أحدث الموضوعات
أحدث الصوتيات
أحدث المرئيات

الرئيسية فتاوى وأحكام مذكرات القرضاوي 
<!--td width="15"><img src="/templates/ja_pyrite/images/qaradawi/bullet2.jpg" mce_src="/templates/ja_pyrite/images/qaradawi/bullet2.jpg" /></td-->
الحلقة (31): إلى القاهرة والالتحاق بكلية أصول الدين
موقع القرضاوي آخر تحديث:10:01 (مكة) الجمعة 05 ذو الحجة 1433هـ -2012/10/19م الجمعة, 19 أكتوبر 2012 18:01 موقع القرضاوي

كانت نيتي متجهة إلى التقديم لكلية أصول الدين، وهو اتجاه قديم عندي، حتى إني كتبت على أحد كتبي وأنا في السنة الثانية الابتدائية - وهو كتاب القدوري في الفقه الحنفي - يوسف القرضاوي الطالب بالسنة النهائية بكلية أصول الدين...

القرضاوي طالبا شابا

بعد حصولي على الشهادة الثانوية وتفوقي فيها، اقترح بعض الأصدقاء عليَّ أن أقدم إلى كلية (دار العلوم)، وقد أصبحت إحدى كليات جامعة فؤاد الأول، وهي تأخذ عادة المتفوقين من أبناء الأزهر، وقالوا لي: ستبرز فيها في مجالي تخصصها: مجال الدراسات اللغوية والأدبية، ومجال الدراسات الشرعية، ثم إنها تعين المتفوقين معيدين فيها، والأزهر حتى الآن ليس فيه نظام المعيدين، إلى آخر هذه الإغراءات التي ظل بعض الزملاء يزوقوها في عيني.

ولكني في قرارة نفسي كنت مصممًا على ألا أتخلى عن الأزهر، وأن من حقه علينا أن نبقى فيه وأن نعمل على إصلاحه وتجديده، ولهذا لم أقبل التوجه إلى (دار العلوم).

واقترح أصدقاء آخرون أن أقدم إلى (كلية اللغة العربية) بالأزهر، فأنا معروف بتفوقي في علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها، كما عُرفت بأني أديب وشاعر، وهذا كله يتلاءم مع كلية اللغة العربية، ويتيح لي فرصة للإبداع والبروز فيها.

ولكني كنت أحس من نفسي أني نهلت من علوم العربية وآدابها، ما يروي ظمئي، وعندي منها ما يمنحني الأهلية للتوسع والمزيد إن أردت، وقد سمّى سلفنا العلوم العربية (العلوم الآلية) يعنون أنها آلة ووسيلة لفهم مصادر الإسلام من القرآن والسنة، وليست مقصودة لذاتها، فكيف أقف عند الوسيلة وأدع المقصود؟

لهذا كانت نيتي متجهة إلى التقديم لكلية أصول الدين، وهو اتجاه قديم عندي، حتى إني كتبت على أحد كتبي وأنا في السنة الثانية الابتدائية - وهو كتاب القدوري في الفقه الحنفي - يوسف القرضاوي الطالب بالسنة النهائية بكلية أصول الدين؛ تفاؤلاً بالمستقبل.

لقد كان يعجبني في كلية أصول الدين أنها كلية الثقافة الإسلامية الواسعة والمتنوعة، تدرِّس العلوم العقلية والنقلية، تدرِّس التفسير والحديث في كل سنواتها، وتدرس العقائد والتوحيد في كل سنواتها، وتدرس الفلسفة في كل سنواتها، وتدرس التاريخ الإسلامي في كل سنواتها، وتدرس المنطق وأصول الفقه وعلم النفس، ونظريات الأخلاق وغيره، فأنا لا أعدل بها بديلاً.

وكان الأزهر في هذه السنة قد أنشأ ما يشبه مكتب التنسيق لتوجيه الطلبة إلى كليتي أصول الدين والشريعة خاصة. فمن كانت درجاته في الفقه أعلى أُلحق بكلية الشريعة، ومن كانت درجاته في التوحيد والمنطق والتفسير والحديث أعلى ألحق بكلية أصول الدين.

