.
ومشكلة الرطوبة
إن توفر الرطوبة في المادة الغذائية وفي غرف التخزين يشجع نشاط الميكروبات ونموها، فالميكروبات تتطلب حداً أدنى من الماء المتاح في المادة الغذائية لكي تنمو، كما تتطلب لنموها نسبة رطوبة معينة في غرف التخزين.
لذلك فإن ضبط الرطوبة النسبية في جو المخازن مهم، حيث إن زيادتها عن الحد المطلوب يشجع على نمو الميكروبات، وبالتالي ظهور علامات الفساد سريعاً، كما أن انخفاضها يسبب ذبول وجفاف المادة الغذائية. ولهذا السبب، فإن كل مادة غذائية لها درجة حرارة ورطوبة نسبية مثلى لتخزينها حيث تبقى محافظة على جودتها لأطول فترة ممكنة. «ومعلوم أن مسألة الرطوبة من الأمور التي يصعب التحكم فيها في المنازل».
مشكلة التغليف
إن من الأمور المهمة أيضاً في هذا المجال، والتي يجب على المنتج والمسوّق والمستهلك مراعاتها من أجل تأخير ظهور علامات الفساد على الأغذية، عملية التغليف ونوعية الأغلفة المستخدمة. فمثلاً في الخضراوات المبردة يجب أن تستخدم أغلفة تسمح بتنفس النبات، حيث إن الأغلفة التي لا تسمح بذلك تؤدي إلى تكثف الرطوبة على سطح المنتج وبالتالي الإسراع في الفساد، أما في حالة الأغذية المجمدة يجب أن تكون الأغلفة من النوع غير المنفذ للرطوبة؛ حيث إن فقد الرطوبة يؤدي إلى ظهور مناطق وبقع جافة على السطح تعرف بحروق التجميد، والتي بدورها تؤثر على خواص الغذاء كاللون والقوام والنكهة كما في اللحوم مثلاً.
دعونا نتأمل
أم المشكلات وبناتها الثلاث السابق ذكرها تؤدي إلى فساد الأغذية. والحكم عليها بأنها غير صالحة للتناول.
هذه أهم مظاهر الفساد التي يمكن ملاحظتها والحكم على أن هذه المواد الغذائية فاسدة.
و يجب أن نشير هنا إلى أن الغذاء بأنواعه المختلفة قد لا يحمل أياً من مظاهر الفساد، ولكنه في الحقيقة قد يكون خطراً يهدد صحة المستهلك نظراً لاحتوائه على كائنات حية ممرضة أو سمومها أو على مواد كيميائية وملوثات طبيعية ضارة لا يمكن إدراكها بواسطة حواسنا الخمس كما ذكرنا، لذا يجب أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع الأغذية بشكل عام، حيث إنه كما أشرنا سابقاً ليس كل غذاء غير فاسد آمنا من الناحية الصحية
ساحة النقاش