عادل عبد القادر

نشرالاهتمام باللغة العربية وتبسيط النحو وتبني المواهب

<!--<!--((9))

سهام القدر

 

س1: كيف كانت أيام الصبي ؟

 

وكذلك اتصلت أيام الصبي بين البيت والكتاب والمحكمة والمسجد وبيت المفتش ومجلس العلماء وحلقات الذكر لا هي بالحلوة ولا هي بالمرة، ولكنها تحلو حينا وتمر حينا آخر وتمضي فيما بين ذلك فاترة سخيفة 0

 

س2: كيف ذاق الصبي مرارة الألم وحقيقته

 

حتى كان يوم من الأيام ذاق الصبي فيه الألم حقا، وعرف منذ ذلك أن تلك الآلام التي كان يشفي بها ويكره من أجلها الحياة لم تكن شيئا وأن الدهر قادر على أن يؤلم الناس ويؤذيهم ويحبب إليهم الحياة ويهون من أمرها على نفوسهم في وقت واحد 0

 

 

س3: بم تتصف الأخت الصغرى للصبي

 

كانت للصبي أخت هي صغرى أبناء الأسرة كانت في الرابعة من عمرها كانت خفيفة الروح طلقة الوجه فصيحة اللسان عذبة الحديث قوية الخيال، كانت لهو الأسرة كلها كانت تخلو إلى نفسها ساعات طوالا في لهو وعبث تجلس إلى الحائط فتتحدث إليه كما تتحدث أمها زائراتها وتعبث في كل اللعب التي كانت بين يديها روحا قويا وتبغ عليها شخصية فهذه اللعبة امرأة وهذه اللعبة رجل وهذه اللعبة فتى وهذه اللعبة فتاة والطفلة بين هؤلاء الأشخاص جميعا تذهب وتجيء وتصل بينها الأحاديث مرة في لهو وعبث   وأخرى في غيظ وغضب ومرة ثالثة في هدوء واطمئنان وكانت الأسرة كلها لذة قوية في الاستماع إلى هذه الأحاديث والنظر إلى هذه الألوان من اللعب دون أن ترى الطفلة أو تستمع أو تحس أن أحدا يرقبها

0

 

س4: كيف يستعد الناس لاستقبال العيد

 

فما هي إلا أن أقبلت بوادر عيد الأضحى في سنة من السنين وأخذت أم الصبي تستعد لهذا العيد تهيىء له الدار وتعد له الخبز وألوان الفطير وأخذ إخوة الصبي يستعدون لهذا العيد يختلف كبارهم إلى الخياط حينا وإلى الحذاء حينا آخر ويلهو صغارهم بهذه الحركة الطارئة على الدار فينظر صبينا إلى أولئك وهؤلاء في شيء من الفلسفة كان قد تعوده فلم يكن في حاجة إلى أن يختلف إلى خياط أو حذاء

 

س5:كيف يختلف أمر الصبي عن الناس في الاستعداد

 

وما كان ميالا إلى اللهو بمثل هذه الحركات الطارئة وإنما كان يخلو إلى نفسه ويعيش في عالم من الخيال يستمده من هذه القصص والكتب المختلفة التي كان يقرؤها فيسرف في قراءتها

 

س6: ما الذي حل بالطفلة

 

 أقبلت بوادر هذا العيد وأصبحت الطفلة ذات يوم في شيء من الفتور والهمود لم يكد يلتفت إليه أحد والأطفال في القرى ومدن الأقاليم معرضون لهذا النوع من الإهمال ولاسيما إذا كانت الأسرة كثيرة العدد وربة البيت كثيرة العمل

 

س7: ما فلسفة النساء في القرى تجاه الأطفال

 

ولنساء القرى ومدن الأقاليم فلسفة آثمة وعلم ليس أقل منها إثما يشكو الطفل وقلما تعني به أمه 000 وأي طفل لا يشكو إنما يوم وليلة ثم يفيق ويبل فإن عنيت به أمه فهي تزدري الطبيب أو تجهله وهي تعتمد على هذا العلم الآثم علم النساء وأشباه النساء

 

س8: ما سبب فقدان الصبي لبصره

 

وعلى هذا النحو فقد صبينا عينيه أصابه الرمد فأهمل أياما ثم دعي الحلاق فعالجه علاجا ذهب بعينيه

 

س9: الإهمال سبب الكثير من المشاكل والآلام في القرية 00بين ذلك

 

