مدخل إلى الفتوحات الإسلامية

* مدخل وتقديم:
- إن المتأمل في حاضر المسلمين اليوم، وما جعلهم يصلون إلى ما هم عليه من ضعف وفرقة يجده مشابهاً ومقارباً لحالهم يوم أن كانوا يتربعون على عرش الأندلس، فيرى نفس أسباب الهزيمة ونقاط الضعف وإهمال فرص الريادة والقوة والوحدة، مع اختلاف الجغرافيا والمسميات.
- لهذا نضع هذه الدراسة الشاملة لتاريخ الأندلس بين يدي القراء علّها تنبه الغافل وتذكر العاقل وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت. د. طارق السويدان.

* التاريخ دروس وعبر:
- تعيش الأندلس ومثلها كل أرض المسامين في شعور كل مسلم حقاً، يتحرق شوقا إليها، وينتظر يوم يأتي ليجمع شمل المسلمين، ويوحد أرضهم، ويحرر ديارهم التي ما زال بعضها تناديهم: أين المسلمون؟!.

* الحديث عن الأندلس:
- على الصفحات القادمة سنكتب شيئاً عن الأندلس، وصفها بعضهم بالمفقود، ونعتها آخرون بالسقوط، وآخرون بغروب الأندلس، صفحات من التاريخ الأندلسي بما فيه من عزة وأمجاد، وبما يتضمن من مرارات وضياع، لعلنا أن نعيد الذكرى، ونعرف ماضينا فنتعظ، فنحن أولى الناس بالأندلس.

- ويكاد في عصرنا معظم الناس وبخاصة المثقفون منهم يجهلون تاريخ الإسلام والمسلمين، فيجهلون سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويجهلون سيرة الأفذاذ من مشاهير المسلمين، ولا يكادون يسمعون عنهم إلا أسماء، فلو سألت أكثرهم عن النعمان بن مقرن المزني لجهلوه، ولو سألتهم عن معركة نهاوند التي تضاهي القادسية لوّوا رؤؤسهم عجباً! أو سألت عن عقبة بن نافع الفهري، أو الحاجب المنصور لعجبت من الجهل والصمت وقلة المعرفة أيضاً.
- وبالعكس يكاد يحفظ عن ظهر قلب عن نابليون وحروبه، وكازانوفا ومغامراته، وعن الأميرال نيلسن وأساطيله... بل يحفظ نجوم كرة القدم، ونجوم الرقص والغناء...

فقدنا عزنا لما رأينا يسود بلادنا الرقصُ الغناء
- ولعل كلمة خيانة المثقفين أن تكون أبلغ تعبير عن حالتنا التي تهب عليها رياح العولمة العاتية التي تريد أن تدمر كل شيء يخص أمتنا, كما قال الشاعر:

أنا من أمة أفاقت على العزِ وأغفت مغموسة بالهوان * أولاً: مدخل إلى الفتوحات الإسلامية:
-دراسة التاريخ العسكري والحروب بشكل خاص ضرورة لكل قائد سياسي أو عسكري فلا بد أن يعرفها واعياً مستفيداً فالتاريخ يعيد نفسه وإنما تختلف الألوان والمظاهر، فالأرض هي الأرض، والإنسان هو الإنسان، وحقيقة مجريات الحوادث في كل زمان واحدة، قال تعالى:{وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ } البقرة:251.

-لقد كادت الحياة كلها تأسن وتتعفن لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، ولولا أنّ في طبيعة الناس التي فطرهم الله عليها أن تتعارض مصالحهم واتجاهاتهم الظاهرية القريبة لتنطلق الطاقات كلها، فتنفض عنها الكسل والخمول، وتستجيش مافيها من مكنونات مذخورة، وتظل أبداً يقظة عاملة مستنبطة لذخائر الأرض مستخدمة قواها، وفي النهاية يكون الصلاح والخير والنماء بقيام الجماعة الخيرة المهتدية المتجردة، تعرف الحق الذي بينه الله لها.

