-----------------------
الإيمان, موضوعات عامة
الإيمان بالرسل, جرائم وحوادث
-----------------------
سليمان بن محمد آدم الهوساوي
مكة المكرمة
27/12/1426
مسجد الجود
محامد و أدعيةطباعة الخطبة بدون محامد وأدعية
-------------------------
ملخص الخطبة
1- سبب ذل الأمم. 2- من مبادئ الإسلام. 3- فضل الإسلام والنبي محمد . 4- شهادة الغربيين للنبي . 5- استمرار حلقات الطعن في النبي . 6- حقوق النبي . 7- من فوائد هذه الحملة التشويهية الشرسة.
-------------------------
الخطبة الأولى
وبعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل في الليل والنهار، في الجهر والإسرار، فتقوى الله خير زاد للعباد ليوم المعاد، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ [البقرة:197].
ثم اعلموا ـ معاشر المؤمنين ـ أنه ما ذلّ من ذل من الأمم إلا يوم تخلّوا عن مبادئهم السامية وابتعدوا عن تطبيق ما جاءت به كتب السماء، عند ذلك أهلكهم الله وشتت شملهم وأخمد ذكرهم.
ألا وإن مما نعلمه نحن بني الإسلام أن للإسلام أركانا وأسسا ومبادئ ومقدّسات، يجب الإيمان بها حقّا، والالتزام بها صدقا، والتمسك بها قولا وفعلا، وأركان الإسلام ما علمتم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقامُ الصلاة وإيتاءُ الزكاة وصومُ رمضان وحجُ البيت الحرام، تلكم هي أركانُ هذا الدين.
وكما أن للإسلام أركانا فله شرائع أخرى؛ في الإيمان، في الإخلاص، في العبادات وفي المعاملات، في الصفات وفي الأخلاق وفي جميع شؤون الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي كل أمر صغر أو كبر، مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ [الأنعام:38]، وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً [الإسراء:12].
ومفاد ما سبق ذكره وخلاصته أن هذا الدين دين الله الذي ارتضاه على الأديان، وهو خير الأديان على الإطلاق، ولما أراد إنزال وحيه إلى من يختار من عباده جعل خيرَ الملائكة وأفضلَهم سفيرا أمينا لتبليغ دينه إلى نبيه، ثم اختار من بين العالمين منذ خُلقت هذه البسيطة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، اختار من بينهم محمدا ، فهو خير الخلق وأفضل البشرية، ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر))، فنبينا محمد خير البشرية وأزكى البرية وأشرف الخلق، اختاره الله عز وجل ليكون خاتم النبوات وتتمة الرسالات، فلا سبيل إلى الله إلا من سبيله، ولا طريق إلى الجنات إلا من طريقه، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85].
فجاء بالدين الحق سراجا منيرا وقرآنا مبينا، به سعدت البشرية وتطورت الحياة وانتظمت الإنسانية، وكان خير قدوة وخير أسوة وخير دليل وخير نبي، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حتى أتاه اليقين.
والعرب والعجم من قبل رسالته العالمية كانوا في جاهلية جَهْلاء وظلام مُطْبِق، في فرقة وشتات، يعبدون الأصنام، ويأكلون المَيْتات، ويشربون الخمور، ويقترفون الفواحش، ويَئدُون البنات، ويُسيئون الجوار، ويقطعون الأرحام، ويأكل القوي الضعيف، حياتهم قتال وتناحر وفرقة واختلاف، ثم أَذِن الله للّيل أن ينجلي وللصبح أن يَنْبَلِج وللظلمة أن تَنْقَشِع وللنور أن يُشعّ، فأرسل الله سبحانه هذا الرسولَ الكريم والصادقَ الأمين رحمة، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ. وكان كذلك ـ بأبي هو وأمي ـ صلوات ربي وسلامه عليه، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
إخوتي الأكارم، وفي العصور الماضيةِ والأحقاب السّالفة عاش كثيرٌ من العظماء ورجالات التأريخ والديانات، نقلتِ الأنباء أخبارَهم، ودوّنت الكتب أوصافهم، غيرَ أنه لم ولن يوجد أحدٌ من العظماء والرجال نُقلت أخباره ودُوّنت صفاته وحُفظت سيرته كما كان لنبينا محمد ، لقد وصَلَ إلينا ذلك بالنّقل المتواتر. سيرة عطرة وحياة نضرة، تضمّنت العدل والأمانة والصدق وعلو المكانة، وشملت الرحمة والرأفة والصيانة، وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ، زكاه ربه وكفاه، وشهد له القاصي والداني والعدو والحبيب، وإليكم بعضَ ما قاله فيه أعداؤُه وما شهدوه فيه وله، ولسنا بحاجة إلى شهادتهم:
يقول كاتب منهم: "محمّد هو النبي الوحيد الذي وُلِد تحت ضوء الشمس"، يشير إلى دقّة سيرته عليه الصلاة والسلام وصحّتها وتوازنها.
