وقائـع تنصـير أطفـال المسلمين فــي بلغاريا

لقد كان العالم الإسلامي شاهدا على ما تعرض له الشعب البوسني المسلم سواء كان على أيدي القوات الصربية باستخدام الآلة العسكرية أو على أيدي القوى العظمى والأوروبية باستخدام القرارات والضغوط السياسية عبر منظماتهم الدولية للحد من التأثير المسلم وإلغاء كل الإمكانيات المتاحة أمام وجود دولة إسلامية في أوروبا.

حدث هذا ودول العالم الإسلامي تقف مكتوفة الأيادي ببيانات الإدانة والذهاب للوقوف على أبواب البيت الأبيض الأمريكي، ترجو وتتوسل وتطلب العون والإنقاذ، وكأننا دون وعي نتجاهل أو نتناسى أو نريد أن نتناسى الدور الأمريكي في هذه المؤامرة الكبيرة، ونقبل طواعية أن نعطي القط مفتاح الكرار، أو نرغب تخليص الضمير بتقديم الشكوى من اللص لزعيم العصابة، أو بالبلدي “نشكو اللص لشيخ المنسر” غير واعين بأن ما يحدث في البوسنة هو جزء لا يتجزأ من مؤامرة أعم وأشمل للقضاء على كل ما يرتبط بالإسلام في المنطقة الأوروبية.

ولكي أكون أكثر دقة لتثبيت ما أشير إليه سوف أحاول أن ألقي بالضوء على جزء من أجزاء المؤامرة الأوروبية والأمريكية على الإسلام، في موقع آخر من المنطقة البلقانية، فالمؤامرة هناك تعتمد أسلوبا آخر أشد ضراوة من الآلة العسكرية، إنها تستهدف وبشكل مباشر إلغاء الديانة الإسلامية، وقد بدأ الكشف عن هذه المؤامرة بطريق الصدفة، حينما صرح أحد الوزراء اليونانيين بأنه يؤمن من وجهة نظره بوجود “شعب بوماتس” والبوماتس نسبة إلى البوماك وهم البلغار الذين اعتنقوا الدين الإسلامي ويعيشون في منطقة الجبال الواقعة بين حدود بلغاريا واليونان، وأثار هذا التصريح وقتها ردود فعل حادة لدى السلطات البلغارية التي أشارت إلى أن مثل هذه التصريحات تعد محاولة لإثارة توتر عرقي ، وأنه لا يمكن فصل الشعب البلغاري إلى قوميات، مطالبين بتوضيح من السلطات اليونانية، إلا أن حكومة أثينا قد اعتذرت ونفت أن تكون تصريحات الوزير تحمل مثل هذه المعاني، وانتهت القصة بين الدولتين، إلا أنها لم تنه مع “البوماك” حيث كان التصريح اليوناني سببا في إلقاء الضوء على هذه المجموعات المسلمة التي لا تكاد تكون في حالة كاملة من العزلة عن عالمنا الإسـلامي!.

