الرئيسية مقالات اليوم

مخطط الانقلاب "الدستورى"

241 Share on print جمال سلطان 14 يوليو 2012 07:47 PM

 

قبل أن تختفى تهانى الجبالى من الفضائيات، فجأة، خلال العشرة أيام الأخيرة بعد الفضائح، التى تسببت فيها للقضاء والمحكمة الدستورية بشكل خاص، قالت كلامًا مهمًا للغاية يتعلق برئاسة الجمهورية، أخذه البعض على أنه مجرد أمانى لها من فرط كراهيتها للتيار الإسلامى، ولكن الحقيقة تستدعى تأملا أكثر جدية بعد أن كشف النقاب عن عمق الصلات السرية، التى تربط المحكمة الدستورية وتهانى الجبالى بالمجلس العسكرى، وأن بعض قضاة المحكمة تحولوا إلى مستشارين قانونيين يقترحون الأفكار والخطط التآمرية لإقصاء بعض القوى السياسية، مستخدمين أدوات قضائية، على النحو الذى كشفته النيويورك تايمز على لسان الجبالى نفسها، وبالتالى فعندما قالت تهانى الجبالى، إن الرئيس المنتخب محمد مرسى ستنتهى فترة حكمه بإنجاز الدستور الجديد، وأنه لا ينبغى أن تتجاوز مدة ولايته تلك المرحلة، ثم يدعو إلى انتخابات رئاسية بعد الدستور، فهى تكشف عن "المخطط" الذى رسمته مع المجلس العسكرى، بنفس طريقة المخطط، الذى تم فى حالة مجلس الشعب وإنهائه، فالمخطط الجديد يتمثل فى إعداد الدستور بطريقة تلزم الدولة عقب الاستفتاء عليه بأن تجرى انتخابات رئاسية، وإذا حدث أى التباس فإن المحكمة الدستورية ـ محكمة تهانى الجبالى ـ جاهزة لتقديم الحكم أو التفسير فى اليوم التالى مباشرة بأن مفاد الوضع الدستورى الجديد أن ولاية رئيس الجمهورية منتهية، وبالتالى تنتهى محكمة تهانى الجبالى من إنجاز مخطط الانقلاب على رئيس الجمهورية، المنتخب، مثلما قضوا على البرلمان المنتخب من قبل، وسيرفع أمام الجميع وقتها سيف "أحكام المحاكم لابد أن تحترم"، وأن سلطة المحكمة الدستورية لا معقب عليها ولا يجوز وقف العمل بها، والحقيقة أن المحكمة الدستورية من فرط عصبيتها فى إنجاز المخطط المرسوم لم تعد تحفل بأى مراعاة لطبيعتها كحكم، وأصبح قضاتها مثل تهانى الجبالى يقدمون آراءهم، ومواقفهم السياسية علنًا فى قضايا يفترض أنها من الممكن أن تعرض عليهم للنظر والحكم بعد ذلك، وكان المتحدث الرسمى باسم المحكمة المستشار ماهر سامى، قد قال قبل يومين علنًا بأنه لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يدعو إلى استفتاء شعبى على حل البرلمان لأن هناك حكمًا بحله، رغم أن تلك قضية يمكن أن يتم عرضها على المحكمة بعد ذلك إذا أصدر رئيس الجمهورية بالفعل قرارًا بدعوة المواطنين للاستفتاء، وبالتالى فالمحكمة قالت رأيها رسميًا، قبل أى حكم أو تقاض، فما قيمة التقاضى بعد ذلك إلا أن يكون مسخرة ونكتة نخدع بها أنفسنا، فالمحكمة الدستورية تحولت الآن إلى سلطة سياسية صاحبة رأى واختيارات سياسية واشتباك مع القضايا العامة مثل أى حزب سياسى، والهوى والغرض السياسى لقضاتها الكاره للرئيس المنتخب أصبح واضحًا حتى فى تصريحات قضاتها الإعلامية، وعلى الجانب الآخر فإن إفلات صياغة الدستور الجديد من ولاية المجلس العسكرى، تعنى أنه بمجرد الاستفتاء على الدستور الجديد ينتهى وجود ما يسمى "بالمجلس العسكرى"، ويصبح على التسعة عشر لواء وفريقًا أن يرتدوا البيجامات ويجلسوا فى شرفات منازلهم لمطالعة الصحف ومشاهدة التليفزيون، ولا يبقى إلا الضباط العاملون على رأسهم رئيس الأركان، بمهامهم العسكرية فقط وهذه هى بالضبط النقطة الحرجة والأكثر خطورة لدى الجنرالات، وبالتالى فجوهر الصراع المفصلى الآن هو صياغة الدستور الجديد لإنجاز "انقلاب" ناعم فى أعلى هرم السلطة مستخدمًا أدوات لها شكل دستورى، وكل الجدل الإعلامى حول المادة الثانية والمادة العاشرة والسيادة لله أو السيادة للشعب مجرد قنابل دخان للتغطية على جوهر الصراع فى صيغة الدستور الجديد، وهو مكان وموقع المجلس العسكرى من السلطة ومدة ولاية رئيس الجمهورية الحالى، ولذلك هناك سباق الآن بين ائتلاف القوى المدنية الحقيقية لإنجاز الدستور "المدني" من خلال اللجنة التأسيسية الحالية المنتخبة، وبين ائتلاف الفلول مع القوى الطائفية والمجلس العسكرى لإفشال اللجنة الحالية بأى سبيل لتشكيل لجنة جديدة غير منتخبة تسمح بتحصين وتعميق وضع المجلس العسكرى دستوريًا وإنهاء فترة حكم الرئيس المنتخب الجديد محمد مرسى، هذا هو المخطط الانقلابى بوضوح كامل، الذى يقوده "تنظيم" حقيقى من عسكريين وقضاة ومحامين ورجال أعمال كبار وقيادات سياسية، وقد نجح الجزء الأول منه بإنهاء البرلمان المنتخب ونزع سلطة التشريع من الشعب المصرى ومنحها للدبابات مع إصدار إعلان دستورى يسمح للجيش بأن يرتب مستقبل الوطن بالطريقة التى يراها هو بعيدًا عن أى مجالس منتخبة أو لجان منتخبة، وبقى الجزء الثانى والأخير والأكثر خطورة من المخطط: تحصين دستورى ثابت ونهائى لسلطات المجلس العسكرى التى تجعله دولة داخل الدولة بل وله ولاية على الدولة ذاتها، وإنهاء ولاية الرئيس المنتخب محمد مرسى بعد الفشل فى التلاعب بنتيجة الانتخابات الرئاسية.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة
نشرت فى 15 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

294,816