طالب موريتاني

مدونة.. منوعات.. طبية.. أدبية.. واكاديمية...وجامعـــــــــية.شروحات متميزة في عالم الموبايلات والكومبيوترات.مقالات متنوعة

                         

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جامعـة انواكشــوط

كلية العلوم القانونية والإقتصادية                            العام الجامعي:2009-2010م

          قسم القانون

      أولى ليسانس قانون

الأعمـــال التطبيقيـــة

المجموعة (2)

المادة:

المدخل لدراسة القانون

 

بحث حول :

السلطان الزمني للقاعدة القانونية

إشراف أستاذ المادة: د. محمد ولد سيد أحمد القروي

أستاذ القانون الخاص، خبير في علم إجرام الأطفال

معتمد لدى المحاكم الموريتانية

 

نشر في الشبكة العنكبوتية عن طريق عبد السلام ولد عبد الله

B40337   

 

 

 

 

 

B40396

B39742

B40392

B40345

B40334

B39839

إعداد الطلبة:

سيد أحمد ولد الفراج               

B40396

             

 

أبي ولد باب ناجي    B39742

محمد محفوظ ولد اشريف        B40392

المن بنت محمد           B40345

محمد أحمد ابن عبد السلام      B40334 

منة بنت أحمد            B39839        

المقدمة:

تعتبر مسألة تحديد أثر سريان ونفاذ القانون من حيث الزمان من أعقد المشاكل التي تثور بصدد تطبيقه , حيث أن الوقائع والتصرفات القانونية لا تتم وتنتهي في آن واحد , فقد تستمد أثارها  فترة من الزمن , وأثناء سريان هذه الآثار قد تلغي القاعدة القانونية التي تحكم هذه الآثار محل تنازع بين قانونين القانون القديم الذي نشأ التصرف في ظله والقانون الجديد الذي مازالت آثار ذلك التصرف في ظله أيضا .

فأي القانونين يطبق هنا ؟ وكيف يحل التنازع ؟ فإذا أرتكب شخص جريمة في قانون العقوبات الموريتاني الملغي, وقبل صدور الحكم عليه , صدر قانون العقوبات الجديد فهل يخضع المتهم للقانون القديم أم القانون الجديد ؟

وعلي هذا الأساس سنعالج الموضوع حسب المنهجية التالية :

المبحث الأول : تطبيق القانون من حيث الزمن

المطلب الأول: مبدأ عدم رجعية القوانين

الفقرة الأولي : أساس مبدأ عدم رجعية القوانين

الفقرة الثانية : الصعوبات العملية في تطبيق قاعدة عدم الرجعية

المطلب الثاني: النظريات الفقهية لحل التنازع بين القوانين

الفقرة الأولي : النظرية القديمة

الفقرة الثانية : النظرية الحديثة

المبحث الثاني: إلغاء القانون

المطلب الأول : أنواع الإلغاء

الفقرة الأولي : الإلغاء الصريح

الفقرة الثانية : الإلغاء الضمني

المطلب الثاني: السلطة التي تملك حق الإلغاء

الفقرة الأولي : اختلاط  الإلغاء بتعديل

الفقرة الثانية : آثار الإلغاء

خاتمة

المبحث الأول : تطبيق القانون من حيث الزمن

يتحدد نطاق تطبيق القاعدة القانونية من حيث الزمان بتحديد وقت بدء العمل بها ووقت إنهاء العمل بها , إلا أن تحديد وقت بدء العمل بالقاعدة القانونية وقت انقضائها بالإلغاء لا ينهى كل صعوبة في هذا الموضوع , إذ تثور في بعض الأحيان مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان والواقع أن مشكلة تحديد المدى الزمني للقواعد القانونية في وقتنا الحاضر تبدو أكثر ظهورا في مجال القواعد القانونية ذات الأصل التشريعي لذلك درج جانب من الفقه علي بحث هذا الموضوع عند الكلام عن التشريع ,ورد ذلك إلي السرعة التي يتسم بها صنع التشريع كمصدر لإنتاج القواعد القانونية .

بحيث تتعاقب القواعد القانونية المنظمة لذات الموضوع بصورة يتعذر معها الجمع بينها في التطبيق وذلك لتضمنها حلولا متعارضة لذات المسألة . (1)

علما بأن العالقات القانونية نين الأفراد في المجتمع قد تستغرق في تكونها أو إنتاج آثارها القانونية مدة قد تمتد زمنيا  .

مما يجعل تنظيمها خاضعا لعدة قواعد قانونية يتعاقب ظهورها في الزمان .

المطلب الأول : مبدأ عدم الرجعية القوانين

يعد مبدأ عدم رجعية القوانين  من المبادئ الأساسية الأصولية التي يقوم عليها النظام القانوني.

