أنه يوم من أيام الصيف الحار جداً .. الهواء راكد ثقيل .. عرق يتصبب من على الأوجه… أجسام مرتخيه تسير بلا اراده.

كنت عائده من عملى متعبه أتصبب عرق.. ألتقط أنفاسى بصعوبه . . لمحت بائع العرقسوس
يقف بعيداً وقد كف عن النداء من شدة الحر ولزاجة قطرات العرق على وجهه .. ولكن منظر العرقسوس بالثلج جذبنى ناحيته لكى أروى عطشى من العرقسوس المثلج ليعيد لى بعض من قواى التى تراخت من شدة الحر .. أنتهيت من الشرب وشعرت بالأرتواء وعادت لى بعض من قواى .. لمواصلة طريقى .. وأثناء سيرى كانت تسير بجوارى بعض من سيدات عائدين من عملهم … كانوا يسيرن بخطوات بطيئه مشمرى الاكمام يكدن يخرجنا من ملابسهن من شدة الحر يتنفسن بصعوبه .
قالت واحده 
ـ كان لازم الحكومة تصرف لكل واحده فينا مروحه
ردت الثانيه
ـ نفسى أروح أصيف .. ياسلام على رأس البر اليومين اللى زى دول 
وقالت الثالثه
ـ أنا هموت يابنات ..مش قادره الحر شديد أوى 
قالت رابعه
ـ
أنا نفسى ألاقى ابن الحلال .. يحبنى وأحبه 
يمسك ايدى ونمشى على كورنيش النيل ونأكل ترمس ودره
قالت الاولى 
ـ المهيه بتخلص فى نص الشهر ..أااااااااااه لو الحكومه تقبضنا كل يومين مكنتش المهيه تخلص أبداً .
قالت الثالثه 
ـ أنا هموت من الحر يابنات .. الحر شديد أوى
قالت الثانيه
ـ لازم الشعب يصيف على حساب الدوله هى المهيه هتقضى ايه ولا ايه 
قالت الرابعه 
ـ الواحده لو حبت واحد يبقه لازم تتجوزة ..ولو قالت له نتجوز لا يهرب منها .. لا ميكنش معه فلوس
يبقه لا عمرنا هنتجوزولا عمرنا هنحب .
قالت الثالثه 
ـ أنا هموت يابنات من الحر 
قالت الثانيه 
ـ أنا بمجرد ما أوصل البيت هاخد دوش مش طالعه من تحته 
وساروا الأربعة يجرون أجسادهم المتصببه عرق لزج على وجوههم .

نظرت حولى فوجئت بأننى نسيت طريقى وسرحت معهم !!!

ياألاهى معقول لسه هرجع كل ده .. أنا كان مالى ومالهم بس !!

رجعت الى الخلف وأنا لا أعلم هل أضحك على نفسى لانشغالى بما لا يعنينى ؟
أو أبكى على حالى من شدة الحر ؟

أوقفت ميكروباص وكان فيه مكان لشخص واحد فى أخر مقعد جلست وأمسكت بمنديلى أجفف العرق المتصبب على وجهى .. تأتى نغمة موبايل فتاة بجوارى .. 
ترد على المتحدث .. نعم ياماما .. أنا مع حمدى .. كنا بنشوف قاعة أفراح رخيصه شويه .. خلاص ياماما .. طيب .. خلاص ياماما .. طيب لما أجى نتكلم .. سلام

رد رجل كان بجورها يبدوا أنه حمدى !
مالها أمك ..أنا عارف هى لاتطيقنى
- متقلش كده ياحمدى ماما طيبه
- أه طيبه أوى
- أه طيبه أوى ..علشان كده كل لما أجى عندكم مبتبقاش طايقه تبص فى خلقتى !
- أنت بس اللى بيتهيألك 
- مجنون أنا صح قولى مجنون !
-مش كده ياحمدى الناس سمعانا !
- ما يسمعونا علشان يعرفوا أنها ست مفتريه .. أجيب لها فلوس منين علشان أكفى طلباتها اللى مبتخلص..هو لازم نعمل الفرح فى نادى ! 
ماله السطح .. ولا هى فشخره كدابه !
- حمدى من الأخر دى أمى مبتتغيرش .. علشان خاطرى استحملها .. أنا خلاص تعبت ومبقيتش قادرة استحمل ! تساقطت بعض قطرات من عينيها !
مسك بكف يدها وضمه بين كفيه .
- خلاص أهدى أنا أسف .. روقى .. علشان خاطرى ..خلاص بقه .
أرتسمت أبتسامه على وجهها وجففت دموعها .
وأنتبهت وقلت للسائق .. هنا ياأسطى منفضلك .
نزلت من الميكروباص .. ترتسم على وجهى أبتسامه ألقيت نظره على الخطيبين لعودة الهدوء بينهما .

سمعت صوت سيدة تطلب المساعده.
لو سمحتى ساعدينى فى رفع الشيله على رأسى .
أتجهت ناحيتها .. كانت تتمتم وهى ترفع معى الشيله الى رأسها .. 
- ااااه سيبتنى للغلب لوحدى .. وياريتهم حاسين بتعبى .. الله يرحمك !
نظرت نظرة شفقه على هذه الام المتعبه التى لا يشعر بتعبها أبنائها !

أكملت طريقى وعبرت الشارع المزدجم بالسيارات .. وعربات الكارو.. والماره !

لمحت عيناى رجل يضرب طفل صغير ويسبه بأمه والطفل يخبئ رأسه بين يديه الضعيفتين ويقول له ..

-معلش ياسطى .. معلش ياسطى .

-أنا متحملك علشان خاطر أمك
- متجبش سيره أمى أنت مالك ومالها 
-طب وحياة أمك ماأنت قاعد فيها .. ولو عاوز تشتغل خلى أمك تجيلى.
غادر الطفل وهو فى حاله يرثى لها يكسو وجهه الحزن ويعتصره الألم وهو يردد ..
- الواحد يبات جعان ولا يكلها بالزل والعار .

ياربى الدنيا مليانه مشاكل .. وكل مشكله قصه .. الحمد لله الواحد فى نعمه ..

من شاف بلاوى الناس هانت عليه بلوته !
وصلت البيت منهكه..ألقيت بجسدى المتعب داخل البانيو وأغمض عينى .. لعلى 
أسترخى وأغسل تلك الهموم .

بقلم بثينة هيكل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 44 مشاهدة
نشرت فى 2 أغسطس 2014 بواسطة WWWbosyhiekal31

بانوراما الأسرة :: شعاع أمل :: بثينة هيكل

WWWbosyhiekal31
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

5,171