خصمان في ربهم شأنُ الصراعِ هناتلك الحقيقةُ ليسَ الماءُ والخبزُ منذُ الخليقةِ قادَ الناسَ دينُهمُوخابَ منَ ربَّه الطاغوتُ والكنزُ -وكم في التاريخ موجات من الحروب لم تكن تحمل الحق، وإنما أشعلتها الفتن والأهواء، حملت الخراب إلى العالم، وما الحربان العالميتان ببعيدتين عن ذاكرة الناس، وكذلك الرومان قد حملوا الفساد إلى الأرضي التي دخلوها، ولا تخفى حملات الصليبيين والمغول وآثارها على العالم الإسلامي، وما الاستعمار الحديث ثم العولمة إلا امتداد للفساد والاستكبار في الأرض بغير الحق.

ظلم الصليبيين واستعبادهم للناس وفرض الأتاوات عليهم بغير وجه حق قبل وصول
الإسلام إلى الأندلس

* نشر النور:
- وما كان المسلمون في جميع الجبهات متفوقين على الأعداء بالعتاد والرجال، ولا كانوا ذوي حروب ضخمة متوارثة، إنما كانوا أصحاب عقيدة، ورجال مبادئ وعقيدة، ثم ما كانت مقومات الانتصار هي المعتمد ولا كان الانتصار هو الغاية، بل كانت غايتهم فتح القلوب وإزالة الحجب الكثيفة عنها ليصل إلى شغافها هدى الله سبحانه. وأن لا يقفوا بفتحهم إلا حيث تعوقهم صحراء أو بحر أو مانع طبيعي من الزمن.

- أما الفتوحات الإسلامية فتختصر بجملة واحدة: هي إزالة الحواجز التي تحول دون وصول النور الرباني إلى عامة الناس، ولتكون كلمة الله هي العليا، ولتكون العبودية لله خالق الناس، ولتخرج الناس من عبودية البشر للبشر، ولعمارة الأرض بعد الخضوع لله الذي استخلف الناس عليها.

- قال تعالى:{ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } هود:61، من أجل استخدام القوانين والنواميس الأرضية لتطوير الحياة على الأرض، ومواصلة العمران وتحقيق الرفاهية والعدل دون النظر إلى لون أو عرق أو نسب.

- لذلك نشر الفتح الإسلامي النور للعالمين، وبين لهم الغاية الأساسية لوجودهم ومهمتهم في الكون، فكانت الفتوحات التي فتحت الحدود أمام نور لله ليأخذ طريقة إلى القلوب فكانت في حقيقتها فتحاً للنفوس والقلوب قبل فتح البلدان.

- هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرح قلبه الكبير بسورة الفتح، بالفتح المبين، وبالمغفرة الشاملة، وبالنعمة التامة، وبالهداية إلى صراط الله المستقيم، وبالنصر العزيز الكريم، وفرح برضى الله عن المؤمنين، فقال عليه الصلاة والسلام:( أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي.

- وكان هذا الفتح فتحاً في الدعوة، فأمن الناس بعضهم بعضاً، وسمع من لم يسمع بالإسلام من قبل، وكان فتحاً في الأرض بعد ذلك إذ فتحت حصون خيبر، وكان فتحاً بين المسلمين والمشركين في قريش وسائر المشركين من حولها، وعمّ الإسلام الجزيرة بعده.


- وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 11 للهجرة، وولي أبو بكر الخلافة رضي الله عليه وسلم، فارتدت معظم القبائل في شبه الجزيرة العربية، وكانت حروب الردة التي عمت الجزيرة العربية التي انتهت في كل الجبهات بترسيخ الإسلام، وأظهرت قيادات جديدة، ودلت على طاقات كامنة، ولعلها كانت تمهيداً للفتوحات.
- واستمر الفتح على جبهتي فارس والروم، وانتهت دولة الفرس، ومزق الله ملك آل ساسان، وفتحت أجزاء كبيرة من الإمبراطورية الرومانية، وعم الفتح حتى وصل الصين وعبر حدود ما وراء النهر، واجتاز جبال طوروس مصر زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم استمرت الفتوحات زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن بعده. ومن ثم زمن التابعين الذين هم خير القرون بعد قرن الصحابة.