فلأخذ به يعد شرطا لازما لتحقيق العدالة واستقرار النظام كما أن المنطق يفرض الأخذ بهذا المبدأ

إن القاعدة القانونية هي أمر وتكليف بسلوك معين والتكليف أو الأمر لا يتصور توجيهه إلي ما فات وإنما إلي ما هو آت .

ففي الرجوع بالقاعدة القانونية إلي الماضي خروج علي المدى الزمني لسريانها وهو الذي يبدأ من وقت نفاذها واعتداء علي اختصاص القاعدة القانونية القديمة با لانتقاص من المدى الزمني لسريانها الذي يمتد إلي يوم انقضائها وكذلك ففي انسحاب القاعدة القانونية علي الماضي إخلال بالاستقرار

 

 

(1)                     عبد القادر  الفار _ المدخل لدراسة العلوم القانونية

مكتبة دار الثقافة لنشر والتوزيع _ سنة 2004_ص _111

الواجب للمعاملات وإهدار للثقة الواجبة في القانون , فضلا عن أنه كثير ما تترتب للأفراد حقوق ومراكز وآثار قانونية في ظل القواعد القانونية المعمول بها . (1)

فلا ينبغي أن يكون تعديل هذه القواعد أو إلغائها بقواعد قانونية جديدة فرصة للمساس بهذه الحقوق و المراكز أو الانتقاص من تلك الآثار التي ترتبت صحيحة في ظل القواعد القانونية القديمة ويقتضي العدل أيضا الأخذ بهذا المبدأ فليس من العدل أن يتصدر تشريع جديد يعاقب علي فعل كان من قبل مباحا .

كما لا يجوز أن يصدر تشريع جديد يشدد في شروط كسب الملكية عن طريق العقد مثلا, والتي تكون -أي حقوق الملكية- قد كسبت لشروط التشريع السابق.

فمثل هذه الرجعية تهدد الناس في حقوقهم وتجعل من الشرع إلاها متحكما لا تجوز منافسته ولا يمكن الافكاك من سلطانه و استبداده.

لذلك كانت قاعدة عدم الرجعية من القواعد الأصولية المقدسة في كافة شرائع العالم.(2)

الفقرة الأولى : أساس مبدأ عدم رجعية القوانين

الأصل هو أن لا يسرى القانون علي الماضي ولا يحكم الأوضاع التي قامت في ظل قانون سابق عليه .

وأن يسري هذا القانون علي المستقبل , في حكم الأوضاع التي تقوم في ظله.

فأما عدم سريان القانون علي الماضي , فمرجعه لاعتبارات الاستقرار والعدالة في آن واحد.

فإ ذا مارس المخاطبون بالقانون نشاطهم في ظل قواعد قانونية معينة, وتحددت مراكزهم وفقا لها فإن العدالة تقتضي المحافظة علي هذه المراكز , بحيث إذا ما حلت قواعد قانونية

جديدة محل القواعد المذكورة وجب أن تظل هذه القواعد الجديدة بمنى عن المركز المشار إليها.

 

 

 

 

(1)عباس عوض –المدخل للعلوم القانونية- دار المنشورات الحقوقية لسنة2001 ص 287

(2)عباس عوض- المدخل للعلوم القانونية - دار المنشورات الحقوقية لسنة2001ص 288

فإذا كانت القواعد القديمة مثلا تجعل بعض التصرفات مباحة, ثم جاءت القواعد الجديدة فجعلتها محرمة أو باطلة, فليس من العدالة في شيء مؤاخذة الأفراد الذين أتوا  هذه التصرفات في ظل القواعد القديمة أو إبطال تصرفاتهم المذكورة , (1)

وأما سريان القانون علي المستقبل, فمرجعه أن سلطان القانون القديم ينتهي بإلغائه, وهو ما يؤدي إلي توقفه عن التطبيق علي أي واقعة أو علاقة لاحقة.

هذا إلي أن إلغاء قانون قديم وإحلال قانون جديد محله يعني في الواقع أن القانون الجديد يفضل  علي القانون القديم وهذا ما يقدم أساس آخر لسريان القانون الجديد علي المستقبل, ولقد كان للاعتبارات المتقدمة التي تسند إليها أصول تطبيق القانون في الزمان أثرها في أخذ مختلف الدول بها, فقد نصت عليها كثير من الدول في قوانينها, بل إن منها ما ينص عليها في الدستور نفسه.

زيادة في الكشف عن أهميتها ولزومها لتحقيق الاستقرار والعدالة, و الأصل في عدم سريان    القانون علي الماضي وسريانه علي المستقبل, وعدم سريان القانون علي الماضي يجد تبريره في اعتبارات الاستقرار والعدالة في آن واحد.

 وسريان القانون بإلغائه من ناحية هو كون القانون الجديد هو الأفضل علي الأقل من الناحية الافتراضية.

