في ظل الخطوات المتعثرة التي يخطوها جنوب السودان نحو الاستقلال في العام المقبل يستعد عمال نفط من الصينيين في اكبر دولة افريقية من حيث المساحة للتصدي للمشكلات.

أما بالنسبة لقرويين جنوبيين مثل ماريا جاندي فان الاضطرابات قائمة بالفعل.

فقد خطف رجال قبيلة الدنكا لفترة وجيزة جاندي واسرتها واكثر من عشر نساء واطفال في غارة الشهر الماضي اهلكت المحاصيل ومخزونات الطعام وقتلت خمسة رجال من قبيلتها منداري.

والفرق شاسع بين الامال التي تبلورت في جنوب السودان قبل خمسة اعوام عندما حمل اتفاق سلام مع الحكومة التي يهيمن عليها العرب في الخرطوم بشمال السودان وعدا بانهاء صراع امتد لاكثر من عشرين عاما.

وتهدف انتخابات ستجرى هذا الشهر واستفتاء على الانفصال بحلول يناير كانون الثاني الى تأمين مستقبل مستقر للجنوب بعد 22 عاما من الحرب الاهلية التي اودت بحياة مليوني شخص.

وفي المقابل بدأت تطفو على السطح النزاعات القديمة بين عشرات القبائل في الجنوب.

وقالت جاندي وهي تقف بجانب قدر تطهو فيها لحم ماعز نتنا تحت شجرة مانجو في تريكيكا التي تبعد 100 كيلومتر شمالي جوبا عاصمة جنوب السودان " اذا بقينا هنا فسنموت من الجوع. لا يوجد طعام."

وبينما كانت تتحدث راح توأماها اللذان يبلغان من العمر خمس سنوات يختبئان في طيات تنورتها الرثة وهو ما لا يمثل حماية تذكر من الامطار السنوية والبعوض الحامل للملاريا المنتظر ان يتدفق بأعداد كبيرة خلال ايام.

وساندت مجموعة من الحكومات الاجنبية منها الولايات المتحدة وكينيا واوغندا وبريطانيا اتفاق السلام الشامل في السودان لعام 2005 والذي منح الجنوب حكما ذاتيا ونصف العائدات النفطية من الابار الواقعة على حدوده مع الشمال وطريقا للاستقلال من خلال استفتاء بحلول يناير كانون الثاني 2011.

ويعني تبادل الشك والنقد بين الخرطوم وجوبا قبيل الانتخابات التي ستجرى بين الحادي عشر والثالث عشر من ابريل نيسان ان اجراء الاستفتاء ليس مضمونا.

فاذا اجري فبات من شبه المؤكد ان ينفصل الجنوب ويعلن نفسه دولة مستقلة خلال ستة اشهر مما يجعل مستقبل المنطقة الغارقة في الفقر غير واضح تماما.

واسوأ السيناريوهات هو ان يستعر من جديد العداء بين الشمال والجنوب والذي يمزق السودان حتى قبل استقلاله عن بريطانيا عام 1956 ويعيد اشعال حرب اهلية من شأنها ان تزعزع استقرار شرق افريقيا وتوقف انتاج النفط من ثالث اكبر منتج له في افريقيا جنوب الصحراء.

والسيناريو الثاني الذي تفضله الولايات المتحدة هو ان يتفاوض الجنوب على "طلاق مدني" لا على حرب اهلية مع الخرطوم مما يكفل عوائد نفطية بمليارات الدولارات يمكن ان يستغلها في ان يخرج نفسه من حالة توقف التنمية الناجمة عن الحرب.

وبموجب هذا السيناريو ستتدفق الاستثمارات الاجنبية التي ستطور احتياطيات النفط المأمولة في انحاء المنطقة وستنشأ مزارع ومصائد حديثة تتغذى من مياه النيل وروافده.

بل جمح الخيال بالوزراء الجنوبيين الى حد الحديث عن افواج من السائحين الاجانب تتوافد لتشاهد هجرات الحيوانات البرية التي يقال انها تنافس الموجودة في غابات ماساي مارا في كينيا.

ويشير التاريخ الى ان المتفائلين في جنوب السودان - وهي منطقة في حجم تكساس ويقدر سكانها بما بين ثمانية وثلاثة عشر مليون نسمة - من المرجح ان يكونوا على خطأ اكثر منه على صواب. فعودة الحرب ليست مستبعدة.

