المسلمون في نيجيريا ومحاولات الحفاظ على الهوية الإسلامية تقع الجمهورية الفدرالية النيجيرية في غربي إفريقيا وتشترك في الحدود مع كل من: الكاميرون وتشاد والنيجر وبنين، ويحيطها جنوبا المحيط الأطلسي، وهي أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان، ويتراوح عدد سكانها ما بين 90 ـ 100 مليون نسمة، 55 ـ 70% منهم مسلمون، وهي دولة تتمتع بثروات هائلة آدمية منها وطبيعية، وفي صدارتها النفط الذي يشكل عمود اقتصاد الدولة، وتوجد معه أيضا أراض واسعة خصبة وأمطار غزيرة والغاز الطبيعي والذهب والحديد واليورانيوم والقطن والكاكاو ..إلخ. ونيجيريا عضو قوي في منظمة الدول المصدرة للبترول OPEC وتحتل الدرجة السابعة في تصدير النفط على مستوى العالم. ويوجد في هذا البلد أكثر من 400 لغة وأشهرها "هوسا" و"يوربا" و"إيبو" ولكن رغم هذا التنوع يلاحظ شيء من الاستقرار وعدم خضوع البلد لتكهنات علماء الغرب. نبذة عن تاريخ الإسلام في نيجيريا وقد انتشر الإسلام في المنطقة عن طريق التجار العرب بسلوكهم وأخلاقهم الإسلامية، وقد كان في "كانم بورنو" منذ وقت طويل أمراء مسلمون يحكمونها، وأمير دويلة "كانو" في القرن الخامس عشر محمد رمفا (3641 ـ 9941م) كان مسلما يحكم بالإسلام، وحين زاره الشيخ عبدالكريم المغيلي التلمساني طلب الأمير منه أن يكتب له كتابا عن الحكم والإدارة في ظل الإسلام وقد استجاب الشيخ التلمساني بكتابة رسالة بعنوان "تاج الدين فيما يجب على الملوك" وقد زار هذه المنطقة أيضا الإمام الجليل عبدالرحمن السيوطي ونشر فيها العلم والإسلام. ودون أدنى شك فإن أكبر حدث غير وجه هذا البلد وما جاوره إلى الإسلام الحقيقي هو جهاد الشيخ عثمان بن فودي، وما أشبهه بجهاد الأوائل في مراحله، من دعوة عامة وإعداد الكوادر واضطهاد المؤمنين ثم الهجرة ثم الجهاد وتأسيس حكم الله على المنطقة تحت قيادة الشيخ عثمان، وقد استمر وجود هذه الخلافة "المعروفة بخلافة صكتو" من وقت تأسيسها في 1804م إلى وقت تغلب قوات المستعمرين على جيوش الخلافة في 1903م ـ استمرت لمدة قرن كامل تحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه سلم وكانت اللغة الرسمية هي اللغة العربية للمنطقة وهذا ما يدل على صلة المنطقة بالعالم العربي والإسلامي حينذاك. الاستعمار وحركة التنصير التنصير ووسائله في نيجيريا ومن الوسائل التي يستخدمونها توزيع المنشورات وترجمات الكتاب المقدس باللغات المحلية وقد تم ترجمة العهد الجديد إلى أهم لغات البلد قبل هذا القرن، بيد أن ترجمة معاني القرآن الكريم لم تصدر إلا في بداية الثمانينيات من هذا القرن. ومن الوسائل المؤثرة جدا في النفوس لدى المنصرين استغلال ضعف الإنسان عن طريق قضية العلاج للفقير ومواشيه، وكم أثر هذا في المسلمين ضعاف الإيمان فضلوا عن سبيل الله، فالمنصرون يؤسسون المستشفيات للناس وللحيوانات في أنحاء البلد وخاصة في القرى النائية. ويهتم المنصرون في نيجيريا بتعليم الإسلام في الجامعات لتحريفه ولتشويه صورته في مواعظهم العامة، كما يقومون أيضا ـ أي نصارى البلد ـ وهم يسيطرون على وسائل الإعلام ـ بالهجوم على الإسلام وعلى الحكومة كلما رأوا فيها شيئا له أدنى صلة بالإسلام وإن كان الإسلام بريئا منه. جهود المسلمين في مواجهة الحملة التنصيرية وقد قال أحد العلماء إنه يوجد في نيجيريا "1001" منظمة إسلامية، ولكن مع الأسف تأثيرها في سياسة البلد ومقاومة أعداء الإسلام معدوم أو شبه معدوم، لا يتكلم المسلمون بصوت واحد ولا تجمعهم كلمة واحدة، عكس ما تجد في النصارى كما قال تعالى عنهم: { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } وهذه المنظمات المستفيضة منها ما أسس خصيصا لمحاربة بعضها! إلا أن الوضع لا يدعو إلى اليأس، ووعد الله نافذ في إتمام نوره فنجد قلة من هذه المنظمات التي يقودها علماء وشباب من خريجي الجامعات الإسلامية في الأزهر الشريف وفي المدينة المنورة وفي إسلام أباد وجامعات أخرى داخل البلاد يحاولون جمع شمل المسلمين وتوضيح الإسلام في صورته الحقيقية وأنه لا يدعو إلى البغضاء والعداوة والتشتت والتشرذم، ولكنه يدعو إلى كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة، وأن الإسلام لله ولكل المسلمين، ليس لفرقة دون باقي الفرق وإن سبب هذا كله هو الجهل بالإسلام وبمنابعه الأصيلة وفهمها على الوجه الصحيح. وفي الجانب الآخر يوجهون جزءا من طاقاتهم إلى مواجهة مخططات المنصرين والمنظمات النصرانية القوية داخل البلد من أمثال (CAN) جمعية النصارى في نيجيريا وهم يخططون كثيرا للقضاء على الإسلام ويهددون الحكومة أحيانا بتصريحاتهم. مشاكل مسلمي نيجيريا في العمل الإسلامي ومواجهة التنصير ونجد بعض المنظمات التي أسست مدارس إسلامية ومجموعات دعوية لمواجهة هذا الخطر سرعان ما توقفت عن مواصلة العمل لقلة إمكاناتها أو تنزوي وتضعف لضعف همة العاملين فيها، وأوضح مثال في هذا المجال هو "جماعة نصر الإسلام" التي أسسها السير أحمد بللوصكتو المرحوم، رئيس الوزراء السابق لإقليم الشمال الذي قتلته اليهود ـ فإن هذه الجماعة ضعفت ولا تستطيع أن تقوم بشيء كبير في هذا الصدد، وهكذا نرى جماعة أخرى ـ "جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة" التي أسست بتأثير مباشر من الشيخ أبو بكر محمود جومي المرحوم، هذه الجماعة هي الأخرى ضعفت وأصابها داء الفرقة والتنازع. وفي الختام فإن وضع العمل الإسلامي في نيجيريا اليوم يقتضي من المسلمين من كل أنحاء العالم أن يتضامنوا ويؤيدوا إخوانهم المسلمين بالزيارات والمعونات والخبرات حتى يقووا على مواصلة العمل، فالأمة الإسلامية كل لا يتجزأ، فعلى المشتغلين بمثل هذا العمل السامي أن يولوا اهتمامهم لهذا الجزء العزيز من أمة التوحيد وأن لا يتركوها تضيع، فأمة الإسلام أمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتضامن والتعازر والتعاون، فهل تجد نيجيريا الاهتمام من المسلمين الآن كما لاقت من المسلمين الأوائل؟ |
نشرت فى 5 يونيو 2012
بواسطة abdosanad
ساحة النقاش