 

الفقرة الثانية : الصعوبات العملية في تطبيق قاعدة عدم الرجعية

 غير أن أعمال الأصول السابقة ليس بسهولة التي قد تبدو من النظرة الأولي , فقد يكون من اليسير تطبيقها حين ينشأ الوضع الذي يحكمه القانون في ظل فانون جديد معين وتحققت آثاره في ظل هذا القانون ,ففي هذه الحالة لاشبهة في وحدانية تطبيق القانون المذكور علي هذا الوضع في نشأته وفي آثاره.

فإذا وضع شخص يده علي عقار وتملكه بالتقادم فلا يؤثر في ملكيته صدور قانون بعد ذلك يغير من شروط التقادم ويبطل من مدته مثلا لأن واقعة وضع اليد نشأت ورتبت آثارها في ظل

القانون القديم

 

(1) نعمان عزات الطباخي – المدخل لدراسة القانون – مركز الدراسات والبحوث والنشر

لسنة 2002 – ص- 107

 وإذا ارتكب شخص جريمة وعوقب من أجلها ونفذت العقوبة , ثم صدر بعد ذلك قانون يشدد العقوبة , فلا يؤثر صدور هذا القانون علي مثل هذا الشخص .....وهكذا

و لكن الصعوبة تثور حين يبدأ الوضع القانوني في التكوين في ظل قانون معين ثم تكتمل عناصر التكوين في ظل قانون جديد أو حين ينشأ هذا الوضع في ظل قانون معين وتتحقق آثاره أو ينقص في ظل قانون آخر جديد(5)

ففي مثل هذا الغرض يثار التسائل حول تحديد أي القوانين يكون واجب التطبيق ؟

فهل نطبق القانون القديم بسبب تكون عناصر الوضع كلها أو بعض في ظله ؟ أونرجع تطبيق القانون الجديد بسبب أكتمال عناصر التكوين أو تحقق الآثار بعد نفاذه ؟ أو نطبقها معا ؟وفي هذا الغرض الأخير ماذا عساه أن يكون معيار توزيع الولاية بين القوانين , فالشخص مثلا يجوز له أن يوصف في حدود ثلث تركته في ظل قانون قائم , فإذا أوصي شخص لآخر بثلث تركته ثم صدر قانون جديد فبل وفاته يحرم الوصية فيما يجاوز الربع.

فأي القوانين يكون واجب التطبيق ؟

مما لاشك فيه أن الوصية لا تصبح نهائية إلا بالوفاة ومن ثم فإن الوصية السابقة وإن كانت قد أبرمت في ظل القانون القديم إلا أنها لم تصبح نهائية إلا في ظل القانون الجديد .

وهكذا بنسبة لكافة الوقائع والتصرفات التي تستغرق نشأتها أو إنتاجها لآثارها فترة طويلة

ومن الواضح أن وضع الحلول لمثل هذه الفروض وفق الأصول تنازع القوانين في الزمان يحتاج إلي معيار يبن ما إذا كان في تطبيق القانون الجديد سريان له علي الماضي , فنمتنع عن تطبيقه , وما إذا لم يكن في هذا التطبيق سريان علي الماضي فنمضي فيه دون حرج, وقد يعتمد المشرع في بعض الأحيان إلي حل المشكلة فيبن بالنسبة لكل تشريع مدي تطبيقه علي الماضي , واضعا في اعتباره أن المصلحة العامة قد تقتضي الخروج علي مبدإ عدم رجعية القوانين بنص خاص يتضمن حكما انتقاليا مخالفا, وكثيرا ما يتخلص المشرع من المشكلة عن هذا الطريق فيضع أحكاما انتقالية في التشريع الجديد يتضمن ما يراه المشرع محقق لمصلحة المجتمع  ومتفقا مع العدالة.

 

 

5- عباس عوض المدخل للعلوم القانونية –دار المنشورات الحقوقية 2001-ص288-289

                    

               

ولكن في كثير من الحالات يسكت المشرع عن تنظيم كيفية تطبيق القانون الجديد بالنسبة للأحداث التي بدأت فبل أن يصير نافذا , ولقد حاول الفقه خلال القرن التاسع عشر حل هذه المشكلة فظهرت نظرية سميت  بالنظرية القديمة , غير أن التطبيق العملي قد كشف عن عدم كفاية هذه النظرية فقامت نظرية أخري تحاول من جديد تقديم الحلول لهذه المشكلة وتعرف بالنظرية الحديثة.