وكان المعتاد أن تكون درجاتي في الفقه أعلى، ولكن الظروف التي حدثت في امتحان الفقه، نقصت درجاتي في الفقه كثيرًا، وجعلت درجاتي في العلوم الأخرى أعلى كثيرًا جدًّا، فحوِّل اسمي إلى (كلية أصول الدين) بغير معاناة ولا طلب ولا وساطة، على حين التحق أخي أحمد العسَّال بكلية الشريعة.

البحث عن سكن:

كانت هذه أول مرة آتي فيها إلى القاهرة مقيمًا، وكان أول ما يشغلني هو البحث عن سكن، وكنا نسكن عادة مجموعة من الزملاء، وكانت كلية أصول الدين بجوار جامع الخازندار بشبرا، فلا بد أن يكون سكننا بشبرا، قريبًا من الكلية، حتى نصل إليها بسهولة وعلى أقدامنا، بدون أن نتعنى ركوب المواصلات، بما فيها من تكاليف وضياع وقت.

وكان التطور الجديد في قضية السكن: أنه يكون في (شقة) لا في حجرة، كما كنا في طنطا، وكل حجرة يكون فيها عادة اثنان، والشقة عادة من ثلاث حجرات، فلا بد من ستة يسكنون، ووجود ستة متفاهمين متجانسين قد لا يتيسر دائمًا.

كما أن من التطور أن يكون لكل طالب سريره الخاص، فلم تَعُد تكفي (الفرشة أو المرتبة) على الأرض، ولا الكنبة التي كانت في طنطا، فلا بد إذن من شراء (سرير) لكنه سرير متواضع جدًّا، مصنوع من الحديد يسمونه (سرير سفري) أي يصلح للسفر؛ لأنه يُطوى ويُطبق، فيصبح قطعة واحدة يمكن نقلها من مكان إلى آخر بسهولة.

وكانت المساكن في ذلك الوقت موفورة ميسورة، ولافتة (شقة للإيجار) تجدها في كل مكان، ولكن المهم أن نجد الأنسب والأرخص؛ نظرًا لقلة دخلنا نحن الطلاب.

وقد وجدنا شقة معقولة بشارع الترعة البولاقية، وسكنت فيها مع عدد من الزملاء، ولكن كان عيبها أنها تطل على موقف للأوتوبيس، فهي كثيرة الإزعاج؛ ولذا بقينا فيها سنة دراسية واحدة.

وفي السنة التالية غيرت السكن، وغيرت الرفقاء، ما عدا الأخ الدمرداش رفيقي الدائم، فسكنت مع الأخ الشيخ منَّاع القطان، وهو يسبقني بسنتين في كلية أصول الدين، ومع عدد من القريبين منه، وكان سكننا في شارع راتب باشا، في شقة استمرت سكنانا بها لعدة سنوات، حتى اعتقلنا فيها سنة 1954م.

وقد تغيَّر رفقاء السكن بها، ولا سيما بعد تخرج الشيخ مناع، فكان يسكنها معي: الحسيني أبو فرحة، وفهمي شاهين، ومحمد بسيوني قنديل، وكلهم من الغربية، وإبراهيم إبراهيم بهنساوي سعيد من البحيرة، وزميلنا في معهد طنطا، ومحمود نعمان الأنصاري من أسيوط، وكانت أجرة السكن توزع علينا بالتساوي.

وكان كل واحد يدبِّر طعامه لنفسه، وأحيانًا نشترك في أكلات جماعية، وخصوصًا في الغداء، وكثيرًا ما كنا نأكل في مطعم الكلية وجبة الغداء، نظير اشتراك زهيد يدفعه الطلاب.

وكنا نقتّر على أنفسنا ولا نتوسع في النفقات ما استطعنا؛ لضيق ذات يدنا، وقلة مواردنا، لولا أن الله وسَّع عليَّ بعد عدة أشهر من السنة الدراسية، وذلك حين صرفوا لي مكافأة الأولية في الشهادة الثانوية، وكانت فيما أذكر 16.5 ستة عشر جنيهًا ونصف.

