فراج إسماعيل
12
مايو
2012
08:21 PM



مازالت أصداء أول مناظرة رئاسية فى التاريخ العربى تملأ سماء العرب ما بين معجب ومتيقن بأن تحولاً حقيقيًا جرى فى مصر، وما بين حالم بأن يكون ذلك بداية سقوط نظرية الإله أو نصف الإله التى دائمًا ما كان تنظر بها شعوبنا إلى حكامها، فتخشاهم وتطلب ودهم وتغنى لهم، ويتفرعن الحكام وتتلبَّسهم أرواح الطغاة، فيؤثر ذلك فى كل الدوائر التالية من السلطة ويصير الفساد وخراب الذمم اللغة السائدة والقاعدة.

امتلأت صفحات فيسبوك وحسابات تويتر بالتعليقات حول مناظرة أبو الفتوح وعمرو موسى، ولم تكن التعليقات والتغريدات مصرية فقط، بل عربية ذهبت إلى أقصى مدينة فى موريتانيا وجبال الجزائر التى كانت تنتظر نتيجة انتخاباتها التشريعية، ومع ذلك اهتم البعض فيها بالحدث التاريخى الذى صنعته القاهرة.

فى اليوم التالى للمناظرة (الجمعة) حملت صباحية ذلك العرس تعليقات عربية مختلفة ونظرة مغايرة، ملؤها التفاؤل إلى إنتاج ثورة 25 يناير، ولم تكن عبارة "صباح المناظرة" التى تبادلها الكثيرون بدلاً من صباح الخير والفل والياسمين هى الأكثر شيوعًا، فقد تم وضع أكثر من "هاشتاج" على تويتر، ورأينا فِرقًا تتعصب لموسى وتراه الأفضل وأخرى تنتصر لعبد المنعم أبو الفتوح وتراه الأوقع والأسرع والتلقائى والمفحم فى ردوده، وهى مواقف كنا نشاهدها من مناصرى الفرق والمنتخبات العربية؛ ليلهينا بها الحكام عن السياسة وعن أحلامنا وتطلعاتنا الواقعية. اكتشف المواطن العربى أن ثورة يناير أيقظته بالفعل من الوهم إلى الحقيقة، ومن الانتصارات الخيالية إلى واقعه المرير الذى يجب أن يتعصب لتحسينه وتطويره.

قلت لكم أمس إن مصر تتغير بالفعل، وإن الثقة فى إنتاج ثورتها يجب أن تتغلب على مُناخ الحرائق وقطع الطرق والقلاقل والعبث، فقد ظلمناها كشعب وظلمناها كنخب وكُتاب ومحللين ومعلقين ومغرّدين، وحان الوقت لأن نثق بأنفسنا ونثق بالانتخابات الرئاسية، ونقدم حسن الظن على السوء ونستبشر خيرًا، ونقبل بما سيكون على أنه الحق، وليس على أنه خطة دُبرت بليل أو مؤامرة وتزوير.

وكتب الكاتب اللبنانى الرائع ساطع نور الدين فى صحيفة السفير: "إن فكرة المناظرة بحد ذاتها مظهر من مظاهر رسوخ وعى جديد أفرزته ثورة يناير، التى لا يزال معظم المصريين والعرب يسيئون فهمها، ويعتبرونها خلعًا للرئيس السابق حسنى مبارك وانقلابًا إسلاميًا على نظامه، سبق الحصول على تأييد الغرب وتواطُئه".