(القتل) فعل مبغوض عند العرب إلا إذا كان في سبيل الأخذ بالثأر أو الذود عن العرض الديار, فإنه ممدوح ولطالما افتخروا به ويسمى البدو القتل في هاتين الحالتين (أخذ بالثأر ونفي العار).

عندما يتأثر الرجل لنفسه ويقتل قاتل أبيه, أو ولده, أو أخيه, أو أيا كان من خمسة القاتل انتقاما للمقتول من أهله وعشيرته يشعر بارتياح عظيم ويغمس منديله أو ثوبه بدم الرجل الذي قتله ثم يرفع ذلك على عصاه أو سيفه أو بندقية. وعند يقبل على مضارب عشيرته وهو على هذا الحال يستقبل من قبل النساء بالزغاريد فيذكرون بافتخار أنه (جاب الثار بعيار ونار) أو (جاب الثار واطفى العار). تلك عادة نجد جذورها بالجاهلية. إذا كان العرب في الجاهلية يعتقدون أن الرجل إذا قتل خرج من رأسه طائر يدعى (الهامه) وحلق فرق قبره فلا يزال يزقو قائلا (اسقوني اسقوني) حتى يثأر له, وإلى ذلك أشار (ذو الإصبع العدواني) بقوله (يا عمر لم تدع شتمي ومنقصتي أضربك حتى تقول الهامة اسقوني) فأبطلها النبي عليه الصلاة والسلام (لا طير ولا هامة في الإسلام).
يتحتم على القاتل, عندما يقترف فعل القتل, أن يجلو عن دياره إلى ديار أخرى.
يجلو مع القاتل كل فرد من أفراد خمسته.
إذا كان القاتل والمقتول من عشيرة واحدة أو من عشيرته تنتميان إلى صف واحد فيجب على القاتل وخمسته أن يجلوا إلى ديار غير ديارهم الأصلية . وأما إذا كان ينتميان إلى صفين مختلفين فإن القاتل وجماعته لا يجلون بل يبقون مع عشيرتهم.
يجوز لأهل القتيل أن ينتقموا لقتيلهم من أي رجل يدخل في دموية القاتل: ومعنى ذلك أن كل رجل قريب من القاتل حتى ولو كان ينتمي إلى عاشر جد أو أكثر يعد من دمويته إلا إذا كان بينهم (طلوع سابق).
يجري (الطلوع) على النمط التالي: إذا عزم واحد من نسل الجدود الذين يأتون بعد الجدود الخمسة الأولى الخروج من بين الخمسة يستطيع ذلك بشرط أن يشهد على عزمه هذا رجالا آخرين. إنه إذا فعل ذلك لا يكون مسؤولا عن أية جناية يقترفها بعدئذ أي كان من نسل الجدود الخمسة الأولى ولا يترتب على رجل كهذا أن يخسر (قعود النوم).
إن نفس الشرط يسري على من كان خمسة القاتل, ويثبت أن بينه وبين هؤلاء الخمسة تقاطع سابق. فإذا أثبت الرجل أنه قد افترق عن أولاد عمه قبل أن يقترف واحد منهم جناية قتل فإنه لا يسأل عما فعله هذا, ولا يشترك مع أهله في دفع الدية وليس عليه في هذه الحالة أن يعطي أهل المقتول (بعير النوم).
وأما إذا أراد ابن الجد السادس أو السابع فما فوق أن يتخلص من المسؤولية بعد القتل فإنه يستطيع أن يفعل ذلك بشرطين: أولهما: أن يعد الخمس. ثانيهما: أي يعطي بعير النوم.
إذا تبرأت أسرة من الأسر من أحد أفرادها الداخلين في خمستها لشراسة خلقه وأشهدت على عملها هذا رجالا آخرين فإنها لا تسأل عن أي فعل يقترفه ذلك الرجل بعد تاريخ التبرؤ فكما أنها تشترك بدفع أي قسط من دية القتيل الذي قتله فإنها أيضا لا تطرد من أجل ذلك, ورجل كهذا يسمى في عرف العرب (مشمس).
يشترط في قبول بعير النوم إن الذي يعطيه لا يعارض أهل القتيل فيما إذا أرادوا الانتقام من القاتل الحقيقي أو من خمسته الذين لا يدخلون في نطاق إحدى المواد المتقدم ذكرها وكذلك لا يحق لأولاده أن يعارضوا في ذلك.
يجوز لأهل القتيل أو أي كان من خمسته لا أن يقتلوا من يصادفونه من خمسة القاتل فحسب بل أن يهبوا ما يصادفونه من مال وحلال أيضا. وتسمى حالتهم هذه (فورة الدم) أو (شعث الدم). وكل ما ينهبونه في شعث الدم من مال وحلال يكون من نصيبهم, ولا يحسب من الدية, ولا يستثنى من ذلك سوى الأرض والعرض.
لا يجوز نهب أرض القاتل أو أي أرض من أراضي خمسته.
لا يجوز الاعتداء على عرض أي امرأة من نساء القاتل أو أي كان من خمسته.
اختلف العربان فيما إذا كان من الجائز الانتقام أثناء شعث الدم بقتل طفل من أولاد القاتل. إذ أن القسم الأكبر يشترط لأجل الثأر أن يكون المثؤور منه قادرا على حمل السلاح.