ويقول عالم فرنسي آخر: "لم يكن محمد نبي العرب بالرجل البشير للعرب فحسب، بل للعالم لو أنصفه الناس؛ لأنه لم يأت بدين خاص بالعرب، وإنّ تعاليمه الجديرة بالتقدير والإعجاب تدل على أنه عظيم في دينه، عظيم في أخلاقه، عظيم في صفاته، وما أحوجنا إلى رجال للعالم أمثال محمد نبي المسلمين" ونقول .
شَهْمٌ تُشِيد به الدنيا برُمّتها...على الْمنائر من عُرْب ومن عَجَمِ
أحيا بك الله أرواحًا قد اندثرت...في تربة الوهم بين الكأس والصنمِ
مِن نهرك العذب يا خير الورى اغترفوا...أنت الإمام لأهل الفضل كلّهم
ويقول العالم الإيطالي: "لقد جاء محمد نبي المسلمين بدين إلى جزيرة العرب يصلح أن يكون دينًا لكل الأمم؛ لأنه دين كمال ورقي، دين دَعَة وثقافة، دين رعاية وعناية"، ويقول الألماني الآخر: "لقد أخطأ من قال: إن نبي العرب دَجّال أو ساحر؛ لأنه لم يفهم مبدأه السامي، إن محمدًا جدير بالتقدير، ومبدؤه حريّ بالاتباع، وليس لنا أن نحكم قبل أن نعلم، وإن محمدًا خير رجل جاء إلى العالم بدين الهدى والكمال".
هذه شهاداتهم في النبي الأمي، أنطقهم الله بها، رغما عن أنوفهم، ويأبى الله إلا أن يَنطق الكذوبُ بالصدق من حيث يشعر أو لا يشعر.
إخوتي في الله، يُقال هذا ليس لإثبات ما لنبينا محمد من فضل وشرف ومكانة، إنما يثار ذلك لأنا والمسلمين في أنحاء العالم أجمع نعيش حملةً مسعورة موجّهة نحو ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنها حملة ظالمة آثمة واستفزازات حاقدة تستمدّ قواها من جدّها أبي جهل وابن سلول كبرائهم الذين علّموهم السحر.
وقد قال أهل الشرك والكفر والحقد من قبل في نبينا ما قالوا، قالوا: ساحر، وقالوا: كاهن، وقالوا: كذاب، فلما جاء الأبناء والأحفاد لم يكتفوا بذلك، بل قالوا عنه: إرهابي في عصر السّلام، ومتشدّد في دنيا اليسر والسهولة والوئام، وقالوا: انغلاقي في عالم الانفتاح والديمقراطية، وافتروا وزعموا ثم تطاولوا وتطاولوا حتى همزوا ولمزوا وسخروا من شخصيته المقدسة، فرسموه في صحفهم وجرائدهم برسوم حقيرة سفيهة، بدعوى حرية التعبير، فأين هم من ميثاق احترام الأديان وتوقير مقدسات كل دين؟! بل أين هم من احترام حقوق الإنسان بل الحيوان؟! ألا لعنة الله على الظالمين المفترين الأفاكين.
وإن ما جرى ويجري في الدنمرك والنرويج من تشويه لحقيقة النبي الكريم ما هو إلا تتابع لمسلسلات حملات أهل الكفر لهذا الدين العظيم، والحكمة اقتضت أن الذليل لا يرى طريقا لصعود إلا بانتقاص الأكابر والتهكم بالعظماء، ألا لعنة الله على الظالمين المفترين الأفاكين.
يصفونه بالإرهاب والتطرف وهو الذي قال يوم الفتح لكفار قريش لما تمكن من رقابهم: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء))، ويصفونه بسفك الدماء وامتصاصها وهو الذي كان يأمر جنده أن لا يحاربوا قوما حتى ينذروهم ثلاثا، فإن أبوا قاتلوهم، فإن كان ذلك ـ أي: القتال ـ لم يقتلوا شيخا ولا امرأة ولا طفلا، ولم يحرقوا أرضا ولم يقطعوا شجرا، ألا لعنة الله على الظالمين الأفاكين.
