تربية الأطفال مجهود كبير يقع على عاتق الآباء والأمهات حيث يحتاج هذا الأمر إلى منهج واضح يتفق عليه الوالدين لتنشئة الأطفال بطريقة سوية بدون تدخل عنصر ثالث كالاستعانة بالمربيات أو الحضانة كما يحدث مع بعض الأسر بسبب ضغوط الحياة الاقتصادية ونزول الأم إلى العمل.
ويحذر علماء الاجتماع من الاعتماد على المربيات لتربية الأطفال وخاصة في عمر التلقي حيث يكونون أكثر عرضة لاكتساب كل ما يتعلق بمحيطهم من عادات وتقاليد وسلوكيات، ووجود المربيات في بعض الأحيان يضاعف من حجم الفجوة التي تفصل الأمهات عن أطفالهن.
وأشارت بعض الدراسات التربوية إلى أن الأطفال الذين يتربون على أيدي المربيات هم اقل تحصيلاً في المواد الدراسية وأكثر طلبا للنجدة وأكثر اضطرابا بصحتهم النفسية ، وتبين أن الأطفال الذين تقوم بتربيتهم المربيات الأجنبيات هم أكثر الأطفال عرضة لعدد من التحديات اللغوية والأسرية ، ذلك لان الكثير من هؤلاء الأطفال يقلدون لغة المربية بغض النظر عن جنسيتها ويتأثرون بها إلى درجة الإحلال في بعض الأحيان محل الأم.
وهذا التحدي يؤثر على سنوات الطفل اللاحقة حيث تشوب لغة الطفل مفردات ليست عربية، تجعله إلى حد ما غريبا عن أقرانه ممن لا يستعينون بمربية، بالإضافة إلى التحدي الأسري فهو يتجلى بخلل في التنشئة الاجتماعية للأطفال. الحضانة نقمة أم نعمة؟ أما في حالة وجود ضرورة لذهاب طفلك إلى الحضانة في سن مبكرة ، يجب اختيار الدار الملائمة التي تخضع إلى عدة اعتبارات منها توفير التجهيزات التربوية والنفسية الوافية ، مع الحرص أن تكون على قرب المسافة بين دار الحضانة ومقر عملك أو منزلك ، إضافة إلى التعرف على مستوى الدار ومتابعة ما تقدمه من رعاية صحية وتتوافر بها شروط النظافة وأن تناسب محيط الطفل الاجتماعي. وإذا توافرت الشروط السابقة ، فثقي أن الحضانة من الممكن أن تكسب طفلك بعض المهارات الفكرية والجسدية على حد سواء، كما أن إضافة النشاطات المتمثلة في الألعاب أو الأغاني يعمل علي قابلية الأطفال في التقاط الأشياء بسرعة واكتساب المعلومات ، فتكون دار الحضانة بذلك أساساً يمهد لانتقاله إلى المدرسة الابتدائية بشكل سلس، نفسياً وعقلياً. وتعمل دور الحضانة علي إدماج الطفل في المحيط الاجتماعي عبر تعوده على مصاحبة فئات من مختلف الأعمار يتفاعل معها يومياً ويتبادل معها مفردات لغوية تساعده على التحاور بسهولة وعلى تكوين أفكار وآراء خاصة به. ولكن على الأم تعويض الطفل عن تلك الساعات حتى لا تتسبب الحضانة فى إكسابه سلوك عدواني وذلك بحسب دراسة مصرية أجريت على 1100 طفل وتبين أن أطفال الحضانة أكثر عدوانية من غيرهم.
وعن هذا الأمر يعلق الدكتور هاني السبكي - استشاري الطب النفسي - قائلاً : "لا شك أن الطفل يكون أكثر أماناً وإحساساً بالطمأنينة، وهو بجوار أمه، وهو ما ينعكس على شعوره تجاه العالم المحيط به، إلا أن غياب الطفل عن والدته لعدد محدود من الساعات كل يوم لا يعني بالضرورة اكتساب الطفل سلوكا عدوانيا، بل قد تغني عالمه وتجعله اجتماعيا أكثر، وبخاصة إذا استطاعت الأم تعويض غيابها عن طفلها من خلال اللعب أو القراءة أو مشاركته وقت فراغه بعد عودتها من العمل" ، مضيفاً : "أعتقد أن القضية تتعلق بالكيف لا بالكم، بمعنى الكيفية التي تقضي فيها الأم وقتها مع طفلها، لا عدد الساعات، بدليل أن هناك أمهات لا يعملن ولكنهن فاشلات في تربية أطفالهن والعكس صحيح".
دلع ونصائح:
عنصر آخر قد يساهم فى تربية أبنائك هو تدخل الأجداد فى تربية الأبناء ، وغالباً ما يكونوا رمزاً للتدليل بغير حسبان بحجة أن "أعز الولد ولد الولد" الأمر الذي يسبب خللاً فى التربية أحياناً أو مشاكل من نوع آخر مع الحماة ، ولكن ضعي في حسبانك مهما كانت طبيعة النصائح التي تسديها لكِ أمك أو حماتك ففي النهاية أنتِ التي ستقومين بتربية طفلك، ولذلك تعلمي أن تكوني صبورة في سماع النصيحة، وبعد ذلك يكون لك مطلق الحرية في التصرف وفق ما تشائين .
وحتى لا تسبب تربية أطفالك مشاكل عائلية، إليك بعض النصائح التي يقدمها لكِ الخبراء للتعامل مع مثل هذه الأمور:
* لا تأخذي الجانب الدفاعي بمجرد أن تبدأ الحماة بالحديث بل قد يكون الدافع وراء كلامها اهتمام حقيقي بمصلحة طفلك؛ لذلك استمعي إلى ما تحاول أن تخبرك به فقد يحتوي كلامها على نصيحة قيمة لم تكوني قد انتبهت إليها في السابق.
* إذا لاحظت عدم جدوى الإقناع لا تواجهي الحماة وتحاولي تغيير رأيها وإنما استمعي لما تقول ثم ابتسمي في وجهها دون الخوض في أي تفاصيل، وبعد ذلك قومي بعمل ما تريدين وبهذا تكونين قد تجنبت أي اصطدام معها وتكوني قد نفذت ما تريدين بنفس الوقت.
* لا تضخمي الأمور للحد الذي يقضي بك إلى الخصام معها فمثلا إذا أصرت على أن يضع طفلك طاقية على رأسه أثناء التسوق فلا بأس في ذلك، إذ أن الموضوع ليس مصيريا، أما إذا حاولت أن تتدخل في طريقة تربيته مثلا فهنا عليك الإصرار على موقفك.
* تحلي ببعض الذكاء الاجتماعي فإذا أصرت الحماة أو الأم على أمر معين حول طريقة العناية بالطفل، فقولي لها أن نصيحة الطبيب هي أن تفعلي ما تفعلينه للطفل حاليا ذلك قد يقنعها بالتراجع وتركك وشأنك وفي النهاية فإن العناية بالأطفال تحتاج الكثير من الصبر والجهد ولا بأس لو استعنت بمن هم أكثر منك خبرة في هذا المجال.
ساحة النقاش