ففي السنوات الخمس التي تلت اتفاق السلام ذهبت اموال النفط التي الت للجنوب وتتجاوز ملياري دولار في العام لدفع رواتب الموظفين والجيش الشعبي لتحرير السودان وهو حركة جنوبية متمردة تحولت الى حكومة للجنوب.

لكن الجيش الجنوبي الذي انقذ جنوده جاندي واسرتها من خاطفي الدنكا انفق ايضا بعض الاموال على اعادة التسلح وذلك طبقا لتقرير لمؤسسة (مسح الاسلحة الصغيرة) المعنية بمراقبة تجارة الاسلحة حول العالم.

ويقدر المسح ان الجنوب اشترى اكثر من 100 دبابة تعود للحقبة السوفيتية ومدافع مضادة للطائرات وقاذفات صواريخ وعشرة الاف بندقية كلاشنيكوف بين 2007 و 2009 مشيرا الى صور الاقمار الصناعية وتقارير عن شحنات الاسلحة من اوكرانيا عبر كينيا.

ولم يخرق مثل هذا التدفق حظرا للاسلحة اتفق عليه الجانبان فحسب بل يضمن ايضا ان تتجاوز اثار اي صراع حدود جنوب السودان.

والى جانب ما تردد عن شراء الشمال اسلحة من الصين وايران وروسيا البيضاء فقد اصابت انباء شراء الجنوب للاسلحة شركات النفط الصينية والهندية والماليزية بالتوتر. وتدير هذه الشركات حقول جنوب السودان التي تقع قرب الحدود غير الرسمية.

ففي حال اندلاع صراع فلن يكون امامها من خيار يذكر سوى وقف الانتاج من بلد يعتبر رابع او خامس مزود للصين بالنفط في اغلب عام 2009.

وذكر مصدر صناعي مقرب من العمليات النفطية الصينية في السودان ان شركة البترول الوطنية الصينية (سي.ان.بي.سي) اكبر لاعب اجنبي في صناعة النفط السودانية بحصة تقارب 40 في المئة "تأمل في الافضل لكنها تستعد للاسوأ".

وقال المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته "ان تصويتا على استقلال الجنوب من المرجح ان يؤدي الى اشتباكات بين الشمال والجنوب وهو اسوأ السيناريوهات التي لا نود ان نراها."

واضاف المصدر انه ليس امام الشركة الصينية من خيار سوى ان "توقف الانتاح وتجلي عمالها البالغ عددهم الفي شخص في الخرطوم والحقول النفطية."

غير ان محللين يقولون انه لا الشمال ولا الجنوب لديه الكثير ليكسبه من استئناف الاعمال القتالية. فتعطل صادرات النفط سيوقف اموالا تمثل طوق نجاة لكلتا الحكومتين الان وفي المستقبل المنظور.

وقال زاتشاري فيرتين محلل شؤون السودان بالمجموعة الدولية لمعالجة الازمات في نيروبي "بقدر ما كان النفط مصدرا كبيرا للصراع في الماضي فانه يمثل اكبر عامل منفرد يمكن ان ينزع فتيل تجدد الصراع اذا استطاع الطرفان الاتفاق على اقتسام الثروة."

ويمثل نفط الجنوب نصيب الاسد من مجمل انتاج السودان من الخام رغم ان الحصة الدقيقة تعتمد على الترسيم النهائي للحدود بين الشمال والجنوب في مناطق مثل ابيي وهي ايضا بالغة الحساسية بدرجة استثنتها من اتفاق 2005.

بيد ان ما هو اكثر اهمية للجنوب هو مرور كل انتاجه النفطي في خط انابيب عبر الشمال الى ميناء بورسودان على البحر الاحمر. ويعني هذا ان الخرطوم يمكنها اذا ارادت ان تقطع تدفق العائدات التي تمثل 98 في المئة من ميزانية الجنوب.

وفي هذه الحالة سيجد جنود الجيش الشعبي لتحرير السودان سريعا انفسهم دون رواتب مما يشير الى ان جنرالات الجنوب سيلاقون صعوبة في تعبئة اعداد كبيرة من القوات.

اما بالنسبة للشمال فان احتمال تعطل الانتاج او توقفه يمثل مصدر ازعاج مماثل تقريبا بالنظر الى ان النفط يمثل حاليا 45 في المئة من الميزانية الوطنية للسودان.

وقال وزير الشؤون الرئاسية في جنوب السودان لوكا بيونج دينق ان الجانبين يعرفان جيدا ما سيخسرانه.

وقال لرويترز "السلام هدفنا المشترك لانه لا احد سيستفيد من العودة للحرب او رؤية اي طرف ينهار."

