جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
قصيدة الصماء..بقلمي..زكريا الشبلي..البحر الكامل
اخلع غرورك فالغرور رذيلة ***
تزري , فلا يحظى بك الإزراء
والمدح وهم والنفوس تحبه ***
فاحذر ولا يودي بك الإطراء
إن كنت ذا نعم تجود لكثرها ***
فاشكر ولا يعلو بك الإغراء
اليوم في نعم وما تدري غدا ***
تبقى عليها أم هي البأساء
واليوم في رغد يطيب مذاقه ***
تختال في أركانك النعماء
وغدا تراك حليفها أم أنها ***
تتحول النعماء والسراء
يا عاقلا خل الأمور جليلة ***
وحذار أن تقتادك الأخطاء
إن الذين دروا حقائق عيشهم ***
وترفعوا نبلا هم السعداء
أما الذين تخبطوا في تيههم ***
وتفاخروا زيفا هم البؤساء
إن كان وجهك بالتبسم دائم ***
جاءت إليك بمعشر سيماء
وتناقل الأحباب عنك رحابة ***
حتى يغار لقدرك الأمراء
الابتسامة للمحبة موجب ***
وتزول في أعطافها الشحناء
قدر المحبة أن تظل حبيسة ***
قيد الصدور تحيطها الأهواء
تقتات من لحم القلوب طعامها ***
وشرابها ضمن العروق دماء
نسعى لها سعي اللهوف لغاية ***
وكأننا بمدامها الندماء
العمر يمضي بالهيام كلحظة ***
والدهر تطوي طوله الأثناء
ود المتيم بالوصال دقيقة ***
كانت كعمر والوصال عطاء
يخفي المحب غرامه متحفظا ***
فإذا به قد عقه الإخفاء
ما نام من كان الغرام حليفه ***
في ليله تتحالف الأدواء
والشوق يجري بالهواء لهيبه ***
حتى تذوب بناره الأحشاء
آه لأهل الحب يوم رأيتهم ***
قد أعشبت من حولهم جدباء
جادوا بدمع العين دون تذمر ***
ولكم تمثل بالمحب سخاء
ما كان من أحد يجود كعاشق ***
وهب الفؤاد وإنه معطاء
والليل يمكثه على أمل اللقا ***
وصباحه رغم السهاد رضاء
ونهاره غزل وحب عارم ***
والنوم ينسى طعمه الكرماء
أكرم بمن صدقوا الهوى أعرافه ***
حتى وهت في عرفهم بغضاء
أما الذين تصنعوا دور الهوى ***
كانوا نشازا إنهم غرباء
غلبت عليهم بالصدور ضغينة ***
ونفوسهم عصفت بها الشحناء
يا نفس هل بعد المحبة نعمة ***
فلما تهاب شرورك النعماء
سيري إلى حيث المسار يقلنا ***
إن كان حق أننا الطلقاء
كل الدروب إلى اللقاء مصيرها ***
ومصيرنا بعد الضياع لقاء
خلي الوداع بلا وداع إننا ***
حين التلاقي والبعاد سواء
وبكاؤنا ما كان إلا مشهد ***
سوّاه في لون البكاء رياء
لا تندبي أو تضربي أو تسخطي ***
فمشاعر الأبرار منك براء
أتقنت دور الحب حتى خاله ***
أصفى من الماء الزلال غباء
فإذا تملكت الفؤاد بغفلة ***
كنت الظلومة والعداء عداء
اللؤم طبع والطباع عصية ***
إن جاء يكشف سرها الحكماء
بادلت ودا بالجفاء تعنتا ***
ولقد أساء إلى القلوب جفاء
بئس الجليس إذا أتيت جليسة ***
إن اللئام لمثلهم جلساء
أقصيت عني من أحب وصالهم ***
فنأوا بعيدا إنهم غرباء
أمارة بالسوء لست نزيهة ***
أغواك وهم الشعر والشعراء
فأبحت هجرا واستبحت محبة ***
واستأثرت في أمرك الغوغاء
الحق كل الحق أني ظالم ***
حين ارتأيت بأنك العصماء
كوني على هذا المقام خنوعة ***
إن المسيء بجهله مستاء
يا أيها الكون المليء رحابة ***
ضاقت علي بكربتي الأنحاء
واستنكرت حتى الرمال وداعتي ***
واستنكف الأحباب والرفقاء
وسوى ظلام الليل ما لي صاحب ***
من كثر نوحي ملني السعداء
لكنني أجد الظلام معزيا ***
إذ أنها سكنت بنا الظلماء
والعين قد ألفت غياهب عتمة ***
تنعي على أطرافها الأضواء
يا خير خل والرفاق تناءوا ***
لما تغذت من دمي البلواء
آثرت من كل الخلائق صحبتي ***
فإذا عزمت تهابك الدهماء
أنت الصديق المستفيض شهامة ***
وإلى صنيعك تهبط العلياء
يا من سريت إلى الجريح بليلة ***
من هولها تتدافع الأدواء
خليت في دفء الفراش تلكؤا ***
وأتيت تحمل نورك الآلاء
نور الوفاء ووهجه في ظلمة ***
يسري بها عبر السواد وفاء
يا أوحد الأصحاب كيف أذيعها ***
تلك التي تصغي لها الصماء