authentication required


البهائم التي تؤدي مهمتها في الحياة أرقى منزلة وأهدى سبيلا من الإنسان الذي لم يؤد رسالته بعبادة الله وعمارة الأرض
 

سبب هبوط الإنسان إلى مستوى الحيوانية والأنعامية أو أضل، هي الغفلة، غفلوا عن الله عز وجل وعن حقه وعن ذكره

 

ذكر الموت من أهم المحركات والبواعث والأسباب للخروج من الغفلة

 

أخي المسلم وأنت تودع سنة هجرية كاملة اجلس لتحاسب نفسك ماذا صنعت في هذه السنة من خير؟ واذكر ماذا قصرت فيه من واجبات؟ ماذا ضيعت من حقوق؟

 

سنة هجرية مضت على الأمة ولا تزال قضايانا الكبرى معلقة، لا تزال فلسطين أم القضايا كما هي، تدور في حلقة مفرغة، دماء تسفك وحرمات تنتهك ومنازل تدمر وأشجار تقلع نحن نتفرج كأن الأمر لا يعنينا

 

مقدمة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خصنا بخير كتاب أنزل، وأكرمنا بخير نبي أرسل، وجعلنا بالإسلام خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله، (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا وقائد دربنا محمداً عبد الله ورسوله أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، ففتح الله برسالته أعيناً عمياً وآذاناً صما وقلوباً غلفا، علم الناس من جهالة وهداهم من ضلالة وأخرجهم من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، اللهم صل وسلم وبارك على هذا الرسول الكريم، وعلى آله وصحابته، وأحينا اللهم على سنته، وأمتنا على ملته، واحشرنا في زمرته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ، أما بعد،،،، 

إلى أعلى

المعنى المحمود والمذموم لتزكية النفس

فيا أيها الأخوة المسلمون...

تحدثنا في الجمعة الماضية عن تزكية الأنفس التي بدونها لا يفلح الإنسان ولا يحصل على ما يريد في الدنيا ولا في الآخرة، (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها)، وأود أن أنبه هنا على فائدة علمية، تزكية النفس في القرآن لها معنيان، معنى مذموم ومعنى ممدوح، المعنى المذموم هو تزكية النفس بمدحها والثناء عليها، وهذا أمر منهي عنه كما قال تعالى (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) لا تقول أنا فعلت كذا وأنا سويت كذا، الناس يقولون لا يشكر نفسه إلا إبليس لأنه هو الذي مدح نفسه وقال عن آدم أنا خير منه، واليهود مدحوا أنفسهم وقالوا نحن شعب الله المختار، نحن أبناء الله وأحباؤه، فنزل القرآن فيذمهم على ذلك ويقول (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) يمدحونها ويضخمونها (بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا).

 

أما المعنى المحمود والممدوح فهو الذي نتحدث عنه، تزكية النفس بمعنى العمل على طهارتها ونمائها، أن نطهرها من رذائل الشرك ورذائل النفاق وأن ننميها بفضائل التوحيد وفضائل الإيمان والإخلاص، أن نأخذها بمنهج التخلية والتحلية، التخلية من الرذائل والتحلية بالفضائل، هذه التزكية هي المطلوبة ولا يفلح الفرد ولا تصلح الأمة إلا بهذه التزكية النفسية التي هي أساس كل خير وصلاح في الدنيا والآخرة للفرد والجماعة وللأمة وللدولة، كيف نزكي أنفسنا؟ 

إلى أعلى

غفلة النفس عن مهمتها الإساسية في الحياة

أول ما ينبغي أن نبدأ به في تزكية الأنفس أن نخرجها من سجن الغفلة، شر ما يصاب به الإنسان هو الغفلة، أن يعيش غافلاً عن مهمته في هذه الحياة، يعيش غافلاً عما هو مكلف به، غافلاً عن ربه، غافلاً عن ذكره، غافلاً عن آخرته، هذه هي المصيبة الكبرى، الناس يعيشون في الدنيا وكأنهم مخلدون، لا يدركون أنهم سينتقلون إلى دار آخرة، سيحاسبون على كل كلمة قالوها جهراً كانت أم سرا، على كل عمل فعلوه خيراً كان أم شرا، على كل خطوة مشوها، بحراً كانت أم برا، كل شيء ستسأل عنه، المشكلة أن الناس في غفلة لاهون وفي غمرة ساهون، الناس يجلسون بعضهم إلى بعض كل حديثهم عن الدنيا عن المال عن النساء عن الشهوات عن البورصة عن الأسهم عن الربح عن الخسارة وهم عن الآخرة هم غافلون.