لا يجوز قتل امرأة في سبيل الانتقام.
مدة (شعث الدم) يوم واحد. وهنالك من يقول أنها ثلاثة أيام.
لا يجوز نهب المال والحلال بعد انقضاء مدة (شعث الدم), وإنما يجوز قتل النفس للانتقام
إذا كان بين أهل القاتل امرأة تنتمي بالنسب إلى أهل القتيل فإنه يجوز لها أن تقتل واحدا من أهل بعلها أخذا الثأر المقتول من أهلها أو عشيرتها.
كان قتيل بقيتل. مثلا: إذا قتل زيد عمرا فلدموية عمرو أن تنتقم من دموية زيد. وذلك بقتلهم واحد منهم فقط. وإما إذا قتلوا اثنين. فواحد يذهب دمه ويظلون مطرودين حتى يطيبوا ويدفعو الدية.
يظل دموية القاتل جالين حتى تجري الطيبة, أو يأخذ دموية القاتل من دموية المقتول عطوة. إلا إذا كان بينهم طلوع كما تقدم.
إذا ذبح القاتل أو ذبح واحد من دمويته, يرجع الجالون الآخرون إلى ديارهم, ويصبحون في أمان من شر خصمهم ونقمته.
إذا أمسكت الحكومة القاتل وسجنته فلا يحق لدمويته الجالين أن يرجعوا إلى ديارهم.
إذا تمكن أهل القتيل, قبل صدور حكم القضاء, من خصومهم فإنهم يثأرون لأنفسهم بقتل واحد منهم.
وأما إذا قضت المحكمة بموت القاتل شنقا أو رميا بالرصاص قبل أن يتمكن أهل القتيل منه أو من أهله, فلا يجوز لهم بعد ذلك أن يثأروا لأنفسهم بأيديهم إذ أن الذي أعدمته الحكومة الحياة يسد مسد الرجل الذي قتله.
إذ مات القاتل موته طبيعة وهو في السجن, فلا يجوز لأهله أن يطالبوا أحد يموته. ولا يجوز لهم أن يعتبروا موته هذا سادا عن القتل الذي اقترفه, والذي سجن من أجله ويحق في عرف العربان لأهل القتيل أن يثأروا لأنفسهم بقتل واحد من دموية القاتل الذي مات في السجن.
ومتى خرج القاتل من السجن بعد انقضاء مدة الحكم يجوز لأهل القتيل أن يطردوه أو يطردوا أيا كان من دمويته إذا لم يكونوا انتقموا منهم قبلا.
في أثناء سرين العطوة يتحتم على القاتل أو دمويته أن يطيبوا و(الطيبة) تجري على الطريقة التالية:
على القاتل أن يرسل عددا من وجوه العربان إلى أهل القتيل, ويرسل معهم جملا مكسوا, وبيت شعر, ونعاج وماء وقهوة وسكر وصابون, وصحون, وطناجر, وجميع ما يلزم للطبخ من ماء ووقيد وآلات وأواني حتى يكون مع هذه الحملة نساء من أقرباء القاتل, فينصبون بيت الشعر وراء بيت أهل المقتول. وتزغرد النساء, ويغنين ثم يدخل الرجال على الرجال والنساء على النساء.
يدخل القاتل إذا كان حاضرا (أو أبوه أو أخوه أو ابن عمه أو أقرب الأقربين إليه من خمسته) بيت النساء من أهل القتيل ويضع عباءته على رأسه. ويحتضن واحد من أولاد القتيل. (الرجل معه أحد أقاربه أو أحد المشايخ الذين يكون قد احتمى بهم. فيقول هذا إلى والد القتيل (الرجل في بيتك هرع) في منام صفوفك, والحي أبقى من الميت. من سلم سلم, خذ من المال عن رجلك. خذ ما تريد وخل ما تكيد). وأما نساء الدخيل فإنهن في تلك البرهة يزغردن ويغنين ويمدحن والد المقتول استجلابا لخاطره. فيطلب والد المقتول (غرة) مالها سياق و سياقها والدها يوم يحمل ولدها السلاح (تقعد) لأهلها. ويطلب دية محمدية( أي أربعين بعير أو أنه يطلب طلبات كثيرة شديدة علما منه بأن قسما منها لابد وأن يخفض من أجل خاطر زيد وعمرو من الحاضرين.
عندما يطلب هذه الطلبيات يجيبه الحاضرون بنعم, وكل ما يطلب طلبا يقولون له (قل ودل) كل ذلك يجري دون أن يقدم أهل القتيل القهوة أو الطعام لضيوفهم. ولو قدموه فإن أهل القاتل أو (الجاهة) الذين معهم لا يقبلون شيئا مما تقدم لهم حتى ينالوا ما يطلبون.
بعد أن ينتهي والد القتيل من ذكر جميع طلباته يتقدم إليه الحاضرون بالرجاء كي ينزل من أجل الله, ثم من أجل نبيه, من أجل الحاضرين فردا فردا بحسب مراتبهم.
