جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
من العاقل ... من المجنون (1)
إسقاطات .. سياسية .. اجتماعيه .. دينيه ..غير لاذعة
بقلم/ياسر عبد المطلب محمد يوسف
أمرآة ذات شعر أبيض قد نكشه الزمن وقد رسم بخطوطه العريضة على وجهها فبات أكثر شقاء و عجزا من سنها الصغيرترتدى زيا اخضر بسيط متسخ وقد تم تقطيعه من كل جنب قد أكلته عتة زمان قد هجرها حلوه منذ زمن بعيد تسير فى طرقات مدينة قد ملأتها أوحال الشتاء وقد خلعت نعليها وحملته فى يديها كإنما قد حملت طفلها الصغير خوفا عليه من أن يتسخ وسارت حافية القدمين دون أن تنظر تحت قدميها .
ورجل على وجهه وقار مصطنع يرتدى بذلة أنيقة وبين شفتيه سيجار يبث دخانه سحابة من الهواء الملوث للطبيعة وفى قدميه حذاء جلد طبيعى لميع يسير وهو يطلق دخان سيجاره فى نفس طرقات المدينة الموحلة ببطيء شديد خوفا من اتساخ نعليه ليختار الطريق الخالى من الوحل والنادر الوجود فى مثل هذه الظروف وقد راحت عيناه تلتفت يمينا ويسارا خوفا من أن يأتى من يطرطش عليه بعضا من أوحال الطريق ... وقد وقعت عيناه على المرآة وهى تسير ضاحكة راضية بما كتبه الله عليها ... بينما يتأفف من منظرها من يقفون فى انتظار الأخر وقد انحنوا له تبجيلا واحتراما وقد سأل أحدهم من سمح لهذه العجوز بالسير فى هذه اللحظات وقد اختفت العجوز وما زال زماننا يبحث عنها بين كتب التاريخ وما زال رجل الوقار يسير منفردا فى مدينة يظن أنه يحكمها بقرارات تصدر فى شأن مدينة أخرى ليس من بين سكانها هذه الصبية العجوز .
فمن العاقل هنا ... ومن المجنون ..
بقلم / ياسر عبد المطلب محمد يوسف