المطلب الثاني: النظريات الفقهية لحل التنازع بين القوانين

بداية فإنه إذا  نشأت وقائع لاحقة علي القانون الجديد وكانت جديدة , فإنه من الطبيعي أن يحكمها القانون الجديد , وكذلك إذا نشأت وقائع وأعمال سابقة علي نفاذ التشريع الجديد وكانت قد أنتجت آثارها قبل هذا النفاذ , فأن القانون القديم هو الذي يحكمها , وفي هاتين الحالتين تطبيق واضح لمبدأ عدم الرجعية ولكن المشكلة تكون بالنسبة للوقائع التي نشأت في ظل القانون القديم , ومازالت تنتج آثارها في ظل القانون الجديد!

وفي هذا المجال نعرض أولا النظرية التقليدية التي تري وجوب التفرقة بين الحقوق المكتسبه ومجرد الآمال ونتبعها بالنظرية الحديثة وهي تميز بين الأثر الرجعي المباشر للقانون

 

القفرة الأولي : النظرية التقليدية

تقون النظرية التقليدية علي أساس التفرقة بين ما سمته بالحق المكتسب وبين مجرد الأمل , فالقانون الجديد لا يستطيع المساس بالحق المكسب , وإلا كان ذلك أثر رجعي ولكن هذا القانون يستطيع المساس بمجرد الأمل دون أن يكون في المساس به أثر رجعي.

فالبنسبة للميراث مثلا لا يكون للورثة أثناء حياة مورثهم إلا مجرد أمل في الإرث, فإذا توفي المورث أصبح الأمل حقا مكتسبا, وعلي ذلك إذا صدر قانون جديد يعدل من أنصبة الورثة فإن الحل طبقا للنظرية التقليدية يكون علي الوجه التالي

لو كان المورث قد توفي قبل صدور القانون الجديد فإن الورثة يكتسبون حقوقا علي التركة بوفاته, فلا ينطبق عليهم القانون الجديد, أما إذا لم يكن المورث قد توفي عند صدور القانون الجديد فإن التعديل الذي جاء به يسري علي أنصبة الورثة, لأنه لا يمس إلا بمجرد أمل.

 

 

وبالنسبة للتملم بالتقادم لا يكون للشخص لسوي مجرد أمل قبل تمام مدة التقادم المطلوبة, فإذا تمت هذه المدة أصبح له حق مكتسب , وعلي ذلك فإذا صدر يطيل مدة التقادم, وكان ذلك بعد تمام المدة الازمة, فإن هذا القانون الجديد لا يسري وإلا أعتبر في سريانه إخلال بحق مكتسب لواضع اليد, أما إذا صدر القانون الجديد المعدل للمدة ولم يكن التقادم قد أكتمل بعد, فإن المدة الجديدة هي التي تسري لأن واضع اليد لا يكون قد أكتسب أي حق, بل كان له مجرد أمل في اكتساب الملكية بالتقادم, إذا كان من المحتمل أن يتحرك المالك الأصلي قبل انقضاء مدة التقادم فيبحث عن ملكه ويسترده من واضع اليد.

التفرقة بين الحق المكتسب وبين مجرد أمل , إذا في تطبيق القانون المساس بحق مكتسب كان ذلك تطبيقا له علي الماضي, وإذا كان في تطبيقه مجرد المساس بأمل فلا يكون تطبيقا له علي الماضي, مثال ذلك الميراث قبل وفاة المورث يكون مجرد أمل قبل إكمال المدة ولكنه يعد حقا بإكماله, وإذا كانت القاعدة هي عدم رجعية القانون, بمعني عدم مساسه بالحقوق التي أكتسبت في ظل القانون القديم, لفإن هذه القاعدة ليست مطلقة في ظل النظرية التقليدية , فمن المسلم به في هذه النظرية إمكان تطبيق القانون بأثر رجعي في بعض الحالات استثناء من الاصل العام

 

أما في حالة النص الصريح فإذا ضمن المشرع القانون نصا صريحا بسريان الحكم الذي ورد به علي الماضي, فإنه ضمن المشرع القانون نصا صريحا بسريان الحكم الذي ورد علي الماضي, فإنه يعمل بالقانون الجديد حتى إذا أخل بالحقوق المكتسبة, ومرجع ذلك أن مبدأ عدم رجعية القوانين يخاطب القاضي وحده ولا  يخاطب المشرع, فالمشرع يملك تقرير إعمال القانون بأثر رجعي كلما رأى في ذلك تحقيقا للمصلحة العامة.

أما بخصوص التفسير فإنه إذا صدر قانون جديد لتفسير قانون قديم, فإن هذا القانون الجديد يسري علي الأوضاع التي نشأت في ظل القانون القديم, استثناء من مبدأ عدم الرجعية, ذلك أن القانون الأخير بما يتضمن من تفسير القانون الأول يعتبر جزءا منه, فيكون طبيعيا أن يمتد إلي حكم الأوضاع التي قامت في ظل القانون الأول, ومن ثم يكون علي القضاء تطبيقه علي الدعاوي التي مازالت أمامه(6).

