-----------------------
الأسرة والمجتمع, الرقاق والأخلاق والآداب, العلم والدعوة والجهاد
الأبناء, التربية والتزكية, فضائل الأعمال
-----------------------
عبد الكريم بن صنيتان العمري
المدينة المنورة
جامع الصانع
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- تقسيم الله تعالى الذرية منذ خلقها وحتى قيام الساعة. 2- الجاهلية وعاداتهم القبيحة في التعامل مع الفتيات. 3- التضايق من البنات صفة من صفات الجاهلية. 4- فضائل تربية البنات. 5- الهدي النبوي في التعامل مع البنات. 6- فتاة اليوم هي أم الغد.
-------------------------
الخطبة الأولى
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49، 50].
في هاتين الآيتين بين الله تعالى أقسام الذرية من الإناث والذكور، وأنه تعالى يهب لمن يشاء إناثًا، ويهب لمن يشاء الذكور، ويرزق من يشاء ذكورًا وإناثًا، ويجعل من يشاء عقيمًا لا يولد له، لحكمة يعلمها جل جلاله.
وقد ورد أن هاتين الآيتين نزلتا في الأنبياء ثم عمت الجميع، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا يعني لوطًا عليه السلام، كان له بنات ولم يكن له ابن، وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ يعني إبراهيم عليه السلام، لم يولد له أنثى بل قد ولد له ذكور، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا يعني سيدنا محمدا ، كان له ذكور وإناث: القاسم وعبد الله وزينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة، وكلهم من خديجة رضي الله عنها، وإبراهيم وهو من مارية القبطية رضي الله عنهم أجمعين.
وقسَّم الله تعالى الخلق من لدن آدم إلى زماننا هذا إلى أن تقوم الساعة، على هذا التقديرِ المحدود بحكمته البالغة ومشيئته النافذة، ليبقى النوع الإنساني، وتُعمر الدنيا، وينفذ وعد الله تعالى.
وقد ابتدأ الله تعالى بذكر الإناث في هذا التقسيم، وورد عن بعض السلف: "إن من يُمْن المرأة تبكيرها بالأنثى قبل الذكر، وذلك أنه عز وجل قال: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا"، ولعل في ذلك تشنيعًا على المشركين، وبيانًا لقبيح أفعالهم وخبث أعمالهم، لما كانوا يرتكبونه من حُمقٍ في جاهليتهم بوأدهم للبنات، وكرههم لهن، واشمئزازهم عند ولادتهن، قال سبحانه وتعالى في ذلك: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [النحل:58، 59]. قال قتادة رحمه الله: "هذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم الله تعالى ذِكرهُ بخبث صنيعهم، فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم اللهُ له، وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه، وما يدري المرء أين يكون الخير والصلاح، فلرب جاريةٍ خيرٌ لأهلها من غلام، وإنما أخبرهم الله بصنيعهم ليجتنبوه وينتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته" انتهى كلامه رحمه الله.
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: "قَسَّمَ الله تعالى حال الزوجين إلى أربعة أقسام اشتمل عليها الوجود، وأخبر أَنَّ ما قُدِّرَ بينهما من الولد فقد وهبهما إياه، وكفى بالعبد تعرضًا لمقته أن يتسخَّطَ مما وهبه، وبدأ سبحانه بذكر الإناث، فقيل: جبرًا لهن، وقيل: إنما قدمهن لأن سياق الكلام أنه تعالى فاعل ما يشاء لا ما يشاء الأبوان، فإنَّ الأبوين غالبًا لا يريدان إلا الذكور، وهو سبحانه قد أخبر أنه يخلق ما يشاء، فبدأ بذكر الصنف الذي يشاء ولا يريده الأبوان".
ثم أضاف رحمه الله: "إن الله تعالى قَدَّم ما كانت تؤخره الجاهلية من أمر البنات، حيث كانوا يئدونهن، أي: هذا النوع المؤخر الحقير عندكم مقدم عندي في الذِّكر، وتأمل كيف نَكَّرَ سبحانه الإناث وعَرَّفَ الذكور، فجبر نقص الأنوثة بالتقديم، وجبر نقص التأخير بالتعريف، فإن التعريف تنزيه" انتهى.
