د. سيد عيسى محمد | 01-04-2012 10:53

تعرضت جماعة الإخوان المسلمين عبر تاريخها الحديث والمعاصر منذ عهد الملك "فاروق" حتى وقتنا الراهن إلى محن شديدة فى مصر، ولكن المحن والمصاعب هى منحة من الله؛ لأن الألم من أجل نشر الدعوة الإسلامية يصاحبها الثواب، وهذا جزاؤه عند الله عظيم فى الدنيا والآخرة، وبالتالى عندما يتكاتل أعداء الوطن والإسلام على الجماعة فتزداد دعوة الإخوان أصالة وتماسكا، ومن ثم يزداد المنتمون إليها، ليس انتماء فقط بل حبًا وإخلاصًا وفهمًا لثوابت الجماعة، ومازال الوافدون إليها يزيدون يومًا بعد يوم إيمانًا واقتناعًا.

 

وحاول البعض تفتيت الجماعة والقضاء عليها فقاموا باغتيال قائد كتائب الإخوان الشهيد الصاغ "محمود لبيب" فى حرب فلسطين 1948، وذلك بعد أن حقق الإخوان انتصارات عسكرية فى حرب فلسطين على يد الشهيد البكباشى "أحمد عبد العزيز" ووجد الغرب والصهاينة والملك بأن اغتيال الإمام الشهيد "حسن البنا" رحمة الله عليه وبحل جماعته وباعتقال أعضائها ومصادرة أموالها يفنيها تمامًا، ولكن الجماعة عاشت وبقيت راسخة؛ لأنها فكرة من أجل عقيدة هكذا وضعها الإمام الشهيد فهى كالشجرة الطيبة، أصلها ثابت.

 

وفى عهد "ثورة يوليو 1952" انقلب عليها "عبد الناصر" بعد أن كان نبتة إخوانية وحاول تفتيتها وتآمر معه عليها "عبد الرحمن السندى" مسئول التنظيم السرى لجماعة الإخوان، وهو الرجل الثانى فى الجماعة بعد المرشد الأسبق للجماعة المستشار "حسن الهضيبى" فتآلب أعضاء التنظيم السرى على مكتب الإرشاد والجماعة، وكادت تحدث فتنة وفرقة بين الجماعة، ولكن الإخوان اجتازوا الاختبار وفصلوا "السندى" وأنصاره، مما أوعز إليهم "عبد الناصر" مكائده للإيقاع بهم فى أحداث المنشية 26 يوليو1954 واعتقلوا جميعًا، ولكن فى النهاية عاشت جامعة "حسن البنا" وتمددت أوراقها حتى عصر السادات، وكذلك عصر "مبارك".

 

كما يقول المرشد الخامس "مصطفى مشهور" رحمة الله عليه (أنها فى الحقيقة ليست دعوة "حسن البنا" ولا جماعته، ولكنها دعوة الله وجند الله وإنها نور الله ولن يطفئ نور الله بشر).

ولهذا وضع الإمام الشهيد "حسن البنا" رحمة الله عليه ورضى عنه، الإخلاص ركنًا من أركان البيعة العشرة، وهو أن يلزم كل أخ نفسه به وبالوفاء والعهد فى القول والعمل والجهاد كله لابتغاء مرضاة وجه الله تعالى والعمل على أحياء روح الإسلام وليس النظر إلى مغنم أو مظهر أو منصب أو لقب، بأن يكون جندى لفكرة أو عقيدة.

 

إن أفراد الجماعة يعاهدون الله على الصدق والعهد دون تبديل ولا تغيير، فقال سبحانه تعالى:. {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } الأحزاب23

 

