تراويح 25 رمضان : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ، الآداب في الإسلام . - لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

 

في الإسلام عقائد و معاملات و عبادات و آداب :

 

أيها الأخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا ، آية اليوم :

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11)  ﴾ .

( سورة المجادلة)

أيها الأخوة ،  كما تعلمون جميعاً في الإسلام عقائد وهي أخطر شيء في الإسلام ، إن صحت صحّ العمل ، وفي الإسلام عبادات بعضها شعائري وبعضها تعاملي ، وفي الإسلام معاملات ، أحكام الزواج والطلاق ، والقرض ، والحوالة ، والكفالة ، وما إلى ذلك ، وفي الإسلام آداب هذه الآية من فرع الآداب :

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا (11)  ﴾ .

( سورة المجادلة)

يعني اسمح لأخيك أن يجلس إلى جانبك ، افسح له قليلاً ، تلطف به ، وإذا أردتم التوسع في هذه الآية القرآن الكريم على إطلاقه ، تمشي أنت في مركبة رأيت من يحاول أن يتجاوزك ، حينما يبدأ بالتجاوز ترفع السرعة إلى أن تحرجه ، لماذا ؟ افسح له ليتجاوزك ، يعني كلما وجدت لأخيك حاجة حققها له ، هذا هو المؤمن ، أما هذا التنافس وهذا التزاحم وهذه الأثرة ليست من صفات المؤمن ، والحقيقة هذا ينقلنا إلى الآداب في الإسلام .

 

الآداب في الإسلام :

 

هناك آداب للطعام ، آداب للجلوس ، آداب في الطريق ، آداب في استقبال الضيف ، آداب في توديعه ، آداب في الزواج ، آداب في السفر ، آداب في السفر ، آداب في الحضر ، آداب في الحج ، آداب في العمرة ، كما أقول هناك عقائد وعبادات ومعاملات لكن الآداب تشغل حيزاً كبيراً جداً في الإسلام ، المؤمن جلسته فيها أدب ، مشيه فيه أدب ، يرتدي ثيابه بأدب ، هذه كلها آداب ، لكن لو أردتم أن تقفوا على أدب النبي عليه الصلاة والسلام ، الذي يقال دائماً ما هذا الأدب يا رسول الله ؟ ورد في بعض الكتب أنه قال أدبني ربي فأحسن تأديبي .

كان عليه الصلاة والسلام جمّ التواضع ، شديد التواضع كواحد من أصحابه ، دخل عليه أعرابي ، قال : أيكم محمد ؟ ماذا تفهم من هذا النص ؟ ليس له ولا ميزة ولا ميزة واحد من أصحابه ، هناك روايتان الأولى تقول قال أنا وفي رواية ثانية تقول :

قال له صحابي ذاك الوضيء .

كان واحداً من أصحابه ، إذا دخل بيته واحداً من أهله ، كان يقول :

((  فإنهن المؤنسات الغاليات )) .

[ الحاكم والطبراني عن عقبة بن عامر بسند ضعيف ]

 

من أدب النبي عليه الصلاة والسلام أنه :

 

 

1 ـ كان جم التواضع وافر الأدب :

لقد كان النبي عليه الصلاة والسلام جم التواضع ، وافر الأدب ، ما سحب يده ممن يصافحه ، يبدأ الناس بالسلام ، وينصرف بكله إلى محدثه ، أحياناً تجلس مع إنسان يقرأ جريدة ، يتشاغل عنك ، وينصرف بكله إلى محدثه ، قال بعض الشعراء :

وتراه يصغي للحديث بسمعه وبقلبه ولعله أدرى به

***

2 ـ يبدأ الناس بالسلام وينصرف بكله إلى محدثه :

كان مستمعاً من أعلى أنواع الأدب في الاستماع ، كان جمّ التواضع ، وافر الأدب ، يبدأ الناس بالسلام ، وينصرف بكله إلى محدثه ، صغيراً كان أم كبيراً ، عن يمينه طفل عن يساره سيدنا الصديق ، جاءت ضيافة قال : يا غلام أتأذن لي أن أعطي هذا الإناء للصديق ؟ قال : لا آذن لك ، احترام الصغار ، هذا الصغير له حق ، حقه أن يشرب بعد النبي عليه الصلاة والسلام ، ما تنازل عن حقه بأدب .