ودعمت الولايات المتحدة الجنوب دعما واسعا فيما يرجع بشكل اساسي الى كرهها للرئيس السوداني عمر حسن البشير المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم ضد الانسانية المزعوم ارتكابها في اقليم دارفور بغرب السودان.

لكن محللين يقولون ان واشنطن لن تكون راغبة في التحيز لطرف في هذا الصراع البالغ التعقيد بقلب افريقيا وستركز على الارجح على تجنب تفجر حرب جديدة بين الشمال والجنوب والابقاء على جنوب مستقل موحد يقف على قدميه.

وقال السفير الامريكي السابق في اثيوبيا ديفيد شين لرويترز "اتصور ان الولايات المتحدة تفضل وحدة السودان طوال الوقت.

"لكن عليك ان تضع خططا لسودان مقسم ثم تأمل فحسب الا ينقسم الى اكثر من جزئين."

ورغم دروس التاريخ الا ان المستثمرين الاجانب ومصالح الاعمال ابتداء من ثاني اكبر شركة للجعة في العالم الى سائقي سيارات الاجرة المغامرين من اوغندا وكينيا يراهنون على مستقبل مشرق للجنوب.

فجوبا ذات الخليط الفوضوي من المباني سابقة التجهيز والاكواخ الخشبية على ضفاف النيل تشتهر بأنها احدى اسرع مدن العالم نموا رغم عدم وجود فكرة حقيقية عن وتيرته.

ويتردد على نطاق واسع ان سكانها يبلغون 300 الف نسمة وهو ما يزيد ثلاث مرات عن مجملهم قبل خمسة اعوام.

يأتي الدليل الملموس بدرجة اكبر على النمو المتسارع من قوافل الشاحنات الكينية التي تنهب الطرق غير الممهدة في الجنوب والصنادل الاوغندية التي تسير في النيل حاملة كل شيء من الوقود والاسمنت الى زجاجات الويسكي من نوع جوني ووكر والتي تذهب للمتجر الوحيد في جوبا مقابل 300 دولار تقريبا للزجاجة الواحدة.

وتجعل وعثاء الطريق الى جوبا ووجود الالاف من عمال المساعدات الاجانب الذين يتلقون رواتب كبيرة وجني الموظفين الجنوبيين ثمار خمس سنوات من الثروة النفطية هذه المدينة احدى اكثر مناطق افريقيا غلاء في الاسعار.

فالغرفة الفندقية - وبدقة اكثر حاوية شحن تم تحويلها الى حجرة - تتكلف 130 دولارا في الليلة في حين يبلغ سعر زجاجة من الجعة المنتجة محليا 5 ر1 دولار حتى في اردأ كوخ على جانب الطريق.

لكن كل ذلك يعني ان هذه المكاسب الطائلة التي يحصدها الاشخاص المتمتعين بالجرأة وقوة الاحتمال كافية لحملهم على المخاطرة.

ويقول اموس نجاي وهو سائق سيارة اجرة من نيروبي يأمل أن يساعده العمل لمدة عام في جوبا على اقامة مشروعه الخاص للنقل بالشاحنات وهو احد سائقي سيارات الاجرة العديدين من كينيا في شوارع جوبا المليئة بالحفر "كسب 100 دولار في كينيا صعب لكنه سهل هنا../يمكن الحصول عليها في/ يوم عمل واحد فقط... لكن عليك ان تكون حريصا هنا حيث لا يوجد قانون سوى قانون الغاب."

وفتح كل من البنك التجاري الكيني اكبر بنك كيني من حيث الاصول ومنافسه اكويتي بنك فرعا له جوبا. كما ان البنك التجاري الاثيوبي يشترك مع نحو 25 مكتب صرافة في خدمة العمال الاجانب الراغبين في تحويل اموالهم الى نيروبي وكمبالا واديس ابابا.

وعلى مشارف جوبا بنت شركة المشروبات العالمية العملاقة ساب ميللر مصنعا للجعة بتكلفة 50 مليون دولار لخدمة السوق الاقل استغلالا في شرق افريقيا.

ومع اقتراب مرور عام على انشاء المصنع يعيش اصحابه حالة من السعادة الغامرة.

فكل اسبوع ينتج المصنع نحو مليون زجاجة من المشروبات الروحية والجعة من نوع (وايت بول) ويقولون انه في طريقه لتحقيق ارباح في خلال 18 شهرا من بداية التشغيل التجاري.

