شهر مارس هو بداية الربيع والمرأة هي اصل الربيع وحظيت المرأة في هذا الشهر بيومها العالمي وهو الثامن من مارس وكذلك يوم الام وهو الحادي والعشرين من ذات الشهر فشهر مارس هو للمراه ربيعها كما هو ربيع العام وان كان من المفترض ان نحتفل ويحتفل العالم بالمراة طوال ايام السنة وهذا العام ياتي اليوم العالمي للمراة وهي استاذة جامعية ومعلمة اطفال ومدرسة رجال ومهندسة في مصنع وطبيبة في مستشفي ومحامية ومدافعة عن المظلومين وكذا هي سفيرة ووزيرة واصبحت عمدة قرية وقاضية ونائبة برلمان وكل هذا نجاح لها نؤيده ونباركة ولكن مع تهنئتي لجميع نساء العالم بيومهن العالمي احب ان اهمس في آذان النساء وأذكرهن ببنت نبي الله شعيب وأدعوها لتستمتع بهذه القصة وتنهل من معانيها
صافورا بنت شعيب
( العفيفة الحيية )
1ـ البنت العاملة :
هى إحدى ابنتى نبى الله شعيب عليه السلام ، عاشت فى مدين ، وهى مدينة تجارية تقع ما بين المدينة المنورة والشام آنذاك ، ويقع بها البئرالذى استقى منه موسى عليه السلام لماشية شعيب ، وكان ما بين مدين ومصر مسيرة ثمانية أيام كما روى الطبرى فى تاريخه .
بعد أن فر موسى عليه السلام من مصر واستقر بمدين بعيدًا عن بطش فرعون ، جلس عند هذه البئر ، وكان الغرباء يتجمعون كعادة البلدة عند البئر ليستضيفهم أحد أهلها .
وعند البئر وجد موسى من دون الناس بنتين تكفّان غنمها عن الماء ، حتى إذا انتهى الناس تبدأ البنتان تسقيان غنمها ، كانت البنتان هما ( ليا الكبرى ) و ( صافورا الصغرى ) وهذه كانت رحلتها اليومية فى العمل ، وما فعلا ذلك إلا لضعفهما ، ووجود من هو أقوى منهما على البئر ، وكانتا تكرهان مخالطة الرجال ، وما أخرجهما إلى العمل إلا قولها : إن أبانا شيخ كبير , لا يستطيع أن يأتى ليرعى , لضعفه , وكانت صافورا الصغرى تشارك أختها الكبرى ليا ، وقد رسمت البنتان لكل فتاة صالحة شروط المشاركة فى العمل عند الضرورة لمساعدة أسرتها ، وقد أفصح القرآن على لسانهما هذه الشروط حينما سألهما موسى الشاب : ( ما خطبكما ؟ ) , يقول تعالى : { ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ، ووجد من دونهم امرأتين تذودان ، قال : ما خطبكما ؟ قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } القصص : 23 ـ 24 .
2ـ ثمرة صلاح البنات :
حينما حافظت صافورا وأختها ، على صلاحهما ، أوجد الله لهما الشاب القوى الذى آتاه الله بسطة العلم وفى الجسم ، نبى الله موسى عليه السلام ، الذى رفع صخرة لا يقدر على رفعها إلا بضعة رجال ، فسقى لهما ، وكان قد أضناه الجوع من السفر ، وكان الوقت حرًا شديدا ، وقد زاد على ذلك تعبه فى رفع الصخرة ، والسقاية لهما ، وقد ذكر جميع المؤرخين أن موسى عليه السلام لم يذق طعامًا منذ سبعة أيام .
وبعد أن سقى لهما وهو على هذه الحال , أوى موسى إلى ظل شجرة قريبة من البئر ، يقول القرآن الكريم :
{ فسقى لهما , ثم تولى إلى الظل ، فقال : ربّ إنّى لما أنزلت إلىّ من خير فقير } القصص 24 .
3ـ صراحة البنات :
عندما عادت صافورا مع أختها إلى أبيهما ، استغرب هذه العودة المبكرة على غير العادة ، فسألهما الأب : عدتما اليوم سريعًا على غير عادتكما ما الخبر ؟!.
وفى صراحة وهدوء ، يكون الصدق هو الرائد ، فالصدق منجاة ، وهو الذى يفتح أبواب الخير كلها ، فكان حديثهما عن أمر الرجل الذى سقى لهما بكل وضوح ، ودون مواربة أو لف أو دوران ، وفى هدوء ويقين بسبب صدق البنات وصراحتهن : يقول الأب : الحمد لله رب العالمين .
ثم قالت صافورا لأبيها :
( يبدو يا أبى أن هذا الشاب الكريم أتٍ من مكان بعيد ، وأعتقد أنه جائع ) فقال الأب لصافورا : يا ابنتى اذهبى إليه وادعيه ، وقولى له : ( إن أبى يدعوك ليجزيك ـ يكافئك ـ أجر ما سقيت لنا ) القصص : 25 .