 

6-  عبد القادر الفار- مرجع سابق-ص 112-114

 

 

 

الفقرة الثانية : النظرية الحديثة

قامت النظرية الحديثة علي أساس التفرقة بين مبدأين :          

مبدأ عدم  رجعية القانون الجديد من جهة, ومبدأ سريانه سريانا مباشرا من أخري

وعلي هذا الأساس يقوم حل مشكلة تنازع القوانين في الزمان علي:

عدم رجعية القانون الجديد ويقصد به أن القانون الجديد لا يمس ماتم في ظل القانون القديم من المراكز القانونية التي تكونت أو أنقضت, كما أنه لا يمس ما توافر من عناصر خاصة بتكوين أو انقضاء تلك المراكز أو ما رتبته المراكز القانونية من آثار .

فإذا وضع شخص يده علي مال مملوك للغير بقصد تملكه وانقضت المدة اللازمة لذلك و أصبح هذا الشخص مالكا بوضع اليد فإن أي قانون جديد يصدر بعد تكون مركز الشخص القانوني كمالك بوضع اليد في ظل القانون القديم, وإذا ما انقضي مركز قانوني في ظل القانون القديم, فلا يسري عليه القانون الجديد, كما إذا انقضت العلاقة الزوجية بالطلاق مثلا وصدر بعد ذلك قانون جديد يقيد الطلاق ويستلزم إتمامه أمام المحكمة,فإن هذا القانون لا يسري علي الرابطة المذكورة لإنقضائها في ظل القانون القديم الذي لم يكن يشترط إتمام الطلاق أمام المحكمة,

وإذا توافرت بعض عناصر تكوين أو انقضاء المراكز القانونية دون البعض الآخر, فإن القانون الجديد لا يمس ما تم منها فعلا, فالمركز القانوني الناشئ عن الوصية مثلا لا يتكون إلا باجتماع عنصرين, فلا بد أولا من إبرام الوصية ولابد ثانيا من وفاة الموصى لتمامها, وعلى ذلك فإن القانون الجديد الذي يصدر بعد إبرام الوصية, وإنما يرجع في ذلك إلي القانون القديم, أما بالنسبة لتمام الوصية فيرجع فيه إلي القانون الجديد تطبيقا للأثر المباشر للقانون المذكور وبذلك لا تكون الوصية نافذة في حق الورثة إلا في الحدود التي يسمح بها القانون الجديد.

أما بالنسبة للآثار المترتبة علي المراكز القانونية فإن القانون الجديد لا يسري منها قبل نفاذه, فإذا كانت الملكية تنتقل في ظل القانون القديم بمجرد العقد ثم صدر قانون يجعلها لا تنتقل في العقار إلا بالتسجيل, فلا يسري القانون الجديد علي ما تم من عقود في الماضي ولا يمس الآثار المترتبة علي, وبالتالي لا تكون هناك حاجة إلي إلي تسجيل تلك السابقة عليه, أما إذا كانت الآثار تتلاحق في الزمن, فإن القانون الجديد لا يسري علي ما تم تحققه منها قبل نفاذه, ويقتصر سريانه علي ما لم يتم تحققه بعد هذا النفاذ تطبيقا للأثر المباشر.

---------------------------------------------------------------------------------------

 

 

ولقد رأينا أن النظرية القديمة تورد استثناءات أربعة علي مبدأ عدم رجعية القانون ويختلف موقف النظرية الحديثة من هذه الإستثناءات  من استثناء إلي آخر.

 أما عن الإستثناء الأول الخاص بحالة النص الصريح علي الرجعية فإن النظرية الحديثة تتفق بشأنه مع النظرية التقليدية, فمن المسلم به في كل منهما أن للمشرع أن يضمن القانون نصا يقضي صراحة بسريانه -علي الماضي  مع مراعاة عدم انصراف ذلك إلي المسائل الجنائية-

تأسيسا علي مبدأ عدم الرجعية يخاطب القاضي دون المشرع.

كذلك الشأن بالنسبة للإستثناء الخاص بالقوانين التفسيرية فالنظريتان تتفقان عليه, ذلك أن هذا النوع من القوانين ماهو إلي تفسير لقوانين سابقة, بحيث يعتبر جزءا منها ولذالك فالقوانين التفسيرية تسري علي الأفعال التي تمت قبل صدورها مادام لم يفصل فيها بحكم نهائي قبل صدورها. علي أن البعض منه يحق إلي أن القوانين التفسيرية التي تقتصر علي التفسير فقط لا تعد استثناء بالمعني الصحيح, لأنها توضح ما غمض من قانون سابق فالذي يطبق هو القانون القديم مفسرا طبقا للمعني الذي أوضحه القانون الجديد ومن المفروض أن المشرع في القوانين التفسيرية لا يأتي بقواعد جديدة تتنازع مع القواعد القديمة حتي يقال أن هذه القواعد تطبق أثر رجعي وأن تطبيقها تبعا لذالك يكون علي سبيل الإستثناء من مبدأ عدم الرجعية.

