authentication required

 

الصيام

 

 الصيام ، يطلق على الامساك . قال الله تعالى : ( إني نذرت للرحمن صوما ) أي إمساكا عن الكلام . والمقصود به هنا ، الامساك عن المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ، مع النية فضله :

 1 - عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال الله عزوجل : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام ، فإنه لي ( 1 ) ، وأنا أجزي به ( 2 ) ، والصيام جنة ( 3 ) ، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ( 4 ) ، ولا يصخب ( 5 ) ، ولا يجهل ( 6 ) ، فإن شاتمه أحد ، أو قاتله ، فليقل : إني صائم ، مرتين ، والذي نفس محمد بيده لخلوف ( 7 ) فم الصائم ، أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك ، وللصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح بفطره ، وإذا لقي ربه فرح بصومه " . رواه أحمد ، ومسلم ، والنسائي . 2 - ورواية البخاري ، وأبى داود : " الصيام جنة ، فإذا كان أحدكم صائما ، فلا يرفث ، ولا يجهل ، فإن امرؤ قاتله ، أو شاتمه فليقل ، إني صائم ، مرتين ، والذي نفس محمد بيده ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي . الصيام لي ، وأنا أجزي به ، والحسنة بعشرة أمثالها " .

 ( هامش ) ( 1 ) إضافته إلى الله إضافة تشريف . ( 2 ) هذا الحديث بعضه قدسي وبعضه نبوي . فالنبوي . من قوله : والصيام جنة إلى آخر الحديث . ( 3 ) " جنة " أي مانع من المعاصي . ( 4 ) " الرفث " أي الفحش في القول . ( 5 ) " لا يصخب " أي لا يصيح . ( 6 ) " لا يجهل " أي لا يسفه . ( 7 ) " الخلوف " تغير رائحة الفم بسبب الصوم .

 3 - وعن عبد الله بن عمرو . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام أي ( 1 ) رب منعته الطعام والشهوات ، بالنهار ، فشفعني به . ويقول القرآن : منعته النوم بالليل ، فشفعني فيه فيشفعان ( 2 ) " رواه أحمد بسند صحيح .

 4 - وعن أبي أمامة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : مرني بعمل يدخلني الجنة ، قال : " عليك بالصوم فإنه لا عدل له " ( 3 ) ثم أتيته الثانية ، فقال : " عليك بالصيام " . رواه أحمد ، والنسائي ، والحاكم ، وصححة .

 5 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يصوم عبد يوما في سبيل الله الا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه ، سبعين خريفا " رواه الجماعة ، إلا أبا داود .

 6 - وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن للجنة بابا ، يقال له : الريان ، يقال يوم القيامة : أين الصائمون ؟ فإذا دخل آخرهم أغلق ذلك الباب " . رواه البخاري ومسلم .

 أقسامه : الصيام قسمان : فرض ، وتطوع . والفرض ينقسم ثلاثة أقسام :

 1 - صوم رمضان . 2 - صوم الكفارات . 3 - صوم النذر .

 والكلام هنا ينحصر في صوم رمضان ، وفي صوم التطوع . أما بقية الاقسام ، فتأتي في مواضعها .

 صوم رمضان حكمه : صوم رمضان ، واجب بالكتاب ، والسنة والاجماع .

 ( 1 ) " أي " حرف نداء بمعنى " يا " أي : يا رب . ( 2 ) أي تقبل شفاعتهما . ( 3 ) " لا عدل له " أي لا مثل له .

 فأما الكتاب : فقول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب ( 1 ) عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) وقال : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد ( 2 ) منكم الشهر فليصمه ) . وأما السنة : فقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الاسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصيام رمضان وحج البيت " . وفي حديث طلحة بن عبيد الله ، " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . أخبرني عما فرض الله علي من الصيام ؟ قال : " شهر رمضان " . قال : هل علي غيره ؟ قال : " لا . إلا أن تطوع " . وأجمعت الامة : على وجوب صيام رمضان . وأنه أحد أركان الاسلام ، التي علمت من الدين بالضرورة ، وأن منكره كافر مرتد عن الاسلام . وكانت فرضيته يوم الاثنين ، لليلتين خلتا من شعبان ، من السنة الثانية من الهجرة .

 فضل شهر رمضان ، وفضل العمل فيه :

 1 - عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما حضر رمضان " قد جاءكم شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم " رواه أحمد ، والنسائي ، والبيهقي .

 2 - وعن عرفجة قال : كنت عند عتبة بن فرقد وهو يحدث عن رمضان

قال : فدخل علينا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رآه عتبة هابه ، فسكت ، قال : فحدث عن رمضان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رمضان ، " تغلق أبواب النار وتفتح أبواب الجنة ، وتصفد فيه الشياطين ، قال : وينادي فيه ملك : يا باغي الخير أبشر ، ويا

 ( 1 ) " كتب " أي فرض . ( 2 ) شهد : حضر . ( . ) / صفحة 434 /

 باغي الشر أقصر ، حتى ينقضي رمضان . " رواه أحمد ، والنسائي وسنده جيد .

 3 - وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " والصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ، إذا اجتنبت الكبائر " . رواه مسلم .

 4 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان وعرف حدوده ، وتحفظ مما كان ينبغي أن يتحفظ منه كفر ما قبله " رواه أحمد ، والبيهقي ، بسند جيد .

 5 - وعن أبي هريرة قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا ( 1 ) غفر له ما تقدم من ذنبه " رواه أحمد ، وأصحاب السنن .

 الترهيب من الفطر في رمضان :

1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " عرى الاسلام ، وقواعد الدين ثلاثة ، عليهن أسس الاسلام ، من ترك واحدة منهن ، فهو بها كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله ، والصلاة المكتوبة ، وصوم رمضان " رواه أبو يعلى ، والديلمي ، وصححه الذهبي .