 

الناس يحفظون الأغاني وموسيقى الأغاني ويحفظ الشباب أسماء الممثلون والممثلات والمطربين والمطربات الأحياء منهم والأموات ولو سألتهم عن الصحابة أو التابعين أو العلماء أو الزاهدين أو الصالحين لا يعرف منهم شيئاً، الغفلة هي سر الداء أيها الأخوة، نريد أن نخرج من سجن الغفلة، الله سبحانه وتعالى وصف أهل جهنم الناس الذين جعلهم حطب جهنم ووقود النار فماذا قال؟ قال (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها) الله أعطاهم هذه الأدوات ولكنهم خربوها وعطلوها فلم تعد تؤد مهمتها، القلوب لا تفقه والأعين لا تبصر والآذان لا تسمع. ما قيمة الأذن إذا لم تستمع إلى الخير؟ ما قيمة العين إذا لم تعتبر بما ترى؟ ما قيمة القلب والعقل إذا لم يفقه ما له وماذا عليه وماذا ينتظره؟

 

إن من الرجال بهيمة فـي          صورة الرجل السميع المبصر

فطن لكل مصيبة في ماله           وإذا أصيب بدينه لم يشعــر

 

"
ليس الفائز من كان رصيده بالملايين أو بالمليارات ليس الفائز من بنى الدور وشيد القصور ليس الفائز من تبوأ المناصب ووصل إلى أعلى الدرجات في الدنيا، الفائز حقاً من زحزح عن النار وأدخل الجنة
"
لو خسر في شركة أو في كذا يفهم ويفطن ويتحسر ولكن إذا أصيب في دينه إذا ترك صلاة لم يؤدها إذا لم يؤد حقاً لله أو حقاً للعباد لم يؤثر ذلك في نفسه، لم يورثه حسرة ولا أسفا، لم يقل يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، هذا بهيمة في صورة الرجل السميع المبصر، القرآن يكمل الآية التي ذكرناها (ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) أضل من الأنعام سبيلاً (أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)، البقرة أو الجاموسة أفضل منه، الجمل والناقة أفضل منه، الكبش والنعجة أفضل منه، البغل والحمار أفضل منه، البهائم أرقى منزلة وأهدى سبيلا من هذا الإنسان الذي كرمه الله ومنحه العقل وأعطاه الإرادة وأنزل عليه الكتب وبعث له الرسل، الأنعام والبهائم أفضل من هذا الإنسان، لماذا؟

 

أولاً الأنعام معذورة لم تؤت ما أوتي الإنسان من هذه المواهب العقلية والروحية، ليس لها عقل تفكر به ولا إرادة ترجح بها، ولم ينزل لها كتاب ولم يبعث لها رسول، ومن ناحية أخرى الأنعام أيها الأخوة تؤدي مهمتها في الحياة، الحمار يحمل الأشياء، الإبل (وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس)، هل رأيت بقرة تمردت على أن تحلب؟ هل رأيت حماراً تمرد على أن يركب؟ كل يؤدي رسالته في الحياة، ولكن الإنسان المكرم المستخلف في الأرض، الذي سخر الله له ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنه، هذا الإنسان لم يؤد رسالته، لأن رسالته أن يعرف الله ويعبد الله ويعمر أرض الله ويقوم بالخلافة في أرض الله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)، لم تتمرد الأنعام على رسالتها وقد تمرد الإنسان على رسالته فلم يؤد لربه حقا ولم يقم بخلافته في أرضه كما ينبغي، لهذا كان أضل من الأنعام سبيلا، (أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون)، انظر إلى هذا التذييل، هذا هو مفتاح القضية كلها، أولئك هم الغافلون، ما سبب هذا التسفل والتنـزل والهبوط إلى مستوى الحيوانية والأنعامية أو أضل، ما سبب هذا؟ هي الغفلة، أولئك هم الغافلون، عم غفلوا؟ غفلوا عن الله عز وجل وعن حقه وعن ذكره كما قال الله تعالى لرسوله (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)، انفرط أمره وأصبح سائباً غير منضبط ولا مرتبط واتبع هواه وشهواته، سبب هذا هو غفلة القلب عن ذكر الله، لا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا، نسي الله، ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، أنساهم حقيقة ذواتهم، نسوا ما هم ومن هم بنسيانهم لله، نسوا الله فنسيهم ونسوا الله فأنساهم أنفسهم، تركوا الله فتركهم ولاهم ما تولوا، الغفلة عن ذكر الله.