دخول البلغار الإسلام
فالبوماك قد تشكلت مجموعاتهم إبان الاحتلال التركي لمنطقة البلقان، وأثناء عمليات الفتح الإسلامي وانتشار العقيدة الإسلامية في فترة السلطان محمد الرابع ووزيره محمد كوبيري (1656م ـ 1661م) خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، والبوماك كلمة يرجع أصلها إلى كلمة “بودمامن” كما أشارت بذلك الكتب التاريخية ومعناها الفرد الذي فرضت عليه عقيدة دينية أخرى، وتنتشر هذه المجموعات بشكل أساسي في جبال “الروبي” الواقعة في جنوب غرب بلغاريا وشمال اليونان، وتعتبر أكثر تلاحما وتضامنا من المسلمين البلغار المتواجدين أيضا في شمال شرق بلغاريا والذين لهم أصول تركية، ويتراوح تعداد البوماك بين المليون و 300 ألف نسمة، وقد حافظت هذه المجموعات على لغتها الشعبية “العامية” وعاداتها وتقاليدها “وفق التراث البلغاري واليوناني القديم” وبعد أن اعتنقوا الإسلام أصبح لديهم الطريق الخاص بهم للتطور التاريخي بشكل منفصل وبمرور الوقت كمجتمع منفصل له مقوماته الخاصة ووسائله الخاصة في المعيشة التي تختلف عن البلغار واليونان بغض النظر عن أن إقامتهم داخل حدود الدولتين، وكان يعود ذلك إلى ارتباطهم الشديد ببعضهم البعض، ومن المعروف أن اعتناق المسلمين البلغار للإسلام قد تم بطريقتين، الأولى بشكل فردي والأخرى بشكل جماعي بقرار أو فرمان من السلطان التركي، هؤلاء الذين قبلوا الإسلام بشكل فردي وبرغبة شخصية كانوا سرعان ما يلتحموا مع المسلمين الآخرين سواء كانوا من الأتراك أو جنسيات أخرى وبذلك تناسوا جذورهم الشعبية السابقة بشكل سريع، حيث كانوا يرغبون في الحصول على المساواة الكاملة مع المسلمين دون أن يكون بينهم أي اختلافات في المستوى أو الدين أو الامتيازات، أما ما أطلق عليهم البلغار المحمديون أو “البوماك” والذين قبلوا الإسلام بشكل جماعي فمازالوا يشعرون حتى الآن بأنهم يختلفون حتى عن البلغار أو الأتراك الذين يعيشون على هذه الأرض، وكان لشعورهم السبب الرئيسي الذي جعلهم في حالة عزلة ومنبوذين من المجتمع المحيط بهم، وقد لعبت ظروف وجود بلغاريا تحت الحكم الشيوعي قرابة الخمسة وأربعين عاما دورا أساسيا في عزلتهم وانهيار أحوالهم الاقتصادية وعدم اتصالهم بالمجتمعات الإسلامية.

الطريق لتغيير الهوية الإسلامية
وكانت هذه النقطة “الأحوال الاقتصادية المتردية” هي المنفذ الذي استخدم لتنفيذ المؤامرة والوصول إلى هذه المجموعات لضرب إيمانهم وعقيدتهم الإسلامية والمساومة على ذلك بإمكانية توفير حياة اقتصادية “طبيعية” مقابل تخليهم عن الإسلام، وقد تولى لعب دور المساوم، أو النبي المنتظر أو الرسول المنقذ أحد القساوسة الشبان الذي يسمى القس “بويان سارييف” والذي راح ينشر رسالته في جبال “الردوبي” التي يقيم بها البوماك، وبدأت مساوماته في محاضراته التي بدأ يلقيها على هذه المجموعات بأن أوضح أنه يتفهم وضع الآباء والأمهات والأجداد الذين تجاوزا العمر المسموح لهم أمام أنفسهم بالتحول إلى ديانة أو الارتداد عن الديانة الإسلامية وقبول النصرانية، ولذلك فهو يطرح عليهم مقابل توفير حياة “أوروبية” واقتصادية طبيعية أن يتنازلوا عن أبنائهم وأطفالهم، ويمنحوه الحق في تنصير الأبناء والأطفال داخل الكنائس البلغارية، وقبل الإشارة إلى ما حققه القس “بويان سارييف” لابد من الوقوف للتعرف عليه، وربط الأحداث، واستيعاب المؤامرة.

