حوار: حاتم سلامة

 يمثل المسلمون في كندا نسبة 2% من مجموع السكان الكنديين، وقد أشارت صحيفة «مونتريال جازيت» الكندية في أحد أعدادها أن المسلمين أصبحوا أكبر الأقليات غير المسلمة في مقاطعة «كوبيك» والتي تعد إحدى أكبر المقاطعات الكندية، وأن نتائج الإحصاء السكاني الكندي لعام 2001م كشفت عن تزايد أعداد مسلمي ولاية كوبيك من 108 آلاف نسمة في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى 141 ألف نسمة في نهاية القرن العشرين، وقالت الصحيفة: إن زيادة أعداد المسلمين الكنديين مقارنة باليهود الكنديين قد يؤدي إلى زيادة رغبة الحكومة الكندية في اتخاذ مواقف أكثر حيادية تجاه قضية الشرق الأوسط، في الوقت الذي يضغط فيه اليهود الكنديون على الحكومة لاتخاذ مواقف أكثر انحيازاً ودعماً لـ«إسرائيل». وفي محاولة للإطلالة على مستقبل واقع الأقلية المسلمة بكندا، كان لنا هذا الحوار مع الداعية «محمد فضل»، رئيس مركز«بيت الأمان الإسلامي» بمدينة تورنتو: < بداية، حدثنا عن الأقلية المسلمة بكندا من حيث الأصول والانتشار؟ - انتشر الإسلام في كندا عن طريق المهاجرين إليها لأسباب متعددة، مثل التعليم العالي، والعمالة، وجمع شمل الأسرة، وجاء آخرون من أجل الحرية الدينية والسياسية، مخلفين وراءهم الحروب الأهلية، والاضطهاد، وغير ذلك من أشكال النزاعات الأهلية، كما حدث مع المهاجرين الصوماليين، فضلاً عن المسلمين البوسنيين الفارين من يوغوسلافيا المتفككة.. وفي فترة ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت كندا مقصداً مهماً يلجأ إليه الفارون من الحرب الأهلية اللبنانية، وتغلب الأصول العربية على مسلمي كندا إلى جانب أعداد كبيرة من أصول باكستانية وهندية، وكذلك من شرق آسيا وجنوب أوروبا والبلقان، هذا بخلاف بعض الكنديين الذين اعتنقوا الإسلام. < كم يبلغ عدد الجالية المسلمة في كندا؟ - النصرانية هي الديانة الرسمية للدولة، وعدد السكان حوالي 33 مليون نسمة ونصف المليون، ونسبة المسلمين 1.9%، وحسب إحصائية 2009م يصل عدد المسلمين إلى مليون ونصف المليون، ويُظهِر آخر إحصاء للسكان أن الإسلام هو الديانة رقم واحد بين العقائد والديانات غير المسيحية، وفي «ترنتو» وحدها والتي تعد العاصمة الإقليمية لكندا، يقيم نصف مليون مسلم. < هل تواجه الأقلية المسلمة بكندا صوراً لـ«إلإسلاموفوبيا» كما يحدث في أوروبا؟ - الحرية الشخصية في كندا منتشرة، وقد تتنافى مع ما يحافظ عليه البعض من معتقدات وقيم، حيث نجد من مفاهيم الحرية ما قد يصل لحد التطرف، كالحرية الجنسية التي لا حدود لها، ولكن لا أنكر أن هناك محاولات للمساس بالحريات الإسلامية على غرار ما جرى في أوروبا من نزع الحجاب وكشف الوجه، حيث كانت هناك محاولة مؤخراً لوضع قانون لمنع النقاب في مقاطعة كيبك، والحكومة الكندية لا يوجد لديها أي شيء تجاه الإسلام، وغالب الكنديين لا نرى منهم بغضاً للإسلام، وحينما تحدثهم بلطف تجد ترحيباً كبيراً، ولكن لا ننكر أن هناك قلة بسيطة ممن يتأثرون بالانطباع العالمي عن الإسلام. < من يقف وراء هذه المحاولات؟ - «الكيويبك» وهي مقاطعة تتبع فرنسا أيديولوجيا، وكذلك بعض المنظمات الفرانكفونية الذين أرادوا أن يحاكوا ما حدث في فرنسا، عندما استصدرت قانوناً بمنع النقاب. < ما أبرز مشكلات الشباب المسلم في كندا؟ - تتمثل أكبر المشكلات التي تواجه الشباب في الإباحية المنتشرة نتيجة للحرية المطلقة، وهي ثقافة انتشرت حتى في المدارس وتُدرَّس في المناهج، حتى الأمور الشاذة كزواج الرجل من الرجل، والمرأة بالمرأة، تدرس على أنها شيء مباح وعادي، وهو تحد يزيد من خطورته ووجود بعض المسلمين الذين ليست لهم غيرة دينية، ولا اهتمام بما يحدث حولهم من تغييرات تهدد قيمهم الدينية. < رغم خطورة الحرية المطلقة بكندا هل ترى أنها تخدم الإسلام؟ - نستطيع القول بأنه على قدر ما تقدم الحرية مناخاً جيداً لنشر الإسلام، فإن الحرية بلا حدود تقدم تهديدات وعوائق في طريق الالتزام به، فحرية المجال الدعوي هنا تعطي فرصة أكبر للاحتكاك ومع تواضع المسلمين وبساطتهم في التعامل لا يمر شهر إلا ويسلم ثلاثة أو أربعة، فالحرية لا شك مناخ مهم وفي صالح الإسلام، لكن يأتي الوجه الآخر للحرية والذي يمثل صورة سلبية على الأقلية المسلمة التي تندمج في المجتمع يوماً بعد يوم، وتتشرب عاداته وتقاليده، وعلى رأسها الانفتاح في الحرية العقدية والجنسية، ومن ثم لابد من جهود دعوية ضخمة حتى تحافظ الأقلية المسلمة على هويتها الدينية. < أليست لدى المسلمين مدارس خاصة لتعليم الإسلام وتجنب الأفكار التي لا تتفق مع قيمهم وعقائدهم؟ - رغم أن لدينا حرية في إنشاء المدارس الخاصة واختيار المناهج التي تسيّرها، إلا أن نقص المدرسين المسلمين الذين يريدون ويسيرون هذه المدارس مشكلة تقابلنا، فكثير من المسلمين الذين يهاجرون لكندا تجدهم رويداً رويداً ينخرطون في هذه المزالق؛ فيقل من يعتنون بمستقبل الدعوة والإسلام. وقد اعترفت سلطات التعليم الكندية رسمياً بالدين الإسلامي عام 1973م، وأصبح من مقررات الدراسة مع الأديان الأخرى لطلبة المرحلة الثانوية، كما تلت ذلك مشروعات لتنظيم محاضرات عن الإسلام للمعلمين الذين أُوكل إليهم تدريس هذه المقررات، وقد نشط مجلس الجماعات الإسلامية لمراجعة الكتب المقررة لتصحيح الأخطاء التي كانت شائعة فيها عن الإسلام، ويعد ذلك مدخلاً أساسياً في هذه المرحلة التعليمية لتنقية الإسلام من الشوائب التي كانت قد لحقت به سواء كان ذلك جهلاً أو عمداً. < هل هناك تعاون بين المركز والمؤسسات الإسلامية الخيرية المعنية بالدعوة والشباب؟ - نسعى للتعاون مع بعض هذه المنظمات كالندوة العالمية للشباب الإسلامي التي تعنى بالشباب، لأن أجيال المسلمين من الشباب في كندا في حاجة مستمرة للتذكير بقيمهم الإسلامية، وسط هذا الزخم من الحريات المنفلتة. < هل لديكم العدد المطلوب من الدعاة الذين يقدمون الإسلام بصورته الصحيحة؟ - للأسف لدينا أزمة في الدعاة ونعاني نقصاً كبيراً في صفوفهم، إذ نحتاج لدعاة يتكلمون بلغة القوم، حتى يصلوا إليهم بالغاية المطلوبة، ويكون الاندماج معهم أقوى وأبلغ. < هل لديكم محاولات للمشاركة السياسية في المجتمع الكندي؟ - السنوات القليلة الماضية شهدت تزايدًا من جانب الأقلية المسلمة في المشاركة في الحياة السياسية والمدنية، وقد شهدت الانتخابات البرلمانية الأخيرة مشاركة كبيرة من جانب الأقلية المسلمة، سواء كان ذلك على مستوى الترشيح أو الإدلاء بالأصوات. ورغم ترشح العديد من المسلمين المنتمين للأحزاب كافة، إلا أن عدداً قليلاً منهم فقط حقق الفوز، وكانت نسب حضور المسلمين أعلى من نسب حضور الكنديين بشكل عام في الانتخابات البرلمانية.

المصدر: المجتمع
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 116 مشاهدة
نشرت فى 15 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,615