 

الغفلة عن آيات الله، غفلوا عن آيات الله وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون، ينظرون آيات الله من حولهم عن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم ومن تحت أرجلهم ومن أمامهم ومن خلفهم ولكنهم لا يعتبرون بها، ليس لهم عين ترى، ليس لهم قلب يفقه، هؤلاء غفلوا عن آيات الله (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون)، (فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين)، الغفلة عن آيات الله عز وجل.

 

الغفلة عن المصير الذي ينتظر كل إنسان، الله تعالى يقول عن قوم من الناس (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)، يعلمون كثيراً من ظواهر الحياة الدنيا من قوانينها ومن أحوالها ولكنهم أجهل الناس بالآخرة، أغفل الناس عن الآخرة، والآخرة هي القضية المصيرية الأولى لكل إنسان، مهما عشت في هذه الدنيا مهما عمرت فنهايتك الآخرة، يقول أبو العتاهية

 

نح على نفسك يا مسكين إن كنت تنوح      لتموتن وإن عمرت ما عمر نوح

 

ونوح عمر طويلاً أطول الأنبياء عمراً ولعله أطول البشر عمراً، بعثه الله على رأس الأربعين وعاش في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً ثم أخذهم الطوفان وهم ظالمون ثم عاش بعد الطوفان ما شاء الله لا نعلم المهم أنه عاش أكثر من ألف عام وجاءه ملك الموت ليتوفاه (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) جاء ليقبض روحه، تقول الحكايات أن ملك الموت سأله: يا أطول رسل الله عمرا كيف وجدت الدنيا قال: وجدتها كدار لها بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر، عش ما شئت فإنك ميت ما دام النهاية هي الموت فيستوي إن طال عمرك أم قصر، يقول الشاعر

 

وإذا كان آخر العمر موتاً      فسواء قصيره والطويل

 

المهم ماذا فعلت في هذا العمر؟ هل استفدت منه؟ هل عمرته بالخير؟ هل ملأته بالتقوى؟ أم هو عامر بالمعاصي والغفلات وضياع الواجبات وانتهاك المحرمات، رب عمر قصرت آماده واتسعت أمداده، قد تعيش عمراً قصيراً ولكن الله يبارك فيه فإذا سنواته القصيرة كأنها آماد طويلة المهم البركة، الغفلة عن الآخرة (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)، احذر من هذه الغفلة، إنها السم القاتل، إنها الداء العضال، لابد أن تتداوى من هذه الغفلة، وأن تخرج منها ولهذا أسباب، يمكن أن تمارسها وأن تبحث عن هذه الأسباب لتتداوى من داء الغفلة، لتتنبه بعد غفلة لتصحو بعد سكرة لتستيقظ بعد نوم، لابد أن نبحث عن المحركات للحياة الساكنة، عن المذكرات التي تذكر الإنسان إذا نسي، وتعينه إذا ذكر، وتقويه إذا ضعف. 

إلى أعلى

 

ذكر الموت أول المحركات للخروج من الغفلة

أول هذه المحركات ذكر الموت، أن تذكر هذه الحقيقة الحاضرة الغائبة المذكورة المنسية، الموت أصدق غائب ينتظر وهو بين أيدينا في كل وقت في كل حين نودع قريباً أو جاراً أو صديقاً نوريه الثرى ونعود كأن لم نفعل شيئاً، اذكروا هادم اللذات، الموت، هو الذي يقطع لذة الملتذين والذي يفرق بين الابن وأبيه وبين الأب وبنيه وبين الأخ وأخيه وبين الحبيب وأحبائه، اذكروا هذا الموت، اذكر أنك مهما عشت في هذه الدنيا ومهما تقلبت بين جنباتها ومهما كسبت من أموال ومهما شيدت من قصور ومهما تبوأت من مناصب ومهما قلت ومهما فعلت ستنتهي إلى الموت سيأتي يوم يقول الناس فيه فلان مات، سيأتي يوم يقول الناس عنك فلان مات، هل تذكر هذه الحقيقة؟ إنها تنتظر كل واحد منا بعد أن كان يخبر عن الموت أصبح هو خبراً يحكى،