سارييف.. من الإسلام إلى التنصير
بويان سارييف من أسرة مسلمة اعتنقت الإسلام طواعية، ولكنه عبر مشاركته في فرق الشيوعية في فترة الدراسة الجامعية وحصوله على ليسانس الحقوق عام 1988م ارتبط ببعض الفرق الشبابية الملحدة وغير المعترفة بوجود الديانات وهذه الفرق لها ارتباط بمنظمة الحقوق الإنسانية والروحية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتضم في لجنتها القيادية ثلاثة من اليهود من إجمالي سبعة أفراد، وقد وجهت هذه المنظمة الدعوة “لبوبان سارييف” بعمل دورة تعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1989م، أعلن بعدها وفجأة أنه قد انتسب في دورة تعليم القساوسة وبدأ في ارتداء العباءة النصرانية وأعلن في عام 1990م “مع بداية التحول الديمقراطي في بلغاريا والسماح بتشكيل المنظمات والجماعات السياسية والدينية” عن إنشاء حركة التقدم والنصرانية ليبدأ من خلالها نشاطه النصراني، الذي تركز ومازال على دور واحد هو مساواته المسلمين البلغار “البوماك” على دفع رواتب مجزية بالعملة الأجنبية “الدولار!!!!” مقابل الموافقة على تنصير الأطفال، وقام في خلال أربعة سنوات ببناء أكثر من تسع كنائس كبيرة في منطقة جبال “الردوبي” التي يقيم فيها “البوماك” وتصرف الرواتب بالعملة الأجنبية مباشرة من الكنيسة مع توفير الحياة الدراسية المجانية للأطفال، وضمان حصولهم على بعثات تعليمية “على نفقة منظمة الحقوق الإنسانية الأمريكية” في الخارج بجانب حصولهم على دورات دينية!!!، وقد حصل بويان سارييف على جواز سفر أمريكي كهدية لجهوده لصالح الكنيسة العالمية، وتمكن خلال عام 1991م من تنصير مائة وخمسين فردا ، وفي عام 1992، 1993م تمكن من تنصير ألف ومائتين من بينهم ثمانمائة طفل، وفي عام 1994م من تنصير 261 طفلا من البوماك في قرية “نيدلينو” ثم أعلن بعد ذلك أنه لا يجب إعطاء الأهمية للأرقام، بل الأهم هو قبول هؤلاء للدين النصراني.

ولابد لنا من الاعتراف أن بويان سارييف قد وجد الأرض ممهدة أمامه لإحكام وتنفيذ المؤامرة التي رسمت له من المنظمات اليهودية والأمريكية، فأغلب المناطق التي يقطن بها “البوماك” لا يوجد بها مسجد واحد، وتفتقد لأي إمام أو واعظ أو أي فرد يوجه الشباب والأطفال التوجيه الصحيح عن دينهم ودين آبائهم وأمهاتهم، وحتى بعض المحاولات الفردية التي قام بها بعض الشباب المسلمين من الدول العربية بزيارة هذه المناطق لإعطاء بعض الدروس، لم تترك الأثر الفعال، لأنها جاءت وذهبت في إطار الجهود الفردية غير المرتبطة بجهود دول إسلامية أو حتى منظمة مؤتمر الدول الإسلامية التي تتحمل العبء الأول في هذه القضية خاصة وأننا ندرك ونعلم كم من الأموال الإسلامية تذهب هباء ولا تصب في صالح العقيدة والدين، وبذهابي إلى هذه المناطق كنت أواجه اللوم وأراه في العيون، اللوم الذي يصل إلى حد الاتهام، فأحدهم بادرني بالسؤال: الآن فقط علمتم طريقنا بعد وصول القس بويان سارييف، وعلمتموه فقط لكي تسألوا لماذا أقدمتم على ذلك أو رفعتم الراية البيضاء؟؟ كان من المفروض أن تأتي أولا منذ زمن، ولتساعد لا لتتساءل؟!!

وكان من الملفت للنظر أن وسائل الإعلام البلغارية، خاصة التي يتحكم بها أو فيها الاتجاه اليهودي قد أسرعت بفرد صفحات وتصريحات عن دور بويان سارييف وكانت بعض تصريحاته تشير إلى استعداده للقيام بنفس المهمة على الجانب الآخر من الحدود ومع المسلمين المقيمين في اليونان، ولم يمض ثلاثة أيام على هذا التصريح إلا وقد تلقى “سارييف” دعوة للقاء السفير اليوناني في صوفيا ليعرض عليه ترحيب الحكومة اليونانية بدوره ورغبتها في زيارته لأراضيها في الوقت الذي تسمح به الظروف!