ومن هنا يقال: إنَّ الهجوم على الإسلام ونبيّ الإسلام لا يزيد هذا الدّين وأهلَه إلا صلابةً وثباتًا وانتشارًا وظهورًا، وفي كتاب ربنا: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح:28]. وإنّ العالم كله يعلم أن الذين يدخلون في دين الإسلام في ازدياد وتنامي على الرّغم من كلّ الظروف والمتغيّرات والأحداث والمقاومات، بل والتهديد والتشويه للإسلام وأهله ونبيِّه وقرآنه.
ومع هذا كله ـ معاشر المؤمنين ـ نقول: إن محمدا أنموذجُ الإنسانية الكاملة، وملتقى الأخلاق الفاضلة، وحامل لواء الدّعوة العالمية الشاملة. أعطاه ربُّه وأكرمه، وأعلى قدره ورفع ذكرَه، ووعده بالمزيد حتى يرضى، من أطاعه فقد أطاع الله، ومن بايَعَه فإنما يبايع الله وله السعادة في الدنيا والأخرى، ومن عصاه وكفر به فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وإنه لا قدرَ لأحد من البشر يداني قدرَه، صفوةُ خلقِ الله، وأكرم الأكرمين على الله، وحينما قال موسى كليم الله عليه السلام: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبّ لِتَرْضَى قال الله لمحمد : وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى، وحين سأل موسى الوجيهُ عند ربه عليه السلام: رَبّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي قال الله لمحمد : أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وقال سبحانه عنه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُواْ فَقَدِ احْتَمَلُواْ بُهْتَانا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب:56-58].
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
-------------------------
الخطبة الثانية
الحمد لله، له الحمد كله، علانيته وسره، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة عبده وابن عبده ومن لا غنى له عن رحمته، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفوته، صلى الله وسلم عليه صلاة وسلاما دائمين بدوامه سبحانه في ألوهيته وربوبيته.
وبعد: إخوتي في الدين، فإن لهذا النبي العظيم علينا حقوقًا، أعظمها الإيمان به واتباعه ومحبته وتوقيره وتَعْزِيره والتمسّكِ بسنته ولزوم منهجه وطريقته والدفاع عنه وعن دينه وشرعته، قال شيخ الإسلام: "إن تَعْزِيرَه عليه الصلاة والسلام نصره ومنعه، وتوقيره إجلاله وتعظيمه، وذلك يوجب صون عرضه بكل طريق، بل ذلك أولى درجات التَعْزِير والتوقير، فلا يجوز أن نصالح أهل الذمّة على أن يُسمعونا شتمَ نبينا ويُظهروا ذلك، فإن تمكينهم من ذلك ترك للتعْزِير والتوقير، بل الواجب أن نكفّهم عن ذلك ونزجرهم عنه بكل طريق" انتهى كلامه.
ولئن كان هناك من يستهزئ بنبينا محمد كما حصل في دولة الكفر والعناد دولة الدنمرك أخزى الله من استهزأ بنبينا وحبيبنا محمد ، فالواجب علينا أن نتولّى الدفاع عنه بما نستطيع، ونلتزم ببيان صورته الصحيحة بذكر مواقفَ من سيرته العطرة، وأن نربّي أنفسنا وأبناءنا على ضوء سنته وسيرته ونسيرَ على منهاجها سيرا حثيثا، ولسان حال كلّ منا يقول:
فإن أبي ووالده وعِرْضِي...لعِرْض محمدٍ منكم فِدَاءُ
وإنَّ استهزاءَ أعدائنا بشرائع ديننا واستخفافهم بنينا يوقظ في أنفسنا أمورا عدة من أهمها ما يلي:
أولا: أن نرجع بحق إلى معنى الولاء والبراء في شرعنا لنحقّقه في أنفسنا، نعم منهج الولاء والبراء الذي استماتته شعارات السلام والتعايش بين الأديان، نعم منهج الولاء والبراء الذي لا يعرفه كثير من الشباب فضلا عن الأطفال الصغار. إن الواجب علينا أن نقتفي أثر ولاة أمورنا، فلقد سحبت الحكومة السعودية سفيرها من دولة الدنمرك حين استهزأت بسيد المرسلين، وما ذلك إلا تحقيقا لمنهج البراءة من كل من يتهكم بشرائع هذا الدين أو بالنبي الكريم عليه صلوات رب العالمين، ألا فجزى الله حكومتنا الرشيدة على الانتصار لنبينا محمد .
فالواجب علينا ـ أيها الأكارم ـ أن ننتصر لنبينا محمد ، ولقائل أن يقول: وكيف ذلك وأنا فرد واحد لا يسمع صوتي ولا يدرك تأثيري؟! والجواب: كلا، بل أنا وأنت وهو وهي عوامل مؤثرة في الحياة والوجود، فلوا أن كلاّ منا عاد من يومه هذا إلى نفسه فألزمها سنة محمد لكان ممن انتصر له، ولو أن كلا منا عاد من يومه وجدد حبه الصادق لنبينا محمد لكان ممن انتصر له.
