-----------------------
الإيمان
فضائل الإيمان
-----------------------
عبد الله بن فهد السلوم
بريدة
4/3/1420
جامع الجردان
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- الدنيا دار بلاء وتَقلّب فهي لا تكاد تصفو لأحد 2- مطلب الناس هو السعادة وأن الكل يطلبها ولكن اختلفت طرقهم في طلبها 3- السعادة الحقيقية هي في طاعة الله ليست في حطام الدنيا 4- أسباب السعادة
-------------------------
الخطبة الأولى
أيها الناس اتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه تسعدوا في دنياكم وأخراكم فيشرح الله صدوركم ويذيقكم حلاوة الإيمان وتقنعوا برزق الله وترضوا بقضائه وقدره، أيها الإخوة إن جميع الناس في هذه الحياة يتعبون ويكدون ويهتمون وكل قد أهمته هذه الحياة وكابد فيها قال الله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في كبد أي في عناءومشقة وهم ومكابدة، فإن المصائب والآلام وإن الفقر والأحزان والغربة عن الأوطان وإن العقوق والأذى وإن هموم هذه الحياة هم المعيشة وهم الأولاد والسكن والوظيفة وموت الأقرباء والأعزاء، كل هذه المصائب وغيرها أمور ملازمة للإنسان ناهيك عن عذاب المعاصي وآلام الشفاء في أوحال مجون المخدرات والمسكرات وعذاب الحب والغرام وشقاء الشهوات المحرمة وضيق الصدر ووحشة الأيام مع تضييع الصلوات والتفريط في حقوق الله وانتهاك محارمه قال تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ، ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين وقال: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين .
أيها الإخوة والناس كل الناس يبحثون عن السعادة التي بها يرتاحون ويجدون الأنس والطمأنينة وراحة القلب والشعور بالغبطة والأريحية السعادة التي تتحقق بها خيرية الذات والحياة والمصير ولكن السعادة. أيها الإخوة لها أوهام وكثيرون هم الذين يضلون طريقها فمن الناس من يبحث عن السعادة والراحة في المال وجمع الثروات والعقار والقصور فيتوهم أنه إن حصل على المال ارتاح وتألق وصار الآمر والناهي الذي يحقق ما تريده نفسه والصحيح أن المال لايجلب السعادة فإن المال يصاحبه هم في جمعه وهم في حفظه وهم وقلق وخوف من ضياعه وخسارته وكم من إنسان يملك المليارات ولكنه قلق خائف لأنه لا يملك الأمان على بقاء هذا المال بين يديه ولأن المال لا يمنع عنه المرض ولا الموت ولا المشاكل ولا يمنع عنه عذاب الله إذا كان من الكفرة والفجرة المعذبين يوم القيام، قال تعالى عن الكافر أمية بن خلف: ما أغنى عني ماليه ومن الناس من يطلب السعادة ويظن أنها في الشهرة والمركز وكثرة الأعوان والمشجعين مثل أهل الرياضة والغناء والمسارح، وكل هذا وبال على أصحابه فإنهم يعيشون الحسرة والضيق في صدورهم ويجدون إعراض الناس عنهم عند أول إخفاق بل ويجدون الذم والتنكير من الناس عندما يخفقون وتنزل مستوياتهم ويجدون النسيان عندما يموتون وربما وجدوا اللعن والبراءة من الذين أضلوهم ودعوهم إلى الفسق والفجور، ومن الناس من يطلب السعادة في الشهادة والمؤهلات العلمية وهذه سعادة وهمية ربما أودت بصاحبها إلى الضرر والتكبر والظلم واحتقار الآخرين وربما صارت علوماً منحرفة صرفت صاحبها عن هدي ربه واتباع سنة نبيه، ومن أوضح الأدلة على أن الأعراض الخارجية من الغنى والسلطان والمظاهر اللامعة ليست هي عنوان السعادة فإن أغنى الدول الأوروبية وهي الدول الإسكندنافية تمثل أعلى نسب الإنتحار وأغنى دول من حيث دخل الفرد وهي دول السويد ولكنها أعلى دولة في نسب الإنتحار في العالم، وليس من أسباب الشقاوة والبعد عن السعادة الفقر ولا المرض ولاقلة الأعوان بل إن الشقاوة في الدنيا والآخرة يجمعها قول الله تعالى: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ومن الإعراض