أسباب دخول المسلمين في النصرانية وهنا سوف أضع أمام القراء بعض الإجابات التي وردت على لسان القس بويان سارييف ونشرت في إحدى المجلات الرئيسية البلغارية، والإجابات دون تعليق!.. - لماذا دخل الآلاف من المسلمين في النصرانية؟
السبب الأساسي دائما يصبح غير معلن ولكن أعتقد أن الأسباب لها دوافع أخرى ترتبط بالوعي، فقد أدرك هؤلاء من خلال محاضراتي أنهم مادة أساسية ومخزون حضاري للمسيحيــــة في هذه المنطقة إضافة إلى أنهم لم يرتبطوا بشكل أساسي وعميق بالإسلام لافتقارهم لعنصر الإقناع أو من يربطهم بهذا الدين فشعروا بالغربة وكان حديثي معهم هو البحث عن شيء أو الحقيقة ولذا أرادوا أن يملؤوا الفراغ الروحي في نفوسهم!

- كم تعداد من حولتهم عن الإسلام إلى النصرانية؟
لا أستطيع التحديد، ولكن أقول إن منطقة “الردوبي” بها الآن كنائس بعدد كاف لنربط هؤلاء بالهدف والرمز ويمكن من خلالها تحويل العديد إلى النصرانية وتتم لهم عملية التنصير... ولدينا الميزانيات الكافية لاستكمال مهمتنا!!

- لماذا تدفعون أموالا لهؤلاء الناس؟ وأين مصدرها؟
أولا هم بحاجة إلى العون... ولكي يدركوا من الذي يمد لهم يد العون إضافة إلى أن هذه الأموال تأتي من الجمعيات والمنظمات الخيرية التي تبغي نشر الرسالة النصرانية، إذن يمكن القول إنها أموال الرب!!

بعد ذلك عزيزي القارىء... عليك وحدك إدراك المؤامرة ومن يقف وراءها، ولكنك لا يجب أن تغفل أو تتجاهل بأننا قد ساهمنا في مثل هذه الأعمال التي تصل إلى حد الإجرام في حق ديننا... ورسالتنا الإسلامية.

وفي إطار المحاولة لكشف عن خيوط المؤامرة وأبعادها وأهدافها، التقينا بالعديد من هؤلاء الذين قبلوا بمساومات القس سارييف، وتخلوا طواعية عن أطفالهم وأبنائهم، بل منهم من قبل رغم شيخوخته المعادلة الاقتصادية والإغراء المالي الذي عرض عليه. وليسمح لي القراء الأعزاء بعدم الإفصاح عن أسماء هؤلاء، حيث عبروا عن قلقهم وخوفهم من أن يمسهم أي ضرر أو عقاب على ما أباحوا به، ولكن بداية أود أن أقر بشيء غريب وهو أن كل من التقيت به من هؤلاء الناس كان يتعامل معي دون تحفظ وبثقة بالغة، بل أباحوا لي بكل ما يعرفونه من أسرار حول تصرفات وعلاقات القس سارييف فقط بمجرد أن علموا أنني مسلم أنتمي إلى إحدى الدول الإسلامية، بل إن بعضهم كان الخجل يسيطر على وجهه وهو يعترف أمامي بقبوله للمساومة على دينه محاولا التبرير بالأوضاع الاقتصادية تارة، وبفقدانه لأي علاقات أو جسور مع العالم الإسلامي تارة أخرى، في الوقت الذي أعلن البعض منهم أنهم أمام هذا القهر المتعمد من السلطات ومن المحيطين بهم أرادوا أن يقبلوا المساومة لتأمين حياة أفضل لأبنائهم.