فعلى الآباء والمعلمين والدعاة والمفكرين أن يلزموا أنفسهم حبّ محمد وحبّ المؤمنين وحبّ أولياء الله الصالحين، ثم بغض الكافرين وكرههم وعدم اتباعهم أو التشبّه بهم أو الإعجاب بهم، بل ومقاطعة منتجاتهم وتجاراتهم، وما ضرّ المرء أن ينظر إلى مشترياته فإن وجدها من صناعاتهم عدل عنها إلى غيرها نصرة لله ولرسوله وهو القائل: ((من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه)). فبهذا والله أستطيع أنا وأنت نصرةَ هذا الدين وإلحاقَ الخسارة والهزيمة والذلة بأعدائه المتربصين.
ثانيا: أن نربي أنفسنا ومن تحت أيدينا على سيرة النبي محمد ، وأن نجعل لها حيّزا في حياتنا اليومية، فالشباب والأطفال ينشؤون على ما اعتادوا عليه في صغرهم، فلنعرس في سويداء قلوبهم حبّ نبيهم وكره وبغض من عاداه أو افترى عليه، ولعلّ قائلا أن يقول: وما دور الأطفال؟! فأقول: إن أطفال اليوم هم شباب الغد، وهم رجال المستقبل من بعد، فإذا تربوا على الولاء والبراء وحبّ رسول الله وبغض من عاداه أو استخف به كان لذلك أثر في كبرهم وفتوّتهم، وبذلك ننتصر لديننا ونبينا ، وما يقال في حق الشباب والرجال يقال في حق الشابات والنساء من أمهات وزوجات وأخوات وبنات، فلنستنفر جميع الطاقات لمن فِداه أبي وأمي ونفسي والناس أجمعين، وهو القائل عليه صلوات رب العالمين: ((لا يؤمن أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوةَ الإيمان))، وذكر منها: ((أن يكونَ الله ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما))، وجاء في السير أن عمر ابن الخطاب قال: يا رسول الله، لأنت أحب إليّ من أهلي ومالي إلا من نفسي أو كما قال، فقال له رسول الله : ((لا يا عمر، حتى من نفسك))، فسكت عمر رضي الله عنه وأرضاه ثم قال: لأنت أحب إليّ الآن حتى من نفسي، فقال : ((الآن يا عمر)).
ثالثا: أن نكثر الصلاة والسلام عليه آناء الليل وأطراف النهار وأدبار الصلوات وفي الطرقات وفي ليلة الجمعة ويومها وفي كل وقت وحين، فإن الله سبحانه وتعالى هو وملائكته الكرام يصلون على النبي كما جاء في محكم التنزيل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَه يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا. نعم، فلنكثر الصلاة والسلام عليه، ففي الصلاة والسلام عليه مع الاتباع الصحيح تكفير للذنوب ورفع للدرجات وتفريج للهموم وكشف للكربات، وجاء في كتاب الترغيب والترهيب حديث حسنه الألباني رحمه الله تعالى وفيه أن أبي بن كعب رضي الله عنه وأرضاه قال: يا رسول الله، إني أكثر الصلاة عليك، فما أجعل لك من صلاتي؟ قال: ((ما شئت))، قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قلت: النصف؟ قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير لك))، قلت: الثلثين؟ قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذا يكفى همُك ويغفَر ذنبك)).
إنها دعوة ـ أيها الأحبة ـ إلى العودة إلى محبة الرسول المحبة الصادقة الخالصة، والتي تقود إلى الاتباع والاقتداء بالإضافة إلى إكثار الصلاة والسلام عليه وتدريب الأبناء صغارا وكبارا على ذلك.
ألا فما أحرانا أن نستفيد من الأحداث والمواقف التي تمرّ بنا في هذه الحياة، ولعلّ ما حدث من استهزاء بالنبي في دولة الكفر يكون لنا حافزا للرجوع إلى سيرة حبيبنا .
اللهم احم حوزة الدين وجِناب الرسول الأمين، وانصر عبادك الموحدين، واخذل من خذَلهم، وانصر من نصرهم. اللهم عليك بأعداء هذا الدين ممن يقاتلون أهله، أو يستهزئون بهم وبدينهم، أو يبيتون لهم في أنفسهم العداء والانتقام. اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد...

المصدر: المنبر
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 25 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

313,996