صــــلاح الإمام | 22-06-2005 17:42

يجب أن نعترف أننا نعيش أياما عصيبة ، أياما ليست كأيام عشناها نغنى ونصفق ونؤيد ونبارك ، أياما عشناها نفطر على وعود ، ونتناول غذاءنا تصريحات ، ثم نتعشى بالأغانى والأناشيد ، فزمن الطفولة البريئة قد ولى ، والجل تيقظ على صرخات بطنه الخاوية من جوع يمزقها تمزيقا ، وهناك من استيقظ على دماء كرامته المذبوحة بسبب تعطله بلا عمل ، فى حين أن هناك من أيقظته آلام تشرده لعدم وجود مأوى يستره ، والكل محبط ويائس ويطالب بحقوقه فى الحياة ... الكل غاضب .. الكل يغلى .. الكل يصرخ .. لكن لاحياة لمن يستصرخ !! إنها أعراض المخاض ، فالبلد حبلى وعلى وشك الولادة .. لكن الخوف كل الخوف من الوليد القادم ، فلن يكون مثل أى مولود يخرج للوجود بريئا ، بل قد يكون وحشا كاسرا لا أظن أنه سيكون له عزيز يبقى عليه .. وقد لايجد من يقف أمامه ليحول دون دماره ونيرانه .. أمارات هذا المخاض واضحة للعيان .. يراها القاصى قبل الدانى .. فالكل يرى ملايين المتعطلين بلاعمل ، والمشردين بلا مأوى ، والمظلومين بلا مجير ، والفاسدين بلا رادع ، والمداعرين بلا خجل ، وكلها أدران مجتمع مهلهل ، يمثل وقودا مناسبا لغضبة كبرى ، باتت على وشك الإنفجار . أمارات المخاض الذى أعنيه ، أضحت واضحة للقاصى والدانى ، والنيران التى أخافها أرسلت رسلها ، أرسلت دخانها ، من خلال تلك الاصوات التى بدأت خافتة ثم مافتأت أن باتت عالية ، يرددها الكل بلا استثناء ، يرددها الضعيف قبل القوى ، والصغير قبل الكبير، والغنى قبل الفقير ، لأننا ماعرفنا نارا تفرق بين هذا وذاك . دخان الغليان يتصاعد ويزداد يوما بعد يوم ، فتلك مظاهرة فى الأزهر وأخرى فى قلب العاصمة ، وثالثة فى الجامعة ، وفى المدن البعيدة عن القاهرة ، بل وفى خارج مصر .. يحدث هذا فى زمن الفضائيات والإنترنت ، فى زمن جمعيات ومراكز حقوق الإنسان .. فى زمن الأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين ليس لهما صلاحيات إلا على دول العالم الثالث وفقط .. فى زمن بوش وكونداليزا .. فى زمن الباتريوت وكروز !!! ثمة بصيص من أمل فى تجنب كل هذا ، إذا أسرع أصحاب هذا البلد فى إصلاح أدرانها ، وإعادة صياغة حاضرها ، ولن يتأتى ذلك إلا بتطهيرها من الفساد المستشرى فى أوصالها ، وإبرام عقد إجتماعى جديد يكفل للجميع حقوقه ، كنوع من المصالحة الوطنية التى تفرض نفسها فى الظروف الحرجة التى تمر بها الأوطان ، ومن يتقاعس عن ذلك يسلب منه حق المواطنة . أتصور أن القيادة السياسية للبلاد تدرك ذلك جيدا ، وقد تكون بصدد إبرام عقد مصالحة مع كافة القوى الموجودة على الساحة ، لكنى أيضا متأكد أنها لن تنجح ، لأنها تتبع سياسة النفس الطويل ، وهى سياسة ليس هذا وقتها ولا زمانها ، وقديما قالوا إن بطء العدالة نوع من الظلم ، وقياسا على ذلك فإن بطء الإصلاح درب من الجريمة ، وقد يكون فيه فرصة لأن يهرب من عاثوا فى وطننا فسادا وإفسادا ، وبذا يكون البطء عاملا فى زيادة الطين بلة . على الكل أن يدرك مدى حرج هذه الأيام ، ويسمو فوق ذاته ، ويؤثر مصلحة الوطن ، فالجانى لن يزيد من مجده طول عمره لساعات أو أيام ، لكن المجنى عليه قد ينتقص من حقه إذا تأخرت العدالة عن القصاص ، وإذا كان المجنى عليه شعبا بأكمله ، فإن صبره على الشقاء لساعات أو أيام أخرى لن يضيره كثيرا ، لأن البديل هنا سيكون أمرا جللا نعجز عن رسم تصور له ، وكما قلت فنحن فى زمن بوش وكونداليزا ، فى زمن باتريوت وكروز .. فى زمن الجزيرة والحرة . [email protected]

 

المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 39 مشاهدة
نشرت فى 17 أكتوبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,533