 

التوقيع

  #2     08-07-2011, 11:17 PM
ميرنا المحبة لله فارس الفرسان
 



رد: الأندلس التاريخ المصور
فتح المغرب العربي
ثانياً: فتح المغرب العربي:
-استغرق فتح جميع بلاد المغرب ما يقارب 70 عاماً من 23 هـ إلى 89هـ.
*عقبة بن نافع الفهري:
-خضع المغرب العربي للإسلام لكنه لم يستقر فيه، وظل أهله ينقضون عليه مرات ثم يعودون إذا جاءتهم الجنود الإسلامية. ومن أشهر القواد الذي كان لهم دور كبير في فتحه: عقبه بن نافع الفهري، وهو تابعي جليل يروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ويحتل موقعاً أثيراً في قلوب المسلمين، فهو المؤمن المجاهد في سبيل الله ونشر رسالته، ما وهن ولا ضعف في مواجهة الشدائد والصعاب، نذر حياته وباع نفسه في سبيل الله. وقد توغل توغلاً شديداً في المغرب حتى وصل شاطئ المحيط الأطلسي الذي كان يسمى بحر الظلمات، وخاضه بفرسه حتى بلغ نحره فقال: اللهم اشهد...أني قد بلغت المجهود، ولولا هذا البحر لمضيت أقاتل من كفر بك حتى لا يُعبد أحد من دونك.

جيوش المسلمين في المغرب العربي

-ولما أراد العودة إلى عاصمة إفريقية ( القيروان ) اختار طريق الأطلس الصحراوي، وقسّم جنوده حين وصل إلى (طبنه)، ولم يكن قد بقي بينه وبين القيروان أكثر من ثمانية أيام وأمرهم أن يسيروا فوجاً فوجاً، فانتقض عليه البربر والرومان فكمنوا له في منطقة (تهوذة) وهي في جنوب الأوراس، إذ كان في ثلاثمائة فارس فقط، فقتلوا جميعاً بعد قتالهم قتال الأبطال، وظل البربر بعد ذلك بين الخضوع للإسلام والثورة عليه كلما سنحت لهم بادرة، إلى أن ولي عليها رجل عظيم وقائد محنك هو:

* موسى بن نصير:
-كان والده نصير من بين أربعين غلاماً سباهم خالد بن الوليد رضي الله عليه وسلم في كنيسة عين التمر على شاطئ الفرات عام 12 للهجرة بعد أن ضرب أعناق أهل الحصن أجمعين. وكان على هؤلاء الغلمان باب مغلق فكسره عنهم، وأجابوه بأنهم رهائن لدى أهل عين التمر، فاعتبرهم خالد رضي الله عنه من السبي وقسمهم على أهل البلاء من جنده. وكان منهم أيضاً سيرين والد محمد بن سيرين، ويسار جد محمد بن إسحاق كاتب السيرة (المغازي).

* أسرته:
-أعتق بنو أمية نصيراً ، فعمل في شرطة معاوية رضي الله عنه، وكان صاحب همة وعطاء حتى صار من قواد جيش معاوية رضي الله عنه وحراسه.
-ولما حصلت الفتنه بين علي ومعاوية رضي الله عنهما رفض أن يقاتل علياً ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولما استتبَّ الأمر لمعاوية رضي الله عنه عام الجماعة قال له يعاتبه لعدم مشاركته في قتال علي رضي الله عنه: ما منعك من الخروج معي ولي عندك يد لم تكافئني عليها؟
فقال كلمة عظيمة معبّرة تدل على وعيه ورسوخ الإيمان في قلبه: لم يمكن أن أشكرك بكفري من هو أولى بشكري منك. فقال له معاوية رضي الله عنه: من هذا الذي هو أولى بالشكر مني؟ وهو يرى أنه صاحب الفضل عليه، فأجابه نصير: الله سبحانه وتعالى، فأطرق معاوية رضي الله عنه رأسه، وقال: أستغفر الله، وعفا عنه وسامحه ورضي عنه.