سيدنا عمر مرّ في المدينة بأطفال لما رأوه هربوا ، إلا واحداً ، قال له : يا غلام لمَ لم تهرب مع من هرب ؟ قال : أيها الأمير لست ظالماً فأخشى ظلمك ، ولست مذنباً فأخشى عقابك ، والطريق يسعني و يسعك .

3 ـ آخر من يسحب يده إذا صافح :

ويكون آخر من يسحب يده إذا صافح ، هناك إنسان يصافح بثلاثة أصابع ، أما المؤمن بكل يده أهلاً وسهلاً يشد على يدك ، سلام حار في أدب ، وإذا تصدق وضع الصدقة بيديه في يد المسكين ، بيده مباشرة جبراً لخاطره .

4 ـ يجلس حيث ينتهي به المجلس :

وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس ، أنا لا أصدق معركة فيها قائد جيش هذا القائد هو زعيم الأمة ، هذا الزعيم هو رسول الله ، ألف صحابي وثلاثمئة راحلة ، قال : كل ثلاثة على راحلة ، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة ، سوى نفسه مع أقل جندي ، ركب الناقة فلما جاء دوره في المشي توسلا صاحباه أن يبقى راكباً قال : ما أنتما بأقوى مني على السير ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر .

5 ـ لم يرَ ماداً رجليه قط :

لم يرَ ماداً رجليه قط ، أدباً مع أصحابه ، أحياناً إنسان يجلس ويباعد بين رجليه منظر مزعج ، أو يضع رجلاً على رجل استعلاءً ، لم يرَ ماداً رجليه قط ، ولم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته ، علمنا أنه : برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله ، وبرئ من الكبر من حمل حاجته  بيده .

(( برئ من الشح من أدى زكاة ماله )) .

[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله ] .

مقاييس دقيقة .

6 ـ لم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجة وهو يحمل بضاعته بنفسه :

لم يكن يأنف من عمل لقضاء حاجته أو حاجة صاحب أو جار ، وكان يذهب إلى السوق ويحمل بضاعته بيده ويقول أنا أولى بحملها ، وكان يجيب دعوة الحر والعبد ، قال :

(( ولو دعيت إلى كراع لأجبت )).

[ أخرجه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس ] .

بظاهر المدينة لأجبت ، كراع يعني أيدي الأنعام ، أي أقل شيء باللحم الأيدي والأرجل ، ولو دعيت إلى كراع ، بظاهر المدينة بالغميم لأجبت ، وكان يجيب دعوة الحر والعبد ويقبل عذر المعتذر .

سيدنا حاطب بن بلتعة ، أرسل كتاباً إلى قريش إن محمداً سيغزوكم فخذوا حذركم ، خيانة عظمى ، قال: يا حاطب ما هذا ؟ قال : والله يا رسول الله ما كفرت ولا ارتددت ، وإني لصيق في قريش وإني موقن أن الله سينصرك ، أردت بهذا الكتاب أن تكون لي يد عندهم أحمي بها أهلي ومالي ، فقال عليه الصلاة والسلام : إني صدقته فصدقوه ، ولا تقولوا فيه إلا خيراً .

7 ـ قبوله عذر المعتذر :

أحياناً مع قوي لا يمكن أن يقبل عذراً ، لا يمكن أن يسترضى وكان يقبل عذر المعتذر .

8 ـ كان يرفو ثوبه بيده ويخسف نعله ويخدم نفسه ويعقل بعيره ويكنس داره :

كان يرفو ثوبه بيده ويخسف نعله ويخدم نفسه ويعقل بعيره ويكنس داره ، سيدنا الصديق كان يخدم جارة له عاجزة ، بحلب شياهها ، فلما تولى الخلافة أصاب هذا البيت حزن ، لأن هذه الخدمة لا يعقل أن تستمر ، ففي صبيحة توليه الخلافة طرق باب هذه العجوز ، الأم قالت لابنتها : يا بنيتي افتحِ الباب ، ثم قالت لها : من الطارق  ؟ قالت : جاء حالب الشاة يا أماه ، وهو في أعلى منصب من المسلمين ، هذا التواضع شيء مذهل ، وكان في مهنة أهله .

