بدأت علاقة مصر بالسينما فى نفس الوقت الذى بدأت فيه بالعالم الخارجى ، فالمعروف أن أول عرض سينمائى تجارى فى العالم كان فى ديسمبر 1895 فى العاصمة الفرنسية باريس ، وكان فيلماً صامتاً للأخوين لوميير. وبعد هذا التاريخ بأيام قُدم أول عرض سينمائى فى مصر فى مقهى زوانى بمدينة الإسكندرية فى يناير 1896 ، وتبعه أول عرض سينمائى بمدينة القاهرة فى 28 يناير 1896 فى سينما سانتى .
وعلى مدى أكثر من مائة عام قدمت السينما المصرية أكثر من ثلاثة آلاف فيلم تمثل فى مجموعها الرصيد الباقى للسينما العربية والذى تعتمد عليه الآن جميع الفضائيات العربية تقريباً .
وفى عام 1927 كانت البداية التاريخية الحقيقية للسينما المصرية حيث تم إنتاج وعرض أول فيلمين شهيرين هما " قبلة فى الصحراء" و والفيلم الثانى هو "ليلى" ، ومن أشهر الأفلام فى السينما الصامتة فى تلك الفترة كان فيلم " زينب " الذى أخرجه محمد كريم أحد رواد السينما المصرية .
وقد كان إنشاء استديو مصر عام 1935 نقلة جديدة فى تاريخ السينما المصرية وظل استديو مصر محور الحركة السينمائية حتى نشوب الحرب العالمية الثانية .
كما كان فيلم" العزيمة" فى عام 1939 محطة هامة فى تلك الفترة ، وكذلك فقد ظهرت جريدة مصر السينمائية أو الجريدة الناطقة التى لا تزال تصدر حتى الآن .
انتشار الفيلم المصري فى الدول العربية
بعد الحرب العالمية الثانية تضاعف عدد الأفلام المصرية من 16 فيلماً عام 1944 إلى 67 فيلماً عام 1946 ، ولمع فى هذه الفترة عدد من المخرجين مثل صلاح أبو سيف ، وكامل التلمسانى ، وعز الدين ذو الفقار ، وكذلك أنور وجدى الذى قدم سلسلة من الأفلام الاستعراضية الناجحة .
وعندما قامت ثورة يوليو كانت السينما المصرية مزدهرة ، حيث شهد الفيلم المصري نشاطاً ورواجاً متزايداً منذ سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية . كانت جميع أوجه النشاط السينمائى فى أيدى شركات القطاع الخاص ، وكانت القاهرة هى هوليود الشرق بالفعل ، فانتشر الفيلم المصرى فى الدول العربية التى عرفت السينما ، واعتمدت عليه دور العرض فى سوريا ولبنان والعراق وشرق الأردن وفلسطين والجزائر وتونس وليبيا وحتى الحبشة ، بل وصلت الأفلام المصرية إلى الهند وباكستان واليونان والولايات المتحدة الأمريكية .
- وكان لابد هنا من ظهور نجوم جدد أهمهم : إسماعيل ياسين ، والممثل الشعبى محمود شكوكو ، كذلك ظهر المطربون الممثلون وأبرزهم : عبد الحليم حافظ الذى راجت على صوته الأفلام الغنائية .
- وكان لابد للسينما أن تتفاعل مع الأحداث الوطنية والاجتماعية التى قادتها الثورة فظهرت الأفلام الوطنية والتى بدأت بفيلم أنتج قبل الثورة ولم يعرض إلا بعد قيامها وهو فيلم " مصطفى كامل " ، ثم توالت الأفلام كفيلم " الله معنا " لأحمد بدرخان ، وفيلم " رد قلبى " لعز الدين ذو الفقار .
- وفى الستينيات تم تأميم صناعة السينما لصالح الحكومة ، فلقد تم تأميم بنك مصر وشركاته ومنها شركة مصر للتمثيل والسينما ، وكذلك بعض شركات التوزيع الكبيرة مثل الشروق ودولار فيلم ، وبعض الاستديوهات الكبرى مثل مصر ونحاس والأهرام وجلال ، لكن ظلت بعض شركات الإنتاج والتوزيع وبعض الاستديوهات الصغيرة فى ملكية أصحابها . ونتيجةً لدخول الدولة مجال السينما تم إنشاء المؤسسة المصرية العامة للسينما عام 1962 .
