هؤلاء الفرنسيون اختاروا الله

  وستجد أن الفقراء الى الحقيقة يبحثون عن; الاسلام و تدمى أظافرهم في التنقيب عنه ; فلا يجدون الا ثقافة مغشوشة أو أمما اسلامية لا تدري الكثير عن دينها و ربما كانت زاهدة في المواريث التي خصها القدر بها

هؤلاء الفرنسيون اختاروا الله

تحت هذا العنوان نشر الكاتب الفرنسي " تييري دي بومون " مقالأ عن الإسلام في فرنسا..

ولهذا المقال قصة ينبغي إثباتها، فقد كان صديقي المؤرخ الكبير الأستاذ محمد علي الغتيت يستشفى في باريس، ولما كان عند الطبيب ينتظربعض الفحوص وجد على المنضدة صحفا كثيرة فتناول إحداها يتسلى بالاطلاع، فإذا هذا العنوان يستوقفه فقرأه بعناية، ووجده جديرا بدراسة المسئولين عن الدعوة الإسلامية، فأمر ابنه بترجمته، وقدمه إلي لأستوعب ما به من حقاثق..

وقد طالعت المقال، وضبطت الترجمة العربية في نطاق البيان المأنوس- دون مساس بالمعنى- وأضفت تعليقات لابد منها.

والكاتب الفرنسي جيد الرد وقد اجتهد أن يكون محايدا في بحثه وحكمه، له نظرات صادقة وله كذلك كلمات لاذعة! فلنستمع إليه وهو يحدثنا قائلأ:

 الكونت "دو.... " يمثل في نظري فرنسا القديمة بملوكها وكنيستها، إنه يمت لي بصلة القرابة عن بعد، وكان مصورآ فوتوغرافيا للبابا بولس السادس، وهو مغرم بعلم اللاهوت، وإلى جانب ذلك فهو من كبار الجامعين للمؤلفات الفنية.

اعتاد في ولائم الأسرة أن يصف لنا آخر صورة للسيدة العذراء التي أتم رسمها كما كان كثيرا ما يقودنا إلى تاريخ القساوسة الطويل، ويصف أعمال القديسين الباهرة...

وفي العام الماضي تفجرت بيننا مفاجأة مذهلة! كنا جلوسا حول المائدة عندما صاح الكونت " المسيح ابن الله "، ومريم أم الاله، هذا كلام ما عاد محتملأ! هيا.. دعونا من هذا فالله ليست له أم وليس له ولد! وفوق كل ذلك فهو ليس الكائن الذي أخبرونا عنه، بأنه ظهر في القدس يصنع المعجزات منذ ألفي عام، الله ليس هذا الإنسان!

قال الكاتب الفرنسي: " غلبتنا الدهشة لهذا التحول الخارق، بيد أننا لم نضطرب بعدما تكشفت لنا الحقيقة، وعرفنا أن الكونت "دو... " قد اعتنق الإسلام!

إن آخرين فعلوا مثله، فليس هو الوحيد الذي غير دينه.

هذا " روجيه جارودي " أعلن إسلامه، وهو مفكر فرنسي نابه، وعضو قديم في الحزب الشيوعي، والقاثد "كوستو" اسلم هو الآخر!

و "موريس بيجار" أسلم وانضم إلى المذهب الشيعي!

و " ديران سوفلان " مراسل جريدة " لومند" دخل الاسلام أيضآ.

ثم " فانسان مونتيل " المتخصص في الدراسات الإسلامية هو كذلك أحد المرتدين- يقصد الكاتب أنه ارتد عن المسيحية- وهناك عشرات من المفكرين  والفنانين والمغامرين تحولوا من المسيحية إلى الإسلام، بل هناك أضعاف ذلك من الشبان الحدثاء الأسنان الذين عرفوا الإسلام في المغرب، والهند، والباكستان. أعمارهم بين الخامسة والعشرين والثلاثين، وقد قرروا أن يعبدوا الله وحده، ومضوا في الطريق الذي آثروه

وكنيسة باريس السيئة الظن بالأمور- هكذا يقول الكاتب- تحصى الذين اعتنقوا الإسلام من أصل فرنسي بمائة ألف مسلم، وهذا الإحصاء لم يجمد، فمنذ سنتين أوثلاث يزيد هذا العدد، هل زاد عشرين ألفا؟ أوخمسين ألفا، لا ندري!