9 ـ كان يأكل مع الخادم ويقضي حاجة الضعيف والبائس :

كان يأكل مع الخادم ويقضي حاجة الضعيف والبائس .

10 ـ كان يمشي هوناً لا ينطق من غير حاجة :

يمشي هوناً خافض الطرف ، متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، لا ينطق من غير حاجة ، أحياناً تلاحظوا بعض الأخوة من يمتهن مهنة الحلاقة عشر ضربات مقص بالهواء ليأكل شعرة ، عشر جمل مالها معنى ، كلام فارغ كذب نفاق إلى أن يقول كلمة الحق ، كل عشرة واحد كان لا ينطق من غير حاجة ، طويل السكوت ، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم ، كلام مركز ، كلام بسيط قليل هادئ عميق ، تعلم من النبي عليه الصلاة والسلام  الكلام .

11 ـ لطيف عنده حياء و ملاحظة و ذوق :

كان لطيفاً عنده حياء ، عنده ملاحظة ، عنده ذوق ، أحياناً زوجته في بيت أهلها والساعة الثانية عشرة إلا ربع ليلاً ، وبيت أهلها بالطابق الرابع لا يتنازل ويصعد إلى بيت عمه يناديها ببوق السيارة ، يوقظ عشرين بيتاً ، أين الذوق ؟

12 ـ لا يهين أحداً طليق الوجه و يعظم النعم وإن دقت :

كان دمثاً ليس بالجاحف ولا المهين ، ما كان يهين أحداً ، كان يحذر الناس ويحترس منهم ، من غير أن يطوي بشره عن أحد ، طليق الوجه ، يعظم النعم وإن دقت ، يعني أن تشرب كأس ماء ، الذي معه فشل كلوي لا يستطيع أن يشرب كأس ماء لأنه يحتبس في جسمه ، يتمنى أن يشرب كأس ماء ، أن تشرب كأس ماء ، أن تدخل إلى بيت معك مفتاحه تؤوي إليه ، أن تأكل ما تشتهي بلا مشكلات مع صحتك ، كان يعظم النعم وإن دقت ولا يذم منها شيئاً ، كل منا يرى وجهه بالمرآة صباحاً لا ينسى فضل الله عليه :

(( اللهم كما حسنت خلقي فحسن خلقي )) .

[ الجامع الصغير بسند صحيح عن ابن مسعود ]

عينان ، أنف ، فم ، أسنان ، خد ، شعر ، الحمد لله ، ولا يذم مذاقاً ، أحياناً تدعي إنساناً مستعلياً مالحة ، هذه الأكلة لم تنجح معكم ، يخجل صاحب البيت ، عامل جهده ، عامل عشرين نوعاً ، هذه باردة ، هذه مالحة ، كان لا يذم مذاقاً ، هذه معروفة ، ولكن لا يمدحه ، يقول لك قشطة تجنن ، كوسايات مثل القطر ، كان لا يذم مذاقاً ولا يمدحه .

13 ـ لا تغضبه الدنيا و لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إنما يغضب لله وينتصر للحق :

لا تغضبه الدنيا ، ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط ولا تغضبه الدنيا ، ما دام في موت الموت ينهي كل شيء الموت ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، ينهي غنى الغني ، وفقر الفقير ، وينهي وسامة الوسيم ، ودمامة الدميم .

ولا يغضب لنفسه أبداً ، ولا ينتصر لها ، يغضب لله وينتصر للحق ، هذه كلها آداب ، اليوم درسنا درس آداب .

14 ـ إذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه :

إذا غضب أعرض وأشاح ، هناك إنسان يغضب ، يشتم ، يسب ، يضرب ، يكسر البلور ، يخبط الأبواب ، إذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، فرحه في أدب وغضبه في أدب .