وعله هو أن يكرم وأن ينزل كل ما طلب إليه ذلك, ويظل الفريقان في سؤال وجواب على هذه الحالة حتى تنزل الطلبات إلى حد مقبول. والحد المعقول في مسائل القتل هو الدية المألوفة بين العربان, وهي أربعون بعيرا أو ثمنها, وقد تنزل الدية إلى أقل من ذلك برضاء أهل القتيل.
عندما يتم الاتفاق على ذلك يقوم أهل القاتل فيقبلون رأس والد القتيل, ثم يقول هذا ويقدم الطعام إلى ضيوفه, الرجال مع الرجال والنساء مع النساء, وتبدأ الزغاريد وتقوم الأفراح ويفترق الفريقان وهما على صلح ووئام.
وهنالك نوع آخر من الطيبة تجري من غير أن تدفع الدية, فيشتري القاتل ويسمى الفعل (شروة دم). ولأجل إيضاح ذلك نورد الحادثة التالية:
قتل قبل زمن بعيد رجل من علامات أبي شنار يدعى (العصيبي) رجلا من حكوك أبي عبدون يدعى (عويمر), وشرد, فطرده (عديسان أبو عبدون) ليقتله وظل العصيبي يشرد من مكان إلى مكان وعديسان من روائه, إلى أن هبط الأول أرض مصر. وكان الثاني لا يزال مقتفيا أثره إلى أن لحق به ذات ليلة وكمن له وراء خيمته مترقبا الفرص لقتله. وعندما أدبر النهار وجن الليل أراد العصيبي أن ينام. ولكن أنى لعينه المرتكبة أن تغمض, ولقلبه الخائف أن يهجع. فعاتبته امرأته لجبنه هذا. مع أن بينه وبين خصمه مسافات شائعة. فقال لها (حرام علي النوم ما دام عديسان من وراي). فقام عديسان من فوره ودخل البيت وأعطاه الأمان. ولما رجعا أراد العصيبي أن يدفع الدية إلا أن عديسان تمنع من قبولها, ولكنه اشترى الدم بأن اتفق معه على أن يدفع العصيبي معه وأن يدفع نسله من بعده مع نسل عديسان أي دية تترتب عليهم في مستقبل الأيام, وأن لا يكون هو أي كان من نسله مسؤولا عن أي جرم يقترفه العصيبي أو أي كان من نسله بعده.
إذا حدث أن والد المقتول لم يقبل الطيبة لازم أهل القاتل وتبعوه أينما حل وحيثما ساء حتى يجبروه على الصلح.
لا يستطيع والد القتيل ولا أي كان من خمسته أن ينتقموا في هذه الحالة لأن العطوة تكون سارية والوجوه تكون مع أهل القاتل.
بعد أن يتم الاتفاق على دفع الدية يعين الفريقاء كفلاء. فعلى الفريق الذي ينتمي إليه القاتل أن يقدم كفيلا للأداء, والوفاء, وعلى الفريق الذي ينتمي إليه المقتول أن يقدم كفيلا (للدفاء).
يجب أن يكون كفيل الوفاء من رجال لا ينتمون إلى خمسة المقتول.
لا يجوز قتل الرجل النائم لأنه معدود من الأموات. وإذا قتل وهو نائم فإن ديته مربعة.
وأما إذا جاء رجل آخر ليقتله, ووجده نائما, فإن عليه أن يوقظه من نومه, فيناديه ثلاث مرات باسم ويجب أن يكون صوته عاليا لدرجة يسمعه الجار وثالث جار. فإذا ناداه ثلاثا على هذه الصورة ولم ينتبه النائم وقتله فإنه لدى المقاضاة يدفع دية أربعة رجال إلا إذا كان القتل من أجل الثأر تلقاء قتل سابق, وفي هذه الحالة لا يشترط تنبيه النائم.
ليس أعيب من قتل المرأة لأنها في نظر البدو (عين بصيرة ويد قصيرة) وقاتلها يدفع ديتا مربعا. ولكن دية المرأة نصف دية الرجل فتربيعها ثمانون بعيرا وسنفصل ذلك في فصل الدية.
التقاضي من أجل حوادث القتل يجري عند (مناقع الدموم).
إثبات القتل يكون بالشهود,وإذا لم يكن هنالك شهود يكلف القاتل باليمين أو بالبشعة.
إذا لم يوجد شهود على القتل فلصاحب الدم الخيار بين أن يقبل يمين المتهم بالقتل أو يطلب منه البشعة.
إذا كان القاتل معروفا يطرد هو ودمويته كما تقدم. ولا لزوم هنا لأن ينذر أهل القتيل أهل القاتل, وأما لم يكن القاتل معروفا ولكنه عرف بعد حدوث القتل بمدة وتكونت دلائل جديدة تدل على أن القاتل هو زيد من الناس فعلى أهل القتيل أن يأتوا بشهودهم ويثبوا القتل ولهم أيضا أن يكلفوا المتهم بالقتل أو أيا كان من أهله باليمين أو بالبشعة.
إذا أنكر القاتل القتل مدة ثم ثبت بعد حين بالشهود أو البشعة أنه هو القاتل فعليه أن يدفع الدية مربعة, إذا أن دية القتيل المذكور كدية الرجل المقتول وهو نائم.
الفصل الأول في العطوة
الفصل الثالث في الجيرة

