وراء كل عظيم امرأتان
لم ينم ليال طويلة ، فلقد أتم الرسالة وانتهى من عناء كتابتها ونسخها وفرح بكل ما فيها ، لكنه لم يكتب الاهداء حتى ليلة المناقشة انتابته حالة من القلق والتردد ، فتح غلاف الرسالة تصفح بعض الوريقات , فرح بكل شيء وصل إليه ، لقد منع نفسه النوم والراحة وكف يده عن الكتابة حتى لا تزيد الرسالة عن على أربعمائة صفحة . نكس رأسه حائرا بعد أن وقعت عينه على صفحة الاهداء لم يكن مكتوب فيها سوى كلمة إلى .........
ساورته الحيرة والتهمته نار القلق وبدا مشبكا أصابعه معا يضغط عليها بشدة أصدرت أصواتا منتظمة كحبات الأذرة في حلة الفيشار . حاول أن يتناسى هذا الاهداء ، فك أصابعه أمسك غلاف الرسالة أغلقه ببطء وهدوء شديدين ، ثبت نظرته على صورة معلقة إلى جدار الحجرة ، تذكر الجهد الذي بذلته معه زوجته في هذه الرسالة فلقد كانت تمده بكل الطاقات الحرارية ، لقد زاد وزنه ولم ينقص كعادة الباحثين قبض بكفه على معصمه فلم تتلاق مقدمة أصبعيه ، سأل نفسه .
- لماذا كل هذا الأرق ؟
في حركة لا إردية فتح درج المكتب أخرج صورة رمقها بنهم تلعثم مرر طرف إصبعه من أعلى الصورة إلى أسفلها ، أعاد بصره إلى الرسالة من جديد قرأ سطروا فيها . لم يقدر على مزاولة الخداع كثيرا . أغلق الرسالة ، نظر إلى الصورة كانت تنظر إليه وقد نثرت خصلات الشعر للأمام وللخلف .
كانت زوجته قد قالت له : سآتي لك ببعض السندوتشات غدا !
أكيد ستجوع !
كان قد اعترض عليها معللا بأن المناسبة لا تحتمل ، عبثت يده بالرسالة عبثت يده الأخرى بالبيجامة ، تخيلها قفطان المناقشة عدله فوق كتفيه . عدل وضع الساعة في يده كعادته ، وقع بصره على على هامش صفحة ، قرأ ما كتبه فيه لكنه قد نسي أن يكتب اسم مرجع ما ، ود لو كانت أمامه الآن ليسألها عنه ، حاول أن يتذكر لقد أعطته إياه مرة حين كانت معه أمس تذكر يدها الممتلئة الناعمة الملساء وهي تنساب في كتابة المراجع وهو يهرول حولها باحثا عن مراجع أخرى . ما زال يحتفظ بكل سطر كتبته له في قصاصة أو ورقة ، نظر إلى الرسالة ، نظر إليها نظر إلى صورة الحائط فتش في الأدراج بحثا عن ورقاتها المكتوبة بخطها ليجد اسم المرجع . دارت حول رأسه فكرة ،
ماذا لو ناقش الأعضاء معه غدا كتابة الإهداء ؟
انفرجت شفتاة فظهرت سنته البارزة ، كم كان يخلق المبررات لزوجته لعدم لبسه لدبلة الزواج ، كم حاول أن يؤجل ويهرب من حسنائه ، تكاد تتحرك كل واحدة منهما من صورتها وتكاد الشفاه تنطق تداخلت صورة كل واحدة في الأخرى لم يعد يفرق بين لون الشعر أو البشرة أو معنى النظرة
الحجرة صامتة إلا من حركاته المرتبكة ، بعضها عالى الضجة وبعضها سريع الإيقاع وبعضها متردد ، رنت في أذنيه كلمات التهنئة والصيحات والزغاريد وجموع الناس الملتفة حوله ، عدل من قامته ، خلع نظراته تنفس نفسا عميقا ملأ صدره احتضن الرسالة ثم وضعها أمامه على المكتب ببطء ولف حولها أصابعه ، فتح الغلاف أمسك ورقة الإهداء بيده المعروقة لم يراوده السؤال ولم يعد يؤرقه ( لمن سأكتب الإهداء ؟) مزق الورقة بحذر شديد حتى لا تبدو مقطوعة
كورها بأصابعه النحيفة ورماها بعيدا في زاوية الحجرة ووضع كفيه فوق الرسالة وحملها إلى صدره وضغط عليها بمعصميه
عادل عبد القادر
ساحة النقاش