الرئيسية مقالات اليوم

التركة المصرية والمناصب الرسمية

12 Share on print د. حسن الحيوان 11 يوليو 2012 06:44 PM

 

لابد أن نفهم الانقسام الذى يحدث فى مصر بشأن كل القضايا والأزمات على أنه أمر متوقع بعد ثورة شاملة لتغيير كل الأوضاع وفقًا للإرادة والهوية الشعبية, فالانقسام الذى حدث بشأن قرار الرئيس بعودة البرلمان يمثل صراعًا سياسيًا على السلطة (وليس خلافًا دستوريًا) بين أنصار الثورة الشعبية وبين أتباع الثورة المضادة الذين وصلوا لمناصبهم القيادية ضمن منظومة النظام البائد, الصراع ممتد لكننا نريد أن نؤكد أن النتيجة ستكون لصالح الإرادة الشعبية لأن الطرف الآخر لا يستند لشعبية ولا إلى المنطق, الأمر الذى يحسم بالتعجيل بقرارات الرئيس بشأن الإعلان عن تعيينات مؤسسة الرئاسة والحكومة دون الالتفات لضغوط النخب السياسية والإعلامية للمشاركة فى المناصب الرسمية بأعلى صلاحيات.

فالعجيب أن تتحدث النخب عن تقسيم المناصب تبعًا للحصص الحزبية والطائفية والخاصة بالمرأة وخلافه بدعوى توافق الجميع ومشاركتهم فى تركة الثورة، والعجيب أيضًا (والمجال هو صميم تخصصى وخبرتى التى أتكسب منها) أن يتم تصور الأمور بالعكس تمامًا, فيتم البحث عن مناصب لشخصيات مثل مرشحى الرئاسة وقيادات الأحزاب والإعلام وخلافه، والصحيح فى بديهيات الإدارة أن يكون هناك رؤية واضحة(لدولة أو مؤسسة) ثم مشروع وخطة عمل لتحقيق أهداف تنطلق من هذه الرؤية, بعد ذلك يتم تصور وتصميم الهيكل الوظيفى والتنظيمى الذى يضم القيادات والعناصر البشرية التى ستتصدى لدعم هذا المشروع وتحقيق أهدافه, يتم تحديد مواصفات ومؤهلات أكاديمية وخبرات عملية مطلوب توافرها فى الشخص المفترض تعيينه فى كل منصب، وبناءً على ذلك يتم البحث عن هذه الشخصيات,, يعنى يتم البحث عن شخصيات تناسب مناصب ومواصفات محددة، ولا يتم العكس (كما يحدث الآن) بالبحث عن مناصب لشخصيات محددة, فهل يحدث ذلك جهلاً أم عمدًا؟؟ كما كان يفعل المخلوع, تعيين الشخص غير المناسب فى المكان غير المناسب, مما يذكرنا بسلوك مشهور جدًا للجاسوسية العالمية عندما استطاعت المخابرات الأمريكية تجنيد قيادة سياسية كبرى فى الاتحاد السوفيتى، وتم الاتفاق على عدم اللقاء أو الاتصال به مرة أخرى حتى لا يكتشف الأمر وكان المطلوب من هذه القيادة هو فقط تعيين الشخص غير المناسب فى المكان غير المناسب, ولقد تم ذلك بالفعل وكان من أهم أسباب انتصار أمريكا على الاتحاد السوفيتى الذى انهار فيما بعد, وبالمثل ظل المخلوع يفعل ذلك حتى اتخذته إسرائيل كنزًا إستراتيجيًا.

 كما أن المشاركة والتوافق الذى يسوقونه باقتسام المناصب أمر يعبر عن خلط (عمدًا أو جهلاً)مؤسف للغاية, فالتوافق الفكرى السلمى هو المطلوب بين الجميع على طبيعة وهوية الدولة، وعلى مرجعية التشريع بالدستور, توافق على مستوى نظام الحكم وكل شرائح المجتمع لكن الاختلاف بديهى وضرورى على مستوى الأحزاب المتنافسة والحكومات المتتالية بشأن السياسات من حيث مثلا, درجة الانفتاح الاقتصادى وأولويات الاستثمار، وعلاقة القطاع الخاص بالعام، وكيف تكون أولويات الدخل القومى بين الزراعة والصناعة والخدمات والسياحة، مع تقليص تصدير المواد الخام بتصنيعها محليًا لتعظيم الاستثمار(لم يعد أحد يصدر مواد خام إلا أصحاب العقول الخام) وخلافه, غير مطلوب التوافق بشأن هذه القضايا بين الأحزاب والتيارات المختلفة, حيث تقوم كل منها بتقديم رؤيتها وبرامجها مع المشاركة فى الانتخابات ومن يفوز يقوم بتشكيل الحكومة المتجانسة بالكامل ويأخذ الفرصة لتطبيق سياساته والمجتمع يحكم عليه بالنجاح أو الفشل وهكذا يحدث تداول السلطة, فكيف يتم مشاركة عناصر من تيارات مختلفة لها قناعات متباعدة فى حكومة واحدة أو مؤسسة رئاسة؟؟ إذا كان المطلوب هو عدم سيطرة الإخوان فالحل الوحيد هو مشاركة عناصر تكنوقراط ليس لها اتجاهات فكرية ولا انتماءات سياسية, بدلاً من تقسيم المناصب بين التيارات الفكرية أو القوى السياسية, إذا حدث كل هذا الخطأ فكيف ستتم محاسبة الرئيس إذا كانت التعيينات بالمناصب مفروضة عليه فرضًا؟

كل التجارب العالمية فى الدول الديمقراطية المتقدمة اقتصاديًا تؤكد خطأ ما يحدث عندنا الآن من محاولات إعاقة الرئيس التى لابد (إذا نجحت) أن تؤدى لضياع الأمور، والأمثلة معروفة فى لبنان وإيطاليا حيث قيادة سياسية تحاول إرضاء كل الطوائف بتقسيم المناصب وبعثرة السياسات.

- التوافق المطلوب الآن هو على الدستور الجديد، وانتزاع السلطة من العسكر غير المنتخبين لتسليمها إلى المدنيين المنتخبين، حتى يقوموا بأداء واجبهم مثل كل دول العالم, فهل من مجيب؟؟

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 145 مشاهدة
نشرت فى 12 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,742