الفصل الرابع في الوجه

الفصل الخامس في البشعة

الفصل السادس في الدية
الفصل الأول في العطوة

(العطوة) هي الهدنة التي تسود بين الفريقين المتخاصمين, والمهلة التي يمنحها الفريق المعتدي عليه إلى الفريق المعتدي لأجل أن يتقدم للصلح حسب عوائد العربان.
يلجأ العربان إلى أخذ العطوة عند حدوث مشاكل منبعثة عن ضرب أو قتل أو مسائل ذات مساس بالعرض. ولا عطوة في السرقات والتسويد وفي باقي المشاكل الحقوقية.
الذي يطلب العطوة هو الرجل المعتدي ـ أو المتهم بالاعتداء ـ وذلك بواسطة رجل ذي نفوذ واعتبار. ولا يشترط أن يكون الوسيط من أفراد العشيرة التي ينتمي إليها أحد الفريقين المتخالفين, إذا قد يتدخل في الأمر شخص غريب حقنا للدماء فيطلب العطوة من تلقاء نفسه ومن غير أن يكلفه المتهم بذلك.
والذي يعطي العطوة هو الرجل المعتدي عليه بالذات, أو أي رجل آلآخر من خمسته حتى ولو كان هذا من رعاة الغنم.
يحق لأهل القاتل, بعد أن يمنحوا العطوة, أن يرجعوا إلى ديارهم إلا القاتل فإنه لا يجوز له أن يظهر أمام أهل القتيل حتى ولو كانت هناك عطوه.
لا يجوز أثناء العطوة أن يقوم المصاب أو أي رجل من رجال عصبيته بأي عمل من شأنه الإخلال بشروط العطوة. وإذا أقدموا على عمل من هذا القبيل يلامون عليه ويخسرون فوق ذلك حقهم.
يجب على المعتدي أن يبتعد هو وخمسته عن أعين خصمه وعن أعين أفراد خمسته. وأن يطلب بعد ذلك منهم العطوة. وذلك في بحر الأيام الثلاثة الأولى من الحادث. ذلك في الجروح وفي مسائل العرض.وأما عطوة إلا بعد أن يبرد الدم.
إذا لم يتقدم المعتدي في الأيام الثلاثة الأولى لطلب العطوة يدان على اعتدائه.
وإذا طلب المعتدي العطوة ولم يعطها فإنه (يدخل) على رجل ذي نفوذ في (الصف) ولهذا الحق عندئذ أن ينقل (الدخل) لمدة معينة ويردع بعمله هذا الفريقين عن القتال ويحول دون إهراق الدماء.
إذا قام أحد الفريقين ـ بعد نقل الدخل وفي بحر المدة التي عينها ناقل الدخل ـ بأي عمل عدائي ضد الفريق الثاني فإن للناقل الحق في أن يقاضي الفريق المعتدي عند المناشد وقد يصدر هؤلاء حكما قاسيا تذهب بموجبه جروح المعتدي هدرا.
لا يجوز نقل الدخل إلا إذا امتنع الفريقان عن العطوة.
لا يجوز طلب العطوة في حوداث القتل إلا بعد أن يبرد الدم كما تقدم ومع هذا هؤلاء ذلك فمكنهم من البقاء في منازلهم ومن مزاولة أعمالهم وإدارة مصالحهم. غير أنهم في كل حال يشترطون جلاء القاتل.
لا بد من تعين كفيل للعطوة لا يشترط أن يكون الكفيل من (خمسته) بل يكفي أن يكون من أصحاب السيرة الحسنة والنفوذ من العربان ولو كان من غير العشيرة التي ينتمي إليها الفريقان المتخاصمان. وللمتهم الحق في أن يرفض الكفيل وأن يطلب تعيين كفيل آخر. غير أنه لا يجوز أن يسمى كفيلا من عنده.
يشترط في الكفالة قبول الكفيل.
يجب على المعتدي أن يقوم بتطيب خاطر المعتدي عليه في مدة العطوة على النمط المفصل في بحث القتل.
إذا انتهت مدة العطوة دون أن تتم (الطيبة) تجدد لمدة أخرى.
إذا لم يتقدم الفريق المعتدي لطلب تجديد العطوة يخسر قضيته. وإذا ثأر خصمه لنفسه منه بعد ذلك يكون في حل من أية مسؤولية.
إذا طلب الفريق المعتدي تجديد العطوة ولم يجب إلى طلبه يلجأ عندئذ إلى طريقة (نقل الدخل) المتقدم ذكرها في البند التاسع من هذا الفصل.
والمعروف عند العرب أن العطوة لا تؤخذ بالجبر والإكراه. وإنما تؤخذ بالرضى والاختيار.
إذا نقض أحد الفريقين شروط العطوة يخسر قضيته, وإذا كان الناقض لهذه الشروط هو المصاب فإنه يعرض نفسه للعقوبات التالية:
أـ يخسر دمه وجروحه الأولى التي كانت السبب في العطوة.
ب ـ يغرم الجرح الذي أحدثه أثناء العطوة.
ت ـ يدفع الكفيل الذي (وضع وجهه على العطوة جملا).
ح ـ يعتذر فضلا عما تقدم للكفيل عما فرط منه.
إذا لم يقم الرجل الذي نكث العهد بالبند من المادة المتقدمة عليه أن يعطي الكفيل جملا رباعا عن كل اعتذار كان يجب عليه أن يقوم به في كل بيت من البيوت الثلاثة المتقدم ذكرها.
الحكم في مسائل (الوجه) وفي الغرامة التي تدفع للكفيل وهو المنشد.
الفصل الثالث في الجيرةة

(الجيرة) هي المبلغ الذي يدفعه الرجل القاتل أو المتهم بالقتل إلى الرجل الذي يقبل أن يكون واسطة للصلح بينه وبين أهل القتيل.
الجيرة المألوفة خمسون جنيها, وقد يتم الاتفاق على مبلغ أقل من ذلك.
لا (ينقل الجيرة) إلا رجل من عصبة المقتول, ويشترط أن لا يكون هنالك تقاطع سابق بين الرجل الذي ينقل الجيرة وبين أهل القتيل.
متى نقلت الجيرة انحجب الشر بين الفريقين, وإذا اعتدى أهل القتيل بعد نقل الجيرة على القاتل أو على أي كان من خمسته وقتلوه بقصد الثأر فإنهم ملامون وإذا اختصموا من أجل ذلك عند (مناقع الدموم) فإنهم يخسرون قضيتهم. فيحكم عليهم ليس بهدر دم قتيلهم فحسب بل بدفع دية الرجل الذي قتلوه بعد الحيرة أيضا.
تخصم الجيرة من أصل الدية, وتحسب في الحالة مضاعفة.
الذي يقبض الجيرة ويتصرف بها هو ناقلها وله هو, إذا شاء أن يعطي قسما منها إلى أهل القتيل.
الخلاف حول (الجيرة) يحل عند شباب الحمولة.
الفصل الرابع في الوجه