وعلى هذا النحو فقدت هذه الطفلة الحياة ظلت فاترة هامدة محمومة يوما ويوما وهي ملقاة على فراشها في ناحية من نواحي الدار تعني بها أمها أو أختها من حين إلى حين تدفع إليها شيئا من الغذاء الله يعلم أكان جيدا أم رديئا والحركة متصلة في البيت:

 

 

 

س10: كانت الحركة متصلة في البيت بين ملامح ذلك

 

 يهيأ الخبز والخبز والفطير في ناحية وتنظيف المنظرة وحجرة الاستقبال في ناحية أخرى والصبيان في لهوهم وعبثهم والشبان في ثيابهم وأحذيتهم والشيخ يغدو ويروح ويجلس إلى أصابه آخر النهار وأول الليل0

 

 

س11: صف أحوال الطفلة حين شارفت على معاناة الموت

 

حتى إذا كان عصر اليوم الرابع وقف هذا كله فجأة وقف وعرفت أم الصبي أن شبحا مخيفا

يحلق على هذه الدار ولم يكن الموت قد دخل هذه الدار من قبل ولم تكن هذه الأم الحنون قد ذاقت لذع الألم الصحيح نعم كانت في عملها وإذا الطفلة تصيح يتصل ويزداد فتدع أخوات الطفلة كل شيء ويسرعن إليها والصياح يتصل ويشتد والطفلة تتلوى وتضطرب بين ذراعي أمها فيدع الشيخ أصحابه ويسرع إليها والصياح يتصل ويشتد والطفلة ترتعد ارتعادا منكرا ويتقبض وجهها ويتصبب العرق عليه0فينصرف الصبيان والشبان عما هم فيه من لهو وحديث ويسرعون إليها ولكن الصياح لا يزداد إلا شدة وإذا هذه الأسرة كلها واجمة مبهوتة محيطة بالطفلة لا تدرى ماذا تصنع ويتصل ذلك ساعة وساعة

 

 

س12:  ما موقف الشيخ والأم والشبان مما حل بالطفلة

 

فأما الشيخ فقد أخذه الضعف الذي يأخذ الرجال في مثل هذه الحال فينصرف مهمهما بصلوات وآيات من القرآن يتوسل بها إلى الله وأما الشبان والصبيان فيتسللون في شيء من الوجوم لا يكادون هم كذلك حيارى في الدار وأمهم جالسة واجمة تحدق إلى ابنتها وتسقيها ألوانا من الدواء لا أعرف ما هي والصياح متصل مشتد والاضطراب مستمر متزايد 0

 

س13: بين اللحظات الأخيرة في حياة الطفلة

 

ما كنت أحسب أن في الأطفال ولما يتجاوزوا الرابعة قوة تعدل هذه القوة وتأتي ساعة العشاء وقد مدت المائدة مدتها كبرى أخوات الصبي وأقبل الشيخ وبنوه فجلسوا إليها 0 ولكن صياح الطفلة متصل، فل تمد يد إلي طعام، وإنما يتفرقون جميعا وترتفع المائدة كما مدت، والطفلة تصيح وتضطرب, أمها تحدق إليها حينا وتبسط يدها إلى السماء حينا آخر وقد كشف عن رأسها وما كان من عاداتها أن تفعل ولكن أبواب السماء كانت قد أغلقت في ذلك من عادتها أن تفعل ولكن أبواب السماء كانت قد أغلقت في ذلك اليوم فقد سبق القضاء بما لا بد منه فيستطيع الشيخ أن يتلو القرآن وتستطيع هذه الأم أن تتضرع ومن غريب الأمر أن أحدا من هؤلاء الناس جميعا لم يفكر في الطبيب وتقدم الليل وأخذ صياح الفتاة يهدأ وأخذ صوتها يخفت وأخذت اضطرابها يخف وخيل إلى هذه الأم التعسة أن قد سمع الله لها ولزوجها وأن قد أخذت الأزمة تنحل وفي الحق أن الأزمة كانت قد أخذت تنحل وأن الله كان قد رأف بهذه الطفلة وأن خفوت الصوت وهدوء هذا الاضطراب كانا آيتي تنظر فإذا هدوء متصل لا صوت ولا حركة وإنما هو نفس خفيف شديد الخفة يتردد بين شفتين مفتحتين قليلا ثم ينقطع هذا النفس وإذا الطفلة قد فارقت الحياة ماذا كانت علتها ؟كيف ذهبت بحياتها هذه العلة ؟الله وحده يعلم هذا 0

