الرئيسية منبر حر


محمد عبد العال أبو إسماعيل 23 يونيو 2012 07:27 PM

 

لاشك أن رهان بشار الأسد على نجاح الحل القمعى فى تركيع الشعب السورى بدأ يضمحل، وأصبحت آماله فى  تثبيت عرشه المتهاوى تذهب سدى، وساهمت الدماء الزكية التى أسرف فى إراقتها فى تأجيج الغضب ضده، ووقودًا يدفع رغبة الشعب السورى إلى إسقاطه وخلعه، وإقامة حكم وطنى ديمقراطى يريح البلاد، يحررها من ربقة الحكم البعثى المتسلط، الذى ما ترك جرمًا فى حق شعبه إلا ارتكبه، وما وجد واجبًا وطنيًا إلا وفرط فيه، وتخلى عن دور رجل الدولة وتقمص دور رجل العصابة تحدوه رغبة فى فرض نظامه على الشعب والتشبث بكرسيه بالإرهاب وسفك الدماء. 

فلأجل هذه الغاية اختار بشار الطريقة السوء، والمعاون السوء، والمستشار السوء، استخدم بشار الأسد مخالب الجيش وقواه الخشنة ضد انتفاضة الشعب والاحتجاجات، التى اندلعت فى الأرياف والمدن والأحياء السورية، انطلاقًا من مدينة درعا جنوبى البلاد، التى كانت محضن الانطلاقة الأولى للثورة فى  منتصف شهر مارس عام 2011م ، تنديدًا بحكم آل السد الجاثم على صدور الشعب بالقمع والإرهاب منذ العام 1971م، كما استعان بخبرات ودعم قوى دولية مرتبطة معه بمصالح اقتصادية كبيرة، وأخرى إقليمية وكيانات طائفية فى دول مجاورة من أجل استنساخ خبرتها فى قمع واجتثاث القوى الوطنية الداعية، إلى التغيير والاستقلال.

وفى سبيل التعاطى مع الاحتجاجات المستمرة فى العديد من المناطق استدعى بشار الأسد من ذاكرة التاريخ صفحة سوداء مدلهمة سطرها سلفه فى العام 1982م، يوم قصف بالطائرات مدينة حماة بوحشية لم نعهدها إلا فى فلسطين على يد عصابات صهيونية ضالعة فى الإجرام، أو فى البوسنة على يد قوات الصرب، فأراد بشار أن يُحيى عن سلفه سنة سيئة طويت تحت حراب حقوق الإنسان وتقدم وسائل الرصد والمتابعة، ورغبة الشعوب فى كسر جدار الذل والانقياد لأنظمة فظة قاسية خائنة متواطئة مفرطة فى حقوق الأوطان.

وجه بشار فوهات أسلحة جيشه الثقيلة التى ضلت طريقها إلى الجولان إلى صدور أبناء شعبه الأعزل الباحث عن تطهير البلاد من فساد نظامه الفاشى الطائفى، فأطلق شبيحته الكاسرة وعناصر أمنه  الغاشمة ليعيثوا بين الناس قتلاً وتشريدًا وإرهابًا وترويعًا، بالتمثيل بجثث الموتى، وهتك أعراض النساء، وارتكاب خزايا تفوق جرائم الصرب بشاعة وافتئاتًا، بعد أن دعوا دعوة الشرك فى بلد مسلم موحد بأن بشار هو إله الشعب الذى ينبغى أن يُسجد له من دون الله ويطاع.

هُرعت لهذه الجرائم الشرعية العربية ممثلة فى جامعة الدول العربية بمبادرتها، التى أعلنتها فى 16/11/2011م على خجل من بشار وملئه، ورغم نعومة مبادرة الجامعة العربية الداعية فى وجود النظام إلى وقف العنف، وسحب قوات الجيش وقوات الأمن وفِرَقِ الشبيحة من الشوارع، والإفراج الفورى عن المعتقلين، والجلوس إلى مائدة المفاوضات مع المعارضة، للوصول إلى حل يحقن الدم، ويصلح اعوجاج النظام، ويدشن لمرحلة من الإصلاحات إلى أن النظام لم يعبأ بها، وازدادت شراسته وتخطى الأعراف والحدود بالتحرش بمراقبى الجامعة وتضليلهم، والتعدى على مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية لبعض الدول، فى مخالفة صارخة لقواعد القانون الدولى واتفاقية فيينا 1961م بشأن المقار الدبلوماسية والبعثات. 

وباتساع دائرة العنف من قبل النظام  والحديث عن بوادر حرب أهلية قد يتطاير شظاها إلى دول مجاورة كما يروج له النظام السورى، تحركت الجامعة العربية ثانية بالتوازى والتنسيق مع الأمم المتحدة، وتم إيفاد أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفى عنان بخطة محددة،  وافقت عليها السلطات السورية والمعارضة، والتى حظيت بدعم دولى, تتضمن خطة عنان, نفس بنود المبادرة العربية وهى وقف العنف، وسحب الوحدات العسكرية من التجمعات السكنية, وإيصال مساعدات إنسانية إلى المتضررين وبدء حوار وطنى والإفراج عن المعتقلين, والسماح للإعلاميين بالاطلاع على الأوضاع فى سوريا, والسماح بحرية التجمع والتظاهر وفقًا للقانون.

فضرب بشار بجهود الأمم المتحدة والجامعة العربية عرض الحائط، واستمر فى غيه وإجرامه وسلوكه العدوانى، بارتكاب جرائم ممنهجة ومستمرة، توقع يوميًا العشرات من الأطفال والنساء فضلاً عن جرائم  التهجير القسرى والهدم والحرق والتجويع.. وكأنه فى مأمن من أدوات الشرعية الدولية، بمجلس أمنها وفصلها السابع فى ميثاق الأمم المتحدة، الذى يجيز استخدام القوة العسكرية لحماية السلم والأمن الدوليين، وهى شرعية انتقائية تنشط فى مناطق وتنحسر فى أخرى.

الشعب السورى الشقيق يسير بإذن الله فى طريق النصر المكلل فى نهايته بميتة مهينة، أو هروب مخز، أو محاكمة عادلة، ينال فيها النظام البعثى مصيره المحتوم، ليحيا الشعب السورى حرًا عزيزًا بإذن الله، ولعل نجاح الشعب المصرى فى إسقاط فلول نظامه السابق فى انتخابات الرئاسة يبعث على التفاؤل بحتمية انتصار الشعوب على جلاديها مهما طال ليل الاستبداد.

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 76 مشاهدة
نشرت فى 24 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,700