 2 - وعن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر يوما من رمضان ، في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر كله ، وإن صامه " رواه أبو داود ، وابن ماجه ، والترمذي ، وقال البخاري : ويذكر عن أبي هريرة رفعه : " من أفطر يوما من رمضان ، من غير عذر ، ولا مرض ، لا يقضه صوم الدهر ، وإن صامه " . وبه قال ابن مسعود . قال الذهبي : وعند المؤمنين مقرر : أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ، أنه شر من الزاني ، ومدمن الخمر ، بل يشكون في إسلامه ، ويظنون به الزندقة ، والانحلال .

 ( 1 ) " احتسابا " أي طالبا وجه الله وثوابه . ( . ) / صفحة 435 /

 بم يثبت الشهر : يثبت شهر رمضان برؤية الهلال ، ولو من واحد عدل أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما .

 1 - فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته ، فصام ، وأمر الناس بصيامه . رواه أبو داود ، والحاكم ، وابن حبان ، وصححاه .

 2 - وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صوموا لرؤيته ( 1 ) وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما . " رواه البخاري ومسلم . . قال الترمذي : والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، قالوا : تقبل شهادة رجل واحد ، في الصيام ، وبه يقول ابن المبارك والشافعي ، وأحمد . وقال النووي : وهو الاصح . وأما هلال شوال ، فيثبت بإكمال عدة رمضان ثلاثين يوماو لا تقبل فيه شهادة العدل الواحد ، عند عامة الفقهاء . واشترطوا أن يشهد على رؤيته ، اثنان ذوا عدل ، إلا أبا ثور فإنه لم يفرق في ذلك بين هلال شوال ، وهلال رمضان ، وقال : يقبل فيهما شهادة الواحد العدل . قال ابن رشد : " ومذهب أبي بكر بن المنذر ، هو مذهب أبي ثور ، وأحسبه مذهب أهل الظاهر . وقد احتج أبو بكربن المنذر ، بانعقاد الاجماع على وجوب الفطر ، والامساك عن الاكل ، بقول واحد ، فوجب أن يكون الامر كذلك ، في دخول الشهر وخروجه ، إذ كلاهما علامة ، تفصل زمان الفطر من زمان الصوم " . وقال الشوكاني : وإذا لم يرد ما يدل على اعتبار الاثنين في شهادة الافطار من الادلة الصحيحة ، فالظاهر أنه يكفي فيه قياسا على الاكتفاء به في الصوم .

 ( 1 ) المراد بالرؤية : الرؤية الليلية . ( . ) / صفحة 436 /

 وأيضا ، التعبد بقبول خبر الواحد ، يدل على قبوله في كل موضع ، إلا ما ورد الدليل بتخصيصه ، بعدم التعبد فيه بخبر الواحد ، كالشهادة على الاموال ونحوها ، فالظاهر ما ذهب إليه أبو ثور . اختلاف المطالع : ذهب الجمهور : إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع . فمتى رأى الهلال أهل بلد ، وجب الصوم على جميع البلاد لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " صوموا لرؤيته ، وافطروا لرؤيته " . وهو خطاب عام لجميع الامة فمن رآه منهم في أي مكان كان ذلك رؤية لهم جميعا . وذهب عكرمة ، والقاسم بن محمد ، وسالم ، وإسحاق ، والصحيح عند الاحناف ، والمختار عند الشافعية : أنه يعتبر لاهل كل بلد رؤيتهم ، ولا يلزمهم رؤية غيرهم . لما رواه كريب قال : قدمت الشام ، واستهل علي هلال رمضان وأنا بالشام ، فرأيت الهلال ليلة الجمعة . ثم قدمت المدينة في آخر الشهر ، فسألني ابن عباس - ثم ذكر الهلال - فقال : متى رأيتهم الهلال ؟ فقلت : رأيناه ليلة الجمعة فقال : أنت رأيته ؟ فقلت : نعم ، ورآه الناس ، وصاموا ، وصام معاوية ، فقال : لكنا رأيناه ليلة السبت ، فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين ، أو نراه ، فقلت : ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال : لا . . . هكذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه أحمد ، ومسلم والترمذي . وقال الترمذي : حسن ، صحيح ، غريب ، والعمل على هذا الحديث ، عند أهل العلم ، أن لكل بلد رؤيتهم . وفي فتح العلام شرح بلوغ المرام : الاقرب لزوم أهل بلد الرؤية ، وما يتصل بها من الجهات التي على سمتها ( 1 ) . ( 1 ) هذا هو المشاهد ، ويتفق مع الواقع . ( . ) / صفحة 437 /

 من رأى الهلال وحده : اتفقت أئمة الفقه على أن من أبصر هلال الصوم وحده أن يصوم . وخالف عطاء فقال : لا يصوم إلا برؤية غيره معه . واختلفوا في رؤيته هلال شوال ، والحق أنه يفطر كما قال الشافعي ، وأبو ثور . فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد أوجب الصوم والفطر للرؤية ، والرؤية حاصلة له يقينا ، وهذا أمر مداره الحس ، فلا يحتاج إلى مشاركة .

 أركان الصوم : للصيام ركنان تتركب منهما حقيقته :

 1 - الامساك عن المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس . لقول الله تعالى : ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل ) . والمراد بالخيط الابيض ، والخيط الاسود بياض النهار وسواد الليل . لما رواه البخاري ومسلم : أن عدي بن حاتم قال : لما نزلت ( حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود ) عمدت إلى عقال أسود ، وإلى عقال أبيض ، فجعلتهما تحت وسادتي ، فجعلت أنظر في الليل ، فلا يستبين لي ، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال : " إنما ذلك سواد الليل ، وبياض النهار " .