كما يحتاج رجال الاعمال والزعماء السياسيين في اوغندا وكينيا ازدهار جوبا لمواصلة توفير مصدر بديل لنمو اقتصادياتهم.

وذكر البنك المركزي الاوغندي ان التجارة غير الرسمية مع جنوب السودان تبلغ 170 مليون دولار في الشهر بما يمثل نحو 60 في المئة من مجمل الصادرات مما ادى الى دعم الشلن الاوغندي.

وبالمثل تعتزم شركتا سانغي الهندية للاسمنت وسيمتك الكينية انشاء مصنع للاسمنت بتكلفة 105 ملايين دولار في شمال غرب كينيا بهدف وحيد هو تزويد جنوب السودان بالاسمنت.

كما يتحدث البنك الدولي ومسؤولون حكوميون عن اهتمامات استثمارية من جانب دول الخليج للاستفادة بشكل خاص من الامكانات الزراعية الضخمة في الجنوب الخصب.

ومن اجل تلبية حاجات المستثمرين اقامت هيئة الاستثمار بجنوب السودان مكاتب انيقة وصفتها بانها مكاتب "النافذة الواحدة" لتخليص كافة الاجراءات الخاصة بالمستثمرين الاجانب.

ولكن حتى في اكثر لحظاتهم ايجابية يعترف القادة السياسيون في جوبا والدبلوماسيون الاجانب الجسورين بان جنوب السودان يواجه طريقا طويلا ووعرا كي يصبح دولة مستقلة.

ووفقا لمعايير كثيرة فانه اقل مكان على الارض من حيث معدلات التنمية. فسبعين في المئة من سكانه لا يستطيعون التمتع باي شكل من اشكال الرعاية الصحية ويلقى خمس النساء حتفهن اثناء الولادة ولا يكمل واحد من كل خمسة اطفال عامه الخامس.

وتشهد تجربة البنك الدولي في ادارة صندوق ائتماني بقيمة 526 مليون دولار نيابة عن المانحين الدوليين على المصاعب التي تواجه الاعمال في احدى اكثر المناطق وعورة في قارة تشتهر اصلا بوعورة تضاريسها.

وبحلول انتهاء تفويضه في يناير كانون الثاني مع الاستفتاء المقرر سيكون البنك قد وزع ثلثي الاموال التي تعهد بتوزيعها فحسب ومع ذلك يروج لذلك على انه انتصار.

والى جانب المساعدة في بناء حكومة من انقاض حركة متمردة قضى البنك كثيرا من وقته في خفض قيمة صفقات من متعاقدين اجانب يطلبون علاوات مخاطر فلكية للعمل في بلد حبيس دمرته الحرب.

وقال لورانس كلارك ممثل البنك لرويترز في مقره "بالحي الحكومي" الذي يضم مباني ادارية منخفضة الارتفاع اما سابقة التجهيز او بنيت على عجل "لا تقللوا تكاليف وضع استثمارات في جنوب السودان.

"لدينا نصيبنا الكامل من المناقصات الخاصة بالمدارس او المباني التي ترتفع تكاليفها بما بين 200 و300 في المئة عنها في دول مجاورة مثل كينيا واوغندا."

واضاف "في ليبيريا اعتدت ان ارى ارتفاع النسبة 150 في المئة او 200 في المئة وكنت اعتقد انها 'ياللهول ' (باهظة) لكن جنوب السودان اكبر حتى من ذلك. يرجع ذلك للطبيعة الجغرافية لكنه ايضا ناجم عن علاوة مخاطر الخروج من الحرب. هل حكم القانون مطبق بشكل كامل.. هل الوضع الامني مريح بدرجة كافية.."

وعلاوة على ذلك يرجح ان يكون الجنوب قد استوعب بعض الديون الخارجية الهائلة المستحقة على الشمال التى تراكمت عبر عقود من الحرب والعزلة الدولية والتي يقدرها البنك الدولي بثلاثين مليار دولار اي بما يكافيء نصف الانتاج السنوي للبلاد.

والى ان تعاد هيكلة هذه الديون - وسيكون ذلك في جميع الاحتمالات خلال عامين - يرجح ان يبقى المستثمرون الاجانب ومتعددو الجنسيات على حذرهم.

فشركة النفط الفرنسية العملاقة توتال على سبيل المثال حصلت منذ سنوات على امتياز للتنقيب في مساحات ضخمة من المناطق السفلى في الجنوب لكنها لم تفعل شيئا حتى الان.

وما يضيف الى حالة عدم وضوح الرؤية جدول زمني سياسي بالغ الطموح.