 

حكم المنية في البرية جاري       ما هذه الدنيا بدار قــرار

بينا يرى الإنسان فيها مخبرا      حتى يرى خبراً من الأخبار

 

قضية الموت قضية هائلة على الناس أن يتذكروها تذكر الموت ولا تنسه أبداً فإنه أمر لابد منه، مشكلة الناس أنهم يستبعدون الموت والموت لا يستأذن أحداً حين يأتي، لا يطلب ترخيصاً

 

كل امرئ مصبح في أهله      والموت أدنى من شراك نعله

 

 

"
شر ما يصاب به الإنسان هو الغفلة، أن يعيش غافلاً عن مهمته في هذه الحياة، كل حديثه عن الدنيا المال عن النساء عن الشهوات عن البورصة عن الأسهم عن الربح عن الخسارة وهم عن الآخرة هم غافلون.
"
إنك حين تصبح الصباح قد لا يأتي عليك المساء وحينما يأتي عليك المساء قد لا يرد عليك الصباح، إن الموت يأتي بغتة، ألم تسمع بهؤلاء الذين يموتون بالسكتة القلبية، بالذبحة الصدرية، الإنسان يعيش بطوله وعرضه ثم تسمع أنه مات، كنت قريباً قد رأيته أو صافحته أو تكلمت معه، ولكنه مات، بالذبحة بالسكتة لا تظن أن الذبحة أو السكتة بعيدة عليك، ألم تسمع بهؤلاء الشباب الذين يموتون وهم في عمر الزهور، بحوادث السيارات، وهم أبناء السابعة عشرة والعشرين وما دون ذلك وما فوق ذلك، الحوادث في هذه الدنيا كثيرة، كنت أعرف بعض الناس لا يحب أن يركب السيارات خشية أن يحدث له حادث بالسيارة، ولكنه كان يمشي على الرصيف يوماً فجاءت سيارة ودهسته وصدمته ومات، لم يستطع أن ينجو بالحذر لأنه لا يغني حذر من قدر، أصاب بعض البادية طاعون فهرب منها أحد الشباب، وذهب إلى بلد آخر، وقال له أبوه ابق معنا يجري عليك ما يجري علينا والسنة في الإسلام أن لا يهرب الإنسان من الطاعون فقد يكون حاملاً له ويعدي آخرين، وفي الطريق نام تحت شجرة فجاءت حية فلدغته فمات، وعرف أبوه ذلك فقال:

راح يبغي نجوة من هلاك فهـلك

والمنايا راصدات للفتى حيث سلك

كل شيء قاتل حين تلقى أجــلك

 

لا مفر من الأجل إذا جاء، اذكروا الموت، (يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون)، من ألهاه ماله وولده عن ذكر الله وحق الله ولقاء الله وحساب الله فأولئك هم الخاسرون، (وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين)، أنفق واعمل صالحاً قبل أن تأتي ساعة الموت، ساعة الاحتضار، هنالك تتصاغر حياتك ويتضاءل عمرك كله وتتمنى لو أمهلت يوماً أو بعض يوم، أو ساعة أو لحظة لو أمهل حتى أن تصلي ركعتين لو أمهلت حتى تتصدق بما تستطيع من مال لو أمهلت حتى تقول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) لو أمهلت قليلاً، ولكن هيهات، يقول الله تعالى (ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون)، لن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها (إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)، وكلمة ساعة هنا ليست هي الساعة الفلكية ستون دقيقة والدقيقة ستون ثانية، لا، الساعة بالمعنى اللغوي اللحظة لا يستأخرون ساعة أي لا يستأخرون لحظة ولا يستقدمون، هو الأجل (إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون)، ذكر الموت، إن القلوب لتصدأ كما تصدأ الحديد قيل وما جلاؤها قال تلاوة القرآن وذكر الموت، تذكر الموت، لم ينج من الموت أحد لا نبي مرسل ولا ملك متوج، كل أنبياء الله ورسله ماتوا وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون)، (إنك ميت وإنهم ميتون، ثم إنكم يوم القيامة عند ربك تختصمون)، مات محمد صلى الله عليه وسلم وحينما سمع الصحابة هاج هائجهم وثار ثائرهم ما كانوا يتوقعون أن يموت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سن الثالثة والستين وقال من قال (من قال أن محمداً قد مات ضربت عنقه)، وقام أبو بكر رضي الله عنه يخطب في الناس الرجل الأول في الأمة بعد رسول الله قال (يا أيها الناس من كان يعبد محمد فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) ثم تلا قول الله تعالى (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين)، الموت لم ينج منه الأنبياء ولا الأولياء ولا الصالحون (كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون)، (كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون)، (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز)، هذا هو الفائز حقيقة، ليس الفائز من كان رصيده بالملايين أو بالمليارات ليس الفائز من بنى الدور وشيد القصور ليس الفائز من تبوأ المناصب ووصل إلى أعلى الدرجات في الدنيا، الفائز حقاً من زحزح عن النار وأدخل الجنة، هذا هو الفوز الحقيقي، (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور). 

