"

 


قطب العربي   |  03-11-2011 01:36

وثيقة علي السلمي حول المبادئ الدستورية مرفوضة " بالتلاتة"، أولا لأنها صدرت ممن لا يملك حق إصدارها، وثانيا لأنها تمثل افتئاتا على الإرادة الشعبية وثالثا لأنها تضمنت نصوصا لا يمكن قبولها، وأهمها الوضع الخاص للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وحقه منفردا في تقرير أي أمر يخص المؤسسة العسكرية وصرف ميزانيتها التي ستوضع رقما واحدا بدون تفصيل في موازنة الدولة، وستكون بعيدة عن أي رقابة شعبية، وكذا النص الخاص بطريقة تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، وتحديد عدد 80 شخصية منها من خارج مجلسي الشعب والشورى بالمخالفة الصريحة لنص دستوري قال الشعب فيه كلمته، ومنح هذا الحق للأعضاء المنتخبين انتخابا حرا ونزيها في مجلسي الشعب والشورى .

الذين صاغوا هذه الوثيقة ليسوا ثوارا، ولم يكونوا يوما أصحاب مواقف ثورية أو معارضة "بجد" للنظام المخلوع، بل كانوا دائما مرتعشين، يخشون "كحة" وزير الداخلية أو ضابط أو حتى مخبر صغير في أمن الدولة، وهم بهذه الروح مستمرون يخشون ظل جندي شرطة عسكرية، ولذلك جاءت صياغتهم باهتة، ومنقوصة، بل ومحافظة على أوضاع قامت الثورة لتغييرها، وأهمها سطوة حكم العسكر الذي جثم على أنفاسنا طيلة 60 عاما، وحان وقت الخلاص منه، مع التقدير الكامل والاحترامات الشديدة لدور المجلس العسكري الحالي الذي انحاز للثورة ، ويسر لها مهمتها، وهو لذلك يستحق التكريم في ميدان التحرير عند تسليمه السلطة للحكم المدني.

قد يكتشف أصحاب هذه الوثيقة يوما أنهم ملكيون أكثر من الملك، بنصهم على وضع خاص للمؤسسة العسكرية يشبه وضع الجيش التركي، والذي ناضلت تركيا كثيرا حتى تخلصت من بعض أعبائه، وقد يظهر لاحقا أن قادتنا العسكريين لا يريدون هذا الدور المنافي للديمقراطية خاصة أنهم تعهدوا أكثر من مرة بنقل السلطة كاملة للحكم المدني دون احتياج لوضع دستوري خاص، ولعلنا نتذكر رد اللواء العصار نائب وزير الدفاع على كل من منى الشاذلي وإبراهيم عيسى في برنامج العاشرة مساء قبل عدة أيام حين سئل عن توقعهم لوضع الجيش في الدستور الجديد فكان رده بأنه سيكون مثل وضع الجيوش في الدول الديمقراطية وهذا يعني بداهة أنه لن يكون وضعا خاصا ومميزا كما نصت وثيقة السلمي، وان سياسات وخطط الجيش ستكون خاضعة للرقابة الشعبية، وان موازنته تخضع للرقابة أيضا، ولا يظنن احد أن هذه الرقابة ستكون قيدا على خطط القوات المسلحة أو تسبيحها أو دورها في حماية الأمن القومي وتأمين الحدود، ولكنها ستكون رقابة لمنع الفساد، والتلاعب بأموال دافع الضرائب في أغراض شخصية لا علاقة لها باحتياجات وخطط القوات المسلحة التي ينبغي توفير كل الإمكانيات اللازمة لها لأداء دورها.

الذين صاغوا تلك الوثيقة ويريدون فرضها علينا، مهددين من يرفضها بأنه يتحمل العواقب، هم الذين سيتحملون العواقب، وعليهم أن يواجهوا غضب الشعب الذي ثار يوم 25 يناير لكرامته ولحريته، وأنجز واحدة من أهم وأعظم ثورات العالم، قدم خلالها مئات الشهداء وآلاف المصابين والمعتقلين، ولن يقبل بأي انتقاص من حريته، أو نكوص عن الحكم المدني الكامل بعد أن ذاق مرارة الحكم العسكري طيلة 60 عاما.

ليس صحيحا أن الإسلاميين بجميع فصائلهم هم فقط من رفض هذه الوثيقة رغم أن هذه القوى تمثل الأغلبية الحقيقية، ولكن هناك قوى ليبرالية ويسارية أخرى رفضت الوثيقة، وقد تابعنا مواقف تلك القوى ومنها المرشحين الرئاسيين الأقوى مثل البرادعي والعوا وعمرو موسى وأبو الفتوح، بينما الذين صفقوا للوثيقة كانوا في غالبيتهم من الفلول وهو ما دعا الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة للانسحاب من الجلسة، وقد دعت القوى الرافضة للوثيقة إلى مليونية جديدة في ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر عقب إجازة العيد، وأتمنى من المجلس العسكري أن يكفينا هذه المليونية عبر إعلان صريح منه يرفض النص على وضع خاص له في الدستور.
 

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 52 مشاهدة
نشرت فى 16 نوفمبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

314,057