أحداث الفصل
س1: ما الصوتين اللذين يردانه إلى يقظته
ولكن صوتين غريبين يردانه فجأة إلى يقظة فزعة:
1- أحدهما صوت عصا غليظة تضرب الأرض ضربا عنيفا،
2- والآخر صوت إنساني متهدج مضطرب لا هو بالغليظ ولا هو بالنحيف ، يذكر الله ويسبح بحمده ،ويمد ذكره وتسبيحه مدا طويلا غريبا 0
س2: كيف يقترب الصوت ثم يبتعد ثم يختفي
وقد سكن كل شيء وشمل هدوء الليل كل شيء، وجعل هذا الصوت الإنساني ينبعث بين حين وحين متهدجا مرجعا، تقطعه ضربات العصا على الأرض، وهو يبدو قويا فيذيع في الليل الهادئ شيئا يشبه الاضطراب، ثم يدنو قليلا حتى يكاد يبلغ غرفة الصبي، ثم ينحرف ويضعف شيئا فشيئا حتى يكاد ينقطع ثم يبدو مرة أخرى قويا متصلا بعد أن هبط صاحبه سلم " الربع واستقامت له طريقه في الحارة، ثم يبعد شيئا فشيئا حتى ينقطع0
س3: لم يرتاع الصبي ثم يطمئن ويهدأ
وقد ارتاع الصبي لهذا الصوت أو لهذين الصوتين حين سمعهما لأول مرة،وأتعب نفسه في التفكير فيهما والبحث عن مصدرهما ولكنه لم يظفر من بحثه بطائل ، إلا أنه فقد النوم وأتم ليله مؤرقا مروعا حتى رد الأمن والطمأنينة إلى قلبه صوت المؤذن وجعل هذان الصوتان يوقظان الصبي كل يوم في أول الثلث الأخير من الليل، وجعل الصبي يراع لهذين الصوتين ولا يعرف لهما مصدرا ولا يجرؤ على أن يسأل أخاه أو غير أخيه عنهما0
س4:بين الفرق بين قيام الصبي من نومه وقيام أخوه 00 وإلى أين يذهبان
هو ينادي: " الصلاة خير من النوم" فهب الصبي مترفقا ، وهب أخوه عنيفا عجلا وما هي إلا دقائق حتى كانا يهبطان السلم ويجد أن في طريقهما فإلى الأزهر ، ليسمع أحدهما درس الأصول وليسمع الآخر درس الحديث0
س5:ما اليوم الذي لا يسرع الأخوان من نومهما
حتى كانت ليلة الجمعة، فأيقظه الصوتان وروعاه كدأبهما في كل ليلة، ورد المؤذن إليه الأمن والهدوء كدأبه في كل صباح، ولكن الصبي لم يهب مترفقا ولكن أخاه لم يهب عجلا عنيفا، فليس في فجر الجمعة ولا في صباحه دروس، ليس الشيخ الفتى ولا الشيخ الصبي في حاجة إلى أن يقطعان نومهما0
س6: ما الفرق بين نوم الصبي ونوم أخيه
فأما نوم الصبي فقد قطعه هذان الصوتان0 وأما أخوه فلم يسمعهما هذه الليلة كما لم يسمعهما من قبل 0 ولبث الصبي في فراشه ضيقا بهذا السكون، عاجزا عن الحركة، مشفقا أن يوقظ أخاه، حتى صلي الفجر وانتشر ضوء الشمس ونفذت أشعتها إلى الغرفة فاترة،
س7: كيف تعرف الصبي على الصوتين كيف يبدوان هذه المرة
وإذا الصبي يسمع هذين الصوتين مرة أخرى ولكنه يسمعهما هادئين رفيقين0
1- فأما العصا فتداعب الأرض مداعبة يسيرة،