 2 - النية : لقول الله تعالى : " وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين " . وقوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الاعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى " . ولابد أن تكون قبل الفجر ، من كل ليلة من ليالي شهر رمضان . لحديث حفصة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع ( 1 )

 ( 1 ) " يجمع " من الاجماع ، وهو إحكام النية والعزيمة . ( . ) / صفحة 438 /

 الصيام قبل الفجر ، فلاصيام له . " رواه أحمد وأصحاب السنن ، وصححه ابن خزيمة ، وابن حبان . وتصح في أي جزء من أجزاء الليل ، ولا يشترط التلفظ بها فإنها عمل قلبي ، لادخل للسان فيه ، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالالامر الله تعالى ، وطلبا لوجهه الكريم . فمن تسحر بالليل ، قاصدا الصيام ، تقربا إلى الله بهذا الامساك ، فهو ناو . ومن عزم على الكف عن المفطرات ، أثناء النهار ، مخلصا لله ، فهو ناو كذلك وإن لم يتسحر . وقال كثير من الفقهاء : إن نية صيام التطوع تجزئ من النهار ، إن لم يكن قد طعم . قالت عائشة : دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : " هل عندكم شئ ؟ قلنا : لا . قال : " فإني صائم " . رواه مسلم ، وأبو داود . واشترط الاحناف أن تقع النية قبل الزوال وهذا هو المشهور من قولي الشافعي . وظاهر قولي ابن مسعود ، وأحمد : أنها تجزئ قبل الزوال ، وبعده ، على السواء . على من يجب : أجمع العلماء : على أنه يجب الصيام على المسلم العاقل البالغ ، الصحيح المقيم ، ويجب أن تكون المرأة طاهرة من الحيض ، والنفاس . فلا صيام على كافر ، ولا مجنون ، ولاصبي ولا مريض ، ولا مسافر ، ولا حائض ، ولانفساء ، ولاشيخ كبير ، ولا حامل ، ولا مرضع . وبعض هؤلاء لا صيام عليهم مطلقا ، كالكافر ، والمجنون ، وبعضهم يطلب من وليه أن يأمره بالصيام ، وبعضهم يجب عليه الفطر والقضاء ، وبعضهم يرخص لهم في الفطر وتجب عليه الفدية ، وهذا بيان كل على حدة .

 صيام الكافر ، والمجنون : الصيام عبادة إسلامية ، فلاتجب على غير المسلمين ، والجنون غير مكلف لانه مسلوب العقل الذي هو مناط التكاليف ، وفي حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم " . رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي . صيام الصبي : والصبي - وإن كان الصيام غير واجب عليه - إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به ، ليعتاده من الصغر ، مادام مستطيعا له ، وقادرا عليه . فعن الربيع بنت معوذ قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم - صبيحة عاشوراء - إلى قرى الانصار : من كان أصبح صائما فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه ، فكنا نصومه بعد ذلك ، ونصوم صبياننا الصغار منهم ، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ( 1 ) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه ، حتى يكون عند الافطار رواه البخاري ، ومسلم . من يرخص لهم في الفطر ، وتجب عليهم الفدية : يرخص الفطر للشيخ الكبير ، والمرأة العجوز ، والمريض الذي لا يرجى برؤه ، وأصحاب الاعمال الشاقة ، الذين لا يجدون متسعا من الرزق ، غير ما يزاولونه من أعمال . هؤلاء جميعا يرخص لهم في الفطر ، إذا كان الصيام يجهدهم ، ويشف عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة . وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا ، وقدر ذلك بنحو صاع ( 2 ) أو نصف صاع ، أو مد ، على خلاف في ذلك ، ولم يأت من السنة ما يدل على التقدير .

 ( 1 ) العهن : الصوف . ( 2 ) " الصاع " قدح وثلث . ( . ) / صفحة 440 /

 قال ابن عباس : رخص للشيخ الكبير أن يفطر : ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه . رواه الدارقطني والحاكم وصححاه . وروى البخاري عن عطاء : أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ : " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال ابن عباس ليست بمنسوخة ، هي للشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، لا يتسطيعان أن يصوما ، فيطعمان ( 1 ) مكان كل يوم مسكينا . والمريض الذي لا يرجى برؤه ، ويجهده الصوم ، مثل الشيخ الكبير ، ولافرق . وكذلك العمال الذين يضطلعون بمشاق الاعمال . قال الشيخ محمد عبده : فالمراد بمن " يطيقونه " في الآية ، الشيوخ الضعفاء والزمني ( 2 ) ونحوهم كالفعلة الذين جعل الله معاشهم الدائم بالاشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجري من مناجمه . ومنهم المجرمون الذين يحكم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة إذا شق الصيام عليهم ، بالفعل ، وكانوا يملكون الفدية . والحبلى ، والمرضع - إذا خافتا على أنفسهما ، أو أولادهما ( 3 ) أفطرتا - وعليهما الفدية ، ولاقضاء عليهما ، عند ابن عمر ، وابن عباس . روى أبو داود عن عكرمة ، أن ابن عباس قال ، في قوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه ) ، كانت رخصة للشيخ الكبير ، والمرأة الكبيرة ، وهما يطيقان الصيام ، أن يفطرا ، ويطعما مكان كل يوم مسكينا ، والحبلى ، والمرضع - إذا خافتا ( يعني على أولادهما ) - أفطرتا ، وأطعمتا . رواه البزار . وزاد في آخره : وكان ابن عباس يقول لام ولد له حبلى : أنت بمنزلة الذي لا يطيقه ، فعليك الفداء ، ولاقضاء عليك . وصحح الدارقطني إسناده . وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال : تفطر ، وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا ( 4 ) من حنطة . رواه مالك ، والبيهقي .

