-----------------------
الرقاق والأخلاق والآداب
التوبة, الزهد والورع, الكبائر والمعاصي, الموت والحشر
-----------------------
بهجت بن يحيى العمودي
الطائف
الأمير أحمد
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- عبودية الكون لله. 2- غرور الإنسان وتجافيه عن عبادة ربه. 3- أمور ينبغي أن نتذكرها قبل أن نعصي ربنا. 4- موعظة في هجر الذنوب.
-------------------------
الخطبة الأولى
وبعد: أخي الحبيب، بينما نحن نسير في خضم هذا العالم الكبير، مشتغلين بأموالنا وأزواجنا وأهلينا، نغفل كثيرًا عما أمامنا، تُرى ماذا أمامنا؟
إن أمامنا حفرة عميقة ذات هوة سحيقة، نخشى على أنفسنا إن نحن واصلنا المسير أن نقع فيها، ولكن لنقف مع أنفسنا وقفة عتاب وحساب، فلنستمع إلى قول الحق جل وعلا: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [الإسراء:44]، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ [الحج:18].
سبحان الله! هذه الجبال الرواسي الشامخات تسجد، وهذه النجوم النيرات تسبح، وهذه الدواب العجماوات تلهج بذكره. كل هذه المخلوقات العظيمة تقف منكسة رأسها، متذللة إليه، معترفة بالفضل له، ولكن هناك مخلوق صغير حقير ذليل خُلق من نطفة، فإذا هو خصيم مبين، هو يسير في واد، والكون كله في واد آخر، يترك السجود لله الواحد القهار والكون كله يسجد لله، ويترك ذكره وتسبيحه والكون كله يلهج بذكر الله.
هل عرفت من هو هذا المتمرد على ربه المتنكب للصراط؟ إنه الإنسان.
فالله أكبر ما أشد غروره، الله أكبر ما أعظم حماقته، الله أكبر ما أذله وما أحقره، حينما أراد أن يكون شاذًا في هذا الكون المنتظم. كم عُرضت عليه التوبة فلم يتب، وكم عُرضت عليه الإنابة ولم ينب، وكم عُرض عليه الرجوع وهو في شرود من ربه وهروب، كم عرض عليه الصلح مع مولاه فلم يصطلح ولوّى رأسه مستكبرًا.
أخي الحبيب، عليك قبل أن تعصي الله عز وجل فتصل إلى هذا الوضع المزري المشين، ويا من قد وصل إلى هذا الوضع المتردي، لا تقنط من رحمة ربك ومولاك، ولكن تفكر، عليك أن تفكر في هذه الدنيا وحقارتها وقلة وفائها وكثرة جفائها وخسة شركائها وسرعة انقضائها. وتفكر في أهلها وعشاقها وهم صرعى حولها، قد عذبتهم بأنواع العذاب، وأذاقهم مرّ الشراب، أضحكتهم قليلاً وأبكتهم كثيرًا وطويلاً، سقتهم كؤوس سمّها بعد كؤوس خمرها، فسكروا بحبها وماتوا بهجرها.
عليك ـ أخي ـ قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الآخرة ودوامها، وأنها هي الحياة الحقيقية، فأهلها لا يرتحلون منها ولا يظعنون عنها، بل هي دار القرار ومحط الرحال ومنتهى السير.
عليك قبل أن تعصي الله ـ أخي الحبيب ـ أن تتفكر في النار وتوقدها واضطرامها وبعد قعرها وشدة حرها وعظيم عذاب أهلها، تفكر في أهلها وقد سيقوا إليها سود الوجوه زرق العيون، والسلاسل والأغلال في أعناقهم، فلما انتهوا إليها فتحت في وجوههم أبوابها، فشاهدوا ذلك المنظر الفظيع الذي يقلق القلوب، ويذهب العقول، فتتقطع قلوبهم حسرة وأسفًا، وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا [الكهف:53]، فيأتي النداء من رب العالمين: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، ثم قيل لهم: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الطور:14-16].
عليك أن تتفكر في أهلها وهم في الجحيم، على وجوههم يسحبون، وفي النار كالحطب يسجرون، لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ [الأعراف:41]، فبئس اللحاف وبئس الفراش، وإن استغاثوا من شدة العطش يغاثون بماء كالمهل يشوي الوجوه، فإذا شربوه قطع أمعاءهم في أجوافهم، وصهر ما في بطونهم، شرابهم الحميم، وطعامهم الزقوم، لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ [فاطر:36، 37].
عليك ـ أخي ـ قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتفكر في الجنة وما أعد الله لأهلها فيها، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وما وصفه الله لعباده على لسان رسوله من النعيم المفصل الكفيل بأعلى أنواع اللذة من المطاعم والمشارب والملابس والصور والبهجة والسرور.
تفكر في الجنة وتربتها المسك، وحصباؤها الدر، وبناؤها لبن الذهب وقصب اللؤلؤ، وشرابها أحلى من العسل، وأطيب رائحة من المسك، وأجمل من الكافور، وألذ من الزنجبيل، ونساؤها لو برز وجه إحداهن في هذه الدنيا لغلب على ضوء الشمس، ولباسهم الحرير من السندس والإستبرق، وخدمهم ولدان كاللؤلؤ المنثور، وفاكهتهم دائمة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، وغذاؤهم لحم طير مما يشتهون، وشرابهم خمرة لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون، وخضرتهم فاكهة مما يتخيرون، وفيها حور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون، فهم على الأرائك متكئون، وفي تلك الرياض يحبرون، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون.