وفي سائر السنوات لم يكن يصرف للمتفوقين شيء، كما يحدث الآن لطلبة الجامعات، وكما كان يصرفبعد حصولي على الشهادة الثانوية وتفوقي فيها، اقترح بعض الأصدقاء عليَّ أن أقدم إلى كلية (دار العلوم)، وقد أصبحت إحدى كليات جامعة فؤاد الأول، وهي تأخذ عادة المتفوقين من أبناء الأزهر، وقالوا لي: ستبرز فيها في مجالي تخصصها: مجال الدراسات اللغوية والأدبية، ومجال الدراسات الشرعية، ثم إنها تعين المتفوقين معيدين فيها، والأزهر حتى الآن ليس فيه نظام المعيدين، إلى آخر هذه الإغراءات التي ظل بعض الزملاء يزوقوها في عيني.

ولكني في قرارة نفسي كنت مصممًا على ألا أتخلى عن الأزهر، وأن من حقه علينا أن نبقى فيه وأن نعمل على إصلاحه وتجديده، ولهذا لم أقبل التوجه إلى (دار العلوم).

واقترح أصدقاء آخرون أن أقدم إلى (كلية اللغة العربية) بالأزهر، فأنا معروف بتفوقي في علوم العربية نحوها وصرفها وبلاغتها، كما عُرفت بأني أديب وشاعر، وهذا كله يتلاءم مع كلية اللغة العربية، ويتيح لي فرصة للإبداع والبروز فيها.

ولكني كنت أحس من نفسي أني نهلت من علوم العربية وآدابها، ما يروي ظمئي، وعندي منها ما يمنحني الأهلية للتوسع والمزيد إن أردت، وقد سمّى سلفنا العلوم العربية (العلوم الآلية) يعنون أنها آلة ووسيلة لفهم مصادر الإسلام من القرآن والسنة، وليست مقصودة لذاتها، فكيف أقف عند الوسيلة وأدع المقصود؟

لهذا كانت نيتي متجهة إلى التقديم لكلية أصول الدين، وهو اتجاه قديم عندي، حتى إني كتبت على أحد كتبي وأنا في السنة الثانية الابتدائية - وهو كتاب القدوري في الفقه الحنفي - يوسف القرضاوي الطالب بالسنة النهائية بكلية أصول الدين؛ تفاؤلاً بالمستقبل.

لقد كان يعجبني في كلية أصول الدين أنها كلية الثقافة الإسلامية الواسعة والمتنوعة، تدرِّس العلوم العقلية والنقلية، تدرِّس التفسير والحديث في كل سنواتها، وتدرس العقائد والتوحيد في كل سنواتها، وتدرس الفلسفة في كل سنواتها، وتدرس التاريخ الإسلامي في كل سنواتها، وتدرس المنطق وأصول الفقه وعلم النفس، ونظريات الأخلاق وغيره، فأنا لا أعدل بها بديلاً.

وكان الأزهر في هذه السنة قد أنشأ ما يشبه مكتب التنسيق لتوجيه الطلبة إلى كليتي أصول الدين والشريعة خاصة. فمن كانت درجاته في الفقه أعلى أُلحق بكلية الشريعة، ومن كانت درجاته في التوحيد والمنطق والتفسير والحديث أعلى ألحق بكلية أصول الدين.

وكان المعتاد أن تكون درجاتي في الفقه أعلى، ولكن الظروف التي حدثت في امتحان الفقه، نقصت درجاتي في الفقه كثيرًا، وجعلت درجاتي في العلوم الأخرى أعلى كثيرًا جدًّا، فحوِّل اسمي إلى (كلية أصول الدين) بغير معاناة ولا طلب ولا وساطة، على حين التحق أخي أحمد العسَّال بكلية الشريعة.