فحتى قبل الاستفتاء سيتعين على الشمال والجنوب الاتفاق على الحدود التي كانت قبل خمس سنوات مثار نزاع شديد لدرجة جعلت من الصعب التعامل معها بشكل كامل واتخاذ قرار بشأن الجنسية وحقوق مئات الالاف من السكان الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال.

واذا اعطي لشعبها الضوء الاخضر للانفصال.. فسيتعين على جوبا ايضا ان تتفاوض على اتفاق بشأن ايرادات النفط مع الخرطوم وان تتخذ قرارا بشأن عملتها الجنيه السوداني وان تعيد التفاوض على مجموعة من الاتفاقات الدولية.

ومما يمثل مصدر كدر للقادة الجنوببين ان بعض الدبلوماسيين الاجانب بدأوا في اعادة النظر في امكانية تأجيل اي اعلان للانفصال لاتاحة الوقت للاستعداد لاقامة دولة.

غير ان نزاعات القبائل المتناحرة هي التي ربما تشكل التهديد الاكبر لمستقبل الجنوب كدولة مستقلة.

فالغارة التي شنتها الدنكا اكبر جماعة عرقية في الجنوب الشهر الماضي على تريكيكا كان من شأنها ان تحدث في اي وقت في القرون الخمسة الماضية نظرا الى العدد الضخم من القبائل وعادة النزاع على الماشية والارض والمياه.

لكن المحاربين يستخدمون الان بنادق الية لا حرابا.

وبدلا من ان تخف حدة العنف مع اقتراب الاستفتاء زادت على ما يبدو حيث قال محللون ان عددا كبيرا بلغ 2500 شخص قتلوا عام 2009 في معارك بين رعاة الماشية من الجماعات العرقية المختلفة.

ويقدر المركز النرويجي للاجئين وهو وكالة للمعونات ان 390 الف شخص فروا من منازلهم العام الماضي مقارنة مع 187 الفا في 2008.

وكلما وقعت مثل هذه الغارات لمسافات ابعد ناحية الجنوب بات اصعب على جوبا ان تنحو باللائمة على الخرطوم في تأجيج التوتر بين الجماعات في ولايات الجنوب العشر.

والى ان تنهي الحكومة الغارات والقتال لن يكون لدى الجنوبيين حافز يذكر لزرع محاصيل او البدء في مشروعات صغيرة تاركين الاقليم على حافة نقص الغذاء واحتمالات ضعيفة للنمو الى الابد.

وقال مايكل المكويست رئيس (فريق المانحين المشترك) في جوبا "عندما تتحدث حكومة جوبا عن الامن فان مبعث قلقهم الاول هو علاقتهم مع الشمال. لكن مسؤولين من الولايات يقولون ان الاقتتال القبلي الداخلي هو شاغلهم الاكبر."

وربما كان لبرنامج لنزع الاسلحة يهدف الى الحد من العنف عن طريق خفض عدد الاسلحة المتداولة الاثر العكسي حيث اصبحت القبائل التي نزعت اسلحتها مثل منداري اهدافا سهلة لجاراتها كاملة العدة والعتاد.

وقال راع للماشية يدعى جوزيف مودي في مركز صحي يتسم بالبساطة في تريكيكا حيث كان يعالج من جروح ناجمة عن طلق ناري في مرفقه الايسر "ركضنا فحسب. لم يكن لدينا اسلحة لانها نزعت منا."

وكان بجانبه صديقه جيمس واني الذي اصيب بطلقة في الرئة يجلس في صمت حيث ان الكلام لا يزال مؤلما بالنسبة له.

وتمثل الشكوك - التي تنفيها حكومة جوبا بشدة - في ان عملية نزع الاسلحة طرحت لصالح الدنكا تهديدا كبيرا لوحدة مضطربة بنيت بشكل اساسي على الخوف من الخرطوم والنفور منها.

وفي ظل امكانية قضاء الانفصال على تهديد هيمنة العرب تزيد مخاطر انفصال الجنوب على اساس قبلي.

وقال كليمنت مارينج صمويل مفوض الحركة الشعبية لتحرير السودان في تريكيكا "نحاول ننأى بانفسنا عن العرب بسبب التهميش.

"لكن اذا لم تحسن الدنكا التصرف فسننفصل مرة اخرى."

من ايد كروبلي

abualazm

لا إله إلا الله محمد رسول الله

  • Currently 90/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
30 تصويتات / 203 مشاهدة
نشرت فى 2 مايو 2010 بواسطة abualazm

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

29,745