عليك ـ أخي ـ قبل أن تعصي الله عز وجل أن تتذكر من تعصيه، تتذكر الله سيدك ومولاك، تذكر جلال الله وجماله وكماله وعزه وسلطانه وقيوميته وعلوه فوق عرشه جل جلاله، عليك أن تتذكر الله عز وجل قيومًا قاهرًا فوق عباده مستويًا على عرشه، منفردًا بتدبير مملكته، آمرًا ناهيًا، مرسلاً رسله، منزلا كتبه، يرضى ويغضب، ويثيب ويعاقب، ويعطي ويمنع، ويعز ويذل، ويحب ويبغض، ويرحم إذا استرحم، ويغفر إذا استغفر، ويجيب إذا دعي، ويقيل إذا استقيل.
عليك أن تتذكر أن الله أكبر من كل شيء، وأعظم من كل شيء، وأعز من كل شيء، وأقدر من كل شيء، وأعلم من كل شيء، وأحكم من كل شيء، يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات، فلا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، سواء عنده من أسرّ القول ومن جهر به، فالسر عنده علانية، والغيب عنده شهادة، يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، ويرى نياط عروقها ومجاري القوت في أعضائها.
تذكر ـ أخي الحبيب ـ كم ستعيش في هذه الدنيا، ستين سنة، ثمانين سنة، مائة سنة، ألف سنة، ثم ماذا؟ ثم موت وبعده خلود دائم في جنات النعيم أو في نار الجحيم.
أخي الحبيب، تيقن حق اليقين أن ملك الموت كما تعداك لغيرك فهو في الطريق إليك، تيقن أن الحياة مهما امتدت وطالت فإن مصيرها إلى الزوال، وما هي إلا أعوام أو أيام أو لحظات فتصبح وحيدًا فريدًا، لا أحباب ولا أموال ولا أصحاب.
تخيل نفسك وقد نزل بك الموت، وجاء الملك فجذب روحك من قدميك، تذكر ظلمة القبر ووحدته وضيقه ووحشته وهول مطلعه، تذكر هيئة الملكين وهما يقعدانك ويسألانك، تذكر كيف يكون جسمك بعد الموت، لقد تقطعت أوصالك وتفتت عظامك وبلي جسدك، وأصبحت قوتًا للديدان ثم ينفخ في الصور، ما هذا؟! إنها صيحة العرض على الله، فتسمع الصوت فيطير فؤادك، ويشيب رأسك، فتخرج مغبرًا حافيًا عاريًا، قد رجت الأرض رجًا، وبست الجبال بسًا، وشخصت الأبصار لتلك الأهوال، وطارت الصحائف وقلق الخائف فكم من شيخ يقول: واشيبتاه! وكم من كهل ينادي: واخيبتاه! وكم من شاب يصيح: واشباباه!
برزت النار فأحرقت، وزفرت النار غضبًا فمزقت، وتقطعت الأفئدة وتفرقت، والأحداق قد سالت، والأعناق قد مالت، والألوان قد حالت، والمحن قد توالت.
تذكر يوم توضع الموازين وتتطاير الصحف، كم في كتابك من زلل، وكم في عملك من خلل. تذكر يوم يقال لك: اعبر على الصراط.
تذكر يوم يُنادى باسمك بين الخلائق: يا فلان بن فلان، أقبل إلى العرض على الله. تذكر حينئذ ضعفك، وشدة خوفك وانهيار أعصابك وخفقان قلبك. وقفت بين يدي الملك الحق المبين الذي كنت تهرب منه وقد دعاك، وقفت وبيدك صحيفة لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، فتقرؤها بلسان كليل وقلب كسير، قد عمك الحياء والخوف من الله، فبأي لسان تجيبه حين يسألك عن عمرك وشبابك وعملك ومالك؟! وبأي قدم تقف غدًا بين يديه؟! وبأي قلب تجيب عليه؟! ماذا تقول له غدًا عند السؤال: عبدي استخففت بنظري إليك، ألم أحسن إليك؟! ألم أنعم عليك؟!
ختامًا أخي الحبيب، أفلا تصبر على طاعة الله وعن معاصي الله وعلى أقدار الله، إنها والله أيام قليلة ولحظات سريعة، وبعدها تفوز فوزًا عظيمًا.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله إمام المستغفرين والذاكرين والعابدين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخي الحبيب، والله ما وقفت هذا الموقف ولا تكلمت بهذا الكلام إلا لخوفي على هذا الوجه الأبيض أن يصبح مسودًا يوم القيامة، وعلى هذه الوجوه المنيرة أن تصبح مظلمة، وعلى هذا الجسد الطري أن يلتهب بنار جهنم.
والله ما وجدتَ في هذه الدنيا إلا للعبادة، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون [الذاريات:56]. لم تخلق للهو واللعب، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115].
فاستعد للقاء الله، وتذكر الرجوع إلى الله، ألا تفكّر؟! ألا ترجع لرشدك؟! أتشكّ في وعد الله ووعيده؟! يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ [فاطر:5-7].
والله إني أخاف عليك عذاب يوم عظيم، والله إني لك ناصح أمين، اسمع ـ أيها الأخ الحبيب ـ لذلك المؤمن النصوح المشفق الذي قام بنصح قومه قائلاً: وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِي أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [38-44].
نعم والله، سوف تذكر هذا الكلام، والموعد يوم القيامة، وستعلم يومئذ من كان على هدى ومن هو في ضلال مبين، وستعلم من كان على نور ومن هو في ظلام يتخبط.
أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122]، وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب [هود:88].

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 50 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,195