الإنتاج الحيواني العضوي

Organic Animal Production

إعداد د/صلاح الدين عبد الرحمن الصفتي

يشتمل النظام الزراعي بوجه عام على كل من الإنتاج النباتي والإنتاج الحيواني، حيث يعتمد ويتأثر كل منهما بالأخر. وقد لوحظ أن كثيراً من أمراض الحيوان تتأثر بتغذية الحيوان، فعلى سبيل المثال وجد أن زيادة إدرار اللبن مرتبطة بحالات عدم أو نقص الخصوبة Fertility وكذلك التهاب الضرع Mastitis وتعزى هذه المشكلة جزئياً إلى زيادة استخدام الأسمدة على المراعي، حيث زيادة تسميد النباتات بالبوتاسيوم يؤدي إلى مشاكل نقص الخصوبة أو خلل في في تمثيل مادة الكاروتين وكذلك نقص معدل الاستفادة من الغذاء، كما وجد أيضاً أن زيادة أسمدة النترات خلال فترة الحمل ترتبط بمرض حُمى اللبن Milk Fever. كما وجد أن أحد العوامل المُسببة لمرض الكبد الدهني Fatty Liver Syndrome في أبقار اللبن هو استعمال المركزات في العلائق، ومن الأمثلة الأخرى لعلاقة تغذية الحيوان بصحة الحيوان وارتباطها بصحة الإنسان هو مرض جنون البقر Cow Madness والمعروف بمرض الاعتلال ألمخي الإسفنجي في الأبقار Bovine Spongiform Encephalopathy (BSE) حيث أعزي هذا المرض إلى إضافة لحوم حيوانية إلى علائق الأبقار بالإضافة إلى مصادر بروتينية أخرى رخيصة الثمن. ومن الأمثلة الأخرى التي توضح فشل السياسة الحالية المتبعة في مجال الإنتاج الحيواني هو الإفراط في استعمال المضادات الحيوية والذي أدي إلى تلوث الألبان الناتجة منها وكذلك استعمال الهرمونات في تغذية الحيوان وما لذلك كله من أثار ومخاطر سيئة على صحة الإنسان. وفي نفس الاتجاه فإن استخدام الهرمونات كمنشطات نمو في الإنتاج الداجني والإفراط في استعمال المضادات الحيوية أثر أيضاً بالسلب على طبيعة وخصائص اللحم والبيض المنتج وبالتالي التأثير على صحة الإنسان ومدى مقاومته للأمراض، وأتضح أيضاً أنه علاوة على الدور التي تلعبه تغذية الحيوان وعلاقتها بأمراض الحيوان فإن إيواء الحيوان وطرق الانتخاب التي تتبع لزيادة الإنتاجية والعائد المادي، ترتبط إلى حد بعيد أيضاً بكثير من الأمراض الحيوانية. وبناءاً على ذلك فإنه للمحافظة على البيئة وصحة الإنسان فإنه يجب مراعاة بعض المعايير في مجال الإنتاج الحيواني والمتمثلة في تحسين ظروف تربية الحيوان، وإحلال الإنتاج الحيواني المكثف بإنتاج يكفل النمو الطبيعي لتحسين خواص المُنتج، وتجريم استخدام بقايا الحيوانات والهرمونات والحد من استخدام المضادات الحيوية في التغذية.

الإنتاج الحيواني والزراعة العضوية..

يعتبر الإنتاج الحيواني مكون أساسي في الزراعة العضوية ومصدر للأسمدة العضوية (سواء كان سماد ناتج من حيوانات مجترة أو زرق دواجن) والتي تزيد من خصوبة التربة كما أنه يسمح بوجود دورة زراعية متكافلة ومتزنة.

المعايير العامة في الإنتاج الحيواني العضوي..

لابد في الإنتاج الحيواني العضوي توفير المعايير الآتية:

1- المكان (الحظائر) والنظام الذي يتبع لتربية الحيوان، حيث لابد وأن يكون على مستوى عالي من العناية والراحة.