وأما بالنسبة للإستثناء الثالث بالقوانين الجنائية الأصلح للمتهم فالنظرية الحديثة لاتعتبره استثناءا من مبدأ عدم الرجعية وإنما إعمالا للمبدأ المقرر فيها وهو مبدأ الآثر المباشر, ذلك أنه إذا كان الفعل قد أرتكب في ظل القانون القديم إلا أن المركز القانوني الناشئ عنه لا يتم تكوينه إلا في ظل القانون الجديد. فهذا المركز يتكون من عنصين هما:

هو اقتراف الفعل المكون للجريمة  و الآخر هو صدور الحكم القضائي .

-        والأثر المباشر للقانون الجديد حيث تري النظرية الحديثة أن القوانين تطبق في الحال من وقت العمل بها, وتبعا لذلك يقف العمل بالقوانين السابقة التي أتت القوانين الجديدة تعديلا أو إلغاء لها, لذلك ينبعي – إلي جانب مبدأ عدم رجعية القانون الجديد- تقرير مبدأ تطبيق هذا القانون بأثر مباشر, متعا من استمرار القانون القديم في السريان بعد نفاذ القانون الجديد, وتقرير مبدأ الأثر المباشر لقانون الجديد يجد تبريره فيما يحققه من وحدة القانون المطبق علي المراكز القانونية ذات الطبيعة الواحدة, القانون الجديد يطبق بالنسبة للمراكز القانونية التي تنشأ أو تنقضي بعد العمل به, كما يطبق بالنسبة لعناصر تكوين, أو انقضاء المراكز القانونية التي تتحقق في ظله إذا كانت هذه المراكز قد بدأت في

التكوين أو الإنقضاء في ظل القانون القديم, فالقانون الذي يصدر مثلا بعد تحرير الوصية وقبل وفاة الموصي يسري بماله من أثر مباشر في شأن صحة الوصية من حيث الموضوع ولكن لا يسري في شأن صحة الوصية من حيث أهلية الوصي أو من حيث الشكل, نظرا لأنها حررت في ظل القانون القديم .

كذلك فالقانون الجديد يسري علي الآثار التي تترتب في ظله ولو كانت آثار المراكز آثار قانونية نشأت في ظل القانون القديم, فمثلا القانون الجديد الذي يصدر معدلا لشروط نفقة المطلقة أو حضانة الأولاد يسري بأثر مباشر علي كل نفقة أو حضانة مستقبلية مترتبة علي الطلاق صادر في ظل القانون القديم, وأن يكن لا أثر له علي ما استحق من نفقة ومن حضانة فبل نفاذه  .

تذهب النظرية الحديثة علي أنه إذا كان القانون الجديد يطبق تطبيق مباشر إلا أن العدالة واستقرار النظام يقتضيان التسليم باستمرار القانون القديم بعد إلغائه في بعض الحالات غلي سبيل الإستثناء ومرجع هذه الإستثناءات أن إعمال مبدأ الأثر المباشر يستند ألي حكمة معينة هي كفالة وحدة القواعد التي تطبق علي المراكز القانونية المتماثلة في الوقت الواحد, فإذا استحال تحقيق هذه الوحدة لم يكن هناك ما يدعو لأعمال هذا المبدأ, ولما كانت العقود التي لم تبرم بين الأفراد تختلف أحكامها تبعا لما يتفقون عليه, فإنه لا محل لتطبيق فكرة الأثر المباشر بشأنها, إن تهدف إلي توحيد القواعد التي تطبق علي المراكز القانونية المتماثلة وتنظيم المراكز العقدية يختلف نتيجة لحرية الأفراد في تنظيمها طبقا لمبدأ سلطان الإرادة.

علي أن مبدأ إستمرار القانون القديم في السريان في داخل النطاق الزمني للقانون الجديد لا  ينصرف إلي كافة العقود وإنما يقتصر علي الحالات التي تتوافر فيها الحكمة من تقريره, ولتحديد هذه الحالات ذهب البعض إلي التميز بين أنواع العقود

فهناك عقود ينظم المشرع الآثار التي تنشأ عنها أو بعضها, مثل عقد الزواج, وهناك عقود يترك القانون تنظيمها لإرادة الأفراد ومبدأ استمرار القانون القديم يقتصر علي هذا النوع الأخير من العقود, لأن كل متعاقدين فيما ينظمان العلاقة بينهما علي الوجه الذي يروق لهما علي نحو لا تتوافر معه الحكمة من تطبيق مبدأ الأثر المباشر أما بالنسبة للنوع الأول  الذي يتولي القانون تنظيمه, فإن الحكمة من تطبيق فكرة الأثر المباشر تكون متوافرة.(7)

 

 

 

 

علي أن التفرقة بين الحلات التي يطبق فيها القانون الجديد بأثر مباشر والحالات التي يستمر فيها سريان القانون القديم, علي أساس المعيار السابق, تدق في كثير من الأحيان لذلك فقد اقترحت معيارين أخري للحلول محله, ولعل أوضح معيار قيل به في هذا الصدد هو الذي يري تطبيق القانون الجديد بأثر مباشر إذا كانت قواعده آمرة, أما إذا كانت قواعده مكملة, فإنه يكون هناك مجال لإستمرار القانون القديم .