2- وأما الصوت فيصافح الهواء مصافحة حلوة لا تخلو من فتور0 الصبي يعجب لهذين الصوتين اللذين يعنفان حين يسكن الليل وينام الناس ويحسن الرفق، واللذين يرقان ويلطفان حين ينشط النهار ويستيقظ الناس ويتاح للأصوات أن ترتفع وأن تأخذ حظها من الحرية والنشاط0 وهو مع ذلك مضطرب إلى سكونه، مشفق إن تحرك أن ينبه أخاه، حتى تشتد حرارة الشمس على رأسه فيستوي جالسا في أناة ويتزحزح من مكانه في رفق حتى يبلغ مكانا لا تلفحه حرارة الشمس فيستقر فيه دون أن يتحرك 0وهو بهذا ضيق، وله كاره، وعليه مكره، وأخوه مغرق في نومه لا يفيق،
س8:من الذي يطرق الباب ولم
ولكن الباب يطرق طرفا عنيفا وصوت من ورائه ينادي مرتفعا ساخطا صاخبا:"هلم يا هؤلاء، هلم يا بهائم، أفيقوا إلى متى تنامون! أعوذ بالله من الكفر أعوذ بالله من الضلال! طلاب علم ينامون حتى يرتفع الضحى لا يؤدون الصلاة لوقتها هلم يا هؤلاء !هلم يا بهائم، أعوذ بالله من الكفر، أعوذ بالله من الضلال! ويد هذا الصوت تقرع الباب وعصاه تقرع الأرض، ومن حوله ضحكات ترافقه 0
س9: ما رد فعل الشيخ الفتى وأخيه الصبي على هذا الصوت
1- وقد هب الشيخ الفتى لأول نبأة ولكنه ظل في مكانه ساكنا ثابتا يغرق في ضحك مكتوم مكظوم كأنه يستحب ما يسمع ويستزيد منه ويريد أن يتصل
2- فأما الصبي فقد عرف هذا الصوت وهذه العصا إنه الصوت الذي كان يضطرب في الليل وأنها العصا التي كانت تقرع الأرض لتوقظها من نومها من عسى أن يكون هذا الرجل؟ وما عسى أن تكون عصاه؟ وما هذا الضحك الذي يتبعه؟ وقد نهض الفتى جاهرا بضحكه فسعى إلى الباب ففتحه
س10: بين ما الذي قاله الحاج علي
واندفع منه هذا الرجل صاخبا:" أعوذ بالله من الكفر! أعوذ بالله من الضلال !اللهم اصرف عنا الأذى أعذنا من الشيطان الرجيم ، أناس أنتم أم بهائم! أمسلمون أنتم أم كفار، أتتعلمون على شيوخكم هدى أم ضلال!" وقد اندفع معه الشباب من أصحاب الفتى وهم يجأرون بالضحك ويغرقون فيه 0 وهنالك عرف الصبي هذا الرجل وهو عمى الحاج علي
س11: من الحاج علي وما أهم ملامحه
وكان عمى الحاج علي رجلا شيخا قد تقدمت به السن حتى جاوز السبعين ولكنه احتفظ بقوته كلها: احتفظ بقوة عقله فهو ماكر ماهر ظريف لبق واحتفظ بقوة جسمه فهو معتدل القامة شديد النشاط ، متين البنية، عنيف إذا تحرك ، عنيف إذا تكلم ، لا يعرف الهمس ولا يحسن أن يخافت صوته وإنما هو صائح دائما0
س12: كيف كانت أحوال الحاج علي فيما مضى من دهره
وكان عمى الحاج علي فيما مضى من دهره- كما علم الصبي فيما بعد- رجلا تاجرا، قد ولد في الإسكندرية وشب فيها، واحتفظ بما لأهل الإسكندرية من قوة وعنف ، ومن صراحة وظرف وكان يتجر في الأرز ومن أجل ذلك سمي عمى الحاج علي الرزاز فلما تقدمت به السن أعرض عن التجارة أو أعرضت التجارة عنه0
س13: لم سكن الحاج علي في الربع
وكان له بيت في القاهرة يغل عليه شيئا من مال، فاتخذ لنفسه غرفة في هذا الربع الذي لم يكن يسكنه من غير المجاورين إلا هذا الرجل وهذان الفارسيان اللذان ذكرا في بعض هذا الحديث0