ويستأنف " تييري دي بومون " حديثه قائلأ: إنني استطعت أن أفهم حركة المنضمين إلى المذاهب المنحرفة خلال السبعينات من أتباع "هن يونج مون " و " جوروماراجي " " وهاري كريشنا ".

بيد أنني كنت على مسافة مائة ميل من التفكير في أن فرنسيين يعتنقون الإسلام!

أتكون هذه القضية مغالطة تاريخية أخرى؟ أم ماذا؟

ورأيت إشباعا لفضولي أن أذهب لرؤ ية الكونت، أعرف شقته التي يقطنها إنها تشبه المتحف الذي يضم تراث الأجداد، وبها أخشاب مزخرفة، وأثاث من القرن الثامن عشر، وتماثيل غريبة..

ورأيت أمام المدفأة الموجودة بالصالون تمثالأ " لجان دارك " وهي تشير بيدها في اتجاه الدهليز، وبينما أنا غارق في التأمل سمعت الكونت يقول لي: ألا تحب أن تزور الغرفة التي أصلي فيها؟

وتبعته في ممر مظلم، ومررنا أمام حمام، فأشار إلى مغسل قديم- بانيو- من القصدير- وكان قطعة أثرية رائعة حقا- وقال: هنا أتطهر أولا للصلاة ثم انتقلنا إلى غرفة صغيرة بها كرسي، وسجادة، ولاحظت أن هناك خطا أبيض مرسوما على الأرض " الباركية"، لعله يحدد القبلة!

قال الكونت: في هذه الغرفة كان يجتمع رهط من كبار العلماء، ومن الشيوخ الصالحين، كنا نقيم الصلاة هنا خلف كنيسة "سانت جيرمان دي بري ".

قال الكاتب الفرنسي: عندئذ خامرني إحساس غريب، لقد تغيرت نظرتي للمتعصبين الفوضويين الذين يعلنون على الغرب حربا مقدسة، إن هذه النظرة تلاشت وحل مكانها شعور آخر! أساسه أن فرنسا إذا أسلمت فسيتم ذلك من الداخل، لا من غزو خارجي!

ومضى تفكيري في مجراه: إذن في الأوقات المختلفة فجرأ أو عصرأ سوف يفرش آلاف الفرنسيين سجاجيدهم، وسوف يركعون ويسجدون بعد أن يستمعوا إلى مؤذن منهم يصيح: الله أكبر الله أكبر..!! أما النساء فسيضعن على رؤوسهن مناديل من القماش، وينفردن في صفوف خاصة.

وتخيلت فرنسا كلها وقد اعتنقت الاسلام! ماذا سيحدث؟ لن تجد سكارى في الطرق ولن تبقى هناك تماثيل، ولا إعلانات جنسية، ولا برامج منوعات، وستتحول الكنائس إلى مساجد، ويعاد طلاؤها باللون الأبيض! والمحال التي تبيع لحم الخنزير ستغلق أبوابها!!

ومضى الكاتب في خياله يقول للفرنسيين: إن شيئامن ذلك لم يخطر ببالكم وأنتم ترون العمال المسلمين النازحين إلينا يخرون سجدا أمام مصانع السيارات التي يعملون بها وهم يؤدون صلواتهم.

وصحا الرجل من خياله على صوت الكونت يقول له: هذه نسخة من القرآن المجيد، إن الإسلام هو المولود الأخير بين الديانات الكبرى! وهو يقبل اليهودية والنصرانية لأنه جاء بعدهما..

وعاد الكاتب يحدث نفسه! يبدو أن الكونت مقتنع كل الاقتناع بالدين الذي ارتضاه، أما أنا... إنني أتساءل بجد: هل يجيب الإسلام عما يهجس في نفسي في هذا الشأن؟ لقد توقفت أبحاثي في العبادة عند تعاليم الدين المسيحي، وقد تلقيت دروسا إجبارية ومنفرة عن القانون الديني.. بيد أني لم أصدق يوما بها، ولم أعتقد في الإنجيل أو المعجزات أو قيامة المسيح!!

يمكن أن أعاود أبحاثي في العبادة التي انقطعت من عشرسنوات، لا سيما وأن أقراني الذين اشتغلوا بالسياسة أرتدوا خائبين، ومن حسن حظي أني لم أغامر بالدخول في ميدان السياسة! اليوم أستطيع استئناف نشاطي القديم، والذي رفضته في الكنيسة لن أجده في الإسلام! إن عبادة الصور المقدسة والصلبان نوع من التمثيل الخطر، هذا، وليس في الإسلام تفاوت بين العابدين، فالمسلمون جميعا متساوون.