وصل الإسلام إلى المغرب العربي ممهداً الطريق إلى الأندلس


* نشأة موسى بن نضير:
-ولد موسى بن نصير في الشام عام 19 للهجرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وعاش مع أولاد الخلفاء، شارك بعد أن تعلم فنون القتال واستخدام السلاح في فتح (قبرص)، وكان أحد قواد الأسطول الإسلامي، وعندما حصل الصراع بين الأمويين أنفسهم، وبينهم وبين ابن الزبير بعد موت معاوية رضي الله عنه، بايع الناس في أقطار الإسلام ابن الزبير، وكذلك الشام، فلم ير أي حرج في مبايعة ابن الزبير مع الضحاك بن قيس الفهري، وزفر بن الحارث القيسي، وكذلك النعمان بن بشير الأنصاري، وكلهم كانوا من أمراء الأمويين سابقاً..
واستطاع الأمويون ومن ساندهم من القبائل وبخاصة قبيلة كلب اليمانية أن يجمعوا أمرهم على مروان بن الحكم، وأن يسيروا إلى الجابية ثم إلى مرج راهط لكي يقنعوا الضحاك وجماعته على مبايعة الأمويين إلا أنه أبى ذلك، فوقع القتال بين الطرفين، ودارت الدائرة على أنصار ابن الزبير وفرّ موسى كما فرّ الضحاك وغيره، ولجأ إلى عبد العزيز بن مروان والي مصر الذي عفا عنه إذ اعتبره مجتهداً في أمره وفي هذه المسألة لمبايعة ابن الزبير، وقرّبه منه، فشكر له موسى هذا الأمر وكان عاملاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لله تعالى، وكان من رجال العلم حزماً ورأياً وهمه ونبلاً وشجاعة وإقداماً ذكر عنه من ترجم له.

* موسى بن نصير والي إفريقية عام 86 هـ - 705 م:
-ولاه عبد العزيز بن مروان (والي مصر) إفريقية "ويطلق هذا الاسم على الشمال الإفريقي ليبية وتونس والجزائر والمغرب" عدا مصر، وكانت منطقة تغلي بالقلاقل، وتثور الاضطرابات فيها من فترة لأخرى، فوجد أن ذلك يعود لسببين رئيسيين:
1- كانت الفتوحات في هذه المنطقة تمتد بسرعة ولا يكفي عدد المسلمين لضبط المناطق المفتوحة لقلة عددهم، فقال موسى كلمة معبرة عن سابقه عقبة بن نافع: رحمه الله، كيف ينطلق ولم يحم ظهره؟ أما كان معه رجل بصير؟.
2- أما السبب الثاني: رأى أن الإسلام لم يكن قد تمكن في قلوب الناس هناك، وما زال البربر ينتقضون عليه كلما سنحت لهم فرصة. فاتبع سياسة جديدة؛ ذلك أنه لا يتابع الفتح من منطقة إلى أخرى قبل أن تستقر النفوس للخضوع لهذا الدين الجديد، وعمل على أن يمتلك الإسلام قلوب (البربر)، فبث بينهم العلماء والدعاة بدءاً من سنة 86 للهجرة، وهنا ملاحظة جديرة بالاهتمام لدى الدراسين وهي أن الانتشار الواسع للإسلام في العالم على هذه الرقعة الكبيرة منه لم يكن إلا في فترة وجيزة جداً بعد موت الرسول صلى الله عليه وسلم بستة وسبعين عاماً فقط.