 ( 1 ) مذهب مالك وابن حزم أنه لاقضاء ولا فدية . ( 2 ) المرضى مرضا مزمنالايبرأ . ( 3 ) معرفة ذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة أو بغلبة الظن . ( 4 ) " المد " ربع قدح من قمح . ( . ) / صفحة 441 /

 وفي الحديث : " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة ، وعن الحبلى والمرضع الصوم " . وعند الاحناف وأبي عبيد وأبي ثور : أنهما يقضيان فقط ، ولا إطعام عليهما . وعند أحمد ، والشافعي : أنهما - إن خافتا على الولد فقط وأفطرتا - فعليهما القضاء والفدية ، وإن خافتا على أنفسهما فقط ، أو على أنفسهما وعلى ولدهما ، فعليهما القضاء ، لا غير . من يرخص لهم في الفطر ، ويجب عليهم القضاء : يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه ، والمسافر ، ويجب عليهما القضاء . قال الله تعالى : ( ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . وروى أحمد ، وأبو داود ، والبيهقي ، بسند صحيح ، من حديث معاذ ، قال : " إن الله تعالى فرض على النبي صلى الله عليه وسلم الصيام ، فأنزل : ( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ) إلى قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) فكان من شاء صام . ومن شام أطعم مسكينا . فأجزأ ذلك عنه . ثم إن الله تعالى أنزل الآية الاخرى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) إلى قوله ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فأثبت صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض والمسافر ، وأثبت الاطعام للكبير الذي لايستطيع الصيام " .

 والمرض المبيح للفطر ، هو المرض الشديد الذي يزيد بالصوم ، أو يخشى تأخر برئه ( 1 ) . قال في المغني : " وحكى عن بعض السلف : أنه أباح الفطر بكل مرض ، حتى من وجع الاصبع والضرس ، لعموم الآية فيه ، ولان المسافر يباح له الفطر ، وإن لم يحتج إليه ، فكذلك المريض " وهذا مذهب البخاري ، وعطاء ، وأهل الظاهر .

 ( 1 ) يعرف ذلك ، إما بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة أو بغلبة الظن . ( . ) / صفحة 442 /

والصحيح الذي يخاف المرض بالصيام ، يفطر ، مثل المريض وكذلك من غلبه الجوع أو العطش ، فخاف الهلاك ، لزمه الفطر وإن كان صحيحا مقيما وعليه القضاء . قال الله تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) . وقال تعالى ( وما جعل عليكم في الدين من حرج ) . وإذا صام المريض ، وتحمل المشقة ، صح صومه ، إلا أنه يكره له ذلك لاعراضه عن الرخصة التي يحبها الله ، وقد يلحقه بذلك ضرر . وقد كان بعض الصحابة يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعضهم يفطر ، متابعين في ذلك فتوى الرسول صلى الله عليه وسلم . قال حمزة الاسلمي : يا رسول الله ، أجد مني قوة على الصوم في السفر ، فهل علي جناح ؟ فقال : هي " رخصة من الله تعالى فمن أخذ بها ، فحسن ، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " رواه مسلم ، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة - ونحن صيام - قال : فنزلنا منزلا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم " فكانت رخصة ، فمنا من صام ، ومنا من أفطر ، ثم نزلنا منزلا آخر ، فقال : " إنكم مصبحو عدوكم ، والفطر أقوى لكم " فأفطروا ، فكانت عزمة ، فأفطرنا ، ثم رأيتنا نصوم بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في السفر " رواه أحمد ومسلم وأبو داود . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فمنا الصائم ، ومنا المفطر ، فلا يجد الصائم على المفطر ( 1 ) ولا المفطر على الصائم ثم يرون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن ، ويرون أن من وجد ضعفا فأفطر ، فإن ذلك حسن . رواه أحمد ومسلم . وقد اختلف الفقهاء في أيهما أفضل ؟ . فرأى أبو حنيفة ، والشافعي ، ومالك : أن الصيام أفضل ، لمن قوي

 ( 1 ) " فلا يجد الصائم على المفطر " أي لا يعيب عليه . ( . ) / صفحة 443 /

 عليه ، والفطر أفضل لمن لا يقوى على الصيام . وقال أحمد : الفطر أفضل . وقال عمر بن عبد العزيز : أفضلهما أيسرهما ، فمن يسهل عليه حينئذ ، ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك ، فالصوم في حقه أفضل . وحقق الشوكاني ، فرأى أن من كان يشق عليه الصوم ، ويضره ، وكذلك من كان معرضا عن قبول الرخصة ، فالفطر أفضل وكذلك من خاف على نفسه العجب أو الرياء - إذا صام في السفر - فالفطر في حقه أفضل . وما كان من الصيام خاليا عن هذه الامور ، فهو أفضل من الافطار . وإذا نوى المسافر الصيام بالليل ، وشرع فيه ، جاز له الفطر أثناء النهار . فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى مكة عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم ( 1 ) ، وصام الناس معه ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام ، وإن الناس ينظرون فيما فعلت ، فدعا بقدح من ماء بعد العصر ، فشرب ، والناس ينظرون إليه ، فأفطر بعضهم وصام بعضهم ، فبلغه : أن ناسا صاموا ، فقال : " أولئك العصاة " ( 2 ) رواه مسلم والنسائي ، والترمذي وصححه . وإذا ما نوى الصوم - وهو مقيم - ثم سافر في أثناء النهار فقد ذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز الفطر له ، وأجازه أحمد وإسحاق . لما رواه الترمذي - وحسنه - عن محمد بن كعب قال : أتيت في رمضان أنس بن مالك ، وهو يريد سفرا ، وقد رحلت له راحلته ، ولبس ثياب السفر ، فدعا بطعام فأكل فقلت له : سنة ؟ فقال : سنة ، ثم ركب ( 3 ) . وعن عبيد بن جبير قال : ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط ( 4 ) في رمضان ، فدفع ، ثم قرب غداءه ثم قال : اقترب ، فقلت