15 ـ يؤلف و لا يفرق :

كان يؤلف ولا يفرق ، يتنازل بعد حين يزور أخته بالعيد ماذا أحضر لك بالعيد ؟ زوجها فقير وتحبه جداً وهو يحبها لكن فقير ، والله ما أحضر لي شيئاً ، والله كان يليق بك شخصاً غير هذا الشخص ، يخرج من عندها ، يأتي زوجها يجد وضعها متغيراً ، ما كنت تزورها أساساً خليك في بيتك ، يتكلم كلاماً فيه تحقير ، فيه تصغير ، يدخل إلى البيت ، هل هذا البيت يسعكم ؟ هذا البيت مأوى ، مرة زرت شخصاً لا أبالغ بيني وبين طاولة الوسط عشرة سنتمتر غرفة صغيرة جداً ، خجل ، قلت له تخجل ؟ قلت له سيد الخلق وحبيب الحق كان إذا أراد أن يصلي الليل لا تتسع غرفته لصلاته ونوم زوجته ، من أنت أمام النبي عليه الصلاة والسلام ؟

لما دخل عليه سيدنا عمر رآه ينام على حصير ، وقد أثر في خده الشريف ، فبكى عمر ، فقال له : يا عمر ماذا يبكيك ؟ قال له : رسول الله ينام على الحصير ، وكسرى ملك الفرس ينام على الحرير ؟!  قال يا عمر إنما هي نبوة ، وليست ملكاً .

هناك رواية ثانية ، أفي شك أنت من هذا ؟

هناك رواية ثالثة أما ترضى أن تكون الدنيا لهم والآخرة لنا ؟

ما المشكلة ، كان يؤلف ولا يفرق ، هناك شخص بالتعبير الدارج يرمي بلاء أين ما يجلس يعمل مشكلة ، بين شريكين ، بين أخوين ، بين أخته وزوجها ، مرة قال لي شخص : شكيت زوجتي لأخيها ، قال له طلقها واخلص منها ، لا يهمه ما في رحمة بقلبه ، كان يؤلف ولا يفرق ، يقرب ولا ينفر ، يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، يختار الكرماء ويوليه عليهم ، يتفقد أصحابه ، مرة أخ غاب عني فترة (قصة قديمة جداً) مرة زارني بالعيد وضع لي بطاقة ، معي هاتفه خبرته يقول لي : لا أنسى هذه المخابرة ، معنى هذا أنني في ذهنك وما ترك الدروس إطلاقاً ، مكالمة كلفتني ، تفقد أصحابك ، أخ ما شاهدته اتصل به هاتفياً .

16 ـ كان عليه الصلاة و السلام يتفقد أصحابه دائماً :

يتفقد أصحابه ، يسأل الناس عما في الناس ، أحياناً يكون في غلاء ، أنا لا أحب أن أحكي بالدنيا متألمين كثيراً جابرهم قليلاً ، إنسان دخله غير محدود لا يهمه شيء مهما ارتفعت الأسعار فإذا تكلموا أن الأسعار مرتفعة يتضايق هو موضوعات سخيفة ، سخيفة عندك ، سخيفة عند الدخل الغير محدود ، ذهب نصف معاشه بغلاء الأسعار ، يشكي لك همه تفاعل معه ، تعاطف معه ، قل له والله معك حق ، الله كريم .

17 ـ يحسن الحسن ويصوبه ويقبح القبيح ويوهنه :

يسأل الناس عما في الناس ، يحسن الحسن ويصوبه ، يقبح القبيح ويوهنه ، هناك إنسان مهما كان الشيء حسن يذمه لأنه قناص ، ولا يقصر عن حق ولا يجاوزه ، لا يقصر ولا يجاوز ، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه ، هذه بطولة قيادة .