أما المعجزات فلست أومن بها- هكذا يقول الكاتب الفرنسي- ولعلها في الإسلام إشارات أو أقوال- يجب ترديدها، وأعتقد أن القدرة الإلهية المطلقة تكفل لها الاحترام..!

أقول "أي الشيخ الغزالي": المعجزات هي خوارق العادات التي أيد الله بها أنبياءه، وقد انتهت النبوات يقينا بالرسالة الخاتمة وانتهت كذلك المعجزات، وبقى الاخبار عنها في آيات صادقة، إذ أن القدرة العليا لا تتهم، لعل ذلك ما يريده الكاتب الفرنسي، والعقل الأوربي أقام حضارته على احترام قانون السببية، فلنقطع ذلك الاستطراد ولنتابع الكاتب وهويرتاد الطريق ويحاول التعرف على الإسلام قال: يلزمني أولأ الحصول على ترجمة جيدة للقرآن...

وذهبت الى الحي الحادي عشر بباريس، ودفعت باب مكتب النجاح، وفي البداية لم أجد إلا كتبا باللغة العربية، وفي وسط المكتبة كان هناك جهاز مسجل يذيع تلاوات قرآنية، وسألت: هل عندكم ترجمة للقرآن؟

 آه أجاب عامل المكتبة: لابد أنك مسلم؟ أليس كذلك؟ نحن لا نبيع المصحف إلا لمسلم! فالكتاب لا يمسه إلا المطهرون!

كان الرجل يرتدي الجلبات الأبيض، وقلنسوة من فرو الاستركان والبابوش والبلغة وهذا هو الزي التقليدي للمسلمين (!) وعلى الرغم من لحيته الملساء فقد تبينت سحنته الفرنسية، وأبديت ملاحظتي سائلأ: هل أنت عربي أم فرنسي؟ قال: أنا فرنسي اعتنقت الإسلام من اثنتي عشرة سنة، وكنت يومئذ في باكستان، هل تريد أنت أيضأ اعتناق الاسلام؟ أجبت: لا أعلم! إنني أبحث، ولي شكوكي!

قال: كي تدخل الإسلام لا تحتاج إلى تعميد، الإسلام عقلية مستقرة، تشبه حالتك الآن وأنت تبحث، وعلمت أن اسمه أيوب، واستطرد أيوب يقول: هناك بعض الكتب المترجمة عن العربية، أعطيك إياها هدية، وحين تتم قراءتها تستطيع أن تحصل على نسخة من القرآن الكريم..

قال الكاتب الفرنسي: ورجعت إلى مسكني شبه محموم، وقرأت بشغف جزءا من كتاب مطبوع في الدار البيضاء يشرح أركان الإسلام الخمسة التي لابد منها لمعرفة الإسلام والدخول فيه وهي (1) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (2) إقام الصلاة (3) إيتاء الزكاة (4) صوم رمضان (5) الحج إلى بيت الله الحرام بمكة مرة في العمرلمن يقدر على ذلك...

وبعد قراءة هذا الجزء عدت إلى مجلة الاسلام في فرنسا، العدد رقم 1395 الذي ردني إلى القرن السابع بعد الميلاد وجاء في المجلة كلام عن الكعبة، وكيف بناها إبراهيم الخليل، وكيف نصب العرب الأصنام وعبدوها من دون الله... الخ

والمؤرخون النصارى لهم أخيلة يمتزج فيها الحق والباطل، وتبدو فيها كراهيتهم للإسلام وتصيدهم للشبهات يلصقونها به وبنبيه الكريم! على أن أي إنسان تحدثه نفسه باعتناق الإسلام أو بمجرد دراسته لابد أن يلم بشيء من المعرفة عن الكعبة التي يتجه المؤمنون إليها في صلواتهم. الم يتصور بعض الحمقى أن هذا لون من الوثنية الأولى؟ ولنترك هذا الاستطراد عائدين إلى الكاتب الباحث عن الإسلام، أو الذي يهم بالدخول فيه.

 

 

المصدر: الغزالي مستقبل الاسلام خارج ارضه
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 14 يونيو 2013 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

313,716