ومن المفاهيم السائدة والخاطئة أن الحمل يجب أن يحدث في الشهر الأول بعد الزواج، ويكمن الخطأ في أن احتمالية الحمل في كل شهر لا تزيد على 10 %.

من المسؤول عن ضعف الإنجاب؟

بيدأ الزوجان في معظم الأحيان وبصورة خاصة بعد مرور سنة على الزواج، في البحث عن أسباب تأخر الحمل، وفي الغالب يطلب من الزوجة أن تبادر هي بمراجعة الطبيب وكأنها هي مصدر المشكلة، وذلك للتأكد من قدرتها على الانجاب، اما الزوج فإنه يتردد في اجراء الفحوصات اللازمة التي يطلبها الأطباء، ولو روجعت الاحصائيات المتوافرة حول هذه المشكلة لوجد ان مسؤولية الازواج في ضعف الانجاب تزيد على 40 % من الحالات، وفي المقابل فإن مسؤولية الزوجة تصل الى حوالي 45 % من اجمالي الحالات التي تعاني من هذه المشكلة، في حين يتبقى 15 % تمثل الحالات التي تخلو من مسؤولية الزوج والزوجة، ومما تجدر الإشارة له أن نسبة حالات ضعف الإنجاب التي لا يمكن تفسيرها تتراوح من 3 - 5 % من اجمالي الحالات.

ويحدث الحمل عندما يلتقي الحيوان المنوي بالبويضة فيحصل الإخصاب، وتنتقل البويضة المخصبة أو الزيجوت عبر قناة فالوب؛ حيث تبدأ هناك أولى مراحل نموها ومن ثـم تنتقل لتستقر في الرحم؛ حيث يتشكل الجنين وينمو ليصبح جنينا كاملا يخرج الى العالم بعد تسعة أشهر.

أسباب ضعف الإنجاب عند المرأة

1 - خلل الإباضة: تبدأ الفتاة بعد سن البلوغ بأشهر قليلة بطرح بويضة من أحد المبيضين بمعدل مرة واحدة كل شهر، وتستمر هذه العملية بصورة منتظمة يؤثر فيها عمل الغدد الصماء مثل غدة ما تحت المهاد والغدة النخامية والغدة الدرقية والغدة الكظرية حتى بلوغ سن الأمل "انقطاع الطمث"، وفي بعض الحالات تحدث حالات خلل واضطراب، فقد تنعدم الاباضة او تصبح على فترات متباعدة الى جانب توقف المبيض عن العمل في حالات الرضاعة الطبيعية والحمل.

2 - خلل في قناتي فالوب: بعد انبعاث البويضة من المبيض في الفترة الواقعة بين اليوم الثاني عشر والسادس عشر من بداية الدورة تحتضن قناة فالوب البويضة إلى أن يتم إخصابها، وفي غضون فترة زمنية تتراوح بين ثلاثة أو أربعة أيام تنزلق البويضة المخصبة وتستقر في الرحم. وأي خلل قد يصيب قناتي فالوب (خلقيا او مرضيا) او اي التهابات حادة او مزمنة، او اية عمليات سابقة في منطقة الحوض كإزالة اكياس مبيضية او استئصال الزائدة الدودية، هذه جميعها قد تؤثر سلبيا على وظائف قناتي فالوب، وتحول دون حدوث الإخصاب وبخاصة في حالات الالتصاقات او مرض بطانة الرحم.

ويمكن التغلب على هذه المشكلة بواسطة التقنيات الحديثة التي تساعد في الاخصاب خارج الجسم، والمقصـود بـهذا اطفال الانابيب، اضافة الى الحلول الاخرى التي تقوم على اساس اجراء عملية جراحة مجهرية لمعالجة الخلل في قناتي فالوب.

3 - خلل في الرحم: يقوم الرحم باستقبال البويضة الملقحة (العلقة) القادمة عبر قناة فالوب، وتنمو داخل تجويف الرحم لمدة ثلاثة ايام، ثم تلتصق بجدار الرحم الذي تم تحضيره لاستقبال البويضة الملقحة، وتسـبـب عـوامل عدة خللا في الرحم مثل: صغر حجم الرحم، الرحم ذي القرن الواحد، الرحم ذي القرنين، وجود حاجز في الرحم، وجود ألياف او التصاقات في الرحم، وهـذه جميعها عوامل تعيق الحمل والانجاب، وتساعد في حدوث الاجهاض المتكرر. ويتم تشخيص هذه الحالات بدقة لمعرفة السبب الذي يؤدي الى الإجهاض المتكرر، وقد يلجأ الطبيب الى العلاج بالادوية او الجراحة او بالجراحة والادوية معا.

