مكتبة القرضاوي  فتاوى معاصرة-الجزء الأول     أوهام الناس حول الخضر عليه السلام

موقع القرضاوي
 آخر تحديث:10:42 (مكة) الخميس 15 ربيع الثاني 1422هـ -2001/07/05م
 الخميس, 05 يوليوز 2001 18:42  موقع القرضاوي


-

س: من هو الخضر؟ وهل هو نبي أو ولي؟ وهل هو حي إلى اليوم -كما يقول كثير من الناس وإن بعض الصالحين قد رآه أو اجتمع به، وإذا كان حيا فأين يقيم، ولماذا لا يظهر ويفيد الناس بعلمه وخاصة في هذا الزمان؟ أرجو البيان الشافي.

ج: الخضر، هو العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتعلم منه.
اشترط عليه أن يصبر، فأجابه إلى ذلك، فقال له: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا، وظل معه، وهو عبد آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما، ومشى معه في الطريق ورآه قد خرق السفينة فقال: أخرقتها لتغرق أهلها؟... إلى آخر ما ذكره الله عنه في سورة الكهف.
وكان موسى يتعجب من فعله، حتى فسر له أسباب هذه الأمور وقال له في آخر الكلام: (وما فعلته عن أمري، ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا)الكهف:82 يعني ما فعلت ذلك عن أمري، وإنما عن أمر الله تعالى.
بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة. وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير بأنه قابل فلانا، وألبس فلانا خرقة، وأعطى فلانا عهدا... إلى آخر ما يقصون وينسجون من أقاويل ما أنزل الله بها من سلطان.
ليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود -كما يزعم الزاعمون- بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيا.
وأكتفي بأن أنقل فقرات من كتاب "المنار المنيف في الحديث الصحيح والضعيف" للمحقق ابن القيم.
يذكر في هذا الكتاب رحمه الله ضوابط للحديث الموضوع الذي لا يقبل في الدين، ومن هذه الضوابط "الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته، كلها كذب، ولا يصح في حياته حديث واحد، فحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فسمع كلاما من ورائه، فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر، وحديث: يلتقي الخضر والياس كل عام وحديث: يجتمع بعرفة جبريل وميكائيل والخضر.
وسئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وأنه باق، فقال: ما ألقى هذا بين الناس إلا شيطان. وسئل الإمام البخاري عن الخضر والياس هل هما أحياء؟ فقال: كيف يكون هذا؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبقى على رأس مائة سنة ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد)(رواه الشيخان). وسئل عن ذلك كثير غيرهما من الأئمة فقالوا -مستدلين بالقرآن-: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد، أفئن مت فهم الخالدون؟)الأنبياء:34.
وسئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقال: لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر: (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض) وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذ؟
فالقرآن والسنة، وكلام المحققين من علماء الأمة ينفي حياة الخضر كما يقولون.
القرآن يقول: (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفئن مت فهم الخالدون).
فالخضر إن كان بشرا، فلن يكون خالدا، حيث ينفي ذلك القرآن الكريم والسنة المطهرة... فإنه لو كان موجودا لجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني)(رواه أحمد عن جابر بن عبدالله) فإن كان الخضر نبيا، فليس هو بأفضل من موسى، وإن كان وليا فليس أفضل من أبي بكر.
وما الحكمة في أن يبقى طيلة هذه المدة -كما يزعم الزاعمون- في الفلوات والقفار والجبال؟ ما الفائدة من هذا؟ ليس هناك فائدة شرعية ولا عقلية من وراء هذا. إنما يميل الناس دائما إلى الغرائب والعجائب والقصص والأساطير، ويصورونها تصويرا من عند أنفسهم ومن صنع خيالهم، ثم يضفون عليها ثوبا دينيا، ويروج هذا بين بعض السذج، ويزعمون هذا من دينهم، ولكن ليس هذا من الدين في شيء...والحكايات التي تحكى عن الخضر إنما هي مخترعات ما أنزل الله بها من سلطان.
أما السؤال حول: هل هو نبي أو ولي؟ فالعلماء قد اختلفوا في ذلك، ولعل الأظهر أنه نبي -كما يبدو من الآية الكريمة التي تلوناها من سورة الكهف... (وما فعلته عن أمري) فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه. فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 35 مشاهدة
نشرت فى 21 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,453