أحبّك ...اشتقت
خطرت أمّي اليوم ببالي , وما كانت قد غابت قطّ , كنت أعدّ طعام الغداء , هذا الطّعام الّذي تحبّه والدتي , ولا أزال أعتقد أنّها أفضل من كانت تعدّه على الإطلاق , كان يوما باردا , حين دخلت عليها , وجدتّها تضع أمامها هذا الصّنف من الطّعام وترفض أن تأكل رغم الجوع , والسّبب أنّها لا تستسيغ الطّعام بدون ملح , وكالعادة كلّما رفضت أمّي الطّعام كلّما حاولت إقناعها بأنّ الغذاء نصف العلاج , و بدون جدوى كنت أفعل , وذات يوم قلت أمامها مازحة : " يا ربّ لو كتبت لي مرضا فليكن طعامي بدون ملح مثل أمّي " في نفس الأسبوع تعرّضت إلى وعكة صحّية عابرة , وإذا بالطّبيب يحذّرني من تزامن تناول ملح الطّعام مع الدّواء الّذي وصفه لي وذلك لمدّة ثلاث أيّام , وضحكت كثيرا , وهرولت لأمّي أبثّها البشرى , يومها نظرت أمّي إليّ معاتبة , مشفقة , خائفة , جمّدت نظرة أمّي الضّحكة في حلقي ,وكأنّني في ذلك اليوم , قد قرأت شيئا كتبه الغيب على وجهها .
توفّيت أمّي , وبعد سنوات , أصبت أنا بمرض مزمن استوجب عليّ ترك الملح مدى الحياة , ضحكت يومها أيضا , لكن أين أمّي لأزفّ إليها الخبر .
أحبّك يا أمّي , هل تسمعينني , ؟ ,,اشتقت إليك
نسيمة اللجمي
تونس