بعد سقوط آل عثمان على يد جمعية الاتحاد والترقي وسادتها اليهود ـ يهود الدونما ـ تفككت أوصال العالم الإسلامي . . ونجح ساطع الحصري ـ وهو رجل أعجمي لا يستطيع الكلام بالفصحى ويضمر عداء شديد للإسلام بتأثير تربيته الصهيونية ـ نجح هذا الرجل في نشر فكرة القومية بمفهومها العلماني الإلحادي المعادي للإسلام بين العرب .
وكانت إنجلترا ـ سيدة العالم آنذاك ـ قد ساعدت على إنشاء ما يسمى بجامعة الدول العربية ، وهي مؤسسة لم ير منها العرب خيرا ، ولم تسهم في حل أية مشكلة ، أو في تحقيق أي تقدم للعرب في حاضرهم الأسيف ، وحسبها أنها فصلت العرب ـ رسميا ـ عن العالم الإسلامي وأشعرتهم بكيان مستقل وهمي .
وفي ظلال المد العربي ـ على يد حفنة من الثوريين والمقامرين الشبان ـ خسر العرب جزءا كبيرا من أرضهم ، وساحت في بلادهم دويلة يهودية ، ودرعها الغرب بأحدث الأسلحة . . والمعارف . . والخبائث الأخلاقية .
وأما هذه الدويلة الهزيلة التي لا يزيد سكانها عن 1 / 35 من سكان العرب ـ سقط القوميون العرب أبشع سقوط . .
وكان المقدمة الطبيعية لنجاح هذه الدويلة أنها ساعدت هؤلاء القوميين الثوريين وحدهم على الصعود إلى الحكم ، لأن وجودهم هو وحده الكفيل بتحقيق ما تريد إسرائيل من ضمانات بقائها التي أهمها :
1 - إبعاد العرب عن عقيدة جامعة روحية تقاوم اليهودية التي يتسلحون بها .
2 - ضمان إبقاء الأمة العربية في حالة استيراد دائم ، لأن الذين لا عقيدة لهم لا يستطيعون إبداع شيء ذاتي .
3 - ضمان تفكك العرب ، تفككا دائما ، لأن هؤلاء القوميين والثوريين مجرد شبان مغامرين ، لا رصيد لهم من عقيدة أو أصلة أو وعي تاريخي، ومن السهل تلقينهم بعض شعارات . . أو ( شعارات مضادة ) يصرخون بها ، وتضيع معها عقولهم وعقول الجماهير التي يقودونها .
وقد قامت هذه القوى الحاكمة الثورية بالواجب نحو العرب وإسرائيل على النحو المرسوم لها :
1 - فصادرت حريات المواطنين وإرادتهم ، بحيث لم يعد للشعوب العربية من الأمر شيء وأصبحت هذه الشعوب نسبة عددية مهيأة تقوم بالموافقة للحكام على كل شيء بنسبة ( 99 . 999% ) وهي تقوم بالتصفيق الحاد لكل خطيب ، وتؤيد كل القرارات .
2 - أعلنت هذه الحكومات الحرب على الإسلام وقد نجحت هذه القوى في إبعاد الإسلام عن مجال التأثير تماما . . على الأقل في مستوى توجيه الأمور وقيادتها .
ففي عصر الطاغية جمال عبد الناصر ، أمكن من جعل الصلاة شبهة ، وقراءة القرآن من طالب جامعي أمرا يضعه في القائمة السوداء ، وأمكن نشر الرعب ، وفرض الشيوعية ، حتى قضى الله عليه ، وخلص البلاد من شروره ، بعد أن خلف تركة أخلاقية ومادية وهزائم تحتاج لأجيال طويلة كي تزال آثارها . . وهيهات ! !
ولما جاء خلفه أمكن تحوير الأسلوب بعض الشيء ، ووضع على رأس العمل الإسلامي المتصوفة والدجالين وحدهم ، كما ظل الخط الراعي للتحلل الأخلاقي في طريقه ، وعومل الإسلاميون وحدهم بقوانين استثنائية وعسكرية .
ـ أما حزب البعث بجناحيه السوري والعراقي فعداؤه للإسلام وتنكيله بأهله وفقا لتوجيهات الصليبي الحاقد ميشيل عفلق ـ أمر مقرر كجزء من سياسة الحزب وأساسياته الفكرية والحركية .
3 - نجحت أساليب هذه النظم في الوصول إلى النتيجة الطبيعية ، وفي إقرار قواعد إسرائيل عسكريا وسياسيا ، كدولة ذات سيادة تفصل العالم العربي عن بعضه البعض ، وتقف بالمرصاد لأية بادرة نهضة حقيقية سواء في مجال البعث الإسلامي والوحدة العربية الإسلامية .
وأصبحت إسرائيل بفضل هذه النظم ، التي قتلت شعوبها وشلت قواها ـ كابوسا ثقيلا يؤمن أكثر أبناء هذا الجيل ـ باستثناء المؤمنين منهم ـ بأن زواله أمر شبه مستحيل .