18 ـ كان دائم البشر في طلاقة وجه و ابتسامة :

أي إنسان صاح بالنبي الكريم يظن أنه أقرب الناس إليه ، من سأله حاجة لم يرده إلا بها أو ما يسره من القول ، كان دائم البشر ، في طلاقة وجه ، في ابتسامة ، في تفاؤل ، في رضا عن الله ، في شعور أن الله بيده كل شيء ، يكون عنده بيت ثمنه ثمانية عشر مليوناً ، وسيارتين على الباب ، ومزرعة ، يقول لك لا يعاش في هذا البلد ، ما ينقص في هذا البلد ؟ سوق مسموم يَقرف ويُقرف .

19 ـ كان لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش :

كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ولا غليظ ، ولا صخاب ولا فحاش ، ما في رفع صوت ولا في مزح منحرف جنسي ، ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب ، كلما نظر إلى شيء يقول لك فيه عيب ، يقول لك الآن صاحبه اقتنع فيه أُريحه ، هذه السيارة ليست جيدة الله يصلحك لماذا اشتريتها ؟ اشتراها وانتهى ، ما كان عياباً ولا مزاحاً .

20 ـ كان يتغافل عما يشتهي ولا يخيب فيه مؤمله ولا يتكلم إلا فيما يرجى :

يتغافل عما يشتهي ، شيء لا يشتهيه يتغافل عنه ، ولا يخيب فيه مؤمله ، وكان لا يذم أحداً ولا يعيره ، ولا يطلب عورته ، ولا يتكلم إلا فيما يرجى ، التقيت مع صديقك أين ذاهب ؟ ذاهب ليستدين مبلغاً لا يستطيع أن يقول لك هذا الكلام ، دعك من هذا ، أين تعمل ؟ في المحل الفلاني ، كم تقبض في نهاية الشهر ؟ ماذا تريد من هذا السؤال ؟ هو ما شكا لك ،

21 ـ يضحك مما يضحك منه أصحابه و يصبر على الغريب ولا يقطع على أحد حديثه :

لا يتكلم إلا في ما يرجى ، يضحك مما يضحك منه أصحابه ، هناك شخص عنده وقار وكهنوت بقدر ما كان الشيء مضحك لا يضحك يبقى عبوساً قمطريراً ، كن طبيعياً ، إذا شخص حكى طرفة لطيفة وأديبة اضحك لابأس ، كن طبيعياً مع الناس ، و يضحك مما يضحك منه أصحابه ، ويتعجب مما يتعجبون ، يصبر على الغريب وعلى جفوته في مسألته ومنطقه ، لا يقطع على أحد حديثه حتى يجوزه .

 

وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ : الله عز وجل لخص شمائل النبي الكريم بهذه الكلمات العظيمة :

 

الحديث عن شمائله صلى الله عليه وسلم لا تتسع له المجلدات ، ولا خطب في سنوات ، ولكن الله جلّ جلاله لخصها بكلمات فقال :

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ

( سورة القلم )

والإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك بالإيمان .

أيها الأخوة ، نحن اليوم في الآداب ، الآداب ربع الإسلام ، آداب الزواج ، آداب الطلاق ، آداب السفر ، آداب التجارة ، آداب البيع ، آداب الشراء ، آداب العيادة ، يعود المريض ثلاث ساعات لا يتحمل المريض ، النبي عليه الصلاة والسلام قال : العيادة فواق ناقة ، مقدار حلب ناقة ، ليكون طولنا عليك ، طولت عليه وانتهيت ، قال لهم : شفيت اخرجوا.

أيها الأخوة الكرام ، أنا أرى أن الآداب شيء مؤثر جداً ، مرة هناك شابان سوريان في لندن لهم صديق بريطاني ، كلما اقترب منهم تكلموا الإنكليزية ، فلفتوا نظره ، سألهم فقالوا : نبينا عليه الصلاة والسلام نهانا إذا كنا ثلاثة أن لا يتناجى اثنان دون الثالث ، لأن هذا يحزنه ، فكان هذا سبب إسلامه .

والحمد لله رب العالمين

 

 

  • Currently 157/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
53 تصويتات / 1262 مشاهدة
نشرت فى 2 أغسطس 2009 بواسطة abozid

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

3,878