عقول مستنيرة

        قال هـ. ج. ويلز:
 "إن من أدمغ الأدلة على صدق مُحَمَّد كون أهله وأقرب الناس إليه يؤمنون به، فقد كانوا مطلعين على أسراره، ولو شكوا في صدقه لما آمنوا له".

         وقال الفيلسوف "كارليل" في كتاب الرسالة المُحَمَّدية:
         "لقد أصبح من أكبر العار على كل فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يُصغي إلى ما يدعيه المدعون من أن دين الإسلام كذب، وأن مُحَمَّداً خَدَّاع مُزور، وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة، فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثنا عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم الله الذي خلقنا، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاشت بها وماتت عليها هذه الملايين الفائتة الحصر والإحصاء أكذوبة وخدعة؟.

         أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً، ولو أن الكذب والغش يروجان عند خلق الله هذا الرواج، ويصادفان منهم - أي الملايين - هذا التصديق والقبول فما الناس إلا حمقى مجانين، وما الحياة إلا سخف وعبث وضلال كان الأولى بها ألا تخلق!

         هل رأيتم معشر الناس أن رجلاً كاذباً يستطيع أن يوجد ديناً وينشره؟ عجب والله، إن الرجل الكاذب لا يقدر أن يبني بيتاً من الطوب، وعلى ذلك فلسنا نعد مُحَمَّداً قط رجلاً كاذباً يتذرع بالحيل والوسائل إلى بغيته، أو يطمح إلى درجة ملك، أو غير ذلك من الحقائر والصغائر، وما الرسالة التي أداها إلا كانت حق صريح، وما كانت كلمته إلا صوتاً صادقاً صادراً من العالم المجهول - يعني الغيب - كلا! ما مُحَمَّد بالكاذب ولا بالملفق، وإنما هو قطعة من الحياة، قد تفطر عنها قلب الطبيعة فإذا شهاب قد أضاء العالم أجمع، ذلك أمر الله".

        "ثم علينا أن لا ننسى شيئاً آخر، وهو أن مُحَمَّداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - لم يتلق دروساً عن أستاذ أبداً، وكانت صناعة الخط حديثه العهد إذ ذاك في بلاد العرب، ويظهر لي أن الحقيقة هي أن مُحَمَّداً لم يكن يعرف الخط والقراءة، وكل ما تعلمه هو عيشة الصحراء وأحوالها، وكل ما وفق إلى معرفته هو ما أمكنه أن يشاهد بعينه، ويتلقى بفؤاده من هذا الكون عديم النهاية، وعجيب والله أمية مُحَمَّد! نعم إنه لم يعرف من العالم ولا من علومه إلا ما تيسر له أن يبصره بنفسه، أو يصل إلى سمعه في ظلمات صحراء العرب، وإني لأعرف عنه أنه كان كثير الصمت، يسكت حيث لا موجب للكلام، فإذا نطق فما شئت من لب وفضل، وإخلاص وحكمة، لا يتناول عرضاً فيتركه إلا وقد أنار شهيته، وكشف ظلمته، وأبان حجته، واستنار دفينته، وهكذا يكون الكلام وإلا فلا!

         وقد رأينا مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - قد طوى حياته رجلاً راسخ المبدأ، صارم العزم، بعيد الهمة، كريماً براً، رؤوفاً تقياً، فاضلاً حُرَّاً أبياً".

        "أيزعم الكاذبون أن الطمع وحب الدنيا هو الذي أقام مُحَمَّداً وأثاره؟ وهذا الزعم حماقة - وأيم الله - وسخافة وهوس! أي فائدة لمثل هذا الرجل في جميع بلاد العرب، وفي تاج قيصر، وصولجان كسرى، وجميع ما في الأرض من تيجان وصوالج؟ وأين تعبير الممالك والتيجان والدول جميعها بعد حين من الدهر؟ أفي مشيخة مكة، وقضيب مفضفض الطرف, أو في ملك كسرى؟ كلا! إذن فلنضرب صفحاً عن مذهب الجائرين القائل: "إن مُحَمَّداً كاذب"، ونعد مواقفهم عاراً وسُبَّةً، وسخافةً وحُمقاً، فلنربأ بنفوسنا عنه ولنترفع، ولقد قيل كثيراً في شأن نشر مُحَمَّد دينه بالسيف، فإذا جعل الناس ذلك دليلاً على كذبه فشد ما أخطأوا وجاروا! إنهم يقولون ما كان الدين ينتشر لولا السيف، ولكن ما هو حد السيف؟ هو قوة هذا الدين وأنه حق أولم يروا أن النصرانية كانت لا تأنف أن تستخدم السيف أحياناً؟ وحسبكم ما فعل شرلمان بقبائل السكسون".

        " لقد كان مُحَمَّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ - زاهداً متقشفاً في مسكنه ومأكله، ومشربه وملبسه، وسائر أمور حياته وأحواله، وكان طعامه عادة الخبز والماء، وربما كان يصلح ويرتق ثوبه بيده، فهل بعد ذلك مكرمة ومفخرة؟

         فحبذا مُحَمَّد من نبي خشن اللباس، خشن الطعام، مجتهد في الليل، قائم النهار، ساهر الليل، دائب في نشر دين الله، غير طامح إلى ما يطمح إليه أصاغر الرجال من رتبة أو دولة أو سلطان، وهو بحق النَّبيّ ذو الخلق العظيم".

 هذا ما كان من مواقف أولئك الرجال من أبناء الغرب المسيحي في ذلك التاريخ أي قبل قرنين.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 68 مشاهدة
نشرت فى 6 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,660