 

المبحث الثاني: إلغاء القانون

 

الأصل أن القاعدة القانونية أيا كان مصدرها ، تظل سارية المفعول أي نافذة ومعمول بها حتى ينقضي العمل بها عن طريق الإلغاء.

ويقصد بإلغاء القانون ، إنهاء سريانه  ووقف العمل به نهائيا وتجريده من قوته الملزمة وإزالة الصفة القانونية عنه ، إما بإحلال قانون آخر محله أو بالاستغناء عن الموضوع الذي ينظمه وإبطال مفعوله نهائيا دون إحلال موضوع آخر محله ، فيمتنع على القاضي الحكم بمقتضاه .

وحكمة الإلغاء هي انتقاء المصلحة من العمل بقانون معين ، لأن القانون يهدف إلى تحقيق المصالح ، فإذا ثبت أن هذه المصالح لا تتحقق في ضل قانون معين عمدت السلطة المختصة إلى إلغائه ونسخه.

كما أن التطورات المختلفة قد تؤدي إلى عدم تجاوب القانون مع الشعور العام لدى المواطنين ، ولهذا تتعرض القوانين للتغيير والتبديل والإلغاء فالمشرع كما أنه يستطيع سن ما يشاء من تشريعات حين تدعوا المصلحة أو الضرورة إلى ذلك ،فإنه يستطيع أيضا أن يلغي التشريعات التي يرى أنها لم تعد ملائمة للمصلحة العامة أو لم تعد قادرة على مجارات التطور الإجتماعي، وقد يحصل الإلغاء إما باستبدال قانون قديم بآخر جديد يحل محله في التطبيق ، فينتهي العمل بالقانون السابق لعدم ملاءمته للمصلحة العامة ويعمل بالقانون الجديد يصحح خطأ القانون الملغي ويصلح ما فيه من عيب وقصور ، ويرد الإلغاء على القاعدة القانونية أيا كان مصدرها ، فهو لا يقتصر على القاعدة القانونية المستمد من التشريع بل يشمل أيضا القواعد القانونية المستمدة من مصادر أخرى كالعرف مثلا و إن كانت أهمية الإلغاء العلمية لا تبرز إلا بالنسبة للتشريع.

 

المطلب الأولى: أنواع الإلغاء

ينقسم الإلغاء بحسب كيفية حصوله أو الطريقة التي يأتي فيها إلا إلغاء صريح أو إلغاء ضمني كما نصت على ذلك قوانين عديدة .

 

الفقرة الأولى: الإلغاء الصريح

وهو الإلغاء الإلغاء الذي يفهم بمجرد قراءة عبارة النص التي تفيد الإلغاء دون حاجة  إلى الإستنتاج ،عندما

يرد نص صريح في التشريع الجديد اللاحق بهذا الإلغاء.

ولا يتحقق الإلغاء الصريح إلا بواسطة التشريع، إذ أن التشريع هو الذي يتصور فيه التصريح بالإلغاء

والغالب أن يكون الإلغاء الصريح بصدور تشريع ينص فيه على إلغاء تشريع سابق معين ،أو ينص فيه على إلغاء ما يخالفه من قواعد.

وهذا النوع من الإلغاء هو أبسط أنواع الإلغاء وأشدها وضوحا وأكثرها استعمالا، إذ أن أغلب التشريعات  تتضمن عادة نصا خاصا يقضي بإلغاء أحكام التشريعات المختلفة أو التي جاءت لتحل محلها، ولا يشترط في  هذه الحالة أن يشمل النص اللاحق بديلا عن النص السابق، بل قد يقتصر النص الجديد اللاحق على إلغاء النص السابق فقط فيعود الأمر فيه إلى الإباحية الأصلية ولهذا فإن الإلغاء الصريح يتحقق في الحالات التالية:

إذا صدر تشريع جديد لاحق ينص صراحة على إلغاء تشريع سابق أو إحلال نفسه محله، ومن البديهي أن إلغاء القانون السابق لا يتحقق إلا بحلول الموعد المحدد لسريان القانون الجديد ونفاذه، وهو ثلاثون يوما من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية ما لم يرد نص في التشريع الجديد يحدد ميعادا آخر أقصر أو أطول من الميعاد المذكور.