كان سؤالي دائما إلى كل فرد منهم.. لماذا.. وكيف حدث هذا؟.. وكانت الإجابة من الجميع تكاد تكون متشابهة إلى حد كبير، أو واحدة في أغلب الأحيان، وهي الحياة المريرة التي يعيشون فيها، انقطاع أي اتصال عن إخوانهم المسلمين، والعزلة المفروضة عليهم من “الكفار” على حد تعبيرهم، ومن المسلمين في العالم الإسلامي أيضا ، وكانت الحياة تزداد مرارة خاصة بعد موجة التحولات السياسية في المنطقة التي تبعها تحولات اقتصادية كبيرة أدت إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد التموينية والغذائية، في الوقت الذي لم يطرأ أي تحول أو تغيير على رواتبهم أو دخولهم الثابتة، إلا أن هناك نسبة منهم تمارس التجارة في أوراق التبغ والدخان والتي ينظر إليها على اعتبارها من المجموعات المستقرة اقتصاديا، ورغم ذلك فقد قبلت أيضا هذه المساومات التي طرحها القس سارييف، وكان ذلك يمثل علامة استفهام كبيرة، إلى أن كشف أحدهم عن الأسباب ليتضح اللغز، فعلى المجموعة المستقرة اقتصاديا مورست التهديدات والضغوط المباشرة سواء بعدم تمكنهم من بيع محصولهم من الدخان، أو وضع العراقيل أمامهم المتمثلة في اختلاق الأزمات بينهم وبين مصلحة الضرائب والشرطة ووزارة التجارة والزراعة، وعندما حاول شقيقان أحدهما في قرية إ رن، والآخر في قرية كيركو و، وهما من الأسر الغنية نسبيا، عندما حاولا رفض المساومات والضغوط في حوار مباشر مع مبعوث القس لهم في مايو عام 1993م وشنا هجوما ضد ما يحاول القس نشره، قامت مجموعة مجهولة بإشعال الحريق في محصول الشقيقين في القريتين وتسميم أكثر من عشرين من الماشية لكل منهما، وعندما واصل أحد الشقيقين إصراره على موقفه وعدم تغيير ديانته أو ديانة أولاده وجهت إليه في شهر سبتمبر 1993م تهمة ملفقة بالاعتداء الجنسي على فتاة نصرانية لم تتجاوز الاثني عشر عاما، وعلى الرغم من أن أهل القرية قد أعلنوا أن الاتهام كاذب وباطل، إلا أن الكنيسة قد تقدمت بعشرة من الشهود، ورفضت تحويل الفتاة للطبيب الشرعي، وكانت النتيجة إلقاء الرجل في السجن، وبعدها قبلت زوجته بشروط القس سارييف حفاظا على حياة أطفالها الثلاثة، وهي الوحيدة التي قبلت بتنصير أطفالها دون مقابل مالي، وقد صدر بشأنها قرار من كنيسة إيفرن يفيد أن أموال الأطفال ستحفظ لهم رغم معارضة الأم في خزانة الكنيسة، وسيتم تسليم الأموال لهم عند بلوغهم سن الرشد، وكان الغريب أن القرار قد تضمن بندا آخر كعقاب للأم بأنه أشار إلى أن الأم ربما تكون غير آهلة بتربية ورعاية الأطفال الثلاث بوصفها زوجة رجل سجين وتتمتع بديانة أخرى “الإسلامية” التي تختلف عن ديانة الأطفال، ولذا فإن الكنيســة تتقدم إلى المحكمة بطلب فرض الوصاية على الأطفال ورعايتهم ومتابعتهم بشــكل دوري، والحصول على الحق في سلبهم من الأم في حالة إثبات أي حالة من حالات الانتهاك الديني للأطفال، قرارات وفرامانات عجيبة تصدر من القس ومنظمته وتصدق عليها الكنيسة التابعة له.