لقد توافق صدق صافورا مع أبيها ، مع دعاء الشاب موسى ، حينما ناجى ربه : { ربّ إنى لما أنزلت إلىّ من خير فقير } القصص : 24 .
أن وفق الله له مَنْ يضيفه ويسد حاجته ، وفي سرعة تلبية الأب ، حينما أرسل صافورا إليه ، وهو لم يزل فى مكانه ، وقد ذكر ذلك كل من الماوردى وابن الأثير .
3ـ لقاء الحياء :
يصور لنا الله تعالى فى كتابه ، كيف جاءت صافورا إلى الشاب موسى ، حينما انطلقت تدعوه إلى أبيها ، يقول تعالى : { فجاءته إحداهما تمشى على استحياء } القصص : 25 .
فهى أول بنت يمتدحها الله بالحياء ، بل وصفها بالحياء ، فكان الحياء أجمل الأزياء التى ترتديها البنات ، بل إن مدح الله لصافورا ( على استحياء ) معناه المبالغة فى الحياء ، فقد تجاوز الحياء إلى استحياء ، وهذا هو مدح ربانى شرفت به صافورا ، وهو دليل على عفتها وتقواها وطهارتها ، ومن ملامح استحياء البنات , والتى فعلتها صافورا :
ـ فمشيتها مشية الحياء ، يقول أبو السعود : تمشى غير متبخترة ولا متثنية .
ـ وكلامها كلام الحياء ، ففى أدب جم ، تنقل صافورا رسالة أبيها ، كما هى : { إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } القصص : 25 .
ـ حديثها يحمل الأدب والطُهر والعفاف ، والوضوح والبساطة , دون تلعثم أو ريبة أو تبذل .
ـ تربيتها تربية صالحة وقويمة , تدل على فطرتها السليمة ، فهى واثقة من نفسها وعفافها ، وقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم , تربية البنات سببًا فى دخول الجنة والنجاة يوم القيامة ، فيقول : [ من عال جاريتين ـ بنتين ـ حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو ـ وضم أصابعه ] رواه مسلم .
ـ نسبت الدعوة لأبيها ، وأوضحت غرض الدعوة ، حتى لا تذهب الظنون بها .
وهكذا كان أول لقاء بين موسى وصافورا , التى اختارها زوجة له , وكان سبب ذلك : ( الحياء ) .
4ـ حياء الفتاة مع عفة الشاب :
إنما جزاء الإحسان يكون دائمًا هو الإحسان ، فحياء صافورا كان مغناطيسًا جذب عفة الشاب موسى عليه السلام ، حينما استجاب لدعوة أبيها الرجل الصالح ، ثم صحب صافورا إلى بيت أبيها ، ولما كان ثالثهما الله تعالى ، فتحركت العفة عند موسى , تسبق خطواته ، فقال لصافورا فى بداية السير : ( يا أمة الله ، كونى ورائى ، ودلّينى على الطريق يمينًا أو يسارًا ) ، كما قال القرطبى .
وكان من بركة هذه العفة ، أن الله تعالى يسّر لموسى مقابلة أبيها : { فلما جاءه وقصّ عليه القصص , قال : لا تخف نجوت من القوم الظالمين } القصص : 25 .
وهكذا أمِن موسى من بطش فرعون , حيث كانت مدين لا تقع فى ملك فرعون .
5ـ ماذا تريد البنات فى زوج المستقبل ؟
هذا ما أفصحت عنه صافورا ، وهى تعلم البنات ما الصفات التى تختارها كل بنت فى شريك حياتها :
هل فى الجمال والوسامة فقط ؟
أم فى المال والنسب فحسب ؟
أم فى الأخلاق والسلوك لاغير ؟
ونترك صافورا , كما يقص علينا القرآن ، ماذا قالت لأبيها ، يقول تعالى : { قالت إحداهما يا أبتِ استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين } القصص : 26 .
فاختارت كل ما يجمع تحته صفات وفضائل الرجال ، فالقوة والأمانة ، لو اجتمعتا فى الرجل , كان هو الشخص المثالى المرغوب فيه .
وقد وصف العلماء صافورا بالحكمة فى اختيارها ، والفراسة فى التنبؤ بمستقبل مشرق مع زوجها ، ففى تفسير ابن كثير يقول عبد الله بن مسعود : أفرس الناس ثلاثة : صاحب يوسف حين قال لأمراته : ( أكرمى مثواه ) ، وصاحبة موسى حين قالت : { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين } وأبو بكر حين استخلف علي ا لمسلمين الفاروق عمر بن الخطاب .
وبهاتين الصفتين فى اختيار زوج المستقبل ، حازت صافورا السبق فى العفة ، يقول القاسمى فى تفسيره : ( فى مدحها له بهاتين الصفتين دون غيرها بقاء لحشمتها ، فهذا أجمل شيء فى مدح النساء للرجال من المدح الخاص , الذى قد تدخل فيه بعض الكلمات التى لا تليق بمقام فتاة عفيفة ) .
