مخطوطة نزهة النفوس وَالأفكار في خواصّ النبات والحَيوان والأحجار
ما قيل عن فضل اللحم:
يبدأ زين الدين الحديث عن اللحم في الضأن فيقول: "اللحم جمعه لحام ولحمان ولحوم. قال تعالى: (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون((14)، وفي حديث للرسول ( قال: [فضل عائشةعلى سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام"
(15)، فالثريد المرق. وكل طعام أفضل من مرقه. وروي عن الرسول ( أنه قال: [سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم"
(16). وفي حديث آخر ما دعي ( إلى لحم إلا أجاب ولا أهدي إليه لحم إلاقبله
(17)، وعن ابن عباس قال: كان أحب الطعام إلى رسول ( الثريد واللحم
(18). والثريد من الحيس، والحيس طعام يتخذ من السمن والأقط. وفي الصحيحين حديث عن أنسقال: إن رجالاً اجتمعوا وقرروا أن يذهبوا ومن جملة ما قالوا اعتزال النساء وقيام الليل وصوم الدهر وعدم أكل اللحم. فعلم ( فقال: [... وآكل اللحم فمن رغب عن سنتيفليس مني">.
(19)، وعن علي رضي الله عنه قال: "كلوا اللحم فإنه يصفي اللون ويخمص البطن ويحسن الخلق"، وقال محمد بن واسع أكل اللحم يزيد في البصر. وقال محمد بن شهاب: يزيد سبعين قوة، وقال نافع. كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا كان رمضان لم يفته اللحم، وإذا سافر لم يفته أكل اللحم. يعني للمحفاظة على بقاء القوة والصحة وللتقوي على العبادة. واختلف العلماء في فضليته على الخبز. وقال ابن مفلح: ويتوجهأن اللحم أفضل لأنه طعام أهل الجنة، ولقوله تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير(
(20)، لأنه أشبه بجوهر المعدن. فاللحم سيد الأدم والخبز أفضل القوت.
*فضائل لحوم الحيوانات:
ينتقل زين الدين ابن داود بعد تلك الاستهلالة العطرة للحديث عن خصائص لحوم الحيوانات وفضائلها فيقول: "ولحوم الحيوانات التي لها فضل جرارة بالطبع (أي تمتلك خاصيةالاجترار)(11)، ليست تغذو البدن فقط بل تسخنه مع ذلك والتي لها فضل يبس تجففه. (وهي أن الحيوانات الهرمة ذات لحوم قاسية جافة)(22)، والأهلي أرطب من البري. (نظراً إلى حياة الدعة والاستقرار وقلة الجري والعدو التي تسبب صرف الطاقة فتسوء نوعية اللحم)(23)، ولحم الضأن أفضل لحوم المواشي حار في الدرجة الثانية رطب في الأولى. (إن هذا التعميم الذي يطلقه ابن داود زين الدين مقبول في بلاد المشرق العربي عامةلأن سلالات الأغنام الموجودة في تلك المناطق ذات ألية ولذلك تمتاز بانفصال الدهن عنالهبر وتجميعه في منطقة محددة. وتعطي هذه الميزة نكهة جيدة للحم تستطيبها شعوب المشرق العربي. أما في البلدان و المناطق الأخرى فإن أذواق الشعوب تتفاوت في استهلاكها للحم الأغنام. فأوروبا مثلاً تفضل لحوم الخنازير بالدرجة الأولى ثم لحوم الأبقار فلحوم الأغنام. أما في أمريكا فإن اللحم المفضل هو لحم الأبقار بالدرجة الأولى نظراً إلى وجود سلالات متخصصة وراثياً في إنتاج اللحم المرمري الممتاز)(24)،ويتابع ابن داود فيقول: "قال ابن سينا اللحوم الفاضلة هي لحوم الضأن وهو مع حرارتهلطيف وهو غذاء مقو للبدن ومولد دماً صالحاً لمن أجاد هضمه ويمنع المرة السوداءويزيد في المني ويحد الذهن ويقوي الحفظ وينفع من السموم". (وفي الحقيقة فإن القيمةالغذائية والحيوية للحم تتوقف على مقدار ما يحتويه من المواد الغذائية الضروريةللإنسان لكي ينمو ويجدد الخلايا ويرمم التالف منها. فاللحم يحتوي على الدهون والبروتينات والشعريات والأملاح المعدنية والفيتامينات وجميع المواد الضرورية للجسم بكميات كافية. والبروتين في اللحم بصورة خاصة عالي القيمة الغذائية لاحتوائه على جميع الأحماض الأمينية الضرورية للجسم وعلى مركبات الميوجين والميوجلوبين والالاستين والكولاجين وغيرها).(25).
*تأثير الجنس والنوع على اللحم:
يقول ابن داود: "لحم الذكر أفضل لاسيما الخصي فإنه أخف وألذ وأعون على الباه". (ولاشك أن لحم الذكور أفضل نظراً لكثرة ترسب الهبر وقلة الدهن بفضل امتلاك الذكور لهرموناتالذكورة التستسترون والأندروجين. ويبدو أن الذوق العام لمجموع الشعب العربي فيما يتعلق بلحوم الذكور قد بقي ثابتاً على حاله عبر الأجيال والسنين. إذ نجد في عصرناهذا أن المجتمع يفضل لحوم الذكور على لحوم الإناث أيضاً. أما فيما يتعلق بموضوع الخصي فإن إجراء عملية الخصي قبل النضج الجنسي يعطي اللحم نكهة ألذ وعصيرية أعلى بفضل ارتفاع مستوى هرمونات الأنوثة الأستروجين والبروجسترون. أما إذا جرى خصي الذكور بعد النضج الجنسي فإن اللحم يصبح رطباً أكثر وتزداد فيه الدهون)
ساحة النقاش