2- يلزم أن تكون التغذية بطريقة تناسب الحيوان فسيولوجياً، كما يلزم استخدام عليقة مُنتجة أساساً من داخل المزرعة وأن تكون عضوية المكونات.

3- تجنب وسائل المعالجة الروتينية باستخدام الأدوية، وأن المحافظة على صحة الحيوان يكون على أساس إتباع نظام غذائي جيد وطرق معيشة وحظائر مناسبة.

 

 

 

العليقة الخاصة بالحيوانات المجترة..

تحت الظروف المُثلى للإنتاج الحيواني العضوي فإنه يجب أن ينتج غذاء الحيوان من خلال المزرعة العضوية، ولكن يصعب ذلك على معظم المُنتجين لهذا يسمح الاتحاد الأوروبي بنسبة 10 % أو أقل في حالة الحيوانات المجترة ونسبة 20 % في حالة الدواجن من مكونات العليقة من خارج المزرعة العضوية. ومن أهم المحاصيل العلفية في الزراعة العضوية الشعير والذرة والفول وفول الصويا ومحاصيل العلف الأخضر مثل البرسيم شتاءاً وحشيشة السودان أو علف الفيل صيفاً، كما يمكن زراعة بنجر العلف والدراوة، وقد يستعان بالسيلاج والقش عند عدم توفر علف أخضر. وبالنسبة للمعادن والفيتامينات فيلزم وجودها بحالة متزنة في العليقة، حيث العلف الأخضر يوفر ذلك إلى حد بعيد.                

العليقة الخاصة بالحيوانات غير المجترة (الدواجن)..

تحضير علائق الدواجن أكثر صعوبة نتيجة لضرورة توافر عدد من الأحماض الأمينية والفيتامينات مقارنة بعلائق المجترات. وقد اقترح Deerberg (1989) عليقة عضوية للدواجن تشتمل على 44.5% (قمح أو ذرة أو شعير) و26% (فول أو بسلة) و11.5% جيلاتين ذرة و7.5% محار و5% عليقة خضراء (برسيم) و2% معادن و2% زيت طعام و1.5% مولاس.

الإيواء Housing..

في الزراعة العضوية لكي ينمو ويسلك الحيوان سلوكاً طبيعياً يلزم توفر الظروف الطبيعية في حظائر الحيوانات والدواجن من حيث توفر الغذاء والماء والرعاية والظروف البيئية الملائمة. حيث أوضحت وثيقة مجلس صالح الحيوان ضرورة توفر خمسة مزايا لجميع الحيوانات وهي:

1-   العليقة المناسبة والكافية لتسمح بحالة صحية طبيعية ونمو متميز.

2-   حظائر مناسبة تسمح بحرية الحركة وراحة الحيوان وأن تكون درجة حرارتها مناسبة.

3-   خلو الحيوانات من الإصابة بالأمراض.

4-   حرية حركة تسمح بحياة اجتماعية وسلوكية طبيعية.

5-   بعد الحيوان عن الشعور بالخوف والقلق.

حظائر الدواجن في الزراعة العضوية..

يفضل في نظام الزراعة العضوية استبدال إنتاج البيض بنظام البطاريات بالنظام المفتوح بكثافة محدودة مع توفر المكان الذي يسمح بالضوء الطبيعي والتهوية وحرية الحركة والسلوك الطبيعي. ومن أهم البدائل عن نظام البطاريات ويتناسب مع الزراعة العضوية:

·        نظام البطاريات المتطورة Getway Cages.

·        مكان مُعَد بأرضية سلك مع فرشة كثيفة.

·        مكان مغلق مغطى بفرشة كثيفة مع وجود مساحة للحركة.

·        مكان للحركة الحرة (حوش) مع وجود مكان لمبيت القطعان في المساء.

·        بناء مكان إيواء يسمح بالسلوك الطبيعي والرفاهية على أن يكون اقتصادي.