وكان هذا هو حصاد التخطيط العالمي الصليبي الصهيوني الشيوعي الثوري . . القومي المشترك ! !
ولأنهم بلا عقيدة . .
ولأن القومية شعار لا يصلح لصناعة حضارة ولا لإيجاد وحدة جامعة شاملة .
ولأن التبعية الفكرية أوسع أبواب التبعية العامة التي تفرض الهزيمة والذل .
لهذا ولغيره أصبح العرب أشبه بدول عظمى ، الوحدة بين الدول العربية والأخرى أصعب من الوحدة بين الدولة العربية وإسرائيل ، أو الوحدة بين بعضها وأمريكا . . أو روسيا . . كما هو قائم فعلا .
لقد أصبح معظم العالم العربي دولا متقطعة الأوصال ، أسيرة نظم يمينية وأخرى يسارية وليس للإسلام نصيب فيها سياسيا أو إداريا . وقد تمزقت وسائل التوحيد كلها ، فلا تكامل اقتصادي ، ولا تكامل اجتماعي ، ولا تنسيق سياسي ، أو إعلامي ، وهلم جرا .
وهم كأسلافهم سلالة " أبي جهل " يتقاتلون لأتفه الأسباب ، ويقطعون العلاقات بلا مبرر كاف ، ويسيرون في طريقهم دون مشورة وتكامل ، بل كل حسب مصالحه وتوجيهات سادته . . وقد أصبح العربي لا يأمن على نفسه في أي بلد عربي آخر ، بل أصبحت بلاد الغرب هي المثوبة والأمن ، كما أن الملجأ والأمن لأموالهم هي بنوك اليهود في أمريكا وأوروبا ، والمنتجع لتعليم أبنائهم ولاستراحاتهم وجولاتهم هي مرفأ الأمن والحرية . . أوربا العظيمة . . وتقوم بينهم الحواجز الجمركية وإجراءات الزيارة والإقامة بدرجة تجعل زيارة الدول الأوربية أسهل من زيارة عربي دولة عربية أخرى .
وقد بلغ الانحطاط بالعرب إلى أن صنفوا أنفسهم طبقيا على جنسيات مختلفة تفصل بعضها بعضا ، فبعض دول الخليج تصنف الشعوب العربية على هذا النحو :
1 - خليجي درجة أولى ( وله سائر الحقوق السياسية والمادية ) .
2 - خليجي درجة ثانية ( وله الحقوق المادية فقط )
3 - إيراني ( وله حق الحصول على الجنسية بعد فترة وجيزة ) .
4 - عراقي
5 - سوري
6 - فلسطيني وأردني
7 - مصري . . وهكذا ! !
. . وهكذا . . تتوالى التصنيفات التي تتبعها حقوق مادية غير متكافئة ، بالرغم من تساوي المؤهل والخبرة ، كما يتبعها احترام بقدر الدرجة الطبقية المحددة .
لقد انحطت القومية العربية بالعرب إلى أسفل سافلين ، ومن الغريب أنهم على الرغم من درس لبنان ، ومن درس فلسطين ، ومن الدروس المتكررة التي يلقنها لهم الاستعمار ولا يتعلمون ، فإنهم إذا تخاصموا لا يلجئون إلى العلاج إلا بإثارة النعرة الإقليمية الوطنية الضيقة . . ( مصر للمصريين ـ الهلال الخصيب ـ وحدة المغرب العربي ) . . فبدلا من أن يبحثوا عن دين يغير نفوسهم وأخلاقهم ، وبدلا من البحث عن مركز آخر للوحدة في عصر " الوحدات الكبرى " ـ ( الأمريكتان ـ السوق الأوربية المشتركة ـ دول حلف وارسو ـ الكتلة الشرقية ـ الكتلة الغربية ) . . بدلا من هذا ينزوي كل منهم كأطفال ، مكتفيا بلعبة الوطنية . . ممزقا شمل العرب تمزيقا جديدا .

وعلى أية حال . . فكما سقطت النزعة الوطنية ، وأقام الاستعمار النزعة القومية بديلا للوحدة الإسلامية التي دعا إليها السلطان عبدالحميد . وكاد يقضي بها على مخططات الاستعمار وينقذ العالم الإسلامي كله ، حتى جاء " جماعة الاتحاد والترقي " وأعوانهم من الماسون في العالم العربي . . فقضوا على الخليفة المجاهد العظيم .
أجل . . كما سقطت النزعة الوطنية بعد فترة تاريخية حالكة ـ نسجل هنا 0 سقوط القومية العربية ) بعد فترة تاريخية ثورية لا تقل حلكة وظلاما عن الفترة الاستعمارية ! !
ولم يبق إلا الحل الحضاري الشامل . . الإسلام ! !

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 62 مشاهدة
نشرت فى 27 مايو 2013 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,447