فتنة التليفون ـ إيمان القدوسي


إيمان القدوسي   |  08-10-2011 00:39

إذا حرصت الفتاة بشدة علي تليفونها فهي في حالة حب ، اتصالات ـ رسائل ـ رنات وأشياء أخري ، المشاعر يمكن صبها في أي قالب لتتخذ شكله وتتحد به ، انتهي زمن رسائل الغرام المكتوبة والمظروف المعطر ، ونحن في عصر تعددت وسائله ( هواتف وإيميلات وشات) ولكن التليفون المحمول تحديدا هو مرسال الغرام .



إذا كان الحب حلالا بين عروسين فهنيئا لهما بالتكنولوجيا التي تساعدهما علي التواصل المستمر ، وقد اتسعت الدائرة لتشمل ( قدامي الأزواج ) رغم أنهم في أعمار متقدمة ولكنهم ينعشون العاطفة ويحركون ركود السنين بالوسائل العصرية ، وخاصة الرسائل صار للجميع ولع بها ، فهي تحرك الخيال وتنفخ في رماد الشعلة الذهبية للزواج .



تغير شكل ومضمون كلام الزوجات فهي تقول ( أرسل لي و أرسلت له ) ولا تقول ( قال لي وقلت له ) ثم تؤكد أقوالها وهي تضغط علي أزرار التليفون ( اقرأي بنفسك إذا كنت لا تصدقين ) صار الكلام موثقا يمكن الرجوع إليه عند اللزوم وليس كلاما ينطلق في الهواء ثم يطير ، وفي ذلك ميزة الاحتفاظ باللحظات والكلمات الحلوة لاستعادتها كلما شئنا ولكن هل تطالعينها وحدك ؟ ولماذا لا يتم محوها بعد قراءتها من باب الاحتياط ؟



المشكلة الحقيقية عند البنات فهي تنفرد بالتليفون في حجرتها وتغلق بابها ويطمئن بابا وماما علي أنها في سابع نومة وتبدأ وصلة الحب في التليفون ، تنساب مشاعرها الجياشة بلا حدود ويصنع التليفون خلوة شاعرية افتراضية تري الحبيب بعين الخيال هو الأجمل والأفضل والأنبل وتصنع معه بيتا نوافذه مرمر وستائره حرير وهكذا يخرج مارد الحب من قمقم مشاعرها ويتضخم بعد تحرره من سجنه الطويل ويتحكم هو فيها بعد أن كانت تتحكم فيه .



في التليفون يقنعها أن حبهما نادر لايتكرر وتنشأ بينهما رابطة خاصة فيها متعة السرية والخصوصية وبهجة الخيال وسهولة التخفف من أثقال الواقع ، فلا هو فتح بيتا من كده وتعبه ولا هي تحملت مسئوليات ذلك البيت ، كل هذه الأثقال علي بابا وماما أما الفتي والفتاه فيكفيهما تبادل العاطفة المشبوبة والتفنن فيها ، وسرعان ما يتطور الأمر إلي موعد فلقاء .



اللقاء الأول يمثل صدمة بشكل ما فهي في أول خروجه معه تلاحظ أن مظهره ليس علي ما يرام ثم تتأفف من شعره المصفف بالجيل ذو الرائحة النفاذة ، وربما تلاحظ ذلك الثقب في حذائه الرياضي المضروب ، هو أيضا يلاحظ حدة نظراتها التي تجعل الكلام يقف علي طرف لسانه ويؤلمه قوامها غير المتناسق ورائحة عطرها الرخيص . كل منهما يقول في نفسه في التليفون أحلي و أبهي .



تعود إلي بيتها وقد ملأها الإحساس بالذنب ، تنظر لعيون بابا وماما بندم و ألم ، وعندما تنفرد بنفسها في حجرتها تنظر لاسمه علي تليفونها بشئ من النفور وتشعر أن مارد الحب قد تصاغر وتهاوي وكاد ينقشع ، تفاجأ باتصاله فترد بصوت بارد ( لا يمكن أكرر الغلطة مرة أخري لن أخرج معك ولا تتصل لأن ظروفي صعبة ) ولكنه يفاجئها إذا كنت خائفة من والدك فبإمكاني الحضور إليه وأجعله يقرأ رسائلك ويسمع مكالماتك المسجلة ليشفق عليك ويعرف كم تحبينني وتصعق الفتاة .



تبدأ البنات هذه اللعبة الخطرة في سن مبكرة جدا وأحيانا تكون بداية لضياع مستقبلها إذا لم تكن الأم واعية وتسيطر بحكمة علي الموقف ، ولكن إذا كانت الأم تجلس لتكتب رسالة لزوجها رغم أن موعد عودته من العمل اقترب فإنها غالبا لن تلاحظ ، ما دمنا صرنا أمهات والبنات كبرت علينا ممارسة دور الأم فقط أمام البنت ولتكن أي عاطفة خاصة مع الأب بعيدا عن عينيها وأذنيها أيضا ،علينا الحفاظ علي صورة الأم الفاضلة وهيبتها ، البنات يقرأن رسائل الأمهات ويقلدنها ، ويسمعن شكواها منه في التليفون لأختها أو صديقتها واهتمامها بأنه لم يعد يحبها وأن رسائله كذا وكذا ، ويتأثرن بمظهر الأم داخل البيت وهي تبدو كالمراهقات ولا تبالي بحساسية ابنتها ،صحيح هناك فارق كبير ولكن القارورة الصغيرة الهشة تحتاج المزيد والمزيد من الحذر ، لا تتأثر البنت كثيرا برسائل التربية المباشرة ولكنها تتأثر جدا بما بين السطور وتتأثر بالقدوة وتتأثر بالشغل الشاغل لأمها ، تحتاج البنت صورة الأم المحترمة المتحفظة في مظهرها ومسلكها ، فإذا تساهلت الأم فإن عيون البنت معلقة بها .

[email protected]
المصدر: المصريون
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 49 مشاهدة
نشرت فى 8 أكتوبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

314,279