 ( 1 ) " الغميم " اسم واد أمام عسفان . ( 2 ) لانه عزم عليهم ، فأبوا ، وخالفوا الرخصة . ( 3 ) في سنده عبيد بن جعفر وهو ضعيف . ( 4 ) " الفسطاط " : مصر القديمة . ( . ) / صفحة 444 /

 ألست بين البيوت فقال أبو بصرة : أرغبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ( 1 ) ؟ . رواه أحمد ، وأبو داود ، ورجاله ثقات . قال الشوكاني : والحديثان يدلان على أن للمسافر أن يفطر قبل خروجه ، من الموضع الذي أراد السفر منه . وقال : قال ابن العربي : وأما حديث أنس ، فصحيح ، يقتضي جواز الفطر ، مع أهبة السفر . وقال : وهذا هو الحق . والسفر المبيح للفطر ، هو السفر الذي تقصر الصلاة بسببه ، ومدة الاقامة التي يجوز للمسافر أن يفطر فيها ، هي المدة التي يجوز له أن يقصر الصلاة فيها . وتقدم جميع ذلك في مبحث قصر الصلاة ومذاهب العلماء وتحقيق ابن القيم . وقد روى أحمد ، وأبو داود ، والبيهقي ، والطحاوي . عن منصور الكلبي : أن دحية بن خليفة خرج من قرية ، من دمشق مرة ، إلى قدر عقبة ( 2 ) من الفسطاط ، في رمضان ، ثم إنه أفطر ، وأفطر معه ناس . وكره آخرون أن يفطروا ، فلما رجع إلى قريته ، قال : والله لقد رأيت اليوم أمرا ما كنت أظن أني أراه ، إن قوما رغبوا عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، يقول ذلك للذين صاموا ، ثم قال عند ذلك : اللهم اقبضني إليك . من يجب عليه الفطر والقضاء معا : وجميع رواة الحديث ثقات ، إلا منصور الكلبي ، وقد وثقه العجلي . اتفق الفقهاء على أنه يجب الفطر على الحائض ، النفساء ويحرم عليهما الصيام ، وإذا صاتا لا يصح صومهما ، ويقع باطلا ، وعليهما قضاء ما فاتهما . روى البخاري ، ومسلم ، عن عائشة ، قالت : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة .

 ( 1 ) استفهام إنكاري . ( 2 ) أي أن المسافة التي قطعها من القرية التي خرج منها تعدل المسافة التي بين مصر القديمة وميت عقبة المجاورة لا مبالغة ، وقدرت هذه المسافة بفرسخ . ( . ) / صفحة 445 /

 الايام المنهي عن صيامها جاءت الاحاديث مصرحة بالنهي عن صيام أيام نبينها فيما يلي  ( 1 ) النهي عن صيام يومي العيدين : أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين ، سواء أكان الصوم فرضا ، أم تطوعا . لقول عمر رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين . أما يوم الفطر ، ففطركم من صومكم ( 1 ) ، وأما يوم الاضحى ، فكلوا من نسككم ( 2 ) " . رواه أحمد ، والاربعة .

 ( 2 ) النهي عن صوم أيام التشريق : لا يجوز صيام الايام الثلاثة ، التي تلي عيد النحر . لما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذاقة يطوف في منى : " أن لا تصوموا هذه الايام ، فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عزوجل . رواه أحمد بإسناد جيد . وروى الطبراني في الاوسط ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل صائحا يصيح : أن لا تصوموا هذه الايام فإنها أيام أكل ، وشرب ، وبعال ( 3 ) " وأجاز أصحاب الشافعي ، صيام أيام التشريق ، فيما له سبب ، من نذر ، أو كفارة ، أو قضاء . أمامالا سبب له ، فلا يجوز فيها بلا خلاف . وجعلوا هذا نظير الصلاة التي لها سبب في الاوقات المنهي فيها عن الصلاة .

 ( 3 ) النهي عن صوم يوم الجمعة منفردا : يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين ، ولذلك نهى الشارع عن صيامه . وذهب الجمهور : إلى أن النهي للكراهة ( 4 ) لا للتحريم إلا إذا صام يوما

 ( 1 ) أي الفطر من صيام رمضان . ( 2 ) " النسك " الاضاحي . ( 3 ) " بعال " أي جماع الرجل زوجته . ( 4 ) وعن أبي حنيفة ومالك : لا يكره ، والادلة المذكورة عليهما . ( . ) / صفحة 446 /

 قبله ، أو يوما بعده ، أو وافق عادة له ، أو كان يوم عرفة ، أو عاشوراء . فإنه حينئذ لا يكره صيامه . فعن عبد الله بن عمرو : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة ، في يوم جمعة فقال لها : " أصمت أمس " ؟ فقالت . لا ، قال : " أتريدين أن تصومي غدا " ؟ قالت : لا . قال : " فأفطري إذن " رواه أحمد ، والنسائي ، بسند جيد . وعن عامر الاشعري قال ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه . إلا أن تصوموا قبله أو بعده " رواه البزار بسند حسن . وقال علي رضي الله عنه : من كان منكم متطوعا ، فليصم يوم الخميس ، ولا يصم يوم الجمعة ، فإنه يوم طعام ، وشراب وذكر رواه ابن أبي شيبة بسند حسن . وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لاتصوموا يوم الجمعة ، إلا وقبله يوم ، أو بعده يوم " . وفي لفظ لمسلم : " ولاتخصوا ليلة الجمعة ، بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة ، بصيام من بين الايام ، إلا أن يكون في صوم ، يصومه أحدكم " .

