authentication required



د. أحمد عرفات القاضي   |  16-12-2011 14:52

وسط صخب الحياة وهديرها بالجدال الدائر حول الانتخابات وفرص صعود الإسلاميين فيها سواء على مستوى مصر او غيرها من بلاد الربيع العربي واستخدام ذلك فزاعة من قبل العلمانيين ومن لف لفهم من فلول النظام السابق فكريا وثقافيا الذين كانوا يقتاتون بادعاء الحرية والديمقراطية ومغازلة الحكام المستبدين طمعا في عطاءهم وجوائزهم ومهاجمة الفكر الإسلامي بتهمة عدم قدرته على مسايرة العصر رحل عن عالمنا في هدوء مؤخرا عالما فاضلا ومفكرا كبيرا وأستاذا رصينا وقبل هذا كله داعية مرابط على ثغرة من ثغور الإسلام انه المغفور له بإذن ربه الأستاذ الدكتور عبد الحليم عويس الذي شرفت بصحبته لمدة أسبوع كامل في مؤتمر علمي عالمي عن العلاقة بين الإسلام والغرب بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا في صيف عام 2004م وكنت أشارك في هذا المؤتمر ممثلا لجامعة الإمارات العربية المتحدة حيث كنت معارا لها آنذاك لكني سافرت للمؤتمر من القاهرة حيث كنت اقضي أجازة الصيف وحينما صعدت الطائرة فوجئت بالدكتور عويس يجلس قريبا مني وبعد رحلة طويلة استغرقت ثلاثة عشرة ساعة من القاهرة إلى كوالالمبور كان في استقبالي أمين المؤتمر وهو شاب تونسي وهو الصديق الدكتور يونس صوالحي وهو يعمل بالجامعة الإسلامية في ماليزيا منذ فترة طويلة وكان في نفس الوقت يستقبل الدكتور عويس وربما جاء خصيصا لاستقباله في المطار كنت قد التقيت الدكتور عويس قبل ذلك عدة مرات وتحدثنا تليفونيا أكثر من مرة لكن كانت هذه المرة التي أرافقه فيها لفترة زمنية أتاحت لي أن أتعرف عليه عن قرب.

 كان يشارك في المؤتمر شخصيات وقامت كبيرة من شتى أقطار العالم الإسلامي وكنت أعد بينهم من شباب الجيل الثاني أو الثالث من الباحثين مقارنة بهؤلاء الأعلام الكبار أمثال الدكتور عويس رحمه الله ومنهم الدكتور عبد الله عمر نصيف رئيس رابطة العالم الإسلامي الأسبق والدكتور أنيس احمد مستشار رئيس دولة باكستان وغيرهم كثير من رموز الفكر الإسلامي وكنت حينما نستضاف على العشاء بدعوة من شخصية عامة كرئيس وزراء ماليزيا الذي دعانا على العشاء على شرفه وأريد أن اخذ مكانا يليق بي وسط هؤلاء الكبار فانتحي جانبا ولا أتصدر الجلسة يصر المرحوم الدكتور عويس أن أكون بجواره في صدر الجلسة ويعرفني بهم ويثني علي بما لا استحقه ورغم أن بوادر المرض كانت قد ظهرت على مفكرنا الراحل إلا أنه كان دءوبا على حضور جميع جلسات المؤتمر والتعقيب على ما يقال والدخول في مناقشات عميقة مع الباحثين لتوضيح أمر غامض أو تصحيح معلومة مغلوطة بحماس الشباب بذهن حاضر وذاكرة قوية.

 وفي اليوم الأخير لنا في ماليزيا ونحن ننهي إجراءات مغادرة الفندق تمهيدا للعودة للقاهرة ترك الدكتور عويس حقيبة يده بجوار صديق له تركي وقام ينهي أموره مع موظف الفندق وعاد ليكتشف اختباء حقيبته وكان بها مبلغا كبيرا من المال واستطاع الفندق بعد فترة الحصول على الحقيبة ولكن بعد ضياع المال منها وطالب مني مفكرنا عدم إفشاء الأمر لأحد وحينما تحدثت لأحد أصدقاءه عن الأمر بعد عودتنا للقاهرة عاتبني بشدة في اتصال هاتفي لأنه لا يريد أن يعرف أحد ذلك وقد التقيت المرحوم الدكتور عويس مؤخرا في مؤتمر حول سمات الخطاب الديني ومستقبله بدعوة من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وبرعاية شيخ الأزهر عقد بفندق جراند حياة بالقاهرة في نهاية يوليو الماضي وكان واضحا عليه التعب والإرهاق ورغم ذلك كان يواظب على حضور الجلسات ويعقب ويناقش بذهن حاضر ومتوقد وحينما ذهبت لأسلم عليه فوجئت به يذكر لي تفاصيل وأمور دقيقة كنا نتناقش حولها في رحلتنا إلى ماليزيا قبل سبع سنوات فعلمت أن ذاكرته ما شاء الله ذاكرة مؤرخ تحتفظ بالتفاصيل الصغيرة فحمدت الله على ذلك رغم أن أعراض المرض كانت بادية عليه بقوة رحم الله مفكرنا الراحل وجعل ما قدم لامته في مجال الفكر والدعوة في ميزان حسناته وتغمده في رحمته.



رئيس قسم الفلسفة الإسلامية

كلية دار العلوم / جامعة الفيوم

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 17 ديسمبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

325,690