 

 

س14: صف ما حل بالأم والأب بعد وفاة الطفلة

 

وهنا يرتفع صياح آخر ويتصل ويشتد وهنا يظهر اضطراب آخر ويتصل ويشتد ولكنه ليس صياح الطفلة ولا اضطرابها وقد أحست الثكل وإذا هي في جزع وهلع ينطق لسانها بألفاظ لا صلة بينها ويقطع الدمع صوتها تقطيعا وإذا هي تلطم خديها في عنف متصل وزوجها مائل أمامها لا ينطق لسانه بحرف وإنما تنهمر دموعه انهمارا وإذا الجارات والجيران قد سمعوا هذا الصياح فأقبلوا مسرعين فأما الشيخ فينصرف إلى الرجال يتقبل عزاءهم في قوة وجلد

 

 

س15: كيف كانت أحوال الإخوة

 

وأما الشبان والصبيان فيتفرقون في الدار قد قسمت قلوب بعضهم فنام ورقت قلوب بعضهم فسهر وأما الأم ففيما هي فيه من جزع وهلع أمامها ابنتها هامدة جامدة تولول وتخمش وجهها وتصك صدرها ومن حولها بناتها وجاراتها يصنعن صنيعا يولون ويخمشن الوجوه ويسككن الصدور حتى ينقض الليل كله وما أشد نكر هذه الساعة التي أقبل فيها بعض الناس واحتملوا الطفلة ومضوا بها إلى حيث لا تعود كان ذلك اليوم الأضحى

 

 

س16:كيف تحولت الأفراح إلى أتراح

 

 وكانت الدار قد هيئت للعيد وكانت الضحايا قد أعدت فيا له من يوم ويا لها من ضحايا ويا نكرها من ساعة حين عاد الشيخ إلى داره مع الظهر وقد وارى ابنته في التراب0000

 

 

س17: لم اتصلت الأسرة بالأحزان

 

منذ ذلك اليوم اتصلت الأواصر بين الحزن وبين هذه الأسرة فما هي إلا أشهر حتى فقد الشيخ أباه الهرم 0 وما هي إلا أشهر أخرى حتى فقدت أم الصبي أمها الفانية وإنما هو حداد متصل وألم يقفو  بعضه بعضا منه اللاذع ومنه الهادئ حتى كان هذا اليوم المنكر الذي لم تعرف الأسرى يوما مثله والذي طبع حياتها بطابع من الحزن لم يفارقها والذي ابيض له شعر الأبوين جميعا والذي قضى على هذه الأم أن تلبس السواد إلى آخر أيامها وألا تذوق للفرح طعما ولا تضحك إلا بكت إثر ضحكها ولا تنام حتى تريق بعض الدموع ولا تفيق فاكهة حتى تطعم منها  الفقراء والصبيان ولا تبتسم ليع ولا تستقبل يوم سرور إلا وهي كارهة راغمة0  

 

س18: بين أحوال الناس حين انتشر مرض الكوليرا

 

كان هذا اليوم يوم 21 أغسطس من سنة 1902 وكان الصيف منكرا في هذه السنة 0 وكان وباء الكوليرا قد هبط مصر ففتك بأهلها فتكا ذريعا ودمر مدنا وقرى ومحا أسرا كاملة0 وكان " سيدنا " قد أكثر من الحجب وكتابة المخلفات، وكانت المدارس والكتاتيب قد أقفلت، وكان الأطباء ورسل مصلحة الصحة قد انبثوا في الأرض ومعهم أدواتهم وخيامهم يحجزون فيها المرضى، وكان الهلع قد ملأ النفوس واستأثر بالقلوب، وكانت الحياة

قد هانت على الناس وكانت كل أسرة تتحدث بما أصاب الأسر الأخرى وتنتظر حظها من المصيبة

 

س19: لماذا كانت أم الصبي في هلع مستمر

 

وكانت أم الصبي في هلع مستمر وكانت تسأل نفسها ألف مرة في كل يوم بمن تنزل النازلة من أبنائها وبناتها

 

س20: بم تصف ابن الثامنة عشرة

 