س14: لم اتصلت المودة بينه و بين الشباب
ولم يكد عمى الحاج علي يستقر في غرفته في آخر الربع عن شمال إذا صعدت السلم حتى لفت إليه هؤلاء الشباب من طلاب العلم، أضحكهم وراقوه، فاتصلت بينه وبينهم مودة حلوة متينة نقية فيها ظرف كثير وفيها رقة وتحفظ يؤثران في القلوب حقا فقد كان هذا الشيخ يعرف من هؤلاء الشباب حبهم للعلم وجدهم في الدرس وصدوفهم عن العبث وكان يحب منهم ذلك
س15: لم لا يجالس الحاج علي الشباب في أيام الأسبوع
فإذا بدأ أسبوع العمل لم يسمع إليهم، أو يعرض لهم، حتى كأنه لا يعرفهم إلا أن يسعوا هم إليه، أو يلحوا هم عليه في أن يشهد معهم طعاما أو يشاركهم في الشاي 0
س16: وماذا يفعل الحاج علي معهم بوم الجمعة
1- فإذا كان يوم الجمعة لم يمهلهم ولم يخل بينهم وبين أنفسهم، وإنما انتظر بهم حتى يتقدم النهار، وحتى يعلم أنهم قد أرضوا نفوسهم من النوم والراحة0 هنالك يخرج من غرفته فيبدأ بأقرب غرف هؤلاء الشباب إليه، فيوقظ صاحبها في هذا العنف والضجيج اللذين رأيتهما ثم ينتقل إلى الغرفة التي تليها ومعه صاحبه الذي أيقظه وما يزال كذلك حتى يبلغ غرفة أخي الصبي فيوقظه على هذا النحو والشباب من حوله فرحون يستقبلون يوم راحتهم مبتهجين قد ابتسموا للحياة وابتسمت لهم الحياة0
2- وإلى هذا الشيخ كان تدبير طعامهم ولهوهم البريء في يوم الجمعة فهو الذي يقترح عليهم طعام الإفطار وقد يعده لهم في غرفته أو في غرفة أحدهم0 وهو الذي يقترح عليهم طعام العشاء ويشير عليهم بما ينبغي أن يصنعوا لإعداده، ويشرف على هذا الإعداد، ويقوم منه ما يمكن أن يعوج،
3- يصحبهم صباحهم، ثم يفارقهم ليصلي الجمعة، ثم يعود إليهم فيشاركهم في عشائهم وفيما يكون بعده من الشاي، ثم إذا وجبت المغرب أمهم في صلاتهم فإذا وجبت العشاء فارقهم ليعدوا الدروس التي سيسمعونها من الغد0
س17: كيف يرى الصبي إيمان الحاج علي
وكان عمي الحاج علي يتكلف التقوى والورع، ويظهر ذلك إلى أقصى ما يظهر الناس تكلفهم وتصنعهم يبدأ بهذه الغزوة التي يجددها في الثلث الأخير من كل ليلة فيخرج من غرفته صاخبا صائحا بذكر الله والتسبيح بحمده ضاربا الأرض بعصاه حتى يبلغ مسجد سيدنا الحسين ، فيقرأ فيه ورد السحر، ويشهد فيه صلاة الفجر ثم يعود متمتما مهمهما مداعبا الأرض بعصاه فيستريح في غرفته فإذا وجبت الصلوات أداها في غرفته وقد فتح بابها وجهر بالقراءة والتكبير ليسمعه أهل الربع جميعا
س18: كيف يكون الحاج علي إذا خلا إلى أصحابه من الشباب
فإذا خلا إلى أصحابه الشباب على طعامهم أو على شايهم أو في بعض سمرهم فهو أسرع الناس خاطرا وأظفرهم نكتة وأطولهم لسانا وأخفهم دعابة وأشدهم تتبعا لعيوب الناس، وأعظمهم إغراقا في الغيبة لا يتحفظ في لفظ، ولا يتحرج من كلمة نابية، ولا يتردد في أن يجري على لسانه المنطلق دائما وبصوته دائما أشنع الألفاظ، وأشدها إغراقا في البذاء، وأدلها على أبشع المعاني وأقبح الصور0