( 4 ) النهي عن إفراد يوم السبت بصيام : عن بسر السلمي ، عن أخته الصماء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ( 1 ) وإن لم يجد أحدكم إلا لحا ( 2 ) عنب ، أو عود شجرة فليمضغه " . رواه أحمد ، وأصحاب السنن ، والحاكم ، وقال : صحيح على شرط مسلم وحسنه الترمذي ، وقال : ومعنى الكراهة في هذا ، أن يختص الرجل يوم السبت بصيام ، لان اليهود يعظمون يوم السبت .

 ( 1 ) ويشتمل القضاء والنذور والنفل ، إذا وافق عادته ، أو كان يوم عرفة ، ونحو ذلك . . . ( 2 ) " لحاء " أي قشر . ( . ) / صفحة 447 /

 وقالت أم سلمة : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ، ويوم الاحد ، أكثر مما يصوم من الايام ، ويقول : إنهما عيد المشركين ، فأنا أحب ان أخالفهم " . رواه أحمد والبيهقي ، والحاكم وابن خزيمة ، وصححاه . ومذهب الاحناف ، والشافعية والحنابلة ، كراهة الصوم يوم السبت ، منفردا ، لهذه الادلة . وخالف في ذلك مالك ، فجوز صيامه منفردا ، بلا كراهة ، والحديث حجة عليه .

 ( 5 ) النهي عن صوم يوم الشك : قال عمار بن ياسر رضي الله عنه : من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم ، صلى الله عليه وسلم ، رواه أصحاب السنن . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، وبه يقول سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، وعبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه . ورأى أكثر هم إن صامه وكان من شهر رمضان ، أن يقضي يوما مكانه ( 1 ) فإن صامه لموافقته عادة له جاز له الصيام حينئذ بدون كراهة . فعن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقدموا ( 2 ) صوم رمضان ، بيوم ، ولا يومين ، إلا أن يكون صوم يصومه رجل ، فليصم ذلك اليوم " رواه الجماعة . وقال الترمذي : حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم ، كرهوا أن يتعجل الرجل ، بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان . وإن كان رجل يصوم صوما ، فوافق صيامه ذلك ، فلا بأس به عندهم .

 ( 1 ) وعند الحنفية : إن ظهر أنه من رمضان وصامه أجزأه عنه . ( 2 ) " تقدموا " أي تتقدموا .

 ( 6 ) النهي عن صوم الدهر : يحرم صيام السنة كلها ، بما فيها الايام التي نهى الشارع عن صيامها . لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لاصام ، من صام الابد " رواه أحمد ، والبخاري ، ومسلم . فأن أفطر يومي العيد ، وأيام التشريق ، وصام بقية الايام انتفت الكراهة ، إذا كان ممن يقوى على صيامها . قال الترمذي : وقدكره قوم من أهل العلم صيام الدهر . إذا لم يفطر يوم الفطر ، ويوم الاضحى ، وأيام التشريق . فمن أفطر في هذه الايام ، فقد خرج من حد الكراهة ، ولايكون قد صام الدهر كله . هكذا روي عن مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحق . وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم حمزة الاسلمي على سرد الصيام ، وقال له : " صم إن شئت وأفطر إن شئت " . وقد تقدم . والافضل أن يصوم يوما ، ويفطر يوما ، فإن ذلك أحب الصيام إلى الله ، وسيأتي .

 ( 7 ) النهي عن صيام المرأة ، وزوجها حاضر ، إلا بإذنه : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصوم ، وزوجها حاضر حتى تستأذنه . فعن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصم المرأة يوما واحدا ، وزوجها شاهد إلا بإذنه ، إلا رمضان " رواه أحمد ، والبخاري ومسلم . وقد حمل العلماء هذا النهي على التحريم ، وأجازوا للزوج أن يفسد صيام زوجته لو صامت ، دون أن يأذن لها ، لافتياتها ( 1 ) على حقه ، وهذا في غير رمضان كما جاء في الحديث ، فإنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج  ( 1 ) " لافتياتها " أي لتعديها على حقه . ( . ) / صفحة 449 /

وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه ، إذا كان غائبا ، فإذا قدم ، له أن يفسد صيامها . وجعلوا مرض الزوج ، وعجزه من مباشرتها ، مثل غيبته عنها . في جواز صومها ، دون أن تستأذنه .

 النهي عن وصال الصوم ( 1 ) :

 1 - عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والوصال " - قالها ثلاث مرات - قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : " إنكم لستم في ذلك مثلي ، إني أبيت يطعمني ( 2 ) ربي ويسقيني ، فاكلفوا من الاعمال ما تطيقون " رواه البخاري ومسلم . وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة . وجوز أحمد ، وإسحق وابن المنذر ، الوصال إلى السحر ، ما لم تكن مثقة على الصائم . لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تواصلوا ، فأيكم أراد أن يواصل ، فليواصل حتى السحر " . صيام التطوع رغب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام هذه الايام الاتية : صيام ستة أيام من شوال : روى الجماعة - إلا البخاري والنسائي - عن أبي أيوب الانصاري ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر ( 3 ) " .