البحث عن سكن:

كانت هذه أول مرة آتي فيها إلى القاهرة مقيمًا، وكان أول ما يشغلني هو البحث عن سكن، وكنا نسكن عادة مجموعة من الزملاء، وكانت كلية أصول الدين بجوار جامع الخازندار بشبرا، فلا بد أن يكون سكننا بشبرا، قريبًا من الكلية، حتى نصل إليها بسهولة وعلى أقدامنا، بدون أن نتعنى ركوب المواصلات، بما فيها من تكاليف وضياع وقت.

وكان التطور الجديد في قضية السكن: أنه يكون في (شقة) لا في حجرة، كما كنا في طنطا، وكل حجرة يكون فيها عادة اثنان، والشقة عادة من ثلاث حجرات، فلا بد من ستة يسكنون، ووجود ستة متفاهمين متجانسين قد لا يتيسر دائمًا.

كما أن من التطور أن يكون لكل طالب سريره الخاص، فلم تَعُد تكفي (الفرشة أو المرتبة) على الأرض، ولا الكنبة التي كانت في طنطا، فلا بد إذن من شراء (سرير) لكنه سرير متواضع جدًّا، مصنوع من الحديد يسمونه (سرير سفري) أي يصلح للسفر؛ لأنه يُطوى ويُطبق، فيصبح قطعة واحدة يمكن نقلها من مكان إلى آخر بسهولة.

وكانت المساكن في ذلك الوقت موفورة ميسورة، ولافتة (شقة للإيجار) تجدها في كل مكان، ولكن المهم أن نجد الأنسب والأرخص؛ نظرًا لقلة دخلنا نحن الطلاب.

وقد وجدنا شقة معقولة بشارع الترعة البولاقية، وسكنت فيها مع عدد من الزملاء، ولكن كان عيبها أنها تطل على موقف للأوتوبيس، فهي كثيرة الإزعاج؛ ولذا بقينا فيها سنة دراسية واحدة.

وفي السنة التالية غيرت السكن، وغيرت الرفقاء، ما عدا الأخ الدمرداش رفيقي الدائم، فسكنت مع الأخ الشيخ منَّاع القطان، وهو يسبقني بسنتين في كلية أصول الدين، ومع عدد من القريبين منه، وكان سكننا في شارع راتب باشا، في شقة استمرت سكنانا بها لعدة سنوات، حتى اعتقلنا فيها سنة 1954م.

وقد تغيَّر رفقاء السكن بها، ولا سيما بعد تخرج الشيخ مناع، فكان يسكنها معي: الحسيني أبو فرحة، وفهمي شاهين، ومحمد بسيوني قنديل، وكلهم من الغربية، وإبراهيم إبراهيم بهنساوي سعيد من البحيرة، وزميلنا في معهد طنطا، ومحمود نعمان الأنصاري من أسيوط، وكانت أجرة السكن توزع علينا بالتساوي.

وكان كل واحد يدبِّر طعامه لنفسه، وأحيانًا نشترك في أكلات جماعية، وخصوصًا في الغداء، وكثيرًا ما كنا نأكل في مطعم الكلية وجبة الغداء، نظير اشتراك زهيد يدفعه الطلاب.

وكنا نقتّر على أنفسنا ولا نتوسع في النفقات ما استطعنا؛ لضيق ذات يدنا، وقلة مواردنا، لولا أن الله وسَّع عليَّ بعد عدة أشهر من السنة الدراسية، وذلك حين صرفوا لي مكافأة الأولية في الشهادة الثانوية، وكانت فيما أذكر 16.5 ستة عشر جنيهًا ونصف.

وفي سائر السنوات لم يكن يصرف للمتفوقين شيء، كما يحدث الآن لطلبة الجامعات، وكما كان يصرف لنا مكافأة مقطوعة ونحن طلاب في المرحلتين الابتدائية والثانوية.

لنا مكافأة مقطوعة ونحن طلاب في المرحلتين الابتدائية والثانوية.

 

تاريخ آخر تحديث ( السبت, 20 أكتوبر 2012 01:10 )
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 129 مشاهدة
نشرت فى 21 أكتوبر 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,201