س19: بين سبب حب الشباب إلى الحاج علي
وكان أولئك الشبان يحبونه على ذلك، أو يحبونه من أجل ذلك، أو قل أنهم يحبون ذلك منه أشد الحب، ويكلفون به أعظم الكلف، كأنه كان يخرجهم من أوارهم، ويريحهم من جد العلم والدرس، ويفتح لهم بابا من اللهو ما كانوا يستطيعون أن يلجوه حين كانوا يخلون إلى أنفسهم، بل ما كانوا يستطيعون أن يلجوه حين كانوا يلتفون حول هذا الرجل الشيخ وحين كان يصب عليهم هراءه هذا بغير حساب 0
س10: ما رد الفعل تجاه كلمات الشيخ ونكاته
كانوا يسمعون ذلك منه ويضحكون له حتى إن جنوبهم لتكاد تنقد من الضحك ولكنهم على ذلك لم يكونوا يعيدون على الشيخ كلمة من كلماته البذيئة أو لفظا من ألفاظه النابية، فكأنما كانوا يرون شيئا يعجبهم ويلهيهم فيستمتعون به من بعيد ولا يبيحون لأنفسهم أو لا تبيح لهم ظروفهم أن يدنوا منه أو يسعوا إليه0
س11:بين الصفة التي يمتاز بها الشبان عن غيرهم
ولم يكن ذلك يدل على أقل من هذه الصفة الغريبة الخليقة بالإعجاب والرحمة معا والتي كان هؤلاء الشبان يمتازون بها من كثير من زملائهم وأقرانهم وهي كظم الشهوات وأخذ النفس بألوان من الشدة تمكنهم من المضي في الدرس على وجهه وتردهم عن التورط فيما كان كثير من زملائهم يتورطون فيه من هذا العبث السهل الذي يفل الحد ويفتر العزائم ويفسد الأخلاق
س12: بين رد فعل الصبي على كل هذا الهراء
وكان الصبي يسمع لهذا كله فيفهم ويحفظ ويعجب، ويسأل نفسه كيف يجتمع طلب العلم وما يحتاج إليه من الجد مع هذا التهالك على الهزل والتساقط على السخف في غير تحفظ ولا احتياط؟ !وكان يعاهد نفسه على أنه إذا شب وبلغ طور هؤلاء الطلاب الذين يكبرهم ويقدرهم ذكاءهم فلن يسير سيرتهم ولن يتهالك على العبث كما يتهالكون عليه0
س13: بم يمثل يوم الحمعة لهؤلاء الشبان
1- وكان يوم الجمعة يوم البطون في حياة هؤلاء الطلاب وفي حياة صديقهم الشيخ 0
2- فكانوا إذا أصبحوا اجتمعوا إلى إفطار غزير دسم صاخب، قوامه الفول والبيض ثم الشاي وما كانوا قد ادخروا من هذه الفطائر الجافة التي كانت أمهاتهم يزودنهم بها
س14: بين مشاعر الأم وهي تعد الفطائر لابنيها
الأمهات يضعن في صنعها وفي تعبئتها قلوبهن الساذجة وما يملؤها من حب وعطف وحنان وكم ذكر الصبي جهد أبيه في كسب ما لم يكن بد من كسبه من النقد لتستطيع أمه أن تهيئ لابنيها زادهما وجد أمه في صنع هذا الزاد وتكلفها الفرح وهي تهيئه وحزنها الصامت وهي تعبئه ودموعها المنهمرة وهي تسلم أحماله إلى من سيذهب به إلى القطار0
س15:كيف لا يقدر الشبان متاعب الأم والأب