إلى أعلى

بالعمل الصالح يعمر الإنسان بعد موته

لم ينج من الموت نبي مرسل ولا ولي صالح ولم ينج من الموت أيضاً ملك متوج، كل الأباطرة

"
يستطيع الإنسان أن يعيش بعد موته سنين طويلة، إذا ترك وراءه سيرة طيبة وذكراً حسناً
"
والأكاسرة والقياصرة والملوك والأمراء والأثرياء وقارون وفرعون وهامان كل هؤلاء أهلكهم الموت، لم ينج أحد من الموت سواء كان خيراً أم شريراً، الموت يقضي على الجميع ثم الحساب يوم الحساب، انظر إلى آثار هؤلاء، (كم تركوا من جنات وعيون، وزروع ومقام كريم، ونعمة كانوا فيها فاكهين، كذلك وأورثناها قوماً آخرين، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين)، لم تبك عليهم السماء ولا أهلها ولا الأرض ولا أهلها، استراح الناس من شرورهم وفجورهم وباءوا بلعنة الله والناس والملائكة.

 

الذي يبكي عليه الناس هو الذي يكون خيره للناس، هو الذي يذكر الناس منه قوله الطيب وعمله الصالح، وخلقه الكريم، وآثاره الحسنة في الأرض، يذكره الناس بذلك، يستطيع الإنسان أن يعيش بعد موته سنين طويلة، يستطيع أن يعمر بعد عمره أعماراً إذا ترك وراءه سيرة طيبة وذكراً حسناً، رحم الله أمير الشعراء شوقي حين قال

 

دقات قلب المرء قائلـة لــه     إن الحياة دقائق وثـوان

فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها      فالذكر للإنسان عمر ثـان

 

ارفع لنفسك ذكرها بعمل الصالحات واجتناب السيئات واستباق الخيرات، الموت لم يترك ملكاً ولا أميراً ولا إمبراطوراً. حينما جاء مرض الموت إلى هارون الرشيد أعظم ملوك الدنيا في وقته الذي كان يتحدى السحاب في السماء، جاءت سحابة فوق بغداد ثم مضت فيقول لها أيتها السحابة شرقي وغربي وأمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك. تمطري في بلاد المسلمين سيأتيني الزكاة من بلاد المسلمين، تمطري في بلاد الكافرين يأتي خراجك إلى بيت مال المسلمين، هذا الرشيد حينما مرض وفحص الأطباء بوله، أعطاهم بوله ليفحصوه ضمن جملة أبوال حتى لا يعرفوا بول من هو، فلما فحص الأطباء قالوا: صاحب هذا البول في أيامه الأخيرة، فأنشد يقول:

 

إن الطبيب له علـم يجل بـه    ما دام في أجل الإنسان تأخير

حتى إذا ما انتهت أيام مهلته     حار الطبيب وخانته العقاقيـر

 

