قُطوفٌ من هامش السيرة { الفصل الثالث } ـ سمراء وكنز الأحزان ـ

عرفت سمراءُ ألمَ الحُزْنِ منذ اُحتُفِرت زمزم، ومنذُ ظهر حِرْصُ زوجها على كثرة الولد، ومنذ خطب فاطمة بنت عمرو بن عائذ المخزومى. فقد أحبها وانصرف إليها، وكَلِفَ بها أكثر مُنْذُ كثُرَ ولد فاطمة من البنين والبنات. ومع ذلك فقد كانت سمراء ذكية بارعة فى إظهار جمالها لزوجها وتعرف كيف تخفى عن زوجها ما يكره، وكيف تلقاه بما يحب.            لكن يوما أقبل يحمل إلى سمراءَ شرَّا ليس فوقه شرّ. وألما ليس بعده ألم. حتى أظلمت حياة  سمراء كلها.  يومٌ مضى بموت ابنها الوحيد(الحارث) فأذاقها مرارة الثكلِ والوحدة. لكن لا شىء يبقى مع الأيام. لا الحب ولا الشباب ولا الجمال. فأذعنت ( خضعت ورضيت ) لحكم القضاء، واحتفظت لنفسها بهذا الكنز الحزين من الذكريات.                                   وتزوج عبد المطلب بهالة بنت وهيب أحدث زوجاته. ومن قبلها نُتَيْلة. رغبة فى كثرة الولد. وانصرف عن سمراء وتركها لأحزانها وذكرياتها.   وبخاصة بعد أن ذهبت ( غارة بنى أسد ) بأبيها وأخيها وأصبحت أمها وأخواتها  إماءً ( سبايا حرب وخادمات ) فى ديار بنى أسد. ولم ينهض أهلها من بنى عامر للثأر. فغدت سمراء الجميلة عجوزا فانية يتيمة وحيدة

علمت سمراء من جاريتها( ناصعة) أن عبد المطلب الذى عاد من رحلة الشتاء إلى اليمن كأحسن ما يكون شبابا وقوة يُمتحن فى بنيه. فهو محزونٌ بما يجعله أهلا للرثاء والعزاء. ثم ذكّرتها بما نذر به عبد المطلب وأقسم عليه يوم احتفر زمزم. لئن أوتى من الولد عشرة ذكورا..... فقالت سمراء: يراهم بين يديه ليُضحّينَّ بواحد.. يا بؤس هذا اليوم.. لقد عرفت هذا النذر فكان مصدر شقائى كله. عرفت أنه سيكثر من النساء ورأيت كأن مُدْية ( سكين ) التضحية ممدودة إلى عُنُقٍٍٍ قد يكون عُنُقَ ابنى الوحيد. منذُ ذلك اليوم كرهت النساء جميعا. ورأيتُ فى كلٍ واحدةٍ منهن ضُرّة لى ورأيتُ شبح الموت مقيما بهذا البيت. ثم قالت: أتمى حديثك يا ناصعة. قالت الفتاة: لقد ذكر زوجك أمس وهو يتحدث إلى فاطمة نذره هذا وذكر أن أبناءه الذكور بلغوا عشرة أحياء. يراهم بمولد طفله حمزة ـ فأقسم ليُوفينَّ نذره وليُضحّينّ بأحد أبنائه. وليجعلنّهم تسعة منذ اليوم. حتى تُتِمهم له هالة أو نُتَيْلة أو فاطمة أو غيرهنّ ـ عشرة أو تزيد ـ فجزعت كلُّ نسائه وكلُّ بناته على الأبناء والإخوة. { فاطمة. أم الزبير وأبى طالب وعبد الله وغيرهم من بنيها ـ ونُتَيْلة أم العباس ـ وهالة أم حمزة } وثارت لكلِّ امرأة قبيلتها. وألحَّ الناس على الشيخ ـ تأبى كل قبيلة أن تكون التضحية منها ـ وجمع الشيخ بنيه وأنبأهم بنذره فكلّهم أقرّه وكُلّهم أطاعه. وكُلهم ألحَّ عليه لَيُوَفِّينَّ بالنذر ولَيُقَدِّمنّ التضحية .

ثم قالت الفتاة: ثم أقبل الشيخ ببنيه إلى الكعبة مع الصبح ـ فأجال فيهم القداح ـ فخرج على أحبِّ بنيه إليْه وآثرهم عنده ـ فقالت سمراء وقد سالت من عينها دمعتان محرقتان: خرجت القداح على عبد الله !!! ؟ قالت الفتاة : نعم ...... فماذا بعد .. نكمل إن شاء الله فى شأن عبد الله ...

عبد القدوس عبد السلام العبد  ـ موبايل  01092255676

المصدر: كتاب على هامش السيرة ( د / طه حسين )
abdo77499

مدير مرحلة تعليمية بالمعاش بدرجة مدير عام

  • Currently 31/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 173 مشاهدة
نشرت فى 1 يناير 2011 بواسطة abdo77499

ساحة النقاش

Abd Elkodous Abd Elsalam

abdo77499
»

فهرس موضوعات المقالات

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

75,290