عن الله وذكره ما يلي: فمن ذلك الكفر والمعاصي والآثام والجرائم والحسد والإعتداء والظلم والحقد والغل والغضب والطغيان والغرور والكبرياء وكذلك الخوف من غير الله كالخوف من المخلوقين والشياطين والتشاؤم وسوء الظن واتهام الآخرين وقسوة القلب وعدم الرحمة وأكل الحرام وتعلق القلب بغير الله والمسكرات والمخدرات، أيها الإخوة والواقع الماضي والحاضر دليل أكيد وبرهان قاطع على أن من ابتعد عن ربه وأنزل الدنيا في قلبه وركض وراء أطماعها وشهواتها ووشبهاتها وسعى في جمع حطامها من الحرام فإنه حليف الشقاء مع فقدان نعمة الإيمان وراحة القلب لأن الدنيا والآخرة ضرتان فمن قرب إحداهما أبعد الأخرى، قال النبي : ((من أصبح والآخرة أكبر همه جعل الله غناه في قلبه وجمع الله عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن أصبح والدنيا أكبر همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق الله شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له)) اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله على كل حال أحمده وأستعينه وأستغفره وهو ذو الجلال شديد المحال الكبير المتعال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أيها الإخوة إن الناس يطلبون السعادة في كل باب من أبواب هذه الدنيا ويسعون لجمع حطامها الرخيص ولكنهم لايجدون السعادة إلا في طاعة الله والسعي في طلب رضاه، قال الله تعالى: من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون وقال النبي : ((شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس)) فطاعة الله من صلاة وذكر وقرآن وصدقة وصيام وحج وتوحيد وإيمان يجد المؤمن بها الراحة والطمأنينة قال النبي : ((أرحنا بها يا بلال)) إذا أديت العبادة بخشوع وإخلاص، وتدبر واتباع، قال أبو سليمان الداراني أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، أيها الإخوة وتكون السعادة بالإقبال على الله ومناجاته والتلذذ بذكره والشكوى إليه وإنزال الحوائج فيه قال : ((احفظ الله يحفظك تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) وإذا أقبل العبد على ربه وتضرع إليه فإن الله ينزل في قلبه الطمأنينة والراحة القلبية فيجد نعيم الروح وشرح الصدر وقرة العين وأنس الخاطر فإن القلب فيه شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله وفيه داء لا يشفيه إلا الله عز وجل وفيه فاقة لا يسدها شيء سوى الإقبال على الله فإن القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين من جهة العبادة ومن جهة الإستعانة فإن القلب لا يسكن ولا يلتذ ولا يطيب إلا بعبادة ربه والإقبال عليه ولو توفرت له ملذات الدنيا جميعها ومن جهة الإستعانة فإن الله إذا لم يعن العبد ويوفقه ويهديه فلن يستطيع المسكين أن يجلب لنفسه خيراً ولا يدفع عن نفسه شراً إلا بالإستعانة بالله والركون إليه والتوكل عليه فلا ينفعه عقله ولا علمه ولا ماله ولا جاهه ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً أيها الإخوة ومن أسباب السعادة الإحسان إلى الناس وتقديم الخير إليهم وتفريج كروبهم مادياً أو معنوياً لأن من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ولأن الله مع المحسنين ويحب المحسنين والجزاء من جنس العمل فأحسن إلى الناس يحسن الله إليك وارحم الناس واعطف عليهم وتألم لمصائبهم يرحمك الله ((ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء))، ومن أسباب السعادة أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتحسن إلى من أساء إليك فإن العفو والصفح ينقي القلب من الغيظ والحقد والعداوة والصفح والتجاوز يطهر القلب ويجلب له السعادة والمسرات فلا يسر الإنسان وقلبه ممتلئ غيظاً وحقداً ومن أسباب السعادة