 ( 1 ) وصل الصوم متابعة بعضه بعضا دون فطر أو سحور . ( 2 ) " يطعمني الخ " أي يجعل الله له قوة الطاعم والشارب . ( 3 ) هذا لمن صام رمضان كل سنة ، قال العلماء : الحسنة بعشر أمثالها ورمضان بعشرة شهور . والايام الستة بشهرين . ( . ) / صفحة 450 /

 وعند أحمد : أنها تؤدى متتابعة وغير متتابعه ، ولا فضل لاحدهما على الاخر . وعند الحنفية ، والشافعية ، الافضل صومها متتابعة ، عقب العيد .

 صوم عشر ذي الحجة وتأكيد يوم عرفة لغير الحاج :

 1 - عن أبي قتادة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة ، يكفر سنتين ، ماضية ، ومستقبلة ، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية " . رواه الجماعة إلا البخاري ، والترمذي .

 2 - عن حفصة قال : أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء والعشر ( 1 ) ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتين قبل الغداة . رواه أحمد ، والنسائي .

 3 - عن عقبة بن عامر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق ، عيدنا - أهل الاسلام - وهي أيام أكل وشرب " . رواه الخمسة ، إلا ابن ماجه . وصححه الترمذي .

 4 - عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وابن ماجه . قال الترمذي ، قد استحب أهل العلم ، صيام يوم عرفة إلا بعرفة .

 5 - عن أم الفضل : أنهم شكوا في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلت إليه بلبن ، فشرب ، وهو يخطب الناس بعرفة . متفق عليه .

صيام محرم ، وتأكيد صوم عاشوراء ويوما قبلها ، ويوما بعدها :

1 - عن أبي هريرة قال ، سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال : " الصلاة في جوف الليل " . قيل : ثم أي الصيام أفضل بعد رمضان ؟ قال : " شهر الله ( 2 ) الذي تدعونه المحرم " رواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود .

 ( 1 ) أي من ذي الحجة . ( 2 ) الاضافة للتشريف . ( . ) / صفحة 451 /

2 - عن معاوية بن أبي سفيان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب عليكم صيامه ، وأنا صائم ، فمن شاء صام ، ومن شاء فليفطر " متفق عليه .

 3 - عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش ، في الجاهلية ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ، فلما قدم المدينة صامه ، وأمر الناس بصيامه . فلما فرض رمضان قال : " من شاء صامه ومن شاء تركه " . متفق عليه  4 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء . فقال : " ما هذا ؟ " قالوا : يوم صالح ، نجى الله فيه موسى . وبني السرائيل من عدوهم ، فصامه موسى فقال صلى الله عليه وسلم : " أنا أحق بموسى منكم " فصامه ، وأمر بصيامه . متفق عليه .

 5 - عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال : كان يوم عاشوراء ، تعظمه اليهود ، وتتخذه عيدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صوموه أنتم " متفق عليه .

 6 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه ، قالوا يا رسول الله : إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . . فقال : " إذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع " ، قال : فلم يأت العام المقبل ، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه مسلم ، وأبو داود . وفي لفظ ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لئن بقيت إلى قابل لاصومن التاسع " : يعني مع يوم عاشوراء . رواه أحمد ومسلم . وقد ذكر العلماء : أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب : المرتبة الاولى : صوم ثلاثة أيام : التاسع ، والعاشر ، والحادي عشر . المرتبة الثانية : صوم التاسع ، والعاشر . المرتبة الثالثة : صوم العاشر وحده

التوسعة يوم عاشوراء : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من وسع على نفسه ، وأهله يوم عاشوراء ، وسع الله عليه سائر سنته " . رواه البيهقي في الشعب ، وابن عبد البر . وللحديث طرق أخرى ، كلها ضعيفة . ولكن إذا ضم بعضها إلى بعض ، ازدادت قوة : كما قال السخاوي .

 صيام أكثر شعبان : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم أكثر شعبان . قالت عائشة : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط ، إلا شهر رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان . رواه البخاري ، ومسلم . وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قلت : يا رسول الله ، لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ قال : " ذلك شهر يغفل الناس عنه ، بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الاعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم " . رواه أبو داود ، والنسائي وصححه ابن خزيمة . وتخصيص صوم يوم النصف منه ظنا أن له فضيلة على غيره ، مما لم يأت به دليل صحيح .

 صوم الاشهر الحرم : الاشهر الحرم ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب ويستحب الاكثار من الصيام فيها . فعن رجل من باهلة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله . أنا الرجل الذي جئتك عام الاول ، فقال : " فما غيرك ، وقد كنت حسن الهيئة ؟ " قال : ما أكلت طعاما إلا بليل منذ فارقتك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . " لم عذبت نفسك ؟ " ثم قال : " صم شهر الصبر ،ويوما من كل شهر " . قال : زدني ، فإن بي قوة . قال : " صم يومين " . قال : زدني . قال : " صم من الحرم واترك . صم من الحرم واترك . صم من الحرم واترك " وقال بأصابعه الثلاثة ، فضمها ، ثم أرسلها ( 1 ) . رواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه والبيهقي ، بسند جيد . وصيام رجب ، ليس له فضل زائد على غيره من الشهور ، إلا أنه من الاشهر الحرم . ولم يرد في السنة الصحيحة : أن للصيام فيه فضيلة بخصوصه ، وأن ما جاء في ذلك مما لا ينتهض للاحتجاج به . قال ابن حجر . لم يرد في فضله ، ولا في صيامه ، ولا في صيام شئ منه معين ، ولا في قيام ليلة مخصوصة منه ، حديث صحيح يصلح للحجة . صوم يومي الاثنين والخميس : عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين ، والخميس ، فقيل له ( 2 ) فقال : " إن الاعمال تعرض كل اثنين وخميس ، فيغفر الله لكل مسلم ، أو لكل مؤمن ، إلا المتهاجرين ، فيقول : أخرهما " رواه أحمد ، بسند صحيح . وفي صحيح مسلم : أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟ فقال : " ذاك يوم ولدت فيه ، وأنزل علي فيه " أي نزل الوحي علي فيه صيام ثلاثة أيام ، من كل شهر : قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام ، البيض : ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة . وقال : هي " كصوم الدهر " رواه النسائي ، وصححه ابن حبان . وجاء عنه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يصوم من الشهر ، السبت

 ( 1 ) " أرسلها " أي أشار إليه بصيام ثلاثة أيام وفط ثلاثة أخرى . ( 2 ) " فقيل له " " أي سئل عن الباعث على صوم يومي الخميس ، والاثنين .