أساليب مدروسة للتنصير
وقد استخدم القس بويان سارييف عددا من الأساليب المدروسة لتحقيق مهمته وأهدافه، فقد تمت العملية بداية بإرسال عدد من الرسل والمبعوثين من القس إلى منازل “البوماك” للتعرف عليهم وتسجيل أوضاعهم الاجتماعية وعمل إحصائيات عددية لهم، ولكل أسرة على حدة، بعدها قام نفس الرسل في مناسبة أعياد الميلاد النصرانية عام 1990م بتقديم معونات مالية وكسائية للعديد من هؤلاء الأسر خاصة التي بها أعداد من الأطفال، وقد أعلنوا أن المساعدات تقدم باسم الكنيسة وتحت شعار “نحن جميعا أولاد الرب” وكتبت هذه العبارة بشكل مطبوع باللغة الإنجليزية والبلغارية على كارت معايدة موقع من الجمعية الخيرية النصرانية العالمية، وكان هذا بمثابة مدخل لفتح الحوار والمساومات مع الأسر المسلمة، وكان رسل القس يمارسون المساومات مع كل أسرة بشكل مختلف وفق وضعها وتعدادها وتعداد حديثي السن فيها، فالآباء والأمهات يتم منحهم ولمرة واحدة مكافأة مالية قدرها ألف دولار في حالة موافقتهم على تنصير الأبناء، إضافة لراتب شهري قدره خمسة وسبعين دولارا، بجانب تولي الكنيسة لرعاية الأطفال من ناحية الإعانات والملابس والمواد الغذائية والمالية، وكان الآباء والأمهات بعد عبورهم مرحلة القبول مع الوسطاء يذهبون للقاء مع القس بويان الذي يقوم بعملية التنصير، وكانت هناك أساليب متوازية، ففي مارس عام 1991م علق على أبواب الكنائس التي تم تشييدها في المناطق المسلمة إعلانا بفتح الأبواب أمام الحصول على منح دراسية في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك للبالغين من العمر سبعة عشر عاما، وتوافد العديد من الشباب على هذه الكنائس وقاموا بتعبئة الاستمارات الخاصة بهذه المنح والتي كتب عليها بالخط الأسود العريض “منظمة الحقوق الإنسانية والروحية” بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد شملت هذه الاستمارات أدق التفاصيل عن المتقدم، عمره، وإقامته، وأسرته، وأعدادها، ووظائف كل فرد فيها، وكان الغريب أن جميع المتقدمين من المسلمين لهذه المنحة قد تم قبولهم ورفض ثلاث استمارات لثلاثة من الشبان النصارى!! ثم تم إخطار الطلاب بأن عليهم اجتياز دورة تعليمية ستنظم من قبل الكنيسة لتعليم اللغة الإنجليزية بشكل مجاني على نفقة المنظمة الأمريكية، وقد تم تقسيم الطلاب المتقدمين إلى ثلاث مجموعات كل منها خمسة وعشرون طالبا وإرسالهم مجموعة بعد الأخرى في دورة تعليمية أقيمت في مدينة أوفرو المقدونية لمدة أربعة أسابيع، وقد تلازمت دروس اللغة الإنجليزية مع دروس في التعاليم الروحية، وكان على المشاركين في الدورة اجتياز الاختبار في اللغة والتعاليم الروحية كشرط للحصول على المنحة، وأرسلت المجموعة الأولى إلى هوستن بالولايات المتحدة الأمريكية كمنح دراسية بها، والمجموعة الثانية إلى مدينة سيدني بأستراليا، بينما أرسلت المجموعة الثالثة إلى إسرائيل.

