وا إسْلاماه بين الصليب والتتار( المغول ){ الفصل الثامن عشر } مَوْتُ السلطان و حمْلة الصليب

دَوامُ الحال من المُحال!فسبحان مَنْ لهُ الدَّوام.فقد تغَيَّرَت الأحْوال!واخْتلفَ الشيْخُ مع السلطان!فعزل نفسه من القضاءِ!واعْتَزَل الناس إلاَّ يوْم الجمعة حين يخطب على مِنْبَر جامع عمرو! وعَلِمَت الوُّشاةُ بما بين الحبيبين فأفْشَيْن السِّرَّ لِشجَرَةِ الدُّرِّ،التى تَوَعَّدَتْ جُلْنار بأن ترفعَ أمْرها إلى السلطان إذا هِىَ عادتْ لِما نُهِيَتْ عنه.وبعثت الملِكَة إلى أيبك بما كان من مملوكه وأوْصَته أن يتَّخِذَ رسولا غيْرَهَ إلى قلْعة الجبل. حِفْظا لِحُرْمة السلطان الغَيُور واتِّقاءً لِغَضَبِهِ. فَصَدَعَ بأمْرها،وتلَطَّفَ مع مَمْلوكِهِ العزيز عليْه الأثير عِنْدَهُ فعاتبه عِتاباً جميلاً على ما كان منه.ـ.واشتاق قطز أنْ يرَى شيْخه لِيَبُثَّه ما فى قلبه، فزاره سِراً،ففرح به الشيخ،ولكنه نصحه ألاَّ يعود لِئَلاَّ يتغيَّر عليه أستاذه أيبك!ووعده بأنه سيدعو الله له فى سِرِّهِ،وأوْصاه بالصبر حتى يجعلَ اللهُ لهُ مخْرَجًَا فيجمع شمْلَهُ بِحبيْبته.ـ.وعاد قطز من عند الشيخ بقلبٍ راضٍ ونفسٍ مُطْمَئِنة..وهكذا حِيْلَ بين الحبيبين!! ـ ومرَّت السنون. وأخذ الملك الصالح نجم الدين أيوب يُجَرِّدُ الحمْلة تلْوَ الحمْلةِ، ليفْتحَ بلادَ الشام ويضمَها إلى سُلْطانه..فاستوْلى على غزة والسواحل.والقدس ثم سَلِمَتْ له دمشقُ وهرب عدوُّهُ الملك الصالح عماد الدين إسماعيل إلى حلب حيْثُ استجارَ بِصاحبها الملك الناصر فأجاره!!.ـ.وكان الملك الصالح نجم الدين أيوب شُعْلةً من النشاطِ لا يهْدأ ولا يستريحُ!! توْسِعَةً لِمُلْكِهِ وتنظيما وتجميلاً وعُمْراناً.ـ.فبَنَىَ القصورَ والقلاعَ والجوامعَ والمدارسَ!! وعَمَّرَ ما لم يُعَمِّرْ أحدٌ من سَلَفِهِ!!!! حتى وَهَنَتْ قُوَّتُهُ وساءت صِحَّتُه!! فانتقل إلى دمشق ليسْتشْفِىَ بِهَوائها!! عملاً بنصِيْحَةِ أطِبَّائه.ـ.حتى يبْرَأ من عِلَّتِهِ.ـ.وانتقلت معه الملكة شجرة الدُّرِّ وحاشِيَتُها وَوَصِيفاتها وفيهن جُـــلْنار الحبيبة.فتمزَّق قلْبُ قطز لِفِراق حبيبته بعد أن نأت(بعُدت) بها الدار عن مصر وتذكَّر الأيامَ الخوالى(فى قصر الشيخ غانم المقدسى حين ترعرع الحب).

