محمد موافي   |  16-11-2011 23:46

... وآخر الأسبوع ليس كأوله.فمصر كل يوم في حال,وأنا و ربما أنت معي وبعض السامعين لا نرغب في أحاديث السياسة المكررة يوميا,فلما لا تنشغل بعقلك وتفكر معي في عقل مصر,ولكل منا عقله الذي لا يرضى عنه بديلا.يريحه وأراحه ,ولو عُرضت عليه مقايضته بعقل آخر لرفض بكل تأكيد حتى لو كان العرض يشمل دماغ آينشتين,أو رأس ابن حزم.مع أن الراحة الحقيقية لو تعلمون هي افتقاد العقل, فالمجانين في نعيم كما يقول المثل,مع أن مثلا آخر يقول:أصحاب العقول في راحة,بينما تؤكد لنا إحدى أخطر العقليات العربية أنه استراح من لا عقل له,وتلك مقولة داهية العرب الذي شغل الناس وانشغل بالناس,عمرو بن العاص رضى الله عنه.

وعقلي وأنا حر فيه ,ولا أرضى عنه بديلا,وأعتقد- واهما موهوما مخرفا- أنه من أفضل العقول على وجه البسيطة,فهو عقلي يعرف ما أحب وماذا أكره,ويرضيني دائما حتى لو كان في إرضائي مضرتي و مرضي.والنخبة هي المرداف الحالي لعقل مصر , لعقول قيادات المجتمع,وفي اللغة النحبة هي مجموعة الرجال المنتقين والمصطفين والمختارين بعناية.ومصر مريضة هذه الأيام ,ومرضها في نخبتها.يعني في عقلها,وهي لم تنتخب تلك النخبة عبر صناديق انتخاب,بل فرضتهم الفضائيات والجرائد ذات الأهداف والأجندات.وهي نخبة ناجحة في رفع شان بعضها البعض,ويحكي ( باولو كويلهو) على لسان بطل روايته(الظاهر)أن هناك بنكا يسمى بنك المجاملات يعني أن مجموعة من الكتاب والصحافيين قرروا أن يرتفعوا بشأنهم ويغلقوا الباب على من دونهم,فأعضاء البنك يقررون مجاملة أحد أفراده ويكتبون عنه ثم يطلبون منه بعد ذلك أن يكتب عن فلان أو ينتقد فلانا,وهذا بالضبط ما يجري في بر فضاء مصر وصحافتها. فهي مجموعة واحدة قاهرة و أسماء محفوظة فاجرة,يستضيف بعضها بعضا ويستكتب بعضها بعضا.حتى لتجد فلانا ضيفا اليوم ومذيعا غدا ومحللا بعد غد,وطبعا تعرفون أن المحلل هو التيس المستعار.

هؤلاء التيوس الرافعون أنفسهم فوق رؤوس الأشهاد بآرائهم المنكوسة وعقولهم المعكوسة, وقد حولتهم الضجة والطبلة إلى عمالقة .ويعتقدون أنهم متميزون وأن نجاة مصر مرهون بالاقتداء بعقولهم .وأذكر فيهم –والعتب في الخطأ على الذاكرة- كلام الإمام الغزَالي في تهافت الفلاسفة:"رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عن الأتراب والنظراء.بمزيد من الفطنة والذكاء,وقد تجملوا باعتقاد الغريب والغي,لمجرد أن يترفعوا عن مسايرة الجماهير والدهماء...وهؤلاء نقول عنهم:إن البلاهة أدنى إلى الإخلاص من فطانة بتراء,والعمى أقرب إلى السلامة من بصيرة حولاء."

طبعا بعد هذا التغريب والتخريف ستتهمونني في عقلي,ولكن تأكدوا أنه يناسبني جدا وكذلك عقولكم,ومرضنا جميعا في دعوانا,وجلطة مصر في انسداد الشريان الواصل إلى العقل.حيث عششت الحيات في دغلها,والنخبة في جهلها.

[email protected]

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 51 مشاهدة
نشرت فى 18 نوفمبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

308,535