قال ابن إسحاق : قال الزهري : وحدثني سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب ، فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران ، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ووالله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى ، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات .


 

موازنة بين عمر وبين أبي بكر

 

وأما جزع عمر رضي الله عنه وقوله والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وليرجعن كما رجع موسى عليه السلام حتى كلمه أبو بكر رحمه الله وذكره بالآية فعقر حتى سقط إلى الأرض وما كان من ثبات جأش أبي بكر وقوته في ذلك المقام ففيه ما كان عليه الصديق رضي الله عنه من شدة التأله وتعلق القلب بالإله ولذلك قال لهم من كان يعبد محمدا ، فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت . ومن قوة تألهه - رضي الله عنه - حين أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على رد جيش أسامة حين رأوا الردة قد استعرت نارها ، وخافوا على نساء المدينة وذراريها ، فقال والله لو لعبت الكلاب بخلاخل نساء المدينة ، ما رددت جيشا أنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه عمر وأبو عبيدة وسالم مولى أبي حذيفة ، وكان أشد شيء عليه أن يخالف رأيه رأي سالم فكلموه أن يدع للعرب زكاة ذلك العام تألفا لهم حتى يتمكن له الأمر فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتألفهم وكلمه عمر أن <!--PageNo>444</PageNo-->يولي مكان أسامة من هو أسن منه وأجلد فأخذ بلحية عمر وقال له يا ابن الخطاب أتأمرني أن أكون أول حال عقدا عقده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لأن أخر من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أحب إلي من أن أمالئكم على هذا الرأي وقال لهم والله لو أفردت من جميعكم لقاتلتهم وحدي حتى تنفرد سالفتي ، ولو منعوني عقالا ، لجاهدتهم عليه أوفي شك أنتم أن وعد الله لحق .

وإن قوله لصدق وليظهرن الله هذا الدين ولو كره المشركون . ثم خرج وحده إلى ذي القصة حتى اتبعوه وسمع الصوت بين يديه في كل قبيلة ألا إن الخليفة قد توجه إليكم الهرب الهرب حتى اتصل الصوت من يومه ببلاد حمير ، وكذلك في أكثر أحواله رضي الله عنه كان يلوح الفرق في التأله بينه وبين عمر رضي الله عنهما ، ألا ترى إلى قوله حين قال النبي صلى الله عليه وسلم سمعتك وأنت تخفض من صوتك يعني في صلاة الليل فقال قد أسمعت من ناجيت ، وقال للفاروق سمعتك وأنت ترفع من صوتك ، فقال كي أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان .

قال عبد الكريم بن هوازن القشيري وذكر هذا الحديث انظروا إلى فضل الصديق على الفاروق هذا في مقام المجاهدة وهذا في بساط المشاهدة وكذلك ما كان منه يوم بدر وقد ذكرنا مقالته للنبي عليه السلام ذلك اليوم وهو معه في العريش وكذلك في أمر الصدقة حين رغب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها ، فجاء عمر بنصف ماله وجاء الصديق بجميع ماله فقال له النبي عليه السلام ما أبقيت لأهلك قال الله ورسوله وكذلك فعله في قسم الفيء حين سوى بين المسلمين وقال هم إخوة أبوهم الإسلام فهم في هذا الفيء أسوة وأجور أهل السوابق على الله . وفضل عمر في قسم الفيء بعضهم على بعض على حسب سوابقهم ثم قال في آخر عمره لئن بقيت إلى قابل لأسوين بين الناس وأراد الرجوع إلى رأي أبي بكر ذكره أبو عبيد رضي الله عنه وعن جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

  • Currently 337/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
110 تصويتات / 2908 مشاهدة
نشرت فى 9 مايو 2009 بواسطة abrihem

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

19,021