الرئيسية مقالات اليوم

كونوا مع الله

Share on print د. جابر قميحة 28 يونيو 2012 07:15 PM

 

يقال: إن صلاح الدين الأيوبى ـ فى زحفه الميمون لاسترداد القدس والمسجد الأقصى، كان يأمر المسلمين بعد صلاة العشاء، أن تتحلق كل مجموعة أمام خيمتها لتلاوة القرآن.. فإذا رأى خيمة صامته أشار إليها، وزجر أصحابها، وقال فى غضب "الآن نعرف من أين نؤتى"، أى أننا إذا هزمنا فالسبب هو هذه "الخيمة الصامتة".

    لأن التلاوة ليست مجرد كلمات تردد، ولكنها تزرع فى القلب الطمأنينة واليقين "ألا بذكر الله تطمئن القلوب.. وفى التلاوة الصادقة الخاشعة إرضاء لله سبحانه وتعالى الذى ضمن النصر للمؤمنين ـ والتلاوة مَعْلم من معالم الإيمان. قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) وقال (وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) فإغفال التلاوة إذن، إنما هو إغفال لباب من أبواب النصر فتحه الله للمؤمنين.

***

    وأمام هذه الطاقة الإيمانية الخارقة، يصبح قليل المؤمنين كثيرًا، ويصبح كثير الأعداء ـ فى نظر المؤمنين ـ قلة غير فاعلة.

  وفى غزوة "مؤتة" كان عدد الروم ومن والأهم مائتا ألف، أما عدد جيش المسلمين، فلم يزد على ثلاثة آلاف، واستشهد القائدان: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبى طالب، وجاء الدور على القائد الثالث الذى عينه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو عبد الله بن رواحة، ورأى أن أغلب المسلمين يستشعرون الخوف من هذا الحشد الهائل من الروم، فخطب المسلمين قائلاً:

"يا قوم، والله إن التى تكرهون للتى خرجتم تطلبون: الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هى إحدى الحسنيين: إما ظهور، وإما شهادة" وظل يقاتل حتى لقى ربه شهيدًا.

***

وأمام هذا الشحن المعنوى الإيمانى، يستهين المسلم بكل قوة، وكل شدة؛ لأنه يملك عدة التصدى، أو قائمة القيم التى يجابه بها أعداءه، من صبر، وثبات، وشجاعة، وإيثار. فهى عملية إعداد نفسى من ناحية، وعملية تعويض عن أى نقص فى عدته المادية من ناحية أخرى.

     وقد أكد عمر بن الخطاب هذه الحقيقة فى إحدى رسائله إلى سعد بن أبى وقاص ـ رضى الله عنهما ـ وكان سعد قائدًا لجيش المسلمين فى جبهة فارس، كتب عمر إليه: "أما بعد: فإنى آمرك ـ ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال؛ فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة فى الحرب.. وآمرك ومن معك أن تكونوا أشد احتراسًا من المعاصى منكم من عدوكم؛ فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما سينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة؛ لأن عددنا ليس كعددهم، ولا عدتنا كعدتهم؛ فإن استوينا فى المعصية كان لهم الفضل علينا فى القوة، وإلا ننتصر عليهم بفضلنا، لم نغلبهم بقوتنا، ولا تقولوا: إن عدونا شرّ منا، فلن يسلَّط علينا، وإن أسأنا، فرب قوم سلط عليهم شر منهم، كما سُلّط على بنى إسرائيل ـ لما عملوا بمساخط الله ـ كفرة المجوس (فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً) (الإسراء: 5).

إنها حقيقة إيمانية، وحقيقة واقعية يؤيدها الاستقراء التاريخ، فمتى نعى؟ ومتى نأخذ أنفسنا بالحق والحقيقة، حتى نسترد المسجد الأقصى والوطن الفلسطينى المنهوب؟

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 79 مشاهدة
نشرت فى 24 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,732