كلنا نتفق على أن التغيير ضرورة لابد منها.. وقد بدأت بلادنا بالفعل الوقوف على أعتاب مرحلة جديدة من تاريخنا السياسي تشهد معها تغييرات كبيرة، بعد ثورة الشباب في الخامس والعشرين من يناير 2011.
ولكن لننحى جانباً الحديث عن التغيير من المنظور السياسي، فأرى أن هناك جانباً أكبر يحتاج إلى التغيير في بلادنا، وأقصد به الجانب السلوكي للعديد من أبناء المجتمع المصري.

كثيرة هي النقاط التي أود أن أطرحها، وليكن حديثي هنا عن إحدى الظواهر المنتشرة في مجتمعنا، ألا وهي الاعتماد على المعلومة السمعية "والسمعية فقط" مما يؤدي إلى إنشاء بيئة خصبة لتداول وتناقل الشائعات واستحداث معلومات ليس لها أساس من الصحة، قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى إحداث توتر وقلق بين أفراد المجتمع، وخاصة في ظل ظروف عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد حالياً ..

فنرى من يقسم ويجزم بأنه على علم بتفاصيل قضية معينة من أولها إلى آخرها، بالرغم من أن المعلومات التي يتناقلها لو فكر فيها لمدة دقيقة واحدة، سيصل إلى نتيجة أنها تتنافى مع العقل والمنطق، ويعجبني تعبير "أحد الأصدقاء" في وصف هذه الفئة من الناس بأنهم يتحدثون دوماً "بيقين الأنبياء" دون الاستناد إلى أي دليل، ولكن هي معلومة سمعها من شخص وأضاف إليها شيئاً من شخصيته، لتصبح في نهاية الأمر قصة لا تحتمل أدنى قدر من المصداقية أو الصحة.

سلوك آخر مشابه يتبناه الكثيرون، وهو إدعاء المعرفة الوثيقة بأحد الأشخاص لمجرد طرح هذا الاسم في وسائل الإعلام الرسمية أو اختياره لتولي أحد المناصب العامة، فما إن نسمع عن ذلك إلا ونجد الجميع قد ادعى العلاقة الوثيقة التي تربطه بهذا الشخص، أو أنه كان على دراية منذ البداية بأن هذا الشخص هو من سيتولى هذا المنصب، وكل ذلك في محاولة لاكتساب شرعية ومكانة مفقودة، وأهمية لا وجود لها من خلال كيان شخص آخر..

وبعد ذلك يستطيع صاحب هذا الادعاء تناقل ما يريد من شائعات باعتبارها معلومات مؤكدة من شخص ذي حيثية لمجرد معرفته السطحية بأحد صناع أو متخذي القرارات.
وتبدأ بذلك سلسلة تكوين أصحاب نفوذ جديدة من المنتفعين حول صاحب كل منصب، ويتفشى الفساد من جديد، ونحن لا نزل نحاول القضاء على رموز الفساد في النظام القديم.
أرى أننا لابد أن نتخلى عن كل تلك السلوكيات، وأعلم أن تغيير السلوك يتطلب الكثير من الوقت، والكثير من الوعي والإدراك، والثقافة والمعرفة، والتعقل في الحكم على الأمور.
فلازلنا نجادل وليس لدينا الحجة، نصدر الفتاوى الجاهزة ولا نمتلك العلم، نستنتج وليس لدينا القدرة على استخراج النتائج، نحكم على الآخرين دون أن يكون لدينا مسوغات إصدار الأحكام.

المصدر: خواطر شخصية
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 311 مشاهدة

ساحة النقاش

WafaaFarag
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

458,644