ليس المقصود من الوجه العضو المعروف في بدن الإنسان, وإنما المعنى المعروف في عرف العب وهو (الكفيل).
كلما اتفق فريقان من البدو على حل مشكلة من المشاكل ذكرا الكفيل الذي يكفل تنفيذ الحق المتفق عليه. فيقوم الرجل المتعهد برد الحق إلى صاحبه : (عليها وجه فلان).
تعيين (الوجه) شائع في جميع المشاكل سواء فيها الحقوقية أو الجزئية.
عند إجراء الصلح بين اثنين من البدو متعاديين من أجل قضية دم يعين المعتدي كفيلا يسمونه (كفيل الوفاء) ويعين الفريق المعتدي عليه أيضا كفيلا يسمونه (كفيل الدفا). وإذا كان واحد من الكفلاء فيعين كل من الفريقين كفيلا للكفلاء.
يشترط أن يكون الكفيل حاضرا, وأن يرضى بالكفالة. هذا إذا كانت من أجل مال. وأما إذا كانت من أجل دم فلا لزوم لذلك.
لكفيل الوفا الحق في أن يأخذ عشر الدية المتقرر دفعها من قبل الشخص الذي يكفله.
إذا قصر المكفول في دفع ما تقرر في ذمته فلخصمه الحق في أن يراجع كفيله. وعلى هذا أن يجبر المكفول على الوفاء بتعهده. وإذا أبى فعليه هو أن يقوم بتعهده, ثم أن يرجع إلى المكفول ويطالبه بما دفعه عنه.
إذا تم الصلح بين فريقين من أجل قضية دم, ووضع كل من الفريقين وجه شخص آخر كفيلا لتنفيذ شروط الصلح, ثم قام أحد واقترف جناية خلافا للشروط المتقررة, فإن عليه أن يدفع الدية مضاعفة وللكفيل الحق في هذه الحالة في أن يأخذ ثمن الديتين.
التقاضي من أجل (البوق) الذي يقترفه المكفول يجري لدى المناشد.
التقاضي من أجل (السواد) الذي يلم بالكفيل من أجل كفالته في هذه الحالة يجري لدى ثلاثة من الرجال يسمونهم (مبيضة الوجوه). وإذا اختلف الفريقان في تعيين هؤلاء فإنهم يذهبون إلى الملم, والملم يعينهم.
إذا امتنع كفيل الوفاء عن دفع المبلغ المكفول فلصاحب المال أن يسود سمعته. وإذا لم يستطيع كفيل الدفاء منع المكفول من قبله عن الضرب وإيقاع الأذى فإن للفريق الثاني الحق أيضا في أن يسود سمعته, ويظل على هذا الحال حتى يقوم الكفيل بتنفيذ شروط الكفالة.
إذا دفع كفيل الوفاء المبلغ الذي كلفه فله الحق أن يطالب المكفول بما دفعه. وإذا أبى هذا أن يدفع للكفيل ما دفعه عنه فللكفيل الحق في أن (يوسق) شيئا من ماله.
الكفيل في كفالته كالحاكم في حكمه. فإن له الحق المطلق في أن يفعل ما يشاء لتنفيذ شروط الكفالة.
الكفيل كالأصيل.
إذا أعطى رجل بنته إلى رجل آخر, وكانت هذه عند العطاء صغيرة, فإنه يعين كفيلا على تسليمها عند بلوغها سن الزواج.
وعندما يريد البدوي تطليق زوجته يعين كفلا لطلاقها وإرجاع حقها.
وعندما يتفق الفريقان على بيع فرس أصيلة بمثانيها يعين المشتري كفيلا يكفل رد المثاني إلى البائع صاحب الفرس.
وكذلك عندما يبيع المرء أرضا له إلى رجل آخر فإنه يعين كفيلا يكفل تسليم الأرض إلى المشتري ويكفل أيضا أن لا يكون ثمة أي مانع يمنع المشتري من تصرفه بالأرض أي أنه لا يظهر بعد حين مستحق لها أو صاحب حصة فيها.
يسمي البدو كل عمل مخالف لشروط الوجه والكفالة (تقطيع الوجه) ويخشون من ذلك كثيرا لأنه يضر سمعتهم ضررا عظيما ولذلك حكايات كثيرة منها:

انتقد الشيخ محمد قبوعة من الظلام رفيقه الشيخ سلمان أبا ربيعة بأنه كفل (سلامة أبا عياده) بأن لا يضرب أحدا وأن لا يعتدي على أحد من جماعته وأدعى أن سلامة هذا ضرب ولده. ومعنى ذلك أنه (قطع الوجه) ولم يعمل بالكفالة.

ولذلك أخذ محمد سلمان مرا بين العربان, الأمر الذي أساء هذا وأضر بسمعته. ولما جمعت بين الظلام في 11ـ4ـ32 وقاضيتهم لإصلاح لما بينهم, بين لي وللحاضرين أن محمد قبوعه لم يكن محقا في طعنه لأن سلامة لم يضرب كما اتهم. فطلب سلمان تعويضا لسمعته المتضررة, وتقدم الخصمان إلى المنشد فتقاضيا أمامي. وحكم المنشد على محمد قبوعة بأن يدفع إلى سلمان أبي ربيعة (أربعين ناقة وضحاء رباعيات كل وضحاء وراها مية ما فيهن لا شيبة ولا عايبة. وبيت ينكسي قماش أبيض لحد حباله. وكل وتد عليه عبد وجاريه. وثلاث كلمات في ثلاثة بيوت يبيض ويقول: بيض الله وجهه أبي ربيعة. والكلمة التي تخس يحط عنها رباع). ثم تنازل سلمان عن الأموال والمبالغ المحكوم بها من أجل الله, ثم من أجل النبي ثم من أجل القائم مقام ثم من أجل الحاضرين حتى لم يبق من الحكم سوى الاعتذار في البيوت الثلاثة. وقد اعتذر محمد قبوعة عما فرط منه وانتهى الخصام.
الفصل الخامس في البشعة