وقبل سفر المجموعات الثلاث وبعد إصدار جوازات سفرهم الجديدة وحصولهم على تأشيرات الدول الثلاث وشراء تذاكر السفر أخطرتهم الكنيسة في حوار أجراه معهم القس سارييف بضرورة الإعلان عن تنصيرهم قبل السفر كشرط أساسي تفرضه الدول المانحة للبعثات الدراسية، وللأسف لم يتردد طالب واحد، بل اتخذوا قرارهم الجماعي بالموافقة دون الرجوع والعودة إلى أولياء أمورهم، وكانت المجموعات الثلاث هي لسان حال الدعوة التي يتزعمها بويان سارييف أثناء زيارتهم لبلغاريا في فترة الإجازات الدراسية، وأوضحوا لأولياء أمورهم بأنهم يحصلون على إعانات مالية شهرية بقدر فاعليتهم في المنظمة النصرانية التي لها فرع في كل الدول الغربية، ومازالت المنح الدراسية مستمرة كل عام، والدورات التمهيدية لها أيضا تجري في مقدونيا ومدينة سالونيك اليونانية، وأن توزيع الطلاب والمنح على الدول الأجنبية قد اتسعت دائرته ليشمل مدينة مونتريال بكندا، وداكار بالسنغال، وبون بألمانيا. وقد كشف أحد أولياء الأمور أن القس بويان له علاقات دولية غامضة، وقد بدا ذلك واضحا حينما اعترضت الكنيسة البلغارية الرئيسية في صوفيا على بعض تصرفاته داخل الكنائس المقامة في منطقة الردوبي واشترطت وجود بعض القساوسة من الكنيسة الرئيسية أثناء عمليات التنصير، الأمر الذي رفضه القس سارييف وقام بإجراء اتصالات هاتفية مع الولايات المتحدة التي أسرعت عن طريق سفارتها في صوفيا بالتدخل لدى الكنيسة البلغارية ووقف الاحتجاج على القس بويان والسماح له بالعمل في هدوء، وقد أكد ذلك أحد القساوسة في الكنيسة البلغارية ويدعى “خريستو كرستيف” والمشهور بتطرفه الشديد في الدين النصراني، والذي أعلن استقالته من المجلس الكنائسي البلغاري، معلنا أنه يدعم عمليات التنصير التي تتم لكنه يعترض على دور القس سارييف البعيد عن دور وأهداف النصرانية الروحية!! وإذا كان أحد أعضاء المجلس الكنائسي البلغاري قد أعلن ذلك، فإذن لصالح من تتم عمليات التنصير؟! ومن يديرها ويمولها؟!.

وكانت المفاجأة الأخرى التي ألقت ببعض الضوء على حجم المؤامرة عندما شرح أحد أولياء الطلاب الحاصلين على منح دراسية في إحدى الدول الغربية بأن المجموعة الطلابية التي اجتازت دورة لتعليم اللغة والمبادئ الدينية في مدينة أوفرو اليونانية كانت تنتظم في هذه الدورة مع مجموعات أخرى إحداها من ألبانيا وعددها اثنا عشر طالبا ، وأخرى من إقليم كوسوفو الصربي ذي الأغلبية الألبانية المسلمة، وكان يشرف على تنظيم الدورة وتخليص أمورها الإدارية ثلاثة أفراد، قدموا أنفسهم على اعتبارهم أعضاء مكتب المنظمة الأمريكية للحقوق الإنسانية والروحية فرع مقدونيا أحدهم “سلامون فرنسيس”!! وهو اسم يهودي، وأفصح أن المنظمة لها في منطقة البلقان ثلاثة أفرع (بلغاريا ـ مقدونيا ـ كوسوفو) يعملون بشكل منسق فيما بينهم، حيث اتضح أن فرعي مقدونيا وكوسوفو يبعث بطلابه لقضاء الدورة التعليمية في صوفيا وبلغاريا.

ومازالت المؤامرة مستمرة، والهجوم الخفي على الإسلام والمسلمين تتسع دائرته، الأمر الذي يطرح السؤال الكبير.. أين نحن مما يحدث؟ وما هو دورنا في مواجهة هذه المؤامرة؟ .
 

د. محمـــد البقـــري

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 97 مشاهدة
نشرت فى 5 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,862