-ولما دخلوا في دين الله أفواجاً، وصارت غالبيتهم جنداً للإسلام حقاً، قاتل بهم وبغيرهم الفئة التي لا تريد أن تخضع وتطغى على الناس، فلاحقهم موسى في الجبال وكاد أن يفنيهم -كما قيل- ولما وصل بخيوله إلى منطقة القبائل التي غدرت بعقبة بن نافع، قاتلهم قتالاً شديداً وانهزم البربر من أهل (سجومة)، ففتح موسى المدينة وقتل ملوكها، وأمر أولاد عقبة الثلاثة (عياضاً وعثمان وأبا عبيدة) أن يأخذوا حقهم ممن قتلوا أباهم، فقتلوا من أهل (سجومة) من البربر ستمائة رجل من كبارهم، ثم قال موسى كفّوا، فكفوا. وقال عياض بن عقبة: أما والله لو تركتني ما أسكت عنهم وفيهم عين تطرف، وبزوالها سقط الحاجز المعنوي والمادي الذي يصد الناس عن دين الله، ودخلت الآلاف إلى الإسلام وكان من بين الذين اعتنقوه قائد عظيم -سيكون له شأن في المستقبل القريب- من قادة البربر هو طارق بن زياد رحمه الله.

* نبذة عن موسى بن نصير:
- 19هـ ولد في الشام وهو من التابعين.
- ولاه معاوية البحر.
- بايع ابن الزبير بعد موت معاوية لكن ما لبث أن فرق الأمويون جمعهم فالتجأ إلى عبد العزيز بن مروان.
- صار وزيراً لعبد العزيز بن مروان والي مصر.
- 86 هـ تولى شمال غرب إفريقية.
- 92 هـ يعد المخطط الأول لفتح الأندلس.
- 92 هـ أرسل أول سرية إلى الأندلس بقيادة طارق بن زياد ففتح جنوبها.
- 93 هـ أعاد إخضاع جنوب الأندلس بعد تمردها وفتح عدة مدن أخرى.
- اشتهر بصلاحه وحبه للجهاد.
- 97 هـ توفي بالمدينة المنورة.

جبل طارق نقطة إستراتيجية وأساسية بالنسبة للساحل الإسباني الذي يراقب العبور من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي.

* إخضاع شمال إفريقيا:
-وأخضع موسى الشمال الإفريقي كله وخضعت له بذلك قبائل البربر. تلك التي أعلنت تمردها بعد أن عاهدت المسلمين. ولم تبق إلا مدينتان وهما طنجة وسبتة في القسم الشمالي الغربي من المغرب، تقابلان إسبانية، ويفصل بينهما وبين المضيق فقط.
-أرسل موسى قوة ذاتية أصيلة من الفئة المؤمنة الجديدة (البربر) عددها "9" آلاف بقيادة طارق بن زياد لفتح طنجة، وتم فتحها في مدة وجيزة.
-وقاد هو بنفسه جنداً لفتح سبتة التي كان يحكمها حاكم من قبل (غَيْطِشة) ملك إسبانية يدعى (يوليان) أو (جوليان)، وكانت مدينة محصنة بأسوارها الضخمة، واستمات أهلوها في الدفاع عنها، لذلك امتنعت من الفتح، ففك موسى الحصار عنها وولىّ طارق بن زياد أميراً على تلك المنطقة (طنجة) وما حولها، وعاد إلى عاصمة إفريقية (القيروان).

المسلمون يفتحون مدينة طنجة.







التوقيع

 

  #3     08-07-2011, 11:21 PM
ميرنا المحبة لله فارس الفرسان
 



رد: الأندلس التاريخ المصور
مقدمات فتح الأندلس
ثالثاً: مقدمات فتح الأندلس:
1- التمكن من البحر:
- أخذ موسى بن نصير رحمه الله يفكر في فتح الأندلس، فرأى أنه يمكن للرومان والأسبان (أهل الأندلس حينذاك القوط وغيرهم) أن يهاجموا الشمال الإفريقي في كل وقت يريدون، لأنهم يملكون الأساطيل البحرية، وأن لهم قوى بحرية كبيرة ليس للمسلمين ما يدفعها أو يواجهها. ففكر بتخطيط (استراتيجي) بعيد النظرفلم يستعجل، وقرر إنشاء قوة بحرية للمسلمين لتستطيع صد غارات الروم والأندلس، فأسس قاعدة بحريةفي تونس، وجهز في مدة قليلة ما يقارب المائة سفينة حربية.