(البشعة) طريقة من طرق التقاضي مألوفة لدي عربان السبع, وهي تشبه الشعوذة الهندية القديمة التي يجد المرء جذورها في عبادة المجوس للنار.
يلجأ العربان إلى البشعة في جمع اختلافاتهم الحقوقية والجزائية وذلك لإظهار الجرم المنكور.
لا يستطيع أي كان من البدوان يكون مبشعا. بل هنالك عائلات مخصوصة. والبشعات التي سمعت بذكرها بين أعراب بئر السبع بشعتان
: أـ بشعة العيادي.
ب ـ بشعة بلى.
إذا مات المبشع يخلفه أكبر رجل من عائلته, حتى إذا لم يكن هذا هو الأفضل.
لا ينتخب المبشع انتخابا وإنما هو يصل إلى منصبه بحكم الوراثة والعادة.
وها نحن ذاكرون فيما يلي كيفية اللحس:
أـ يضرم المبشع نارا.
ب ـ يضع فيها محماس البن حتى يحمر.
ج ـ يخرج المحماس من الناس ثم يفرك به دراعه ثلاث مرات ليرى الناس أن النار لا تضر الأبرياء.
د ـ يخرج المحماس وهو يتأجج على ما وصفنا إلى الرجل الذي يريده أن يبشع ويكون هذا جالسا خلفه, ثم يقول له: ابشع.
ه ـ على المتهم قبل أن يبشع, أن يمد لسانه للحاضرين كي يريهم أنه (حر), وليتمكنوا من التميز بيني الحالتين قبل البشعة وبعدها.
وـ يلحس المتهم, بعد ذلك, المحماس وهو بيد المبشع ثلاث مرات.
زـ بعد ذلك يترك المبشع المحماس ويناول الرجل الذي بشع قليلا من الماء, فيتناوله هذا ويتمضمض به ثم يبصقه.
ح ـ يخرج المتهم بأمر المبشع لسانه فيراه (السامعه) والحاضرون. فإذا ظهر على لسانه بقع تدل على أنه احترق أو ظهر أثر للنار فيه قالوا عنه أنه (موغوف) وإلا فهو بريء.
المدعي هو الذي يطلب بشعة المدعي عليه في أغلب الحالات. وقد يرفض المدعي عليه أن يبشع فيحكم عليه القضاة بالبشعة. وفي بعض الأحيان يكون الطالب للبشعة هو المدعي عليه تخلصا من التهمة الموجهة إليه.
المدعي هو الذي يختار المبشع, ليس المدعى عليه. ذلك لأنه هو الرجل الذي يجب أن يطمئن وله الخيار في أن يصر على حقه هذا أو يعدل عنه.
يعين المدعي والمدعي عليه سامعه قبل سفرهما إلى البشعة, وذلك بالاتفاق. ووظيفة السامعة أن يشهد أمام المبشع بالطريقة التي اتفق عليها الفريقان لأجل حل اختلافهما. والأسباب التي حدت بهما إلى البشعة, وأن يشهد أيضا بالنتيجة التي آلت إليها البشعة.
أجرة السامعة تتنوع بالنظر إلى فداحة الجريمة. غير أن الأجرة الشائعة في هذه البلاد خمس جنيهات, وقد تكون أكثر أو أقل.
يتفق الفريقان على تعيين الزمان والمكان, وفي الوقت المقرر وفي المكان الذي اتفقا عليه يجتمعان, ومن هناك يسيران إلى البشعة. والذي يخالف أحد هذين الشرطين يخسر دعواه, إذا أخل المدعي بهذه الشروط سقط حقه وإذا أخل المتهم يعتبر كأنه بشع وخرج من البشعة (موقوفا).
ويستثنى من ذلك من كان معذورا, والعذر المقبول هو:
أـ مرض شديد.
ب ـ وفاة قريب.
ج ـ طلب حكومة.
د ـ سيل حاجز.
أجرة المبشع مقطوعة, وهي خمس جنيهات عن كل قضية, فإذا كان المقرر أن يبشع عدة أشخاص من أجل تهمة واحدة فأجرة الجميع خمس جنيهات وأما إذا بشعو من أجل قضايا مختلفة فلكل خمس جنيهات.
بقي علينا أن نجمل النفقات وأن نذكر من الذي يدفعها:
أـ نفقات الطريق عن المتخاصمين. كل فريق يدفع نفقات نقله من جيبه.
ب ـ أجرة السامعة. تدفع مناصفة وسلفا من الفريقين, والذي يخرج (موقوفا) يدفع إلى الفريق الثاني النصف الذي دفعه. ولا يدفع للسامعة نفقات طريق, إذا أن عليه هو أن يدفع ذلك من أجرته.
ج ـ أجرة المبشع تدفع إليه من قبل كل من الفريقين. أي أن كلاهما يدفع خمس جنيهات للمبشع, وذلك قبل البشعة. والذي يربح القضية يسترجع من المبشع دراهمه التي دفعها إليه.
في قضايا الدم يبشع المتهم ويدفع جميع النفقات من كيسه ولو خرج بريئا.
يكتب الفريقان اتفاقا خطيا يذكران فيه شروط البشعة التي اتفقا عليها ويحددان نوع التهمة التي يسافران من أجلها.
سواء كان الاتفاق المنصوص عليه في البند السابق شفهيا أو خطيا وسواء كانت القضية حقوقية أو جزئية. فلا بد من تعيين كفلاء قبل السفر إلى البشعة. على المتهم أن يقدم كفيلا للوفاء وعلى المدعي أن يقدم كفيلا للدفاء ويجب اتفاق الطرفين في انتخاب كل من الكفيلين.
على المبشع أن يقري الفريقين قبل الشروع بالبشعة.
يجوز لأي كان من الناس أو من أقرباء الفريقين أن يحضر البشعة.
يقص الفريقان قصتهما أمام المبشع قبل الشروع بالبشعة. ويذكران السبب الذي حدا بهما إلى البشعة.
ينصح المبشع كلا من الفريقين بالصلح والوفاق. ويخص بالنص الرجل المتهم, ويطلب منه أن يعترف بالحقيقة, فإذا تمكن من إصلاح ما بينهما كان بها وإلا فإنه يشرع بالبشعة كما جاء في المادة 6 من هذا الفصل.
إذا اصطلح الفريقان قبل وضع الطاس في النار فلاحق للمبشع في أن يأخذ أجرة منهما. وإما إذا اصطلحا بعد وضع الطاس في النار فيحق له ذلك. ولا يوضح الطاس في النار إلا بعد أخذ الأجرة.
إذا كانت البشعة من أجل دم فلا يجوز للمبشع أن يبشع الرجل المتهم قبل أن يرضى المدعي بقبول الدية فيما إذا خرج المتهم من البشعة موقوفا وعلى المدعي أيضا أن يضع وجه أحد من الناس ككفالة على عدم تعديه على خصمه فيما إذا تحقق عن طريق البشعة أنه هو القاتل.
يدون المبشع نتيجة البشعة في ورقة يوقع عليها هو والشهود والحاضرون, ويناولها إلى السامعة.
وقد لا تكتب النتيجة في ورقة بل يكتفي بأمانة السامعة نفسه من حيث ذكر النتيجة ونقلها إلى العربان.
يعتقد العربان بالبشعة اعتقادا كبيرا. ويهابونها, ولقد حلت البشعة أن حقا وأن وهما كثيرا من مشاكلهم. وفي تسعين بالمئة من هذه المشاكل يخرج الفريقان راضيين.
أما وقد انتهيت من بحث البشعة وتأثيرها, وطرق استعمالها بين البدو, فإني لا أرى بدا من البحث عما إذا كان هنالك فوق البسيطة أمم أخرى غير العرب, عرفت هذا الأسلوب من أساليب التقاضي أو أي نوع آخر شبيها له. وذلك لتتم الفائدة المنشودة من هذا البحث, فأقول:
أـ لقد ذكرت البشعة في الشعر الهندي عندما أرادت (سيتا) أن تبرهن على أنها برية مما اتهمها به بعلها (راما), يوم اتهمها بأنها خانت عهده, وأحبت رجلا غيره, فحملت قضيبا من الحديد المصلي بالنار, وسارت به سبع خطوات في سبع دوائر مخطوطة على الأرض. ولما لم تؤذها النار ولم تحرق يدها القابضة على الحديد نادوا ببراءتها. ولم تكن البشعة التي أشارت إليها هذه القصة من منتجات الخيال الشعري فقط, بل نصت عليها القوانين الهندية أيضا.
وهذا النوع من البشعة نصت عليها القوانين الإسكندنافية التي فرضت على المتهم أن يسير بالحديد المصلي بالشكل المتقدم ذكره تسع خطوات.