كم ذكر الصبي هذا كله حين كان هؤلاء الشباب يلتهمون هذا الزاد التهاما ويغمسونه في الشاي كما كان يوصيهم الشيخ أو يقضمونه بأسنانهم وأضراسهم قضما ثم يعبون في أكواب الشاي في أفواههم ولتسبغه حلوقهم بعد ذلك سهلا هينا وهم في أثناء ذلك يتضاحكون من دعاية الشيخ وفكاهته، لا يذكر آباءهم وما جدوا، ولا يذكرون أمهاتهم وما احتملن من كد وما ذرفن من دموع0
س16:بين مشاعر طه حسين ( صبيا – كبيرا ) تجاه تدبير عشاء الجمعة
وكان الشيخ وأصدقاؤه الطلاب يدبرون عشاءهم أثناء الدورة الثانية والثالثة من الشاي الذي يقبلون عليه بعد الإقطار0وكان تدبيرهم لهذا العشاء يقبض نفس الصبي ويملؤها خجلا، فلما فكر فيه بعد أن تقدمت به السن وجد لذكراه حنانا وإعجابا 0كانوا يتداولون ويتشاورون
س17: بين ميدان مداولاتهم حول إعداد العشاء
0ولم يكن ميدان مداولاتهم ومشاوراتهم واسعا ولا عريضا0 وإنما هما لونان من ألوان الطعام لم يشذوا عنهما قط: فإما البطاطس في خليط من اللحم والطماطم والبصل وإما القرع في خليط من اللحم والطماطم والبصل وشيء من الحمص وكانوا يتفقون على أقدار ما يشترون من هذه الأصناف كلها، ثم يقدرون ثمن ما سيشترون ثم يخرج كل منهم حصته من هذا الثمن إلا الشيخ فكانوا يخرجونه من هذه الغرامة 0 فإذا اجتمع لهم ما يحتاجون إليه من نقد، ذهب أحدهم فاشترى لهم طعامهم0
س18:صف كيف يعد احد الشبان الطعام مبينا دور الشيخ
فإذا عاد بما اشترى نهض أحدهم إلى موقده فأوقد فيه ناره من هذا الفحم البلدي، حتى إذا صفقت جذوته أقبل على الطعام يهيئه وأصحابه ينظرون إليه مجتمعين أو متفرقين، والشيخ يلقي إليه نصائحه بين حين وحين حتى إذا تم له من تهيئة الطعام ما أراد خلي بينه وبين هذه النار تنضجه على مهل، واجتمع القوم إلى صديقهم الشيخ يعبثون ، أو إلى أنفسهم يدرسون ، وطاهيهم يخطف نفسه بين حين وحين ليلقي نظره على هذا الطعام مخافة أن يحترق أو يفسد، وليلقي عليه بين حين وحين قطرات من ماء وكلهم يتنسم هذه الرائحة الذكية التي تبعثها النار من هذا الطعام كلما تقدمت به إلى الإنضاج، وكلهم يجد في تنسم هذه الرائحة مقدمة لذيذة لعشاء لذيذ0
س19: علل انتشار الروائح اللذيذة للطعام في أنحاء الربع
ومن المحقق أنهم لم يكونوا وحدهم يصطنعون هذا الطعام ، وإنما كان لهم في الربع زملاء يصطنعون مثله ويتنسمون رائحته مثلهم 0ومن المحقق أيضا أن هؤلاء العمال الذين كانوا يسكنون الدور السفلي وأبناءهم ونساءهم بمثل هذا الطعام 0وأكبر الظن أنهم كانوا يجدون من نسائهم بمثل هذا الطعام وأكبر الظن أن هؤلاء المحرومين من الطلاب
س20: علل:العمال يجدون في هذه الروائح لذة مؤلمة أو ألما لذيذا0
وكانت نار هذا الفحم البلدي بطيئة طويلة البال، فكان ذلك يطيل لذة قوم ويمد ألم آخرين0 حتى إذا صليت العصر ودعيت الشمس إلى الغروب كان الطعام قد نضج،