إن النفور والتضايق من الإناث صفة من صفات الجاهلية كما بين الله تعالى ذلك في الآية المتقدمة، واعتراض على حكم الله تعالى وقضائه، فإن الله عز وجل أدرى بخلقه وأعلم بما يصلح أو يفسد أحوالهم، والمرء لا يدري في أي حالٍ تكون السعادة أو الشقاء، ولربما فتح الله له من أبواب الرزق وسبل الخير ما لا يخطر بباله حين تولد له بنت، ولعل مغفرة الله ورضوانه لا ينالها المرء إلا بسبب البنات.
ورد عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة جاءت إليها ومعها بنتان لها، قالت: فسألتني فلم تجد عندي غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها، ولم تأكل منها شيئًا، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيّ فحدثتهُ حديثها، فقال : ((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترًا من النار)) رواه البخاري ومسلم، وفي لفظ: ((إن الله قد أوجب لها بها الجنة، وأعتقها بها من النار)).
قال العلامة القرطبي رحمه الله: "قوله : ((بشيءٍ من البنات)) يفيد بعمومه أن الستر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدةٍ من البنات، فأما إذا عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على الستر من النار، وهو السبق مع رسول الله إلى الجنة كما في قوله : ((من عال جاريتين ـ أي: بنتين ـ حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو)) وضم أصابعه عليه الصلاة والسلام. رواه مسلم".
وذلك يحصل بحسن التربية، وصدق الرعاية، وغرس آداب الإسلام الفاضلة وتعاليمه القيمة في نفوسهنَّ، والعناية بكل ما يحفظهن، والإحسان لفظة عامة تشمل كل ما فيه مصلحة البنت وفائدتها.
إن البنت ستصبح في يوم من الأيام أمًّا تنجب الأبناء، وتتعهد أولادها وتربيهم، فكل ما حولك من البشر إنما أخرجهم الله من بطون أمهاتهم، وأنت قد سمعت ما قرره الإسلام من حقوقٍ للأم، وما أوجب على الأولاد من برِّها ومعرفة فضلها.
الأمُّ مَدْرَسَةٌ إذَا أَعْدَدتَها…أَعْدَدتَ شَعْبًا طيِّبَ الأعراقِ
الأمُّ روضٌ إن تعهده الحيا…بالرَّي أورق أيّما إيراقِ
وإذا كان المصطفى قد بيّن فضائل تربية البنات فإنه بفعله ذلك كان يكرمهن ويقربهن ويشملهن برعايته وحنانه، فقد كان يحمل أمامه بنت ابنته زينب رضي الله عنها وهو في صلاته. وهو بأقواله وأفعاله يقدّمُ أنموذجًا فريدًا للعناية بالفتاة وتكريمها:
أُحِبُّ البناتِ وحُبُّ البنا…تِ فرضٌ على كل نفسٍ كريمه
فإن شعيبًا مِنْ أجل ابنتيـ…ـه أخدمه اللهُ موسى كليمَه
ولئن نسي البعض فضائل البنات فلن ننسى أمهاتنا، ولن ننسى نساءً أشاد الله تعالى بِهن في كتابه ونوَّه بأعمالهنّ: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وأمهات المؤمنين زوجات النبيّ ورضي عنهن، وغيرهن وغيرهن..
فلو كان النساء كمن ذكرنا…لفُضّلت النساءُ على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيْبٌ…ولا التذكير فخرٌ للهلالِ
الله أكبر، كيف تشمئز النفوس حين ترزق بمن هن ستر من النار، ومن بحسن تربيتهن يحظى بمرافقة سيد الأبرار في أعظم وخير دار؟!
-------------------------
الخطبة الثانية
لم ترد.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 83 مشاهدة
نشرت فى 31 مايو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,141