وكذلك في القوانين الانجلوسكسونية فقد اشترطوا أن يكون ثقل الحديد المصلي على هذا الشكل ما يعادل نصف كيلو, ثم زادوه إلى ما يقرب من الكيلو ونصف حتى أن ريشاردس ( RICHARDIS) زوجة شارلس البدين (CHARLES) أثبت أنها بريئة مما اتهموها به بأن ارتدت ثوبا مطليا بالشمع وولجت به النار فلم تؤذها هذه.
ب ـ وهنالك نوع آخر, من البشعة كان معروفها في إنجلترا وفي ألمانيا. وهو أن يسير المتهم حافي القدمين على حديد المحراث المتأجج نارا, وأن يخطو تسع خطوات وهو على هذه الحال. ولقد أيدت قوانين العصور الوسطى كلها هذا النوع من البشعة واعتبرته من الإجراءات القانونية التي لا مناص منها حتى أن الملكة إما (EMMA) الإنجليزية أم الملك إدوارد المعترف (EDWARD THE GONFESSOR) قامت بهذا النوع من البشعة عندما اتهمت بتأسيس صلاته غير شريفة بينهما وبين الوين (ALWYN) أسقف وينشتر. ولم تستطيع تبرئة شرفها إلا عن هذه الطريق. وكذلك فعلت الملكة (KUNIGUNDE) الألمانية في حادثة كهذه.
ج ـ وهنالك نوع آخر من أنواع البشعة معروف في أفريقيا وفي آسيا أيضا. وهو أن يغطس المتهم يده في الماء المغلي, أو في الزيت المغلي, أو في الرصاص الذائب فيخرج منه حجرا أو خاتما يكون قد ألقي فيه عن قصد. حتى أن زنوج أفريقيا يشترطون أن يغطس المتهم ذراعه كله حتى الكوع, وليس يده حتى المرفق فحسب, في الزيت المغلي, فإذا لم يمس اليد أو الذراع أذى حكموا ببراءة صاحبها من التهمة التي أسندت إليه, وإلا أدانوه وعاقبوه من أجلها.
د ـ ومن أنواع البشعة ما نراه بين البراهمة في الهند إذ يشرب المتهم ثلاث حفنات من ماء غطس فيه صنم مقدس. وهم يعتقدون أن الرجل البريء لا يصيبه أذى إذ شرب هذا الماء والمذنب لابد وأن يصيبه ذلك في بحر أسبوع أو ثلاثة أسابيع من تاريخ شربه.
وفي أفريقيا لا يزالون حتى يومنا هذا يسقون المتهم ماء مسموما. وفي الهند يسقونه رأسا ومن غير أن يمزح الماء. فإذا بدت على وجه الشاب علائم المرض عدوه مذنبا, وإلا اعتبروه برئيا.
ه ـ وهنالك بشعة استعملت في الإسكندرية في العصر الثاني للميلاد. إذ كانوا يطعمون المتهم كسرة من الخبز وأخرى من الجبن بعد أن يقرأ عليهما ما معناه (أن يرسل الإله الملك جبرائيل فيوقف اللقمة في حلق الآكل إذا كان هذا مذنبا أو يسهل عليه بلعها إذا كان برئيا). وهذا النوع من البشعة أقره القانون الإنجليزي بعد ذلك بعشرة إعصار.
وفي الموسوعة البريطانية (THE ENCYLOPAEDIA BRITANNICA ) التي استقيت منها هذه المعلومات بيان وافي في هذا الصدد.
الفصل السادس في الدية