س21: صف اجتماع القوم على الطعام
فاجتمع القوم حول مائدتهم وأقبلوا على طعامهم في نشاط يشبه الجد الهازل أو الهزل الجاد0 كلهم حريص على أن يستوفي حظه من هذا الطعام وكلهم يراقب أصحابه أن يسبقوا أو يشتطوا عليه، كلهم يستحي أن يظهر هذا الحرص أو يبدي هذه المراقبة0
س22: ما الدور الذي يقوم به الشيخ في توزيع الطعام
لكن الشيخ معهم فصراحته تغني عن صراحتهم وهزله يفضح ما أسروا من الجد، فهو يراقبهم جميعا، وهو يقسم الطعام بينهم بالعدل، وهو يصد أحدهم إن هم أن يجور على أصحابه لا يخفي ذلك ولا يتحفظ فيه، وإنما يعلنه صاخبا كعادته، منبها هذا إلى أنه يخدع نفسه عن قطعة البطاطس بقطعة اللحم، ومنبها ذاك إلى أنه يسرف على نفسه وعلى أصحابه بما يغترف في لقمته الغليظة من جامد الطعام أو سائله، مرسلا ألفاظه إلى هذا وذاك في هزل يخف على أسماعهم ويحسن موقعه من نفوسهم، ويضحكهم، ولا يؤذيهم فيما ينبغي لهم من الحياء0
س23:كيف كان الصبي في أثناء هذه المعركة الضاحكة
خجلا وجلا مضطرب النفس مضطرب حركة اليد،لا يحسن أن يقتطع لقمته،ولا يحسن أن يغمسها في الطبق ،ولا يحسن أن يبلغ بها فمه0 يخيل إلى نفسه أن عيون القوم جميعا تلحظه،وأن عيون الشيخ خاصة ترمقه في خفية فيزيده هذا اضطرابا وإذا يده ترتعش وإذا بالمرق يتقاطر على ثوبه وهو يعرف ذلك ويألم له ولا يحسن أن يتقيه وأكبر الظن بل المحقق أن القوم كانوا في شغل عنه بأنفسهم وآية ذلك أنهم يفكرون فيه ويلتقون إليه ويحرضونه على أن يأكل ويقدمون إليه ما لا تبلغه يده، فلا يزيده ذلك إلا اضطرابا واختلاطا،
س24: كيف تكون معركة الطعام مصدر ألم وسعادة
وإذا هذه المعركة الضاحكة مصدر ألم لنفسه وحزن لقلبه، وكانت خليفة أن تسره وأن تضحكه، ولكنها إن آذته في أثناء الطعام فقد كانت تسره وتسليه وتضطره أحيانا إلى أن يضحك وحده إذا خلا إلى نفسه بعد أن يشرب الجماعة شايهم ويتنقلوا إلى حيث يدرسون أو يسمرون0وكذلك أنفق هؤلاء الشباب أعواما طويلة مع هذا الشيخ وشب الصبي في هذه الحياة الضاحكة بفضل الشيخ علي،
س25: ماذا حدث بمرور الزمن
تفرقت الجماعة، وذهب كل هؤلاء الشباب لوجهة وتركوا الربع واستقروا في أطراف متباعدة من المدينة، وقلت زيارتهم للشيخ، ثم انقطعت، ثم تناسوه، ثم نسوه0
س26: بين وقع نبأ موت الحاج عل على الشبان وما آخر كلماته
وفي ذات يوم حمل إلى أفراد هذه الجماعة نعي الشيخ، فحزنت قلوبهم ولم يبلغ الحزن عيونهم، ولم يرسم آياته على وجوههم 0 وأخبر المخبر الصادق أن آخر كلمة نطق بها الشيخ وهو يحتضر إنما كانت دعاءه لأخي الصبي0فرحم الله عمي الحاج علي ، لقد كان ظله على الصبي ثقيلا وإن ذكره ليملأ قلبه بعد ذلك رحمة وحنانا0
ساحة النقاش