الرضى بقضاء الله وقدره فيطمئن العبد على كل ما يصيبه ويرضى بما قسم الله له ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ومن أسباب السعادة أن يتذكر المؤمن ويستيقن بالوعد الكريم من الرحمن الرحيم من نعيم الجنان دار الأفراح والمسرات ودار الكرامة والنعيم المقيم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون، وإذا استشعر المؤمن الموقن أن المآل إلى الجنان الزاهيات بكل خير ونعمة وقرة عين ومنة التي يعيش أهلها هناك لا يموتون ولا يمرضون ولا يتغوطون ولا يبولون في خلود ولا موت فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانو يعملون فإذا تذكر هذا النعيم وعرفه هانت عليه هذه الدنيا واستشعر حقارتها وقصرت في عينه فلم تكن الدنيا أمله ولا غايته ولم يُعنِّ نفسه من أجلها ولم يشق خاطره في سبيلها فنظر إليها على أنها طريق العبور إلى الجنة وهذه الحياة دار الفتن والإبتلاءات فيعيش عيشة السعداء الذين طلقوا الدنيا وارتاحوا من همومها وأكدارها، ومن أسباب السعادة أن تعلم أن الله معك يحفظك وينصرك ويمدك بالمعونة والنصر والتأييد والحفظ فكن مع الله بحفظ أوامره والبعد عن نواهيه ولا تتعد حدوده يكن الله معك بالنصر والتوفيق احفظ الله يحفظك، ومن أسباب السعادة كثرة ذكر الله بيقين وتدبر وخشوع وخضوع ألا بذكر الله تطمئن القلوب ، وعليك بكثرة دعاء الله فإن الدعاء يصل قلب العبد بربه ويهيجه إلى الشكوى لخالقه فيجد المريض والمكروب والمظلوم وصاحب الحاجة يجد بث الهموم والفرج والتنفيس بالدعاء ويجد الفرح والسكينة وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ، ويامن تريد السعادة احذر كل الحذر من الذنوب صغيرها وكبيرها فإن الذنوب هي سموم القلوب التي تجلب الكمد وضيق الصدر والحياة النكدة والمعيشة الضنك فإن الله أبى إلا أن يذل من يعصيه فيكون شقياً متحسراً في دنياه ومعرضاً لوعيد الله بناره الحامية في أخراه رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها، وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها.
فيامن تريد السعادة لا تستسلم للذل والمهانة ولا لكيد النفس والشيطان وأعوان السوء فإن لك رباً يحميك ويرفعك ويؤيدك ويغفر ذنبك ويهديك فلا تعن الشيطان على نفسك ولا تبرر لنفسك رديئ أعمالها إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد فمن الذي أخرج يونس من بطن الحوت وظلمات البحار ومن الذي جعل البحر لموسى أرضاً يابسة ومن الذي جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم ومن الذي شفى أيوب بعد ثمانية عشر عاماً بعدما سقط لحمه ورفضه القريب والبعيد ومن الذي لطف بمحمد ونجاه من كيد المشركين وهو في الغار مع رفيقه الصديق وقال له: لا تحزن إن الله معنا ومن الذي أنطق عيسى في المهد لما اتهم الظلمة مريم عليها السلام ومن الذي رد يوسف إلى أبويه بعد الفراق والعذاب ومن الذي نصر القلة المؤمنة من الصحابة الأطهار وهم الجياع والفقراء على أعدائهم من المشركين والمنافقين وعلى الأكاسرة والقياصرة ومن الذي يجري الدماء في عروقك والنفس في رئتيك والمخ في دماغك والأعصاب في مفاصلك ومن الذي يشفيك بعد المرض ويعطيك بعد الفقر ويشبعك بعد الجوع ويجمع شملك بأهلك بعد الفراق ومن الذي ينعم عليك بكل مامعك من سمع وبصر ونفس وعقل وحياة وإيمان وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها فيامن تريد السعادة في الدنيا والآخرة اطلبها من الله واسع في مرضاته ثم أبشر بالفوز والغفران والسعادة في الدنيا والآخرة وتفطن بأن الحياة قصيرة والموت قريب فلا تقصر الحياة بالأكدار.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 115 مشاهدة
نشرت فى 3 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,189