ويلاحظ مما سبق أن نظام الزراعة العضوية في مجال الإنتاج الحيواني ما هو إلا دعوة للتربية الفطرية للحيوان والارتداد للطبيعة وهو نظام يطلق عليه Free Range حيث يتم تجهيز الحظائر بشكل يتناسب والتربية الفطرية الطبيعية للحيوان.

صحة الحيوان والعلاج في الزراعة العضوية..

إن إتباع نظام التربية المكثفة للحيوانات المجترة والدواجن أدى إلى انتشار وتفشي العديد من الأمراض، وكانت تعالج تلك الأمراض بالاستخدام المكثف للمضادات الحيوية والأدوية، بينما في نظام الزراعة العضوية فإنه يجب أن لا يسمح باستخدام الأدوية والمضادات الحيوية إلا عند الضرورة القصوى وفي أقل الحدود بل يعتمد هذا النظام على طرق أخرى مثل زيادة القدرة المناعية للحيوان أو الطائر لمقاومة الأمراض والعلاج بالأعشاب الطبيعية، ويكتسب الحيوان أو الطائر المناعة عن طريق التطعيم والأمصال لتكوين الأجسام المناعية المضادة للأمراض المختلفة، كما أن إتباع وسائل التربية التي توفر الصحة للحيوان مثل التغذية السليمة وحظائر المعيشة المناسبة من الأهمية بمكان للحفاظ على قوة ومقاومة الحيوان للأمراض. ومن الجدير بالذكر فإنه في بعض حالات الإصابة للحيوان والتي لا يجدي معها إلا العلاج التقليدي بالأدوية للمحافظة على صحة الحيوان وتجنب حدوث الآلام له فإنه في هذه الحالة لا يمكن اعتبار هذا الحيوان مُنتَج عُضوي.

العلاج البديل والأدوية المكملة في الزراعة العضوية..

ثبتت فاعلية استعمال الثوم في علاج الطفيليات الداخلية للحيوان، كما أن استعمال المساج مع الماء البارد يفيد في علاج مرض التهاب الضرع، كما تستخدم طريقة علاج المثل بمثله Homoeopathy والتي يستخدم فيها محلول مخفف من البكتريا المُسببة للمرض المراد الوقاية منه وذلك بهدف زيادة المقاومة والتغلب على المرض، كما أن التطعيم Vaccination الروتيني مسموح به في الزراعة العضوية إذا كان هناك مرض منتشر في المنطقة، حيث وجد أن التطعيم بشكل دائم يقلل من المقاومة الطبيعية للحيوان. والعلاج بالأعشاب البحرية أظهر العديد من التأثيرات الإيجابية في حالة الزراعة العضوية. أما في حالة الطفيليات الخارجية مثل القمل والقراد فإنه يمكن مقاومتهما باستخدام نبات عشبي يسمى Derris، وفي حالة الجرب فيسمح في حالة الإنتاج العضوي استخدام مادة الفلوميثرين وإجراء عملية التغطيس للحيوان. وبشكل عام فإن علاج الحيوانات والطيور تحت نظام الزراعة العضوية فإنه يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات وذلك لتجنب استخدام العلاجات التقليدية وبالتالي خروج تلك الحيوانات من نظام الزراعة العضوية والإنتاج العضوي والذي يهدف أساساً لإنتاج مُنتَج خالي من أي متبقيات كيماوية أو علاجية قد تؤثر على صحة الإنسان والذي يعتبر هو المستفيد النهائي من تلك المنتجات.

 

 

 

 

 

المراجع:

عبد المنعم محمد الجلا- 2002- الزراعة العضوية (الأسس وقواعد الإنتاج والمميزات)- كلية الزراعة- جامعة عين شمس.

المصدر: عبد المنعم محمد الجلا- 2002- الزراعة العضوية (الأسس وقواعد الإنتاج والمميزات)- كلية الزراعة- جامعة عين شمس
  • Currently 21/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
7 تصويتات / 961 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2011 بواسطة agri-ainshams

ساحة النقاش

كلية الزراعة - جامعة عين شمس

agri-ainshams
»

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

215,066