إن المنهج القويم لا يأتى إلا بالجماعة المخلصة لعقيدتها ولوطنها، وأن يد الله مع الجماعة، وهذا ما دعا إليه الإمام الشهيد، وليس الارتباط بالزعامة أو بالشخصنة؛ ولهذا يلزم التحذير من الارتباط بالأشخاص مهما كانت مواقفهم أو مميزاتهم، وقد يصاحب أهل حب الزعامة بمرض النرجسية، وقد يلجأ إلى تبرير مواقفه بأنها لمصلحة الدعوة وليست لأغراض شخصية، وربما أن هذا التصرف قد يؤدى إلى انشقاق فى صف الجماعة، مما يتعلق بعض الأفراد بأشخاص بذواتهم أكثر من ارتباطهم بالجماعة وقيادتها السليمة ويذوب هؤلاء فى تلك الشخصية التى قد تحاول بإيجاد كيان مستقل داخل الجماعة ومنفرد فى نفس الإطار عن الجماعة، وقد يحاول هذا الشخص الضغط على القيادة لإلزامها برأيه أو أن يعتزل، مما يحدث تصدعا، وهذا يعتبر استعلاء على منهج الجماعة وعدم خضوعه لنظم الجماعة والالتزام بمجلسها الشورى، فمعلوم لدى الجميع أن الجماعة تحاول الحفاظ على كل فرد فيها ولا تفرط فيه؛ لأنه بمثابه لها جندى عقيدة، ولكن إذا أصر على إحداث الفرقة والتصدع فلابد من الفصل؛ لأن الجماعة فوق الأفراد مهما كانت منزلتهم.

 

فجماعة الإخوان المسلمين تعنى الوحدة والتآلف بين القلوب؛ ولهذا جعل الإمام الشهيد (الأخوة) ركنًا من أركان البيعة، وقال:إن أدنى مراتبها سلامة الصدر وأعلاها الإيثار، كما قال: الأخوة أخت الإيمان، والتفرق أخو الكفر، وأن الحب ثمرته العطاء ومن العطاء تأتى المسئولية وتحمل الأمانة عن اقتناع، وبالتالى تبزغ قوة الوحدة والترابط، كما فعل رسول الله عليه أفضل الصلوات والسلام عندما آخى بين المهاجرين والأنصار.

 

فالجماعة شخصيتها الإسلامية المتميزة فى فهمها وأهدافها وخط سيرها وقرارتها دون أن تخضع لسلطان أو هيمنة حكومة تحرفها عن طريقه سواء بالإغراء أو بالتأثير أو بالاحتواء، فالجماعة هدف هو إعلاء الإسلام والتضحيه من أجل هذا الهدف بالغالى والنفيس، ونتذكر قول الإمام الشهيد (إنه ليس أعمق فى الخطأ من ظن بعض الناس أن الإخوان كانوا فى أى عهد من عهود دعوتهم مطية لحكومة من الحكومات أو منفذين غير غايتهم أو عاملين على منهاج غير منهاجهم فليعلم ذلك من لم يعلمه من الإخوان وغير الإخوان).

 

 

فهذه الجماعة ربت أبناءها على هدى من كتاب الله وسنة رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، وضربوا أروع الأمثلة والبطولات الرائعة فى الجهاد والفداء وفى الصبر والابتلاء والمحن والشدائد دون أن يضعفوا أو يصابوا بوهن أو السقوط فى براثن المناصب أو المال ولم تفتر عزائمهم بل العكس اشتدت سواعدهم فى المحن وتحصنوا بالصبر والعزم والإيمان بكتاب الله وسنة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام لمواصلة الكفاح والجهاد.

[email protected]

 

اشتراكك في خدمة أخبار المصريون العاجلة على الموبايل يصلك بالأحداث على مدار الساعة

لمشتركي فودافون : أرسل حرفي mo إلى 9999 ـ الاشتراك 30 قرشا لليوم
لمشتركي اتصالات : أرسل mes إلى 1666 ـ الاشتراك 47 قرشا لكل يومين (23.5 قرشا لليوم)

 

 

اضف تعليقك
الاسم :

عنوان التعليق:

التعليق:

أرسل التعليق

تعليقات حول الموضوع

بل كان نبتة شيطانية

كارم حماد | 01-04-2012 12:51

لم يكن عبد الناصر يوما أبدا نبتة إخوانية بل كان نبتة شيطانية وما كان انتماؤه للإخوان إلا رياء ووسيلة للوصول لمأربه أو مأرب من وراءه والدليل ما أتى به فور تمكنه من البلد من انقلاب على الشرعية وعلى الإخوان وكأن لم يكن بينه وبينهم ميثاق بل وانقلب على كثير من أصدقائه وزملائه ومنهم حسن العشماوي ويوسف صديق وعبد المنعم عبد الرؤوف بل وزملاء الجيش خالد محي الدين وعبد الحكيم عامر وغيرهم وصارت كراهيته لكل ماهو إسلامي تفوق التخيل والتاريخ شاهد على أفعاله

 

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 58 مشاهدة
نشرت فى 2 إبريل 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,718