- نشأ فى تلك السنوات تيار واع فى السينما المصرية يختلف عما سبقوه تمثل ذلك فى الأفلام ، وفى مبدعى هذه الأفلام .
ويمكن تقسيم الأفلام المصرية التى عرضت فى الستينيات إلى ثلاثة اقسام :
1- أفلام تتناول موضوع الفقر وإعلاء قيمة العمل ، والإشادة بالمجتمع الإشتراكى مثل فيلم " اللص والكلاب " .
2- أفلام أدانت النماذج الانتهازية والأمراض الإجتماعية كالرشوة والفساد وجرائم السرقة مثل "ميرامار" .
3- أفلام تناولت قضايا مشاركة الشعب السياسية ، وأدانت السلبية ، كما عالجت موضوعات الديموقراطية والارتباط بالأرض والمقاومة مثل فيلم "جفت الأمطار " .
- وفى السبعينيات و فى منتصف عام 1971تم تصفية مؤسسة السينما وإنشاء هيئة عامة تضم مع السينما المسرح والموسيقى . وتوقفت الهيئة عن الإنتاج السينمائى مكتفية بتمويل القطاع الخاص .
- وبدأ انحسار دور الدولة فى السينما حتى انتهى تماماً من الإنتاج الروائى ، وبقيت لدى الدولة شركتان فقط إحداهما للاستديوهات والأخرى للتوزيع ودور العرض وعاد القطاع الخاص .
- وقد شهدت السبعينيات واحداً من أعظم الأحداث فى تاريخ مصر وهو انتصار اكتوبر 1973 ، وقد تناولته السينما بالطبع فى عدة أفلام وهى : "الوفاء العظيم" –" الرصاصة لا تزال فى جيبى" –" بدور" – "حتى آخر العمر" –" العمر لحظة ".
- وبعد حرب أكتوبر ظهر أول فيلم يتناول سياسة الانفتاح بعد إعلانها بعام واحد فقط وهو فيلم " على من نطلق الرصاص" .
- وقد شهدت السبيعنيات عرض أفلام مصرية مهمة، مثل فيلم " المومياء "(1969) للمخرج شادى عبد السلام .
- وفى الثمانينيات ظهر جيل جديد من المخرجين بأفلام جديدة شكلت بالفعل تياراً جديداً وهاماً فى السينما المصرية ، و أسسوا سينما جديدة تعتمد على لغة السينما وأساليبها وليس على لغة الروايات والقصص والأفلام التقليدية ومن هذا الجيل المخرج عاطف الطيب ، وتجارب رأفت الميهى ، وأفلام خيرى بشارة ومحمد خان وغيرهم .
- وقد شهدت السينما المصرية فى التسعينات ظاهرة إيجابية تمثلت فى انتهاء موجة أفلام المقاولات وتسابق النجوم : عادل إمام وأحمد زكى ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وغيرهم فى تقديم سينما جديدة كما شهدت مصر فى هذه الفترة إنشاء عشرات من دور العرض الجديدة وتحديث دور العرض القائمة .
- ولا شك أن هناك عدداً من الشخصيات البارزة تركت بصماتٍ واضحة وأعمالاً مميزة فى تاريخ السينما المصرية منهم الفنان العالمى عمر الشريف الذى جمع بين السينما المحلية والسينما العالمية ، قدم العديد من الأدوار فى السينما العالمية وأفلامها مثل " لورانس العرب " وفيلم " الجواد الشاحب" ، " جنكيز خان" ، وفى السينما المحلية . وقد مثل 26 فيلماً مصرياً من الأفلام الجادة مثل " صراع فى الوادى " ، " فى بيتنا رجل " ، " سيدة القصر " ، " لا أنام " ، " بداية ونهاية " .
ومن الأسماء اللامعة فى الإخراج :
- يوسف شاهين الذى قدم العديد من الأفلام المصرية والعالمية وحاز على العديد من الجوائز العالمية وأشهر أفلامه " الناصر صلاح الدين " ، " باب الحديد " ، "صراع فى الوادى " ، " الأرض " ، " وداعاً بونابرت " و " حدوتة مصرية " ، "المهاجر " ، " المصير " .
- المخرج شادى عبد السلام الذى أثار دهشة العالم الغربى عندما قدم فيلمه الشهير " المومياء " عام 1969، والذى أكد من خلاله أن استعادة المصرى للماضى وروابطه ضرورى نحو مسار جديد
ساحة النقاش