موسى بن نصير على مشارف الأندلس
* عام 85 هـ - 704 مغزوة الأشراف:
- وأراد بعد ذلك أن يكون هو سيد البحر بلا منازع في منطقة الشمال الإفريقي، فأعلن أنه يريد غزو البحر، وتجمع حوله الناس من كل صوب وعلى رأسهم الأشراف الذين وفدوا إليه في هذا النوع الجديد من جند المسلمين الذين يحملون العلم والمعرفة الإسلامية إلى العالمين، ولكثرة عدد الأشراف سميت الغزوة باسمهم: (غزوة الأشراف)، لكنه رأى أن لا يخرج بنفسه فأرسل ابنه (عبد الله). واستطاعت هذه الحملة إخضاع (صقلية) لحكم الإسلام.

* فتح سردينية:
- ورأس حملة أخرى بعد ذلك بقيادة (عطاء بن أبي نافع الهذلي) لفتح (سردينية) وهي جزيرة كبيرة في البحر المتوسط، تقع شمال (صقلية) فافتتحها، ولما أراد العودة إلى الشمال الإفريقي نصحه موسى ألا يرجع في ذلك الوقت إذ كان موسم هبوب الرياح العاتية، ونشوء العواصف، لكنه لم يتبع النصيحة -وهذه من بعض الأخطاء التي يقع فيها القواد العرب- فغرق في البحر وصحبه رحمهم الله.

المسلمون ينزلون من البحر لفتح سردينية
* عام 89 هـ - 708 م جزر البليار:
- وأرسل بعد فترة ابنه عبد الله لفتح سردينية مرة ثانية، وليبسط سيطرة المسلمين على جزر البليار في غربها، وهي ثلاث جزر كبيرة تقع شرق الأندلس وتدعى جزر البليار الشرقية، وتم بهذا الفتح استقرار المنطقة، وخضع البحر بجزره وشوطئه لسلطان المسلمين.

2- جغرافية الأندلس:
- يشبه شكل الأندلس إلى حد ما من الناحية الطبيعية والموقع شكل المربع، وتقع زاوية تنحدر نحو الجنوب الغربي تسمى منطقة جبل طارق. وفيها أنهار كثيرة وعديدة وتتميز بوجود خمسة أنهار كبيرة منها نهر (دويرة) ونهر (شُقر)، ونهر (الوادي الكبير).
- وتعلو سطح الأندلس سلاسل جبلية عديدة أشهرها جبال الثلج في الجنوب، ومتوسط ارتفاعها 3،5 كم.
- كما تعلو في الشمال جبال البيرينية ويسميها العرب جبال (البرانس) ويبلغ متوسط ارتفاعها 3،5 كم أيضاً إلا أنها منيعة جداً، وليس فيها ممرات تذكر فلا تسمح بمرور قوات عسكرية كمجموعات كبيرة إلا ممر واحد، ولذلك كانت هذه السلسلة سداً منيعاً لفرنسة في الجنوب من جهة إسبانية.
- ويفصل بحر الزقاق (مضيق جبل طارق) الأندلس عن الشمال الإفريقي، وهو بحر صغير وضيق عرضه 13 كم، ويستطيع أن يرى الناظر الشط الأوربي من المغرب بالعين المجردة.

- من أقوال العرب في وصف الأندلس:الأندلس شامية في طيبها وهوائها، يمانية في اعتدالها واستوائها، هندية في عطرها وذكائها، أهوازية في عظم جبايتها، صينية في جواهر معادنها، عدنية في منافع سواحلها.

