الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله .. وبعد ..



" إن الله تعالى بحكمته نَوَّع العبادات على الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، وأقوم سبلاً ، فإن الناس يختلفون في مواردهم ومصادرهم ، فمنهم من يتقبل القيام بنوع من العبادات لأنه يلائمه ولا يتقبل النوع الآخر لأنه لا يلائمه ، فتجده في النوع الأول منقاداً مسرعاً ، وفي الثاني متثاقلاً ممانعاً ، والمؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما يرضي مولاه لا لما يوافق هواه .
ومن تنوع العبادات تنوع أركان الإسلام ، فمنها ما هو بدني محض يحتاج إلى عمل وحركة جسم كالصلاة ، ومنها ما هو بدني لكنه كف عن المحبوبات التي تميل إليها النفس كالصيام ، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة ، ومنها ما هو بدني مالي كالحج .
فالحج جامع للتكليف البدني والمالي ، ولما كان يحتاج إلى سفر وتعب أكثر من غيره لم يوجبه الله تعالى في العمر إلا مرة واحدة ، ونص على اشتراط الاستطاعة فيه ،


والاستطاعة شرط للوجوب فيه وفي غيره ، لكن الحج أمس بها من غيره ،
هذا وللحج فوائد عظيمة منها :


1- أنه قيام بأحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها ، وهذا يدل على أهميته ومحبة الله له .
2- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله ، ولذلك ذكره الله تعالى بعد ذكر آيات الجهاد . وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألته هل على النساء جهاد ؟ قال : (نعم؛ عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة) .
3- الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن قام به على الوجه المشروع ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال : (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجة .
4- ما يحصل فيه من إقامة ذكر الله وتعظيمه وإظهار شعائره مثل التلبية ، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار وما يتبع ذلك من الذكر والتكبير والتعظيم ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) .
5- ما يكون فيه من اجتماع المسلمين من جميع الأقطار وتبادل المودة والمحبة والتعارف بينهم ، وما يتصل بذلك من المواعظ والتوجيه والإرشاد إلى الخير والحث على ذلك .
6- ظهور المسلمين بهذا المظهر الموحد في الزمان والمكان والعمل والهيئة ، فكلهم يقفون في المشاعر بزمن واحد ، وعملهم واحد ، وهيئتهم واحدة ، إزار ورداء ، وخضوع ، وذلك بين يدي الله عز وجل .
7- ما يحصل في الحج من مواسم الخير الديني والدنيوي وتبادل المصالح بين المسلمين ، ولذلك قال الله تعالى : (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) الحج/28 . وهذا يعم منافع الدين والدنيا .
8- ما يحصل من الهدايا الواجبة والمستحبة من تعظيم حرمات الله ، والتنعم بها أكلاً وإهداء وصدقة للفقراء ، فمصالح الحج وحكمه وأسراره كثيرة"





المصدر: مجموع فتاوى ابن عثيمين" (24/239) . الحمد لله والصلاة و السلام على رسول الله .. وبعد .. " إن الله تعالى بحكمته نَوَّع العبادات على الخلق ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، وأقوم سبلاً ، فإن الناس يختلفون في مواردهم ومصادرهم ، فمنهم من يتقبل القيام بنوع من العبادات لأنه يلائمه ولا يتقبل النوع الآخر لأنه لا يلائمه ، فتجده في النوع الأول منقاداً مسرعاً ، وفي الثاني متثاقلاً ممانعاً ، والمؤمن حقاً هو الذي ينقاد لما يرضي مولاه لا لما يوافق هواه . ومن تنوع العبادات تنوع أركان الإسلام ، فمنها ما هو بدني محض يحتاج إلى عمل وحركة جسم كالصلاة ، ومنها ما هو بدني لكنه كف عن المحبوبات التي تميل إليها النفس كالصيام ، ومنها ما هو مالي محض كالزكاة ، ومنها ما هو بدني مالي كالحج . فالحج جامع للتكليف البدني والمالي ، ولما كان يحتاج إلى سفر وتعب أكثر من غيره لم يوجبه الله تعالى في العمر إلا مرة واحدة ، ونص على اشتراط الاستطاعة فيه ، والاستطاعة شرط للوجوب فيه وفي غيره ، لكن الحج أمس بها من غيره ، هذا وللحج فوائد عظيمة منها : 1- أنه قيام بأحد أركان الإسلام التي لا يتم إلا بها ، وهذا يدل على أهميته ومحبة الله له . 2- أنه نوع من الجهاد في سبيل الله ، ولذلك ذكره الله تعالى بعد ذكر آيات الجهاد . وثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة حين سألته هل على النساء جهاد ؟ قال : (نعم؛ عليهن جهاد لا قتال فيه ، الحج والعمرة) . 3- الثواب الجزيل والأجر العظيم لمن قام به على الوجه المشروع ، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) وقال : (من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) , وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الحجاج والعمار وفد الله ، إن دعوه أجابهم ، وإن استغفروه غفر لهم) رواه النسائي وابن ماجة . 4- ما يحصل فيه من إقامة ذكر الله وتعظيمه وإظهار شعائره مثل التلبية ، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة ، والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ، ورمي الجمار وما يتبع ذلك من الذكر والتكبير والتعظيم ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) . 5- ما يكون فيه من اجتماع المسلمين من جميع الأقطار وتبادل المودة والمحبة والتعارف بينهم ، وما يتصل بذلك من المواعظ والتوجيه والإرشاد إلى الخير والحث على ذلك . ابن عثيمين
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 14 أكتوبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

319,163