الطبيب لا يستطيع أن يؤجل موتك أو يؤخر أجلك، حار الطبيب إذا كان الداء من السماء بطل الدواء وعجز الأطباء، وكان يعالج الرشيد سكرات الموت وهو يقول (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية)، الملك العريض الذي كان أعظم ملك في الدنيا في ذلك الوقت انتهى، لا مال ينفع ولا سلطان يشفع، (ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانية)، وابنه الذي ورثه عبدالله المأمون الذي بلغت الدولة ما بلغت في عهده من العز والعلم ولاحضارة والسبق على أمم الأرض حينما جاءه الموت كان يقول يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه، يا من لا يزول ملكه ارحم من زال ملكه، هل يتذكر هذا ملوك الأرض؟ هل يتذكر هذا الرؤساء والأمراء هل يتذكر هذا الأغنياء والكبراء، إن الموت آت لا ريب فيه، ذكر الموت أيها الأخوة هو القضية المهمة في علاج غفلة القلب، لابد أن نضع الموت نصب أعيننا أن نتذكر هذه الحقيقة الكبيرة التي يحاول الناس أن يغطوا عليها أن ينسوها، وهيهات أن تنسى، هيهات أن تنسى، وأن تشيع كل يوم ناساً وتقرأ في الصحف نعياً لفلان وفلان، كيف تنسى هذا، اذكروا هادم اللذات، اذكروا الموت، اجلوا صدأ القلوب بجلاء الموت، أسأل الله تبارك وتعالى أن يذكرنا من نسياننا وأن ينفعنا إذا ذكرنا وأن يقوينا إذا ضعفنا وأن يبصرنا إذا عمينا وأن ينبهنا إذا غفلنا إنه سميع قريب.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم وادعوه يستجب لكم. 

إلى أعلى

نستقبل عاما هجريا جديدا

الحمد لله، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يسبح له ما في السماوات وما في الأرض، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمداً عبد الله ورسوله، البشير النذير والسراج المنير، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته واهتدى بسنته وجاهد جهاده إلى يوم الدين، أما بعد،،،

 

فيا أيها الأخوة المسلمون ..

في هذا اليوم نختم عاماً هجرياً ونستقبل في الغد عاماً هجرياً جديداً، والسعيد من انتفع بمرور الأيام وحاول أن يحاسب نفسه، إذا لم تستطع أن تحاسب نفسك كل يوم عندما تنام، كان بعض الأخوة الصالحين وضع لنفسه جدول محاسبة، كل يوم يحاسب نفسه، هل أديت الصلوات الخمس في أوقاتها؟ كم صليت منها في جماعة؟ هل ذكرت الله تعالى؟ هل قرأت شيئاً من القرآن؟ هل وصلت رحماً؟ هل أعنت ضعيفاً؟ هل فعلت كذا؟ هل فعلت كذا؟ وفي الجانب الآخر: هل اغتبت إنساناً بغير حق؟ هل صدر منك نميمة؟ هل كذا هل كذا؟ ويضع لنفسه علامة صح أو خطأ ويعطي نفسه درجة عشرة من عشرة أو ثمانية من عشرة أو خمسة من عشرة أو ثلاثة أو صفر هو حكم نفسه وهو أمين على نفسه، ويرى نفسه هل ينجح بمقبول أم لا ينجح أبداً أم جيد ... حاسب نفسك كل يوم، إذا لم تستطع فكل أسبوع، إذا لم تستطع فكل شهر، إذا لم تفعل ففي كل سنة، ليتك يا أخي المسلم تجلس هذه الليلة وأنت تودع سنة كاملة لتحاسب نفسك ماذا صنعت في هذه السنة من خير؟ ماذا تذكر من أعمال صالحة؟ ماذا سيرصد لك في الميزان؟ ماذا سيكتب في صحيفتك؟ واذكر في الجانب الآخر: ماذا قصرت فيه من واجبات؟ ماذا ضيعت من حقوق؟ ماذا جنى لسانك وماذا جنت يدك وماذا جنت بطنك ماذا دخل فيها من حرام وكم مشيت من خطوات في سبيل المعصية؟ وماذا وماذا؟ حساب ختامي، هذا الحساب الختامي في هذه السنة مطلوب منك أيها المسلم، إذا كنت تريد أن تسير في طريق التزكية للنفس فابدأ بهذا، ابدأ بالحساب، حاسب نفسك قبل أن تحاسب واسأل نفسك قبل أن يصير السؤال إلى غيرك فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون، وزن أعمالك زنها قبل أن توزن عليك، في يوم قال الله تعالى فيه (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين). 