  وكان لها ابن في الثامنة عشرة، جميل المنظر رائع الطلعة نجيب ذكي القلب وكان أنجب الأسرة وأذكاها وأرقها قلبا وأصفاها طبعا وأبرها بأمه وأرأفها بأبيه وأرفقها بصغار إخوته وأخواته وكان مبتهجا دائما وكان قد ظفر بشهادة " البكالوريا" وانتسب إلى مدرسة الطب وأخذ ينتظر آخر الصيف ليذهب إلى القاهرة فلما كان هذا الوباء اتصل بطبيب المدينة وأخذ يرافقه ويقول : إنه يتمرن على صناعته ، حتى كان يوم 21 أغسطس 0 أقبل الشاب آخر هذا اليوم كعادته باسما فلاطف أمه وداعبها وهدأ من روعها وقال : لم تصب المدينة اليوم بأكثر من عشرين إصابة وقد أخذت وطأة الوباء تخف ولكنه مع ذلك شكا من بعض الغثيان وخرج إلى أبيه فجلس إليه وحدثه كعادته ثم ذهب إلى أصحابه فرافقهم إلى حيث كان يذهب معهم في كل يوم عند شاطئ الإبراهيمية فلما كان أول الليل عاد وقضى ساعة في ضحك وعبث مع إخوته وفي هذه الليلة زعم لأهل البيت جميعا أن في أكل الثوم وقاية من الكوليرا وأكل الثوم وأخذ كبار أخواته وصغارهم بالأكل منه وحاول أن يقنع أبويه بذلك فلم يوفق

 

 

 

س21: كيف أصاب الذعر البيت والأهل وما السبب

 

 0وكانت الدار هادئة مغرقة في النوم كبارها وصغارها وحيوانها عندما انتصف الليل ولكن  صيحة غريبة ملأت هذا الجو الهادىء فهب لها القوم جميعا فأما الشيخ وزوجته فكانا في الدهليز المنبسط الذي تظله السماء يدعوان ابنهما باسمه أما الشبان من أهل الدار فكانوا يثبون من فراشهم مسرعين إلى حيث الصوت وأما الصبيان فكانوا يجلسون يحكمون أعينهم بأيديهم يحاولون أن يتبينوا في شئ من الهلع من أين يأتي الصوت وما وماذا كانت الحركة الغريبة ؟

وكان مصدر هذا كله صوت هذا الفتى وهو يعالج القيء وكان الفتى قضى ساعة أو ساعتين يخرج من الحجرة على أطراف قدميه ويمضي إلى الخلاء ليقيء مجتهدا ألا يوقظ أحدا حتى إذا بلغت العلة منه أقصاها لم يملك نفسه ولم يستطع أن يقيء في لطف فسمع أبوه هذه الحشرجة ففزعا لها وفزع معها أهل الدار جميعا0 إذن فقد أصيب الشاب ووجد الوباء طريقه إلى الدار وعرفت أم الفتى أبناءها تنزل النازلة

 

 

س22: لماذا كان موقف الشيخ خليقا بالإعجاب

 

 لقد كان الشيخ في تلك الليلة خليقا بالإعجاب حقا كان هادئا رزينا مروعا مع ذلك ولكنه يملك نفسه وكان في صوته شئ يدل على أن قلبه مفطور وعلى أنه مع ذلك جلد مستعد لاحتمال النازلة 0آوى ابنه إلى حجرته وأمر بالفصل بينه وبين بقية إخوته وخرج مسرعا فدعا جارين من جيرانه وما هي إلا ساعة حتى عاد ومعه الطبيب0

 

 

س23: الأم بين حالين000 بين ذلك

 

وفي أثناء ذلك كانت أم الفتى مروعة جلدة مؤمنة تعني بابنها حتى إذا أمهله القئ خرجت إلى الدهليز فرفعت يدها ووجهها إلى السماء وفنيت في الدعاء والصلاة حتى تسمع حشرجة القئ فتسرع إلى ابنها تسنده إلى صدرها وتأخذ رأسه بين يديها ولسانها مع ذلك لا يكف عن الدعاء والابتهال ولم تستطع أن تحول بين الصبيان والشبان وبين المريض فملؤا عليه الحجرة وأحاطوا به واجمين وهو يداعب أمه كلما أمهله القيء ويعبث مع إخوته 0

 

 

س24: ماذا حدث بعد مجيء الطبيب

 