4 - لا بد من مرور الحيوانات المنوية عبر عنق الرحم للوصول إلى داخل الرحم، ويقوم عنق الرحم بإفراز سوائل تساعد الحيوانات المنوية في السباحة، عند حصول الاباضة، ويتم ذلك تحت تأثير هرمونات المبيض كي يسمح للحيوانات المنوية المرور الى داخل الرحم ومن ثم الى قناتي فالوب. وأي خلل في افرازات عنق الرحم او وجود اجسام مضادة يفرزها عنق الرحم فإنه سيقتل الحيوانات المنوية او يعيق حركتها ويمنعها من المرور، ويتم التغلب على هذه المشكلة بالعلاج او التلقيح داخل الرحم من الزوج.

أسباب ضعف الإنجاب عند الرجال

بعد سن البلوغ تقوم الخصيتان بإفراز الحيوانات المنوية الى البرزخ ومنه تنتقل الى قناتي المني، ثم تمتزج بإفرازات سائلة لغدة البروستات والغدة المنوية ليتم قذفها بعد ذلك عند الجماع من خلال الإحليل الى داخل المهبل، وتستغرق هذه الرحلة فترة تتراوح بين 62 و90 يوما. وتعمل الخصيتان تحت تأثير غدد صماء مثل؛ غدة ما تحت المهاد والغدة النخامية اضافة الى الغدة الدرقية والغدة الكظرية، ويمكن تلخيص حالات ضعف الإنجاب عند الذكور في الأسباب التالية:

1 - خلل في الخصيتين: ويكون ذلك اما خلقيا كحالات احتباس الخصيتين وعدم نزولهما الى داخل الصفن، وقـد يحدث ذلك في الشهر الثامن من عمر الجنين، وقد اراد الله سبحانه وتعالى ان تكون حرارة الخصيتين داخل الصفن اقل من حرارة الجسم بحوالي 2.4 درجة مئوية، وأي احتباس للخصيتين يؤدي الى ارتفاع حرارتهما ما يؤدي بالتالي الى تلفهما وانعدام انتاج الحيوانات المنوية فيهما. لذا من الضروري فحص خصيتي الطفل بعد ولادته، فاذا لم تكن الخصيتان داخل الصفن فيجب اجراء عملية سحب الخصيتين الى داخل الصفن قبل السـنة الثانية من عمر الطفل، واي انتظار سيؤدي الى تلف الخصيتين وضعف الانجاب عند البلوغ، كما ان هناك بعض الامراض الخلقية الاخرى.

2 - خلل في البربخ والقنوات الناقلة: ويقصد بذلك انسداد المسارات التي تسير فيها الحيوانات المنوية بفعل أمراض جنسية كالسيلان، ويمكن تشخيص هذه الحاله بأخذ خزعة من الخصيتين او بواسطة صور ظلية لقنوات المني، يمكن بواسطتها تحديد طبيعة المشكلة والعلاج النافع في هذه الحالة.

دور الطب في معالجة مشاكل الإنجاب

يجب على الأطباء التعامل مع هذه الحالات بحذر شديد؛ لأن غالبيتها مرتبطة بأسباب وعوامل نفسية، مع ضرورة إجراء كافة الفحوصات الضرورية لتشخيص الحالة بدقة.

والوقوف على اسبابها المرضية، فإذا كانت الاسباب نفسية فتعالج من قبل اطباء الامراض النفسية، وإذا كانت الاسباب مرضية كالسكري او ارتفاع هرمون الحليب عولج المسـبب بالدواء او الجراحة او بوساطة الأجهزة المساعدة؛ حيث دخلت تقانة أطفال الأنابيب للمساعدة في التغلب على كثير من أسباب وحالات ضعف الانجاب، واصبح بالامكان تخصيب البويضة خارج الجسم.