إلى أعلى

حال الأمة في العام المنصرم

هذا على مستوى الفرد، وعلى مستوى الأمة ماذا نقول؟ هذه السنة مضت على الأمة وقد حدث ما حدث، لا تزال قضايانا الكبرى معلقة، لا تزال أم القضايا كما هي، قضية أرض النبوات أرض الإسراء والمعراج أرض الأقصى الذي بارك الله حوله، لا تزال تدور في حلقة مفرغة، دماء تسفك وحرمات تنتهك ومنازل تدمر وأشجار تقلع ومزارع تجرد و و .. الخ، ونحن نتفرج كأن الأمر لا يعنينا، كأنها ليست قضية العرب والمسلمين الأولى، كانوا يقولون الصراع العربي الإسرائيلي ما عاد صراعاً عربياً إسرائيلياً أصبح صراعاً فلسطينياً إسرائيلياً، وإسرائيل تملك ما تملك وماذا يملك الفلسطينيون؟ لا يملكون إلا أنفسهم إلا أرواحهم يضعونها على أيديهم ويفجرون أنفسهم مضحين بأرواحهم في سبيل دينهم ووطنهم ومقدساتهم وقضيتهم، ومن أجل هذا يعتبرونهم إرهابيين، مجرمين، يجب أن يقاتَلوا ويجب أن يقاوَموا لأنهم يدافعون دفاعاً مشروعاً عن حقهم لا يملكون طائرات ولا دبابات ولا صواريخ ولا ترسانات كما تملك إسرائيل وإسرائيل ليست وحدها، فهي مسنودة مؤيدة بالمال الأمريكي والسلاح الأمريكي والتأييد الأمريكي والفيتو الأمريكي مؤيدة بكل هذا فلماذا لا تفعل ما تفعل لماذا لا تصول ولا تجول ولا تعربد ولا تسفك ولا تذبح ولا تقتل؟ وعندها إشارة خضراء تفعل ما تشاء، الأمة لا تزال كما هي، وللأسف لا توجد لأمتنا الكبرى أمة الألف مليون والثلاثمائة مليون أمة المليار والثلث ليس لها قيادة سياسية وليس لها قيادة دينية وليس لها قيادة فكرية، فهذه حال أمتنا لا نملك إلا أن ندعو لهذه الأمة إلا أن يجمعها الله من شتات وأن يوقظها من سبات وأن يحييها من موات. 

إلى أعلى

حدث غريب في قطر

وقد حدث أيها الأخوة في هذا البلد الكريم في يوم الجمعة الماضية حدث حدث غريب حقاً، لعلنا ونحن كنا على هذا المنبر حدث هذا الحدث أن قتل رجل نزل ضيفاً على قطر ومما يذكر لقطر بالخير أنها تستضيف كثيراً من المضطهدين الذين يطردون من بلادهم أو الذين لا يستطيعون أن يعودوا إليها فتفتح لهم ذراعها وتفتح لهم صدرها وكان هذا الرجل الرئيس الشيشاني السابق سليم خان ييندرباييف كان من هؤلاء الذين استضافتهم قطر وقد عرفته وزارني مرات ومرات وعرفته رجلاً صالحاً رجلاً مجاهداً وهو أديب وكاتب وشاعر ليس فقط من أهل السياسة وأهل الأدب وأهل الفكر ولكن للأسف حدث ما حدث في الأسبوع الماضي من تفجير سيارته بعد أن خرج من الجمعة مصلياً طاهراً فحدث له هذا الحادث الغريب، الذي لم يحدث مثله في قطر ونسأل الله أن يوفق المحققين من رجال الأمن في قطر أن يعثروا على قاتليه ويأخذوا جزاءهم وينكشف موقفهم أمام الناس جميعاً، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويرحمه ويتقبله في الصالحين من عباده إن شاء الله. 

إلى أعلى

دعاء الخاتمة

اللهم أكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وزدنا ولا تنقصنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا، اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا واجعل غدنا خيراً من يومنا وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة اللهم إنا نسألك العفو والعافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر أخوتنا المجاهدين في أرض فلسطين، اللهم سدد رميتهم، وقوِّ شوكتهم واجمع على الحق كلمتهم، اللهم افتح لهم فتحاً مبيناً واهدهم صراطاً مستقيماً وانصرهم نصراً عزيزاً وأتم عليهم نعمتك وأنزل في قلوبهم سكينتك وانشر عليهم فضلك ورحمتك، اللهم احرسهم بعينك التي لا تنام واكلأهم الذي لا يضام، اللهم عليك بظالميهم من اليهود المستكبرين، المغتصبين الظالمين المعتدين، وحلفائهم من الصليبيين الكافرين الماكرين، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أزل دولتهم وأذهب عن أرضك سلطانهم ولا تدع لهم سبيلاً على أحد من عبادك المؤمنين، اللهم يا منزل الكتاب ويا مجري السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد الإسلام، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.

 

عباد الله، يقول الله تبارك تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 509 مشاهدة
نشرت فى 12 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,194