 حتى إذا جاء الطبيب فوصف ما وصف وأمر بما أمر وانصرف على أن يعود مع الصبح لزمت أم الفتى حجرة ابنها وجلس الشيخ قريبا من هذه الحجرة واجما لا يدعوا ولا يصلي ولا يجيب أحدا من الذين كانوا يتحدثون إليه0وأقبل الصبح بعد الليل

 

 

س25: بين حال الولد في الصباح

 

 وأخذ الفتى يشكو ألما في ساقيه وأقبلت إليه أخواته يدلكن له ساقيه وهو يشكو صائحا مرة كأنما ألمه ومرة أخرى القيء بجهده ويخلع في الوقت نفسه قلب أبويه وقضت الأسرة كلها صباحا لم تقض مثله قط صباحا واجما مظلما فيه شئ مفزع مروع

 

 

س26: توافد الناس خارج الدار ناقش ذلك

 

فأما خارج الدار فكان يزدحم بالناس أقبلوا إلى الشيخ يواسونه وأما داخل الدار فكان يزدحم بالنساء أقبلن يواسين أم الفتى وكان الشيخ وزوجته عن أولئك وهؤلاء في شغل قد طلب أن يبرق إلى أخيه الأزهري في القاهرة وإلى عمه في أعلى الإقليم وكان يطلب الساعة من حين إلى حين ينظر فيها كأنه يتعجل الوقت وكأنه يشفق أن يموت دون أن يرى أخاه الشاب وعمه الشيخ يا لها من ساعة منكرة هذه الساعة الثالثة من الخميس 21 أغسطس سنة 1902

 

س27: لم انصرف الطبيب يائسا

 

انصرف الطبيب من الحجرة يائسا وكأنه قد أسر إلى رجلين من أقرب أصحاب الشيخ إليه بأن الفتى يحتضر فأقبل الرجلان حتى دخلا الحجرة على الفتى ومعه أمه ظهرت في هذا اليوم لأول مرة في حياتها أمام الرجال0

 

س28: كيف كان الفتى قبل اللحظات الأخيرة

 

والفتى في سريره يتضور يقف ثم يلقى بنفسه ثم يجلس ثم يطلب الساعة ثم يعالج القيء وأمه واجمة والرجلان يواسيانه وهو يجيبهم: لست خيرا من النبي 0 أليس النبي قد مات ويدعو أباه يريد أن يواسيه فلا يجيبه الشيخ 0 وهو يقوم ويقعد ويلقى نفسه في السرير مرة ومن دون السرير مرة أخرى 0 وصبينا منزو في ناحية من هذه الحجرة، واجم كئيب دهش يمزق الحزن قلبه تمزيقا0ثم ألقى الفتى نفسه على السرير وعجز عن الحركة، وأخذ يئن أنينا يخفت من حين إلى حين وكان صوت هذا الأنين يبعد شيئا فشيئا وإن الصبي لينسى كل شئ قبل أن ينسى هذه الأنة الأخيرة التي أرسلها الفتى نحيلة ضئيلة طويلة ثم سكت في هذه اللحظة نهضت أم الفتى وقد انتهى صبرها ووهى جلدها، فلم تكد تقف حتى هوت أو كادت، وأسندت الرجلان فتمالكت نفسها وخرجت من الحجرة مطرقة ساعية في هدوء حتى إذا جاوزتها انبعثت صدرها شكاة لا يذكرها الصبي إلا انخلع لها قلبه انخلاعا واضطرب الفتى قليلا ومرت في جسمه رعدة تبعها سكوت الموت

 

س29:بين مراسم الدفن في القرية

 

وأقبل الرجلان إليه فهيئاه وعصباه وألقيا على وجهه لثاما وخرجا إلى الشيخ ثم ذكر أن الصبي منزو وفي ناحية من نواحي الحجرة فعاد أحدهما إليه فجذبه جذبا وهو ذاهل حتى انتهى به إلى مكان بين الناس فوضعه فيه كما يوضع الشيء

وما هي إلا ساعة أو بعض ساعة حتى هييء الفتى للدفن وخرج الرجال به على أعناقهم0

فيا للقضاء ما كادوا يبلغون به باب الدار حتى كان أول من لقي النعش هذا العم الشيخ الذي كان الفتى يتمهل الموت دقائق ليراه0

 

 

س30: كيف سيطر الحزن على الدار

 