منظر عام من أرض الأندلس

كتاب أخبار مجمعة ويبدو من الكتابة الواضحة قصة الفتوحات لموسى وطارق وعبد الرحمن الداخل
3- سكان الأندلس:
- سكنها الروم منذ عام 201 ق.م، وكان لقب الروم يطلقه العرب على كل الأجناس التي كانت تسكن أوربة.
- وقد هاجمت أوربة بدءاً من القرن الخامس الميلادي قبائل من الشمال تعرف باسم قبائل الفاندال، فأشاعت الذعر والرعب في أوربة كلها، وكانت همجية دمرت كل ما كان من حضارة الروم، فأطبق على أوربة ليل حالك من القرن الخامس إلى القرن العاشر، وكان هذا الليل يزداد ظلاماً وسواداً، يظلم الكبير فيه الصغير، ويأكل القوي فيه الضعيف، ويتسابق الناس في اللهو والفجور، ويتنافسون في الجاه والأموال وأسباب الترف والنعيم، حتى وصلت هذه القبائل إلى الأندلس واستقرت فيها.
- أطلق عليها اسم (فاندلوسيا) لأن قبائل الفاندال قد بلغتها، ومن هذا الاسم اختصر العرب كلمة (الأندلس).

بعض الآثار الرومانية الباقية في مالقة وخلفها قلعة مالقة التي بناها المسلمون


* القوط:
- ثم استطاعت قبيلة أخرى تدعى (القوط) وهي قبيلة همجية كسابقتها جاءت من ألمانية، وسيطرت على الأندلس، وأقامت حضارة استمدت من حضارة الرومان، وحكمت الأندلس ثلاثة قرون حتى أوائل القرن السادس الميلادي، وبقيت تتمتع بقوة عسكرية مدربة وقوية، تقارع الأحداث، وتقف للمواجهات، وتوالى على الحكم ست وثلاثون ملكاً منهم.

أحد المدرجات الرومانية القديمة في إشبيلية
* حياة بائسة:
- وكانت حالة الأندلس وهي تعيش حياة بائسة، زيادة على تسلط الكنيسة وسطوتها، كما كانت حالة الشعوب الأوربية، تستخدم النعرات بين الناس وإثارة الفتن بين مختلف فرق النصارى مصداق قوله تعالى:{ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } المائدة:14، وتؤجج الشعور الديني الكامن في فطرة الإنسان للقيام بالحروب كالصليبية مثلاً.
- كانت الأندلس تشكو الفساد الاجتماعي وعدم الاستقرار، وقد قسم الشعب إلى طبقات عديدة، كطبقة الحكام المترفين والأسرة المالكة. تملك كل شيء، ولها كل شيء، بينما على طبقة سواد الشعب كل الواجبات، ويطلب منها تنفيذ كل أهواء أهل القوة والبطش الذين يستغلون الشعب الذي هو في الشقاء أصلاً لسوء الأحوال المعيشية، فيثيرون الصراع المستمر بين الطبقات ذاتها، وهي حال أوربة بشكل عام.

إحدى القناطر الرومانية على أحد الأنهار الأندلسية


قنطرة رومانية مرممة في عهد فيليب الخامس
4- أشهر المدن الأندلسية:
- في منطقة الجزيرة الخضراء وهي منطقة الجنوب التي تقع شمال جبل طارق مدينة (إشبيلية)، وإلى الشمال الشرقي منها تقع مدينة (قرطبة)، وإلى الشرق منها تقع (غرناطة).
- أما العاصمة (طليطلة) فتقع في وسط الأندلس، وهناك مدن كثيرة أيضاً منها (سرقسطة) في شمال شرق الأندلس قريبة من حدود فرنسة، وتقع (ليون) عاصمة منطقة الشمال الغربي، أما (جيليقية) فتقع في أقصى شمال الأندلس.


أشهر المدن الأندلسية
المصدر: فرسان السنة
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 78 مشاهدة
نشرت فى 5 ديسمبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,498