والاحد ، والاثنين ، ومن الشهر الاخر ، الثلاثاء ، والاربعاء ، والخميس ، وأنه كان يصوم من غرة كل هلال ، ثلاثة أيام ، وأنه كان يصوم . الخميس ، من أول الشهر ، والاثنين الذي يليه ، والاثنين الذي يليه . صيام يوم وفطر يوم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو قال ، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أخبرت أنك تقوم الليل وتصوم النهار " قال : قلت : يا رسول الله نعم ، قال : " فصم ، وافطر ، وصل ، ونم ، فإن لجسدك عليك حقا ، وإن لزوجك عليك حقا ، وإن لزورك ( 1 ) عليك حقا ، وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام . " قال : فشددت فشدد علي . قال : فقلت ، يا رسول الله إني أجده قوة . قال : " فصم من كل جمعة ثلاثة أيام . " قال فشددت فشدد علي . قال فقلت : يا رسول الله إني أجد قوة . قال : " صم صوم نبي الله داود ، ولا تزد عليه " . قلت : يا رسول الله . وما كان صيام داود عليه الصلاة والسلام ؟ قال : كان يصوم يوما ، ويفطر يوما " . رواه أحمد ، وغيره . وروى أيضا عن عبد الله بن عمرو وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أحب الصيام إلى الله صيام داود ، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود ، كان ينام نصفه ، ويقوم ثلثه ، وينام سدسه ، وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما " .

 جواز فطر الصائم المتطوع

1 - عن أم هانئ رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح ، فأتي بشراب ، فشرب ، ثم ناولني ، فقلت . إني صائمة فقال : " إن المتطوع أمير على نفسه ، فإن شئت فصومي ، وإن شئت فأفطري . " رواه أحمد والدارقطني ، والبيهقي . ورواه الحاكم وقال صحيح الاسناد . ولفظه : " الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام ، وإن شاء أفطر .

 ( 1 ) " زورك " أي ضيفك . ( . ) / صفحة 455 /

 وعن أبي جحيفة قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم ، بين سلمان ، وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ، ليس له حاجة في الدنيا ، فجاء أبو الدرداء ، فصنع له طعاما ، فقال : كل فإني صائم ، فقال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، فأكل ، فلما كان الليل ، وذهب أبو الدرداء يقوم قال : نم ، فنام ، ثم ذهب . فقال : نم ، فلما كان في آخر الليل ، قال : قم الان ، فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولاهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان . رواه البخاري ، والترمذي . 3 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما ، فأتاني هو وأصحابه ، فلما وضع الطعام ، قال رجل من القوم : إني صائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دعاكم أخوكم وتكلف لكم " ثم قال : " أفطر ، وصم يوما مكانه ، إن شئت " . رواه البيهقي بإسناد حسن ، كما قال الحافظ . وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى جواز الفطر ، لمن صام متطوعا ، واسحبوا له قضاء ذلك اليوم ، استدلالا بهذه الاحاديث الصحيحة الصريحة .

 آداب الصيام

 يستحب للصائم أن يراعي في صيامه الاداب الاتية :

 ( 1 ) السحور : وقد أجمعت الامة على استحبابه ، وأنه لا إثم على من تركه ، فعن أنس رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تسحروا فإن في السحور ( 1 ) بركة " . رواه البخاري ، ومسلم . وعن المقدام بن معد يكرب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " عليكم

 ( 1 ) السحور بالفتح المأكول ، وبالضم المصدر والفعل . ( . ) / صفحة 456 /

 بهذا السحور ، فإنه هو الغذاء المبارك " . رواه النسائي ، بسند جيد . وسبب البركة : أنه يقوي الصائم ، وينشطه ، ويهون عليه الصيام . بم يتحقق : ويتحقق السحور بكثير الطعام وقليله ، ولو بجرعة ماء . فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " السحور بركة ، فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء ، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين " . رواه أحمد .

وقته : وقت السحور من منتصف الليل إلى طلوع الفجر ، والمستحب تأخيره . فعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قمنا إلى الصلاة ، قلت : كم كان قدر ما بينهما : ؟ قال : خمسين آية . رواه البخاري ، ومسلم . وعن عمرو بن ميمون قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعجل الناس إفطارا وأبطأهم سحورا . رواه البيهقي بسند صحيح . وعن أبي ذر الغفاري رضي الله مرفوعا : " لا تزال أمتي بخير ، ما عجلوا الفطر ، وأخروا السحور " . وفي سنده سليمان بن أبي عثمان ، وهو مجهول . الشك في طلوع الفجر : ولو شك في طلوع الفجر ، فله أن يأكل ، ويشرب ، حتى يستيقن طلوعه ، ولا يعمل بالشك ، فإن الله عزوجل جعل نهاية الاكل والشرب التبين نفسه ، لا الشك ، فقال : " وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر " . وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما : إني أتسحر فإذا شك�

المصدر: فقه السنة
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 86 مشاهدة
نشرت فى 14 يوليو 2013 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,557