وشعر الصليبيون بالخطر الذى يتهدد إماراتِهِم بالشام، فانْتهَزُوا فُرْصَةَ إقامَةِ الصالح نجم الدين أيوب بدمشق بعيدا عن مصر. لِيُغِيْروا عليْها بِسُفُنِهم من البحر. وكاتبوا لويس التاسع ملك فرنْسا. فأبْحر إلى الشرق يقود بنفسه حملة صليبية كبيرةً، بأساطيل وجيوش عظيمة لِمُهاجَمَةِ مصر. وهنا خرج الشيخ المُجاهِد عِزُّ الدين ابن عبد السلام من عُزْلَتِهِ ـ فتزعَّمَ حركة الدَّعْوَةِ إلى الجهادِ فى سبيل الله.ـ.وَحَضَّ الأُمراءَ على التَّجهُّز لِمُلاقاةِ الصليبيين المعتدين.ودفْعِهم عن بلادِ الإسلام.ـ. ونَسِىَ الشيخ المُجاهد ما بينه وبين السلطان من خُصومةٍ...فكتب إليْه أنْ يُسْرعَ بالرجوع إلى مصـــــــر لِئلا تُفْتَح بلادُ المسلمين وسلطانهم لاهٍ باستشفائه!!!!!!!!!!فقال فى كتابه[[ إنَّ الإسْلامَ فى خطر. وصِحَّة السلطان فى خطر. والإسلامَ باقٍ. والسلطانَ فانٍ فى الفانين. فلْينْظُرْ السلطانُ أيَّهُمَا يؤثِرُ.]] فلما قرأ السلطانُ كتابَ الشيخ بكى!!وعجَّلَ بالرحيل. فعاد إلى مصر محمولا على مَحفَّة لشِدَّةِ مَرَضِهِ!! ولم يقصد القاهرة ، بل نزل فوْراً بأشْمون طناح(أشمون الرِّمال) ليكونَ على قُرْبٍ من خطٍ الدفاع..ولم يسْترحْ السلطانُ من عناءِ السفر!! بل شَرَعَ(بدأ) فشحن دمياط بالأسلحة والأقْوات(الطعام) استعداداً للدفاع ـ ثم سيَّر السلطان العساكرَ إلى دمياط، وجعل على قيادتها قائدَه الأميرَ فخر الدين ابن شيخ الشيوخ...

وأقْبلت أساطيل الفرنج، تحمل جموعهم العظيمة، بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع.ـ.وانضمت إليهم سُفُنُ الفرنج من ساحل الشام كله.ـ.وأرسل ملك الفرنج إلى السلطان كتابا كله وعِيد وتهديد.ـ.فلما قُرِئ الكتابُ على الملك الصالح نجم الدين أيوب، اغروْرقت عيْناه بالموع! لاجزعاً ، بل أسفاً وحَسْرَةً!!!!!!!!! على أن يَحُولَ مرضُهُ دون ما تشتهى نَفْسُهُ من كمال الجهادِ ليدْفَعَ هذا الخطبَ العظيم بنفسهِ عن مصـــر وبلادِ الإســلام. وما لبث الفرنجُ أنْ أنزلوا جيوشهم فى البر، وضُربت لِمَلِكِهم خيْمةٌ حمراء..وجرت مناوشاتٌ بينهم وبين المسلمين..ووقع القائد فخر الدين فى خطإٍ قاتلٍ!!! إذ سحب العساكر ليلاً من دمياط..فارتاع(خاف) أهُلها، فتركوا ديارهم وخرجوا كأنما يُسْحبون على وجوههم ليلا هاربين إلى أشمون.بما معهم من الأطفال والنساء،حتى صارت دمياط خاوية، فدخلها الفرنج فى الصباح،واستولوا على ما يها من السلاح آلات الحرب،والعُدد والأقوات والذخائر والأموال،والأمْتِعةِ غنيمة باردة.ـ.وبلغ السلطان الخبر،فغضِب وحزن حزناً شديدا..وقال للأمير فخر الدين:( وَيْلكم أما قدرتم أن تقفوا ساعة بين يدى الفرنج؟؟)وأمر بالرحيل إلى المنصورة..فأمر بتجديد الأبنية وإقامة الأسواق وإصلاح الجسور على بحر النيل.ـ. وأقبلت الرجال المقاتلة،والمجاهدون المتطوعون الذين لبوا دعوة الشيخ المجاهد، وجاءت جُموع العُرْبان،فأخذوا يشنون الغارات على الفرنج..ـ..لكن العِلة قد اشتدت على السلطان..ـ..وأحسَّ دنوَّ الأجَل..ـ..فما أذْهَلَهُ ذلك عن التفكير فى مصلحة الدين والوطن!!! فأوْصَى زوْجته شجرة الدُّرِّ ومن يثق بهم من رجاله أن يكتموا موْته إذا بلغ الكتابُ أجله(مات).لِئلا تضْطرب قلوب المسلمين،وتذهب ريْحُهُم!!!!!وأمْضى(وقَّعَ باسْمِهِ)عشرة آلاف إمْضاء على ورق خالٍ(لم يكتب فيه شيئا) ليستعان بها فى المكاتبات، على كتمان موْته، حتى يقدم(يحْضر) ابنه وولِىُّ عهْدِهِ توران شاه، من حصن كيفا...ـ..وأسلم الملك الصالح نجم الدين أيوب رُوحَهُ إلى الله ، وهو يذكُرُهُ سبحانه ويسْأله أن ينصر عباده المسلمين، وأن يحْمِىَ بَيْضَة دينه(مصــــــر) وما عنده إلا زوْجَتُهُ وطبيبه!!!! فماذا بعد.. نكمل إن شاء الله.

عبد القدوس عبد السلام العبد  موبايل   01092255676

المصدر: كتاب وا إسلاماه للأستاذ( على أحمد باكثير )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 38/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
12 تصويتات / 255 مشاهدة
نشرت فى 4 مارس 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,292