 

 

ويعتبر من قبيل الإلغاء الصريح كذالك الحالة التي ينص فيها على توقيت التشريع بمدة معينة أو ينص فيها على أو ينص فيها على أن يستمر العمل بالتشريع إلى أن يتحقق أمر معين، حيث يصبح التشريع لاغيا إذا انقضت تلك المدة أو تحقق هذا الأمر المعين، ومن أمثلة القوانين التي تلغى بفوات المدة المعينة لسريان التشريع القوانين الخاصة بالتسعير الجبري والتي ينص فيها على سريانها لمدة معينة، ومن أمثلة القوانين التي تلغى بتحقيق أمر معين القواعد التي تصدر أثناء الحرب و ينص فيها على أن يعمل بها مدة  قيام  الحرب فقط.(1)

 

الفقرة الثانية : الإلغاء الضمني

الإلغاء الضمني هو الذي لا يفهم بمجرد قراءة عبارة النص لعدم ورود نص صريح به، وإنما يستخلص من تناقض أحكام قانون لاحق مع أحكام قانون سابق، أو من تشريع جديد لموضوع تشريع قديم دون أن ينص في التشريع اللاحق على إلغاء التشريع السابق، وفي السياق نصت المادة من القانون الأردني على أنه:(لا يجوز إلغاء نص تشريعي إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.)

ويتبين من هذا النص أن الإلغاء أن الإلغاء الضمني يتحقق في صورتين:الأولى هي التعارض بين قاعدة جديدة وأخرى قديمة ،والثانية تنظيم الموضوع نفسه من جديد.

غير أن التعارض بين أحكام القوانين لا يفيد دائما إلغاء النص السابق بالنص اللاحق إذ يشترط في تحقق هذا النوع من الإلغاء أن يكون الحكم الجديد والحكم القديم من نوع وصفة واحدة، ذلك أن بعض القواعد القانونية تأتي بحكم عام وبعضها الآخر يأتي بحكم خاص، فإذا كان الحكم القديم عاما يلزم حتى يلغى أن يكون الحكم الجديد عاما، وإذا كان الحكم القديم خاصا يلزم أيضا حتى يلغى أن يكون الحكم الجديد خاصا، فإذا اتحدت أحكام القاعدة القديمة والقاعدة الجديدة على هذا النحو كان هنالك الإلغاء كليا أو جزئيا حسب الأحوال.

ويلاحظ أن التشريع إذا نص على إلغاء كل قاعدة قانونية تتعارض أحكامها مع أحكامه فإن هذا الإلغاء ضمني لا يقتصر على القواعد المستمدة من التشريع وإنما يشمل أيضا كافة القواعد المستمدة من المصادر الأخرى ما دامت أحكامها تتعارض مع أحكام التشريع، لأنه أسمى مرتبة منها كما أن هذه الصورة من صور الإلغاء تصدق على التعارض بين جميع القواعد في ما بينها أيا كان مصدرها، فهو يتحقق إذا قام التعارض بين قاعد ة تشريعية جديدة و قاعدة تشريعية جديدة في الحدود السابقة، أو بين قاعدة تشريعية وقاعدة مستمدة من أحكام الفقه الإسلامي أو مبادئ الشريعة الإسلامية دون أن يمس هذا الإلغاء الصفة الدينية للقاعدة وإنما يرفع عنها فقط قوتها الملازمة كقاعدة من قواعد القانون الوضعي.

 

        

   المطلب الثاني: السلطة التي تملك حق الإلغاء

القاعدة في هذا الشأن أن السلطة التي تملك إلغاء القانون هي نفس السلطة التي تملك حق إنشائه أو سلطة أعلى منها مرتبة أي السلطة التي تملك حق إنشاء قانون في مرتبة القانون الملغي أو أعلى من مرتبة، وقد رأينا أن القواعد ليست كلها على درجة واحدة ، حيث تتدرج قوتها بحسب المصدر الذي تستمد منه.

 

 

 

 


1- مصطفي الجمال-نبيل ابراهيم سعد-النظرية العامة للقا�

المصدر: طلاب جامعة انواكشوط المجموعة2 اولي ليصانس عربي
abdsalam

كل ماعندي بلا قيمة إذا لم تعلقوا أوتصوتو عليه الإنسان يستفيد من الأخطاء

  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 1987 مشاهدة
نشرت فى 4 يونيو 2010 بواسطة abdsalam

ساحة النقاش

عبد السلام ولد عبد الله

abdsalam
عبد السلام ولد عبد الله من موريتانيا السن 22 سنة طالب في جامعة انوكشوط يمكنكم مراسلتي على الايميل [email protected] او www.abdsalam.fr.gd »

إبحث من هنا

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

101,498

إتصل بنا