الدية الكاملة في عرف العرب أربعون بعيرا... أكبرها (رباع) وأصغرها (مخلول).
تدفع إبل الدية على الطريقة التالية:
أـ قبل كل شيء رباع وباعية.
ب ـ ثم حق وحقه.
ج ـ ثم جدع وجدعه
د ـ ثم مربوط ومربوطه.
ه ـ ثم لبني ولبنيه.
و ـ ثم مفرده ومفرده.
زـ والباقي إبل دم.
تسلم الأباعر الستة الأولى وعلى قول الثمانية الأولى (غز). وإذا عجز عن إيجادها فله أن يدفع ثمنها. وهو في هذه الحالة ثمنماية قرش عن كل واحد منها وكذلك إبل الدم فإنه يجوز أن يعتاض عنها بدفع ثمنها. وهو في هذه الحالة مئتان وخمسون قرشا عن كل واحد منها.
الهجين الصافي يقوم مقام خمسة من إبل الدم.
دية القتل كاملة. وأما قطع اليد, أو الرجل وقلع العين, أو كسر العظم وما إلى ذلك فيدفع عنه نصف دية. وأما الجروح الثانوية الأخرى فتقدر من قبل قصاصين معروفين بين العربان بقص الجروح وتقدير ثمن الخسارة التي تنتاب المجروحين.
دية المرأة نصف دية الرجل ولكن القاتل يدفع النصف مربعا.
الدية واجبة الدفع حتى لو كان القتل في سبيل الدفاع عن النفس.
الدية واجبة الدفع حتى لو كان القاتل والمقتول في حرب وقتال.
تدفعه الدية كاملة سواء كان المقتول كبيرا أو صغيرا.
يشترك في دفع الدية (دموية الرجل) ويشترط في ذلك أن لا يكون ثمة (تقاطع) بين الخمسة كما بينا في فصل القتل.
إذا قتل الرجل ابن عمه فيدفع هو وحده الدية. ولا يشترك أحد من دمويته في هذا الدفع, إذا لو اشتركوا بالدفع لرجعت دراهمهم إليهم عند توزيع الدية.
إذا كان القتل خطأ وليس تعمدا فليس على القاتل أن يدفع دية كاملة وإنما يجب عليه أن يطيب أهل القتيل بمبلغ من المال يختلف بالنسبة لاختلاف حالة القتل ووقع الحادثة. والقاتل يطرد في هذه الحالة هو ودمويته.
إذا أنكر القاتل القتل وأخفاه مدة, ثم ثبت بعد حين بشهادة الشهود أو بالبشعة أنه هو القاتل, عليه أن يدفع الدية مربعة. إذ أن دية القتل المنكور كدية الرجل المقتول وهو نائم.
اعتاد العرب أن يزوجوا ابن المقتول أو أخاه أو أحد الأقربين إليه فتاة من أهل القاتل ومن غير مهر يسمونها (غره) ويحسبون الغره قسما من الدية واجب الدفع.
لا يشترط أن تكون الغرة بنت القاتل أو أخته بل قد تكون بنت أي كان من دمويته ورجال عصبته.
الغرة لها كفيل. أي أن الفتاة التي يتأهلها ابن المقتول أو أخوه أو أحد أقربائه لا تسلم إلا بعد تسمية الكفيل. ليضمن هذا رجوع الغرة إلى أهلها بعد أن تلد. فإذا ولدت هذه ترجع إلى أهلها فإذا عصي بعلها ولم يشأ أن يرجعها إلى أهلها راحوا إلى الكفيل يطلبون إليه إرجاعها حسب كفالته.
إذا أرادت الغرة من تلقاء نفسها أن تبقى في بيت بعلها وأن لا ترجع إلى أهلها جاز لها ذلك. ولكن يشترط في هذه الحالة أن يأتي بعلها إلى أهلها ويخطبها منهم من جديد, وعليه أيضا أن يدفع مهرها.
أقرب الناس إلى القتيل هو الذي يقبض الدية. ويوزعها على (نقالة السلاح)

المصدر: محمد عيد خليل
  • Currently 33/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 228 مشاهدة
نشرت فى 4 نوفمبر 2010 بواسطة abonasser

ساحة النقاش

محمد علي عيد

abonasser
مدير ادارة خدمة المواطنين بمركز بئر العبد و الامين العام للاتحاد الاقليمي لجمعيات ومؤسسات الاهلية بشمال سيناء العنوان * قرية رابعة مركز بئر العبد* محافظة شمال سيناء »

أقسام الموقع

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

25,884