من ذلك اليوم استقر الحزن العميق في هذا الدار وأصبح إظهار الابتهاج أو السرور بأي حادث من الحوادث شيئا ينبغي أن يتجنبه الشبان والأطفال جميعا0من ذلك اليوم تعود الشيخ ألا يجلس إلى غدائه ولا إلى عشائه حتى يذكر ابنه ويبكيه ساعة أو بعض ساعة وأمامه امرأته تعينه على البكاء ومن حوله أبناؤه وبناته يحاولون تعزية هذين الأبوين فلا يبلغون منهما شيئا فيجهشون جميعا بالبكاء من ذلك اليوم تعودت هذه الأسرة أن تعبر النيل إلى مقر الموتى من حين إلى حين وكانت من قبل ذلك تعيب الذين يزورون الموتى0

 

 

س31: ما أثر أحداث الموت والحزن الدائم على الفتى

 

 

ومن ذلك اليوم تغيرت نفسيه صبينا تغيرا تاما 00 عرف الله حقا وحرص على أن يتقرب إليه بكل ألوان التقرب بالصدقة حينا وبالصلاة حينا آخر 0 وبتلاوة القرآن مرة ثالثة ولقد شهد الله ما كان يدفعه إلى ذلك خوف ولا إشفاق ولا إيثار للحياة 0

 

 

س32:كيف أراد الفتى أن يحط عن أخيه بعض السيئات

 

ولكنه كان يعلم أن أخاه الشاب كان من أبناء المدارس، وكان يقصر في أداء واجباته الدينية فكان الصبي يأتي ما يأتي من ضروب يريد أن يحط عن أخيه بعض السيئات كان أخوه في الثامنة عشرة من عمره وكان الصبي قد سمع من الشيوخ أن الصلاة والصوم فرض على الإنسان متى بلغ الخامسة عشرة فقدر الصبي في نفسه أن أخاه مدين لله بالصوم والصلاة ثلاثة أعوام كاملة وفرض الصبي على نفسه ليصلين الخمس في كل يوم مرتين: مرة لنفه ومرة لأخيه وليصومن من السنة شهرين: شهرا لنفسه وشهرا لأخيه وليكتمن ذلك عن أهله جميعا وليجعلن ذلك عهدا بينه وبين الله خاصة وليطعمن فقيرا أو يتيما مما تصل إليه يده من طعام أو فاكهة قبل أن يأخذ بحظه منه وشهد الله لقد وفي الصبي بهذا العهد أشهرا وما غير سيرته هذه إلا حين ذهب إلى الأزهر0

 

 

س33: كيف كان يقضي الصبي الليل

 

من ذلك اليوم عرف الصبي أرق الليل فكم أنفق سواد الليل كاملا يفكر في أخيه أو يقرأ سورة الإخلاص آلاف المرات ثم يهب ذلك لأخيه أو ينظم شعرا على نحو هذا الشعر الذي كان يقرؤه في كتب القصص يذكر فيه حزنه وألمه لفقد أخيه، معنيا بألا يفرغ من قصيدة حتى يصلي في آخرها على النبي، واهبا ثواب هذه الصلاة لأخيه 0

 

 

س34: ماذا يرى الفتى في أحلامه

 

نعم، ومن ذلك اليوم عرف الصبي الأحلام المروعة فقد كانت علة أخيه تتمثل له في كل ليلة واستمرت الحال كذلك أعواما ثم تقدمت به السن وعمل فيه الأزهر عمله فأخذت علة أخيه تتمثل له من حين إلى حين وأصبح فتى ورجلا، وتقلبت به أطوار الحياة وأنه لعلى ما هو عليه من وفاء لهذا الأخ يذكره ويراه فيما يرى النائم مرة في الأسبوع على أقل تقدير0

ولقد تعزى عن هذا الفتى إخوته, أخواته ونسيه من نسبه من أصحابه وأترابه وأخذت ذكراه لا تزور أباه الشيخ إلا لماما ولكن اثنين يذكرانه دائما وسيذكرانه أبدا أول الليل من كل يوم هما أمه وهذا الصبي0

المصدر: كتاب الوزارة معدل (س*ج)
adelabdelkader

مع صدق النية لنفعكم [ عادل عبد القادر ]

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1241 مشاهدة
نشرت فى 9 سبتمبر 2011 بواسطة adelabdelkader

ساحة النقاش

عادل عبد القادر

adelabdelkader
معلم خبير (لغة عربية ) مدرسة (إمبابة الثانوية الرسمية لغات) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

344,236