ونرجو أن نتأمل كيف صارت الأمور ، حينما عرضت صافورا على أبيها هذا العرض ! .
6ـ الزواج الميسر السريع :
أسرع زواج كان بين صافورا وموسى ، ولم لا ؟ بعد أن توفرت فيه كل الشروط الناجحة ، حيث عرض الأب الزواج على موسى ، كما يقول تعالى : { قال إنى أريد أن أنكحك إحدى ابنتى هاتين على أن تأجرنى ثمانى حجج فإن أتممت عشرًا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك , ستجدنى إن شاء الله من الصالحين } القصص : 27 .
فوافق موسى عليه السلام , ورضى بشروط الأب ، وأعلن عن كامل رضاه ، وتم الزواج ، كما قال الله تعالى : { قال ذلك بينى وبينك أيما الأجلين قضيتُ فلا عدوان علىَّ ، والله على ما نقول وكيل } القصص : 28 .
وكان من كامل رضاه ، أن موسى قضى أطول الأجلين ، حينما سئل ابن عباس : أى الأجلين قضى موسى ، قال : [ قضى أكثرهما وأطيبهما ، إن رسول الله إذا قال فعل ] رواه البخارى .
7ـ خير رفيقة لزوجها :
بعد انقضاء ما قطعه موسى من العمل لمدة عشر سنوات ، أراد أن يرجع إلى أسرته فى مصر ، فأمر صافورا أن تتجهز للسفر فأعدت ما يحتاجون إليه ومعها طفليها ، وكانت حاملاً ، وهذا دليل على سرعة استجابة الزوجة الصالحة لرغبة زوجها .
وفى سيناء أرض الطور الذي أقسم الله به تشريفا لمصر وإعلاءا لمكانتها، وعند ظلام الليل ، كانت الساعة الحرجة ، يحكيها القرآن :
{ إذ قال موسى لأهله إنى آنست نارًا سأتيكم منها بخير أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون } النمل : 7 .
هنالك اقترب موسى من النار ، ولم يكد يقترب منها حتى نودى من رب العزة : { أن بورك من فى النار ومَنْ حولها وسبحان الله رب العالمين } النمل : 8 .
وتماسك موسى ثم دنا ليأخذ من النار قبسًا لصافورا وطفليه ، فإذا بالله تعالى يناديه : { يا موسى إنى أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادى المقدس طوى } طه : 11 ـ 12 .
وكلف الله موسى بالرسالة ، وصافورا مازالت فى خيمتها , تنتظرعودة موسى إليها ، حيث ربط الله على قلبها ، إلى أن عاد زوجها موسى وزفّ إليها بشارة النبوة والرسالة ، فكانت بحق خير رفيقة لزوجها فى مشوار حياته .
8ـ تذكرى دوما أن :
1ـ البنت الصالحة هى التى تخرج عند الضرورة للعمل , لمساعدة أسرتها خاصة إذا كانت هناك ظروف عند الأب , تحول بينه وبين العمل .
2ـ البنت الصالحة حينما تتمسك بعفتها , وعدم مخالطتها للرجال , فإن الله تعالى يهييء لها من يساعدها , ويرفع من شأنها فى الحياة .
3ـ البنت الصالحة هى الصريحة مع أسرتها , الصادقة فى مواقفها ، وهنالك يفتح الله تعالى لها من الخيرات والبركات ما تقرّ بها عينيها وتسعد .
4ـ البنت الصالحة هى المتمسكة بحيائها مهما كانت الظروف , فى حديثها وكلامها ومشيتها وتعرفها على الرجال ، فحياء الفتاة هو باب سعادتها .
5ـ البنت الصالحة بطهارتها تجذب زوج المستقبل التقى العفيف , الذى يحميها ويدافع عنها ويرعاها .
6ـ البنت الصالحة هى التى تختار فى شريك حياتها , صفات السمو والعلو ممثلة فى القوة والأمانة ، وهذا سر المستقبل الجميل لكل زوجين صالحين .
7ـ البنت الصالحة هى التى ترضى بالقليل فى زواجها ، وتفرح باختيار أسرتها , مادامت اختياراتهم فيها الصلاح لها .
8ـ البنت الصالحة هى خير رفيقة لزوجها فى سفره وترحاله ، تساعده برضا ، وتعاونه بحب ، وتخفف عنه من أعباء الحياة دون تضجر ولا ضيق.
همسة في يومك العالمي من أختك صافورا
أختى الحبية :
إذا اضطرتك الظروف للخروج إلى العمل , فالتزمى بالحياء والعفة والطهارة مع نفسك , والصراحة والصدق مع أسرتك ، وفى اختيار شريك المستقبل اختاري القوى الأمين ، الذى يرعاك ويحميك ، وحتما ستفوزين بالسعادة , وتنجحين فى الحياة .
ساحة النقاش