23-07-2004    

صور من حسن خلق نبينا صلى الله علية وسلم مع الصحابة

 لقد كان أولئك الشباب مع منزلتهم العالية لدى النبي صلى الله عليه وسلم يتمتعون بخلق عال ورفيع، ولا غرو فهم تلامذة معلم البشرية الأول صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً، وألطفهم سريرة وقد تعلموا منه صلى الله عليه وسلم أن خيار الناس أحاسنهم أخلاقاً. ولهم أسوة حسنة في النبي صلى الله عليه وسلم إذ يصفه أحد الشباب من أصحابه وهو عبدالله بن عمرو -رضي الله عنهما- فيقول: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وإنه كان يقول:« إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً»(رواه البخاري ومسلم). وقد أعلى صلى الله عليه وسلم منزلة حسن الخلق إذ سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال:«تقوى الله وحسن الخلق» وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال:«الفم والفرج»(رواه الترمذي وابن ماجة). وفي ظل ذاك الوسط الذي كان يعطيهم من الرعاية والعناية الشيء الكثير لم يكن ذلك ليفقدهم الوقار وحسن الخلق، ولم يكن ليوجد لديهم الكبر والجرأة على الأكابر، فمع نماذج من حسن خلقهم -رضوان الله عليهم-:- الحياء : فهاهو ابن عمر -رضي الله عنهما- يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم :«مثل المؤمن كمثل شجرة خضراء، لا يسقط ورقها ولا يتحات» فقال القوم: هي شجرة كذا، هي شجرة كذا، فأردت أن أقول: هي النخلة وأنا غلام شاب فاستحييت، فقال:«هي النخلة» وفي رواية: فحدثت به عمر فقال: لو كنت قلتها لكان أحب إلي من كذا وكذا(رواه البخاري ومسلم). ومثله سمرة بن جندب -رضي الله عنه- فهاهو يمنعه الحياء أن يسبق أصحابه بالتحديث فقال:«لقد كنت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاماً فكنت أحفظ عنه، فما يمنعني من القول إلا أن هاهنا رجالاً هم أسن مني، وقد صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وسطها»(رواه مسلم). واليوم نرى أحدنا حين يعلم في مسألة ما لم يعلمه غيره يبادر إلى الحديث في المجالس، ولو كان غيره سيكفيه، إنها صورة من الرياء عافنا الله تبارك وتعالى منه. والحياء شعبة من شعب الإيمان، وهو خير كله، وحين يتحلى به الشاب يتسم بالوقار وهدوء الشخصية والاتزان، ويحمله على أن يدع ما يعاب عليه، ويأتي ما يمتدح به. وأولى ما يتخلق به الشاب من الحياء أن يستحي من ربه تبارك وتعالى أن يراه حيث نهاه، أو يفقده حيث أمره. حفظ السر : لقد كان صلى الله عليه وسلم يثق في شباب أصحابه، ويستأمنهم على أمور خاصة، وقد كانوا -رضوان الله عليهم- على مستوى المسئولية في ذلك. وتبقى تلك الأسرار إلى يومنا هذا قد ماتت مع موت أصحابها، وربما كان البعض منها مهمة إجرائية تتطلب الإسرار في وقتها، لكن البحث في حقيقة هذه الأسرار أمرٌ لا طائل وراءه، فلتبق هذه النصوص خير شاهد على حفظ أولئك للسر وعنايتهم به. عن أنس -رضي الله عنه- قال أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان، قال فسلم علينا فبعثني إلى حاجة، فأبطأت على أمي فلما جئت قالت: ما حبسك؟ قلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تحدثن بسر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً، قال أنس:«والله لو حدثت به أحداً لحدثتك يا ثابت»(رواه مسلم). وفي رواية «أسر إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم سراً فما أخبرت به أحداً، ولقد سألتني عنه أم سليم فما أخبرتها به». وحفظ السر ليس خلقاً خاصاً بأنس -رضي الله عنه- فهذا عبدالله بن جعفر -رضي الله عنهما- يقول:« أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثاً لا أحدث به أحدا من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل ». وقد يحلو للبعض أن يتحدث عن بعض الأمور أو المهمات الخاصة التي تربطه ببعض الأكابر، ويصحب هذا الحديث رغبة في التعالي والارتفاع، وربما كان حديثاً فيما لا فائدة فيه، وربما انتهز الفرصة للحديث عن موقف، أو الاستشهاد بشاهد لا لشيء إلا ليذكر صلته ببعض الأكابر، وهو خلق علاوة على ما فيه من إضاعة للسر، يعكس إعجاباً بالنفس، وتشبعاً للمرء بما لم يعط، أما شباب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلهم شأن آخر.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 63 مشاهدة
نشرت فى 29 مارس 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,349